رئيس الوزراء الإسرائيلي: أتفاوض مع أبو مازن حول اتفاق سلام تفصيلي.. ولقاء الأسد ليس الأهم الآن

أولمرت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: المناورات العسكرية الأخيرة في إطار الاستعدادات للتصدي للتحديات التي تواجهنا

إيهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي
TT

قال رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود أولمرت، ان ما يتفاوض حوله مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، ليس إعلان مبادئ ولا اتفاق مبادئ ولا اتفاقا مؤقتا، كما تذكر وسائل الأعلام، بل اتفاق سلام تفصيلي بكل معنى الكلمة. وأضاف أولمرت، في حديث أجرته معه «الشرق الأوسط»، أمس، أن لديه أملا حقيقيا في أن يتوصل الى هذا الاتفاق مع نهاية العام الجاري. وتابع القول إن هناك تقدما فعليا في المفاوضات حول قضايا أساسية، مثل قضايا اللاجئين والحدود والترتيبات والضمانات الأمنية وغيرها. وأما قضية القدس فقد تركت الى المرحلة الأخيرة لأنها قضية تفجيرية، معربا عن ثقته بأن يتم تجاوز العقبات أيضا في هذه القضية.

واستبعد أولمرت لقاء مع الرئيس السوري بشار الأسد في باريس على هامش مؤتمر الدول المتوسطية، مؤكدا أن «اللقاء ليس هدفي من حضور المؤتمر». وفي هذا السياق أشار أولمرت الى ان سورية هي التي «طلبت وأصرت أن نعلن عن وجود مفاوضات بيننا، ولسنا نحن. في الماضي لم يفعلوا ذلك. وهذا ايجابي ومهم». وتوقع أولمرت أن يكون السلام مع سورية على حساب علاقة دمشق مع طهران وقال «دعنا نكون واضحين وصريحين: هل يعقل ان نوقع اتفاق سلام مع سورية ونفتح سفارة في دمشق ويفتحون سفارة في تل أبيب، ونقيم علاقات اقتصادية وتجارية وطيرانا وسياحة، وتظل علاقات سورية وإيران كما هي؟».

وفي موضوع السلاح النووي الايراني قال اولمرت «نحن لا نستطيع أن نقف مكتوفي اليدين ازاء التسلح النووي لمن يهدد صبح مساء بإبادة اسرائيل»، ومع ذلك فانه لا يرى المشكلة الإيرانية كمشكلة إسرائيلية، فحسب، بل مشكلة أميركية وروسية وأوروبية ويابانية وعربية أيضا، طالبا من الجميع العمل على منعها من التسلح النووي.

ورفض الخوض في تفاصيل مناورات سلاح الجو الاسرائيلي التي وصلت الى الحدود اليونانية (1500 كيلومتر) وهي نفس المسافة التي تبعدها ايران عن اسرائيل، وقال «لم أقس المسافة في الواقع... بحياتك دعنا من ذلك. هذه كانت مناورات في اطار استعدادات الجيش الاسرائيلي لمواجهة التحديات التي تواجهها اسرائيل في اطار الدفاع عن النفس».

* بادرت «الشرق الأوسط» اولمرت بالسؤال من البداية إن لم يكن نادما على الحظ الذي قاده الى موقعه كرئيس للوزراء في هذه الظروف. فهو أصبح رئيسا على أثر اصابة رئيس الحكومة السابق، أرييل شارون، بشلل الدماغ الذي لم يصح منه حتى اليوم، ومنذ بداية توليه المنصب وهو يتعرض للعواصف الهدامة، وانهارت شعبيته بعد شهرين من انتخابه، بسبب الإخفاقات في حرب لبنان، وطيلة السنتين الماضيتين وهو يتعرض لتحقيقات عديدة حول قضايا فساد والمطالبة بإقالته، وتلاشت آمال النجاة من هذه التهم، مع انفجار التحقيقات الأخيرة في الشبهات بأنه تلقى أموالا بطرق غير شرعية من رجل أعمال أميركي. وفي الأسابيع الأخيرة بات واضحا ان حكومته في خطر. ومن المحتمل أن يصوت الكنيست غدا، على تبكير موعد الانتخابات، علما بأن استطلاعات الرأي تشير الى ان حزب الليكود اليميني المتطرف هو الذي سيفوز بها.

ـ هذا السؤال غير واقعي حاليا، لسبب بسيط انني أمارس مهمتي كالمعتاد كرئيس للحكومة. والقضية الشخصية عندي هي ليست في رأس سلم الأولويات، فأنت تعرف انه لم يكن هناك رئيس حكومة واحد في اسرائيل في السنوات الأخيرة لم يتعرض لما أتعرض له، وأنا عرفت كل هؤلاء الرؤساء فردا فردا وعن قرب. لا أحد منهم قال لي ان عمله كان سهلا. بل أنا لا أعرف شخصا يعمل في أي عمل وهو راض أو مرتاح تماما من عمله. لم أعرف رئيس حكومة حظي بتأييد من الجميع. هذه وظيفة في قلب مرمى النظام الديمقراطي. أنت في قلب مرجل الصراعات الحزبية والسياسية والشخصية. ونحن في نظام ديمقراطي باتت الصحافة فيه مهتمة ليس بما يفعله أو لا يفعله رئيس الوزراء، بل في تسويق نفسها للجمهور. وهي تعرف ان أفضل عملية تسويق هي في مهاجمة الحكومة.

* السياسيون أيضا يرمون الآخرين ولا يرون مشكلتهم.

ـ السياسيون في بعض الأحيان لا يعرفون كيف يتفرغون لمعالجة القضايا المحرقة للدولة. فلدينا عائلات حياة أبنائها في خطر (الجنود الأسرى)، وقضايا أمن، وقضايا مفاوضات السلام. وقضايا اقتصاد. وفي كل هذه القضايا يوجد شخص مركزي واحد، ووحيد.

* لكن المشكلة عندك مختلفة وتتعلق بشبهات يمكن أن تتحول الى لائحة اتهام، في قضايا جنائية.

ـ ليست قضية مختلفة. فها هم رؤساء الحكومة الذين سبقوني، تم التحقيق معهم في قضايا رشاوى وفساد. أرييل شارون وولداه جرى التحقيق معهم. ايهود باراك (وزير الدفاع الحالي ورئيس الوزراء الأسبق)، بدأت التحقيقات معه وهو رئيس وزراء واستمرت بعد ذلك خمس سنوات كاملة. وبنيامين نتنياهو (زعيم الليكود اليميني الحالي) أيضا، أخضع للتحقيق وهو رئيس وزراء وبعد ذلك، أيضا في قضية فساد اشتهرت باسم «بار ـ أون»، ألا تذكر؟ هذا هو نصيب كل رئيس حكومة في اسرائيل في الآونة الأخيرة.

* ما هي الدوافع لهذا الهجمة عليك، حسب رأيك؟

ـ ما رأيك أنت؟

* سمعت من يقول ان السبب هو توجهك الجاد الى المفاوضات السلمية، فأنت تفتح أربع جبهات مفاوضات سلمية في آن واحد: مع السلطة الفلسطينية ومع سورية ومع حزب الله حول صفقة الأسرى ومع حركة حماس حول التهدئة وصفقة تبادل الأسرى. وثلث الاسرائيليين يعتقدون اليوم هذا الأمر حسب آخر استطلاع رأي نشر في الأسبوع الماضي.

ـ ربما. أنا لا أعرف. لكنني أعرف شيئا واحدا هو أنه قبل شهر بثت القناة الثانية للتلفزيون الاسرائيلي في نشرتها الإخبارية نص محادثة هاتفية مسجلة، كان قد أجراها محقق خاص مع محام ما في حيفا، وقال له فيها: «إذا كان بوسعك ايجاد دليل ما يمكننا أن ندين به أولمرت، ستحصل مني على مليون دولار».

* وهل تعرف من هو هذا المحقق وما هي دوافعه؟ هل هو من حزب الليكود مثلا؟

ـ لا أدري. اسأل زملاءك في القناة الثانية.

* هناك امكانية طرح آخر معاكس، كأن يقال مثلا ان شارون أقدم على خطة الفصل للانسحاب من قطاع غزة في سبيل التغطية على التحقيقات معه حول الفساد. وقد ينطبق عليك الأمر نفسه فيقال انك لست جادا في مفاوضات السلام، انما أقدمت عليها لمواجهة التحقيقالت من مركز قوة.

ـ من يريد ان يقف ضدي سيقول أشياء كثيرة. لكنني أود تذكيرك بأنني منذ نوفمبر (تشرين الثاني) أو ديسمبر (كانون الأول)، وأنا أطلق مواقف جديدة حول ضرورة الانعطاف نحو عملية السلام. ورددت في حينه الأمور التي ارددها اليوم. ولذلك لا يكون من النزاهة اتهامي بأنني اخترت هذا الطريق لكي أغطي على التحقيقات. واضح انني تغيرت عن مواقفي في الماضي البعيد. فأنا كنت أكثر قربا لليمين التقليدي في اسرائيل. ولكنني توصلت الى نتيجة بأن هذا الطرح ليس واقعيا وغير قابل للتنفيذ، وانه يجب تقديم التنازلات والتوصل الى حلول وسط. وهذا ما أقوله منذ عدة سنوات، وليس في اطار الدفاع عن نفسي في وجه التحقيقات.

* وكيف ترى التطورات الآن. هل سيتم تقديم موعد الانتخابات غدا؟

ـ أنا لست مؤيدا لتقديم موعد الانتخابات. ولكن، إذا رأت غالبية أعضاء الكنيست ضرورة تقديم موعد الانتخابات فإنني سأنفذ القرار ونذهب الى انتخابات.

* لا تبدو لي انك خائف من هذا. فقد يؤدي ذلك الى انتهاء حياتك السياسية.

ـ مصيري السياسي ليس هو الأهم بالنسبة لي. مصلحة الدولة هي الأهم.

* ولكن أنت هددت وزراء حزب العمل بالإقالة، وهذا يدفعهم الى التصويت لتقديم موعد الانتخابات. فهل حسبتها جيدا، أم انها كانت لحظة غضب وصراع كبرياء أمام باراك؟

ـ أنظر. هناك قضية أخلاقية في الموضوع. وقد كتبت لهم ان من يصوت من أجل تفكيك الحكومة التي هو عضو فيها، يجب ألا يكون عضوا فيها.

* هل أفهم منك أنك تنوي اقالة وزراء حزب العمل بعد جلسة الكنيست غدا؟

ـ أجل.

* جميعهم؟

ـ لا، فقط من يصوت منهم ضد الحكومة.

* بمن في ذلك الوزيران اللذان يؤيدانك، غالب مجادلة ويولي تمير؟

ـ كل من يصوت ضد الحكومة.

* ألا تتصور امكانية أن يتراجع حزب العمل؟

ـ أنا لم أثر قضية كبرى حولهم. كتبت لهم رسالة سرية صغيرة وودية، ولم أقصد إهانتهم ولا إثارة حرب معهم. ولكن هم الذين نشروها. عليهم أن يفهموا انه ليس بالامكان أن تأكل الكعكة وتحافظ عليها سليمة. فإذا كنت تعتقد بأن هذه الحكومة لا تستحق الحياة، فاخرج منها.

* لكن بالمقابل أنت لا تحمي سلطة حزبك «كديما». فالانتخابات لا تبشر بالخير. والأمل الوحيد لحزبك هو في أن تستقيل من قيادته.

ـ أنظر، القضية في الأصل غير متعلقة بي. فإذا قرروا تقديم موعد الانتخابات، فإن هذه ستكون مسيرة الى الأمام لا يمكن وقفها. وكل تطور آخر، بما فيه الاستقالة أو عدم الاستقالة، سيكون مستنبطا منها.

* أنا أدرك أنك في ورطة وليس من السهل أن تقرر. ولكن، هل ستستقيل لكي تنقذ حزبك؟

ـ أولا أنا لست في ورطة، بل أنتم ايها الصحافيون في ورطة. أنا أعرف بالضبط ما أريد. أنا لم أكن مع تقديم موعد الانتخابات ولا أرغب في ذلك الآن. ولكن، إذا قرروا اجراء انتخابات، سيتركز البحث حول الترشيح. فإذا قررت أن أرشح نفسي، لن تكون تلك نهايتي السياسية. وإن قررت أن لا أرشح نفسي، فهذا أيضا لا يعني أن أنهي حياتي السياسية. فلا أحد يدري أين سأكون بعدها وفي أي منصب.

* وهل قررت أن ترشح نفسك أم لا؟

ـ لم أقرر بعد.

* دعنا ننتقل الى الموضوع الايراني.

ـ (ضاحكا) دعنا نتحدث عن الموضوع الروسي، فقد هزمت روسيا هولندا في الدوري الأوروبي.

* حسنا، هل تعلم روسيا بأن سلاح الجو الاسرائيلي أجرى مناورات على الشواطئ اليونانية استعدادا لضرب المفاعل النووي الايراني؟

ـ الروس لا يبلغوننا بمناوراتهم، ونحن لا نبلغهم بمناوراتنا. ولكن كل من رأى ذلك عرف ان اسرائيل تجري مناورات. لم تكن هذه محاولة لمهاجمة أحد.

* أحقا؟ وهل بالصدفة تم اختيار مكان يبعد عن الحدود الإسرائيلية مسافة 1500 كيلومتر، وهي نفس المسافة بين اسرائيل والأراضي الايرانية؟

ـ لم أقس المسافة في الواقع... بحياتك دعنا من ذلك. هذه كانت مناورات في اطار استعدادات الجيش الاسرائيلي لمواجهة التحديات التي تواجهها اسرائيل في اطار الدفاع عن النفس.

* ليس سرا ان اسرائيل تجري مظاهرة قوة في وجه ايران. ونذكر رئيس أركان الجيش السابق، دان حالوتس، عندما سئل إن كان الجيش يخطط لضرب ايران البعيدة، فخلع نظارتيه وقال يومها: نصل لأي مكان.

ـ أنا لا توجد عندي نظارات كما ترى (يضحك). أنظر، نحن لا نستطيع أن نقف مكتوفي اليدين ازاء التسلح النووي لمن يهدد صبح مساء بإبادة اسرائيل. ومع ذلك أقول بصراحة، نحن لا نرى ايران مشكلة اسرائيلية فحسب. انها مشكلة أميركية ومشكلة روسية ومشكلة أوروبية ويابانية ومشكلة عربية أيضا. على الجميع ان يعملوا على منعها من التسلح النووي. واسرائيل ليست القائدة الطليعية لمجابهة ايران، بل شريكة مع الآخرين. ونحن نحاول اقناع الغرب بضرورة استخدام كل ما يملكون من قوة لإقناع إيران بالتخلي عن برنامجها النووي.

* وإذا ما قررت اسرائيل استخدام النموذج السوري في الموضع؟

ـ ماذا تقصد بالنموذج السوري؟

* أقصد ان تضرب اسرائيل في العمق الايراني وفي طهران، فيبدأ الإيرانيون مفاوضات معكم. هل سيناريو كهذا واقعي؟

ـ أنا أقرأ عن هذه الأمور في الصحافة الأجنبية (يبتسم). لا تذهب بعيدا في أفكارك. أنا أدير مفاوضات جيدة مع سورية ولا أريد المساس بها. أتذكر كيف كنت أتعرض للهجوم بسبب المفاوضات مع سورية. كنت أجيب: عندما يحين الوقت سوف أفاوض. وها أنذا أدير هذه المفاوضات، بشكل غير مباشر حاليا، وبوساطة الأتراك، لكن الأمور تتقدم. وأنا سعيد بهذا.

* وهل ستلتقي الرئيس الأسد في باريس في 13 يوليو (تموز) المقبل؟

ـ سأكون في باريس فعلا في هذا الموعد. سأشارك في المؤتمر البالغ الأهمية الذي يدعو اليه الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، لاتحاد دول البحر المتوسط. وهذا حدث مهم وأنا أؤيده جدا. وسيكون في المؤتمر نفسه أيضا الرئيس الأسد. ربما يتم لقاء معه، وربما لا. هذا اللقاء هو ليس هدفي من حضور المؤتمر. والصحيح ان اللقاء ليس أهم ما في الموضوع. المهم هو أن ندير مفاوضات سلام.

* حسبما ترى تطور من الأحداث السياسية في اسرائيل من جهة وفي المفاوضات الجارية حاليا، هل يكون؟

ـ إذا كنا ندير مفاوضات سلام، فإن لقاء كهذا سيكون حتميا في مرحلة ما. فلا يمكن أن نصنع سلاما من دون أن نلتقي.

* في سورية يقولون انه لن يكون لقاء.

ـ أنظر. سورية هي التي طلبت وأصرت أن نعلن عن وجود مفاوضات بيننا ولسنا نحن. في الماضي لم يفعلوا ذلك. وهذا ايجابي ومهم.

* في أية مرحلة تمر عملية التفاوض؟ اتفاق على انسحاب؟ بحث ما بعد السلام؟ قطع العلاقات مع ايران وحزب الله وحماس؟

ـ سبق وقلنا ان كل طرف يعرف ما يريده الطرف الآخر، ولا نقول شيئا آخر اليوم. ولكن بالنسبة للعلاقات مع ايران، دعنا نكون واضحين وصريحين: هل يعقل ان نوقع اتفاق سلام مع سورية ونفتح سفارة في دمشق ويفتحون سفارة في تل أبيب، ونقيم علاقات اقتصادية وتجارية وطيرانا وسياحة، وتظل علاقات سورية وايران كما هي؟

* وهل يعقل أن تفرض على سورية كيفية علاقاتها؟ فهي دولة مستقلة.

ـ نحن لا نمس سيادة سورية عندما نقول اننا نتوقع ان تتوقف سورية عن مسلك دعم الارهاب. فهل يعقل ان نقبل باستمرار علاقات تحالف بينها وبين ايران، في حين ايران تساند الإرهاب؟

* الرئيس الفرنسي انضم الى الساحة كوسيط ثان بين اسرائيل وسورية، فهل يوجد وسطاء آخرون؟

ـ الرئيس كندي كان يقول «للنجاح يوجد عدة آباء. لكن للفشل يوجد أب واحد». لذلك، فطالما هناك نجاح ستجد كثيرين يقولون انهم توسطوا.

* هل ما زال الرئيس ساركوزي يحاول أن يجمع بينك وبين الرئيس الأسد؟

ـ يسألونني: لماذا لا توجه دعوة الى الرئيس الأسد لزيارة اسرائيل. فما رأيك؟ هل يوجد أجمل من ذلك؟ أتعرف كم هي أهمية زيارة كهذه؟ لكنني لم أوجه دعوة له. لماذا؟ لأنني واقعي والظروف لذلك لم تنضج بعد. فأنا لا أريد أن أتسبب في إحراجه ولا مضايقته.

* كيف تواجه الذين يقولون لك في اسرائيل والولايات المتحدة ان الرئيس الأسد ليس معنيا بالسلام مع اسرائيل فعلا انما هو يريد فك الحصار الغربي وتحسين العلاقات مع واشنطن؟

ـ أنت تطرح سؤالا افتراضيا، ولكن هناك فعلا من يسألني هذا السؤال. وأنا أجيبهم: وما الغضاضة في ذلك؟ فليقم السلام مع اسرائيل ويفك الحصار، وليقم علاقات مع الغرب كله؟ فهل هذا يضايقني؟ أنا أريد السلام.

* مع ذلك، فإن العالم العربي يستهجن ولا يستطيع استيعاب الحقيقة ان اسرائيل لم تتعامل بعد بالشكل اللائق مع مبادرة السلام العربية.

ـ لماذا توجه لي هذا الاتهام. فأنا قلت أكثر من 20 مرة إننا نتعامل مع المبادرة العربية باحترام.

* القضية ليست قضية احترام. فهذه المبادرة جاءت باسم جميع الدول العربية، لتقول لإسرائيل شعبا وحكومة ان العالم العربي كله معني بقبولك وبالسلام معك مقابل انهاء الاحتلال واعطاء الفلسطينيين 22% من أرض فلسطين، والبقية لإسرائيل. فلماذا لا تعلن قبولها بملء الفم وادارة المفاوضات على أساسها.

ـ ماذا تريدني أن أفعل بها؟

* أن تضعها أساسا للتفاوض. ادعُ عمرو موسى وأبلغه تأييدك.

ـ (بصوت مرتفع) ولكن لا يوجد بيني وبين عمرو موسى صراع. أنا أفاوض الدول العربية المجاورة. ما الذي تريده مني؟ إذا كانت قطر تريد أن تقيم علاقات علنية مع اسرائيل، فأية مصلحة عندنا أن نرفض ذلك؟

* والدول الأخرى؟

ـ هناك دول اختارت أن تقيم معنا علاقات غير علنية.

* ما أقوله هو ان الموقف التقليدي الذي تردده غير مقنع للعالم العربي. هناك شعور بأن قبول المبادرة العربية هو خير دليل على قبول السلام وان التهرب منها هو تهرب من السلام. فلماذا لا تهدئ من روعهم في هذا اللقاء؟

ـ أصغ اليّ. لاسرائيل يوجد صراع مع خمس دول عربية مجاورة. أقمنا السلام مع مصر والأردن. نتفاوض حاليا مع الفلسطينيين وسورية، ولم يبق سوى لبنان. ونحن مستعدون لاجراء مفاوضات سلام معه. وأنا أعتبر مبادرة السلام العربية عنصرا واقعيا من أسس السلام، الى جانب قراري مجلس الأمن 242 و338 و«خارطة الطريق».

* علاقات اسرائيل بالدول العربية تراجعت كثيرا منذ مؤتمر اتفاق اوسلو، ألا يزعجك هذا الأمر؟

ـ لماذا تراجعت؟

* كنتم تقيمون علاقات مع قطر والمغرب وتونس وسلطنة عمان وموريتانيا.

ـ فقط قبل شهر زارت وزيرة الخارجية قطر واستقبلت أروع استقبال.

* فقط قطر. وبالمناسبة قطر تقيم علاقات جيدة مع إسرائيل وفي الوقت نفسه مع حماس وحزب الله..

ـ ماذا تريد مني بهذا السؤال.

* لننتقل الى المفاوضات الجارية مع حماس وحزب الله بخصوص التهدئة، وصفقتي تبادل الأسرى. لماذا تتعثر الأمور على هذا النحو؟ هل عادت أجهزة المخابرات لتفجرها؟

ـ أولا، نحن لا ندير مفاوضات مع هذين التنظيمين الإرهابيين، ففي الجنوب نتفاوض مع مصر، وفي الشمال نتفاوض مع الوسيط الألماني. المفاوضات حول (الجندي الاسير) جلعاد شليط تجري بشكل مكثف هذه الأيام، والمفاوضات حول ايهود غولدفاسر وإلداد ريغيف في لبنان لم تغلق بشكل نهائي بعد، وتحتاج بعض الوقت. المفاوض الحقيقي معنا والشريك في صنع السلام هو أبو مازن.

* وحتى من طرف أبو مازن نسمع انتقادات واسعة وشكوكا في النوايا الاسرائيلية.

ـ نحن ندير مفاوضات جدية للغاية مع السلطة الفلسطينية وأبو مازن وأبو علاء (احمد قريع رئيس الطاقم التفاوضي الفلسطيني)، منذ ستة أشهر. هنالك من يعتقد أن هذه المدة كافية لإنهاء صراع من ستين سنة، وهذا غير صحيح. ولكن هناك تقدما جديا وحقيقيا في المفاوضات.

* في أية مواضيع يوجد تقدم؟

ـ في قضية اللاجئين، وفي قضايا الحدود والترتيبات الأمنية، وموضوع القدس وضعناه جانبا من البداية، وقد قلت لأبو مازن علينا ألا نستهل مفاوضاتنا بموضوع متفجر. لو بدأنا بالقدس لكانت المفاوضات قد تفجرت. فهذه قضية حساسة ومعقدة وفيها الكثير من المركبات، لذلك نؤجلها. ونبدأ بتسوية القضايا الأقل تعقيدا، وهذا يساعدنا على التغلب على قضية القدس والتوصل الى نهاية سعيدة لهذا الصراع.

* هل أنت تؤمن بأن النهاية ستكون سعيدة وأنها ستتحقق في نهاية هذه السنة؟

ـ نعم.

* قل لي ما الأمر الذي ستتفقون عليه؟ هناك من يقول إنكم تتفاوضون حول ورقة توضع على الرف، وهناك من يقول إعلان مبادئ للتسوية السياسية، وهناك من يقول إعلان نوايا، وفي المدة الأخيرة سمعنا اسما جديدا هو«اتفاق مؤقت»، فما هي الحقيقة؟

ـ أنا لا أعرف ولا يهمني ما يقولون. ما أعرفه أننا نعمل، وأنا أتأمل أن يكون هناك اتفاق تفصيلي حول طابع وحدود دولة فلسطين، الى جانب دولة اسرائيل.

* اتفاق تفصيلي كامل؟

ـ اتفاق وتفاهمات تفصيلية. ومن الآن، واضح لكل طرف ما هو المطلوب من الطرف الآخر. وكل طرف يعرف ما هو مدى المناورة لديه.

* وأنت ترى أن أبا مازن هو الرجل الذي ستتوصل معه الى اتفاق قبل نهاية السنة.

ـ لا أعرف شخصية أخرى مناسبة أكثر. فنحن نتعاون بثقة.

* هنالك من يشكك بقدرته على تطبيق اتفاق كهذا. فماذا تقول؟

ـ أقول إن كل شيء رهن الاختبار. نحن أولا نتفق. ثم لدينا تطبيق «خارطة الطريق»، وبعدها نرى.

* وهل تقديم موعد الانتخابات الإسرائيلية سيبقي تقديرك هذا في مكانه؟

ـ لا أدري. المؤكد هو ان تقديم موعد الانتخابات لا يفيدنا في هذه المهمة. ولكن هذا أمر اسرائيلي داخلي.

* ما هو هدف زيارتك غدا الى مصر؟

ـ هذه زيارة تقليدية اعتدت عليها الى مصر، ألتقي فيها الرئيس حسني مبارك، الذي أكن له كل الاحترام والتقدير. أستفيد من حكمته وخبرته القيادية الغنية، فكما تعرف هو يحكم مصر منذ مطلع الثمانينات ويعتبر من أقدم زعماء العالم. وأنا أحب أن أستمع الى تقديراته المميزة للأوضاع وكيف يضعها في السياق التاريخي.

* وهل تتوقع التقدم في موضوع تبادل صفقة الأسرى؟

ـ آمل ذلك. نحن نحاول. ومصر هي التي تفاوضنا وتساعد ونحن راضون عن ذلك ونأمل المزيد من الجهد لوقف التهريبات للأسلحة.

* وإذا لم يتوقف التهريب؟

ـ إذا لم يتوقف يكون ذلك خرق للاتفاق. وعندها نضطر الى العودة الى العمل العسكري.

* والصفقة مع حزب الله؟ هناك محاولات من المخابرات الإسرائيلية والموساد لعرقلتها.

ـ مبعوث الأمم المتحدة يواصل مساعيه. الصفقة لم تنته بعد. وآمل أن تتم في وقت قريب. هناك نقاش عندنا. ولكن لا يوجد اتفاق بعد. عندما يجهز، سوف أدعو الحكومة للانعقاد واتخاذ قرار بشأنها. المهم أنني أعمل كل ما في وسعي لإعادة الأبناء الى البيت.