شريكا الحكم في السودان يتفقان على مجلس تحكيم دولي خماسي لنزاع أبيي

مسؤول في الحركة لـ«الشرق الأوسط» : الاتفاق «مهم جداً».. وتشكيل الإدارة المشتركة للمنطقة خلال يومين

سوداني يمر أمام لوحات فنية معروضة على حائط بينها صورة للرئيس الصيني هو جين تاو داخل خريطة السودان في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

قال مسؤول في الحركة الشعبية لـ«الشرق الأوسط» إن النائب الأول للرئيس السوداني رئيس الحركة الشعبية سلفاكير ميارديت، ونائب الرئيس علي عثمان محمد طه اتفقا في مدينة جوبا على «الملامح العامة» لمجلس تحكيم دولي لنزاع منطقة ابيي الغنية بالنفط، يتكون من 5 أعضاء، فيما وصف الاتفاق بأنه «مهم جدا». وكشف المسؤول في الحركة عن حدوث تقدم كبير حول قانون الانتخابات. وتوقع أن يتم الاتفاق النهائي حوله الأربعاء المقبل.

واختتمت اجتماعات اللجنة السياسية التنفيذية العليا للشريكين (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) التي انعقدت بمدينة جوبا، عاصمة الجنوب، على مدار يومين برئاسة سلفاكير وطه أعمالها بالتوصل إلى جملة اتفاقات، وصفت بأنها اختراق كبير في القضايا موضع الخلاف بين الشريكين، تتمثل في ملفات ابيي والانتخابات ووضعية المؤسسات القومية العاملة في الجنوب.

وذكرت مسودة مشتركة أن الطرفين اتفقا على إحالة الخلاف حول ابيي إلى هيئة تحكيم تحت إشراف محكمة التحكيم الدائمة. وفيما يلي النقاط التي قد يتفق عليها الطرفان كتابة: ان يكون مقر هيئة التحكيم في لاهاي (هولندا)، ويتكون مجلس التحكيم من 5 أعضاء، يختار أيُّ طرف عضوين من قائمة محكمة التحكيم الدائمة ويختار الأعضاء الأربعة شخصاً خامساً ليرأس مجلس التحكيم. ويتم اختيار مجلس التحكيم وفق ما ينص اتفاق السلام الشامل، وأن يمنح الطرفان فرصة متساوية لتقديم قضيتهما وطرح ما لديهما من حجج وبراهين تساند موقفهما.

وحدد الاتفاق القضايا التي يفصل فيها التحكيم في الآتي: تقرر ما اذا كانت لجنة خبراء حدود ابيي قد تجاوزت صلاحيتها في تعريف ورسم حدود ممالك دينكا نقوق التسعة التي نقلت من بحر الغزال إلى كردفان عام 1950. واذا قررت هيئة التحكيم ان خبراء ابيي لم يتجاوزوا صلاحياتهم يعلن ذلك ويؤمر بإنفاذ كامل لتقرير خبراء حدود ابيي. واذا قررت هيئة التحكيم ان خبراء ابيي تجاوزوا صلاحياتهم يعلن ذلك ايضا ويعاد تحديد او اعادة رسم حدود ممالك دينكا نقوق التسعة وفقاً لذلك. واتفق الطرفان فور توقيع اتفاق التحكيم المحكمة الدولية الدائمة للتحكيم في لاهاي تقدم كافة التسهيلات وخدمات التسجيل والدعم لمجلس التحكيم حول ابيي وبقية الاطراف، وان يلتزم مجلس التحكيم باتفاق السلام الشامل وبروتوكول ابيي وملحق بروتوكول ابيي ومبادئ القانون.

وقال الدكتور لوكا بيونق، وزير مجلس الرئاسة في حكومة جنوب السودان والقيادي في الحركة الشعبية لـ«الشرق الأوسط»، ان الاتفاق شمل القضايا الأساسية التي تعرض على المحكمة. وتتمثل بشكل أساسي في تقرير الخبراء الخلافي حول ابيي، وقال «على المحكمة تحديد إلى اي مدى خرج الخبراء عن تكليفهم المحدد لهم من قبل الشريكين قبل عامين فيما يختص بتحديد حدود ابيي، وفي حالٍ خرجوا أو لم يخرجوا عن اختصاصاتهم، على المحكمة ان تقوم بتحديد حدود ابيي».

ووصف بيونق هذا الاتفاق بأنه «مهم جداً» في اتجاه حل الأزمة.

وتوقع المسؤول في الحركة الشعبية ان يتم خلال اليومين المقبلين تعيين رئيس الإدارة المؤقتة في أبيي من الحركة الشعبية، ونائبه من حزب المؤتمر الوطني. كما كشف عن عمل مشترك يتوقع ان يبدأ في مقبل الأيام لتنظيف المدينة، التي تعرضت للحرق اثناء الاشتباكات التي وقعت أخيرا فيها بين قوات منسوبة للجيش وأخرى تتبع لقوات الحركة الشعبية، وتحضير الأرض لاستقبال النازحين من المدينة. واشار الى ان التحضيرات تمضي لتسيير قوافل دعم للمنطقة، وتكثيف العمل الإنساني على شتى المحاور.

وحسب بيونق، فان حل مشكلة أبيي الآن بين شريكي الحكم، لأن الاتفاقية وقعت بين الطرفين، وبدا متفائلا بحل المشكلة من خلال «اتفاق خريطة الطريق»، التي توصل إليه الطرفان قبل أسبوعين، عبر اجتماعات سلسلة مشتركة في الخرطوم، حملت الاتفاق العام على التحكيم، وعلى شكل الإدارة المشتركة المؤقتة للمنطقة. وكانت الاشتباكات في ابيي قد أسفرت عن مقتل العشرات، ونزوح نحو 50 ألفا من سكان المدينة، وحرق الجزء الأكبر منها، إلى حد وصفها مسؤولون في الأمم المتحدة بأنها صارت «مدينة اشباح». وقال ان الطرفين بعد مناقشات مطولة اتفقا على مجمل مشروع قانون الانتخابات. وأشار الى ان هناك «قضايا عارضة»، لم يسمِّها تجري حولها المناقشات يوم الاربعاء المقبل في الخرطوم. وتوقع ان يتم التوصل بشأنها الى اتفاق نهائي.

من جانبه، قال الدرديري محمد أحمد، القيادي البارز بالمؤتمر الوطني عضو لجنة ابيي المشتركة في مؤتمر صحافي في جوبا، إن الاجتماعات وقفت على سير تنفيذ مقررات خريطة الطريق. واطمأنت إلى انتشار القوات المشتركة ووصول المساعدات الإنسانية إلى هناك. وذكر ان التحكيم سيكون في لاهاي للاستفادة من إمكانات اللجنة وخدماتها. وكشف ان اللجنة المشتركة ستفرغ من الصياغة النهائية لمقرراتها وتقريرها في غضون أسبوعين. من جانبه، كشف الزبير احمد حسن، وزير المالية الاتحادي، عن اتفاق بين الجانبين على تكوين لجنة مشتركة من الحكومة المركزية وحكومة الجنوب لإدارة احتياطات النقد الأجنبي على ان يتم التصرف في الاحتياطات عبر سلطات البنك المركزي بـ«اعتباره جهة مستقلة»، وان من حق وزارة المالية بالجنوب الاحتفاظ بجزء من نصيبها لإجراء معاملات خارجية، وقال انه تم الاتفاق على تمديد وجود البنك الزراعي بالجنوب الى نهاية الموسم الزراعي على ان تؤول اصوله بعد ذلك الى البنك الزراعي الذي ستقوم حكومة الجنوب بافتتاحه على صيغة النظام التقليدي. وقال إنهم اتفقوا على قيام وزارة الصناعة الاتحادية ووزارة الطاقة بالجنوب بإدارة المصانع القومية وجذب مستثمرين أجانب ودعمها من صندوق دعم المانحين وقد أمن الطرفان على ضرورة إزالة معوقات تحصيل الإيرادات القومية في الجنوب.