4 قتلى وعشرات الجرحى في اشتباكات بين السنة والعلويين في طرابلس

في أعقاب شائعات روّجت لتوتر على خطوط التماس

TT

لم يفاجأ المراقبون بالاشتباكات التي تجددت في طرابلس (شمال لبنان) بين منطقتي التبانة ذات الغالبية السنية، وجبل محسن ذات الغالبية العلوية، عند الثالثة من فجر أمس وأسفرت عن سقوط عشرات المواطنين بين قتيل وجريح. ذلك انه منذ ثلاثة ايام يجري تداول شائعات كل ليلة عن حصول توتر على «خطوط التماس» بين المنطقتين وظهور مسلحين، كما أفيد عن القاء قنبلة يدوية ليل الخميس ـ الجمعة، الامر الذي دفع بعدد من العائلات التي تقطن في احياء قريبة من اماكن التوتر الى مغادرتها باتجاه مناطق اكثر امناً. وكان لافتاً ان الاشتباكات التي جرت امس امتدت الى محور جديد شرق طرابلس على مقربة من المدخل الغربي لمخيم البداوي حيث تقع منطقة المنكوبين التي ترددت معلومات عن وجود مسلحين فيها ينتمون الى تنظيمات سلفية وان هؤلاء طلبوا من الأهالي اكثر من مرة مغادرة منازلهم تحسباً لأي طارئ. وكانت الاشتباكات المتجددة في طرابلس اندلعت قرابة الثالثة فجراً وسط تضارب المعلومات حول البادئ بها. فأوساط تيار المستقبل الذي يترأسه النائب سعد الحريري، وأوساط التنظيمات السلفية في المدينة تحدثت عن تحرشات من قبل المسلحين في جبل محسن تخللها القاء قنبلة قرب مركز الهاتف في شارع سورية، وهو الشارع الرئيسي الذي يفصل بين المنطقتين. فيما ذكرت مصادر قريبة من الحزب العربي الديمقراطي في جبل محسن ان الاشتباكات بدأت بعد ظهور مسلحين ملثمين في المنطقة المقابلة اطلقوا رشقات من اسلحتهم، وهو ما دأبوا على القيام به منذ بضعة ايام.

ومع تضارب المعلومات حول الجهة المسؤولة تصاعدت حدة الاشتباكات التي استخدمت خلالها الاسلحة الرشاشة الخفيفة والمتوسطة والقذائف الصاروخية التي وصلت احداها الى منطقة طلعة الرفاعية في محلة ابي سمراء البعيدة عن مناطق الاشتباكات والتي يقطن فيها عدد من مسؤولي التنظيمات السلفية. وأفيد عن حصول اضرار كبيرة في الممتلكات. كما افيد عن سقوط أربعة قتلى واكثر من ثلاثين جريحاً معظمهم من منطقة التبانة وذلك نتيجة اعمال القنص التي مورست بشكل لافت.

وسجل حصول مواجهات في منطقة البقّار في القبة حيث المساكن الشعبية التي اعيد بناؤها بعد الحرب والتي تطلق عليها تسمية «مباني الحريري» حيث كان الرئيس الراحل رفيق الحريري ساهم في اطلاق مشروع بنائها. وحصلت مواجهات اخرى شرق ثكنة بهجت غانم في القبة وقرب المدخل الغربي لمخيم البداوي وتحديداً قرب تعاونية ريغا. واوضحت مصادر محلية ان هذا يعني ان منطقة جبل محسن حوصرت باشتباكات من الغرب والشرق من اجل زيادة الضغط عليها. وترددت شائعات عن توجهات لدى فئات سلفية لاقحام مخيم البداوي في المعارك. وهو ما دفع المسؤولين داخل المخيم الى ضرب طوق امني حوله ومنع الدخول والخروج منه الا في الحالات الضرورية وذلك لابقاء الساحة الفلسطينية بعيدة عن الصراعات بين الافرقاء اللبنانيين. وعلى صعيد المواقف، اكد احد مسؤولي «الحزب العربي الديمقراطي» رفعت عيد (نجل النائب السابق علي عيد) ان منطقة التبانة هي التي بدأت الاشتباكات، مشيراً الى ان الوضع «جيد جداً» في منطقة جبل محسن. وطالب بوجوب السعي الى تحقيق مصالحة بين المنطقتين على غرار ما حصل بين بلدتي سعدنايل وتعلبايا في البقاع من اجل «ازالة الرواسب التي تتراكم بين المنطقتين منذ منتصف السبعينات».

وفي الجهة المقابلة تداعت الشخصيات السنية الى لقاء في منزل مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار شارك فيه الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي والنواب مصطفى علوش (تيار المستقبل) ومحمد كبارة (التكتل الطرابلسي) ومصباح الأحدب (مستقل). ومثل الوزير محمد الصفدي ابن شقيقه احمد. فيما غاب عن اللقاء الرئيس السابق للحكومة عمر كرامي من دون توضيح الاسباب. كذلك شارك في اللقاء مدير مخابرات الجيش في الشمال العميد توفيق يونس وممثلان عن التيار السلفي، هما امين عام «حزب الدعوة» الشيخ حسن الشهال والشيخ راضي الشهال، شقيق داعية الاسلام الشهال، احد ابرز مسؤولي التيار السلفي في المدينة، والمهندس عبد الله بابتي ممثلاً «الجماعة الاسلامية».

وأصدر المجتمعون بياناً جاء فيه: «بالرغم من جو التفاؤل الذي اشاعه انتخاب الرئيس العماد (ميشال ) سليمان، دأب بعض السياسيين على توتير الاوضاع عبر تصريحات تحريضية غير مسؤولة بلغت ذروتها بكلام تحريضي عن طرابلس ادُّعي فيه تسلُّح اهلها (اشارة الى كلام لرئيس تكتل التغيير والاصلاح، النائب ميشال عون). وقد تبع ذلك تهديدات طرحت اكثر من علامة استفهام حول ما يخطط لهذا البلد لبنان وما تتعرض له هذه المدينة الصابرة التي كانت جسّدت دوما الوحدة الوطنية والتعايش السلمي بين اهلها بمختلف طوائفهم.

وقد تداعى السياسيون في المدينة، وعلماؤها لهذا اللقاء. وأكدوا ان الجيش والقوى الأمنية هي وحدها المرجع الأمني الصالح لتحقيق استتباب الامن وردع المعتدين من أي جهة كانت ولو ادى ذلك الى الرد على مصادر النيران من اجل ضمان امن المدينة وموطنيها.