رؤساء الطوائف يؤكدون التزامهم وحدة الدولة ويتمسكون بأسس اتفاق الطائف

أدانوا التطرف والعنف واللجوء إلى السلاح في الخلافات الداخلية

TT

اكد رؤساء الطوائف المسيحية والإسلامية في لبنان، في بيان مشترك أصدروه في ختام قمة عقدوها امس في القصر الجمهوري تلبية لدعوة الرئيس ميشال سليمان، التزامهم «وحدة الدولة اللبنانية والحفاظ على السلم الاهلي والتمسك بالنظام البرلماني الحر واحترام صيغة التنوع والتمسك بالاسس الدستورية التي ارساها اتفاق الطائف». وادانوا «التطرف والعنف» كما اكدوا على ما ورد في اتفاق الدوحة لجهة حظر اللجوء الى السلاح اذا طرأت اي خلافات، وحض القوى السياسية على اعتماد المؤسسات الدستورية في حل خلافاتها بالحوار. وناشدوا وسائل الاعلام وضع حد لتبادل الاتهامات والتحريض المذهبي.

اما الرئيس سليمان فحذر في كلمة افتتاحية من ان «خلافات اللبنانيين اليوم، وصلت الى حد الانتحار». واذ تساءل: «هل من خلاف على هذه الأرض لا يحله الحوار؟». قال: «فلنعمل منذ اللحظة على ابعاد ما هو داهم من خلافات وصراعات ومنع انعكاسها خلافات مذهبية وطائفية لا تخدم الا مصلحة العدو الاسرائيلي». وقال: «لعل التعبير الاقوى عن هذه الرغبة يكون بالإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة». شارك في القمة التي انعقدت في «قاعة 22 تشرين الثاني» في القصر الجمهوري واستمرت ساعة واحدة، 15 مرجعاً للطوائف اللبنانية.

وافتتح الرئيس سليمان لقاء القمة بكلمة قال فيها: «نشعر جميعا بوقع الأخطار المحدقة بلبنان، وخصوصا بعد أشهر طويلة ومريرة من الشحن الطائفي على كل المستويات، في الشارع كما في السياسة، في الإعلام كما في باحات الجامعات. وما يقلقنا حقا، ليس فقط النتائج المباشرة لهذا الشحن، والتي تترجم على الأرض عنفا وتنابذا ومخاوف متنقلة، بل ابعد من ذلك. يقلقنا أن يتراجع دور لبنان في محيطه والعالم وأن تتشوه رسالته وتصبح تاليا علة وجوده الاساسية عرضة للخطر الشديد». وشدد الرئيس سليمان على انه «لا يجدر بنا اليوم أن نتعامى عن الدرك الذي وصل إليه لبنان، في السياسة، والاقتصاد، والأمن. والأهم القلق على الوجود والمستقبل. علينا على الأقل ان نبدأ بتحديد نقطة البداية للإنطلاق نحو معالجة المشاكل وتضميد الجروح والتعافي».

وقال: «دعوتكم، ولي أمل واحد يشاركني به جميع اللبنانيين، وهو أن يؤسس لقاء اليوم، لإطلاق ورشة حوار وطني ترسخ رسالة لبنان ودوره وتعزز وحدة مصير أبنائه من جميع الفئات والأطياف والطوائف. علنا ندرك جميعا أنه إذا تألم عضو في الجسد، تألم الجسد بأسره. وإذا عانت فئة واحدة في لبنان، أو طائفة، يعاني الوطن بأسره». وأضاف: «خلافات اللبنانيين اليوم وصلت إلى حد الانتحار. وهل من خلاف على هذه الأرض لا يحله الحوار والنقاش بقلب مفتوح ونوايا صادقة؟ فلنعمل منذ هذه اللحظة على إبعاد ما هو داهم من الخلافات والصراعات على الأرض في لبنان، لمنع انعكاسها خلافات مذهبية وطائفية لا تخدم الا مصلحة العدو الإسرائيلي».

هذا، وفي ختام القمة الدينية تلي بيان جاء فيه: «تلبية لدعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان عقد رؤساء الطوائف لقاء أعربوا خلاله للعماد سليمان عن تهانيهم بانتخابه رئيسا. وبعد أن استمعوا إلى كلمة الرئيس شكروه على مبادرته واعتبروا كلمته جزءا من بيانهم الختامي. وتوجهوا الى أبنائهم اللبنانيين جميعا، مسلمين ومسيحيين، بأن يتمسكوا بقواعد إيمانهم بالله والوطن، وأن يستنيروا بنور الإيمان لتعزيز أواصر الأخوة والمحبة والاحترام التي تظللهم جميعا. فالمسلم المؤمن كالمسيحي المؤمن، هو ضمان في إيمانه لأخيه في الوطن والإنسانية. وبعد تداول الأوضاع العامة، أجمعوا على ما يأتي: أولا: تأكيد التزام وحدة الدولة اللبنانية شعبا وأرضا ومؤسسات والمحافظة على السلم الأهلي والعيش الوطني الواحد، والتمسك بالنظام البرلماني الديمقراطي الحر، وتعزيز سلطة الدولة وسيادتها على أراضيها كافة. ثانيا: احترام صيغة التنوع التي تمثل ميزة لبنان وأساس خصوصيته الوطنية، وذلك حتى يبقى لبنان واحة حرية للحوار الأخوي والبناء. والتمسك بالأسس والمبادئ الدستورية التي أجمع اللبنانيون عليها في ميثاق الطائف، والتي تصون وحدتهم الوطنية وتحافظ عليها. ثالثا: إدانة التطرف والعنف في مختلف أشكاله، وتأكيد ما ورد في اتفاق الدوحة لجهة «الامتناع عن، أو العودة الى، استخدام السلاح أو العنف بهدف تحقيق مكاسب سياسية وحظر اللجوء الى استخدام السلاح أو الاحتكام اليه في ما قد يطرأ من خلافات أيا كانت هذه الخلافات وتحت أي ظرف كان». والاعتماد على الجيش اللبناني وعلى قوى الأمن الداخلي وحدهما للمحافظة على الأمن والاستقرار الأمر الذي يساعد لبنان على استعادة حيويته الاقتصادية ويمكنه من تحقيق التنمية البشرية التي يتطلع اليها والتي تضع حدا للهجرة الاستنزافية الخطيرة التي يعانيها، وتفتح أبواب الأمل أمام هجرة معاكسة تمكن الوطن من استعادة ابنائه المهاجرين. رابعا: حض مختلف القوى السياسية على اعتماد المؤسسات الدستورية اداة لمعالجة اختلافاتها بالحوار وعلى قاعدة الاحترام والثقة المتبادلين، وإيثار المصلحة الوطنية العليا على كل ما عداها من مصالح.. خامسا: دعوة اللبنانيين جميعا وخصوصا القوى السياسية والحزبية الى التعاون مع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لتيسير مهمته في تعجيل عملية استعادة العافية الوطنية واستكمال تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة، وتثبيت أركان الوحدة والأمن والاستقرار، ومعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تثقل كاهل اللبنانيين جميعا، وذلك بالتعاون مع مجلس النواب ومع الحكومة اللبنانية العتيدة، التي نطالب بالإسراع في تشكيلها لان كل تأخير في ذلك يعوق انطلاقة العهد الجديد في تحمل المسؤوليات الوطنية التي تضمنها خطاب القسم الرئاسي. سادسا: مناشدة أجهزة الاعلام المرئية والمكتوبة والمسموعة على اختلاف اتجاهاتها واجتهاداتها، وضع حد لتبادل الاتهامات والاساءات والتحريض المذهبي والطائفي، الأمر الذي يتناقض مع القيم الدينية والأخلاقية التي يؤمن بها اللبنانيون، والذين ندعوهم بإلحاح الى تحمل مسؤولياتهم الوطنية والاحتكام الى ضمائرهم. وكذلك مناشدة المسؤولين السياسيين والحزبيين وجميع العاملين في الشأن العام الارتقاء بلغتهم السياسية الى مستوى المسؤولية الأخلاقية والوطنية الجامعة لتجنيب لبنان مساوئ تحويل الاختلافات في وجهات النظر الى أزمات سياسية على مستوى الوطن كله. سابعا: توجيه الشكر الى الدول الشقيقة والصديقة كافة التي وقفت الى جانب لبنان خلال الأزمة التي عصفت به.