الأمير تركي بن محمد لمؤتمر عبر الأطلسي: دعاة الإرهاب يستغلون فشل المجتمع الدولي في حل النزاعات لنشر أفكارهم الهدامة

قال إن السعودية تشدد على قيام دول الجوار بتحمل مسؤولياتها لتوحيد الصف ونبذ الطائفية وعدم التدخل في شؤون العراق الداخلية

TT

أكدت السعودية أنها ترى في العراق جزءاً أصيلاً من الأمة العربية والإسلامية وتقف على مسافة متساوية من جميع العراقيين وتتعامل معهم على قدم المساواة وتؤيد وتؤازر كافة الجهود التي تكفل وحدته وسيادته على أراضيه كافة والحيلولة دون حدوث أي تصنيف طائفي أو مذهبي أو عرقي يقود إلى تقسيمه أو تحويله إلى ساحة للأطماع الإقليمية والدولية، على أن يكون للأمم المتحدة دور أكبر في هذا الشأن. وشددت السعودية على قيام دول الجوار «بتحمل مسؤولياتها من أجل العمل على توحيد الصف ونبذ الطائفية وعدم التدخل في شؤون العراق الداخلية. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها الأمير تركي بن محمد بن سعود الكبير وكيل وزارة الخارجية السعودية للعلاقات المتعددة الأطراف، أمام المؤتمر الثالث عبر الأطلنطي المنعقد حاليا في العاصمة الألمانية برلين وينظمه معهد أبحاث السلام بفرانكفورت بالتعاون مع مؤسسة فريدريك ايبر.

وأكد الأمير تركي أن مستقبل الأمن في منطقة الشرق الأوسط من القضايا الهامة التي لا تقتصر أهميتها على هذه المنطقة فحسب، بل تتعداها إلى العالم كله، وقال «إن تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط يستوجب علينا أن ندرك المسببات الرئيسية لما تشهده هذه المنطقة من توترات وعدم استقرار ليتسنى لنا بالتالي التفكير في الحلول المناسبة لها». مشددا على أن أهم مسببات هذا التوتر الذي يلف بظلاله على هذه المنطقة، بل والعالم أجمع هو النزاع العربي الإسرائيلي الذي طال أمده دون التوصل إلى حل أو تسوية عادلة له برغم صدور العديد من قرارات الشرعية الدولية وتقديم العديد من المبادرات.

وفي ما يتعلق بالإرهاب بشتى صوره، أكد المسؤول السعودي أن هذه الظاهرة تعد من أهم التحديات في الوقت الراهن، التي لم تعد مكافحتها شأناً محلياً ينحصر في دولة ما «وإنما تعدت ذلك لتصبح هدف المجتمع الدولي بأسره». وبين أن السعودية ترى أن مكافحة الإرهاب «يجب أن تكون متعدد الجوانب» لاستئصاله من العالم، مشددا على أن الجانب الفكري «لا يقل أهمية عن الجانب الأمني في مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة».

وحول موضوع الملف النووي الإيراني أكد وكيل الخارجية السعودي، أن بلاده «في الوقت الذي نؤكد فيه على حق جميع الدول في الاستخدام السلمي للطاقة النووية بما في ذلك الحصول على المعرفة والتقنية النووية السلمية، إلا أنها تدعو إيران وجميع دول منطقة الشرق الأوسط إلى احترام القرارات الدولية التي تنظم ذلك والالتزام بكافة الضوابط والمعايير التي تفرضها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بما يضمن تجنيب المنطقة كوارث أو مخاطر لا تحمد عقباها كما نأمل أن يتم حل هذا الملف بالطرق الدبلوماسية والسلمية»، وقال «إن السعي إلى امتلاك أسلحة الدمار الشامل من شأنه أن يزيد من عوامل التأزم وعدم الاستقرار في المنطقة ولهذا فإن تفهم المشاغل الأمنية ومصالح دول المنطقة ومحاولة معالجتها بالطريقة المجدية لهو السبيل الأفضل لتحقيق الأمن والاستقرار بدلاً من السعي إلى امتلاك الأسلحة الفتاكة». وتناول الأمير تركي بن محمد المسألة اللبنانية، وقال: لقد تابعنا جميعاً تطور الأوضاع في لبنان ونجاح المساعي العربية التي بذلتها جامعة الدول العربية ودولة قطر وتوجت باتفاق الدوحة وما تمخض عنه من الاتفاق على إنهاء الوضع الذي كان متوتراً في هذا البلد وانتخاب العماد ميشيل سليمان رئيساً للجمهورية اللبنانية. مشيرا إلى أن السعودية دعمت الاتفاق «حتى يتسنى للشعب اللبناني العيش بطمأنينة وسلام من خلال عمل المؤسسات الدستورية والحكومية والعودة الطبيعية للأوضاع، مؤكدين على ضرورة دعم هذه المؤسسات وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، الأمر الذي من شأنه أن يساهم في الاستقرار والأمن ودفع عجلة التنمية في لبنان بشكل خاص والمنطقة بشكل عام».

وفي شأن آخر، بين الأمير تركي أن دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى عقد مؤتمر دولي يلتقي فيه كافة ممثلي الديانات السماوية المختلفة والثقافات الأخرى لإيجاد أرضية مشتركة للتعاون والتفاهم فيما بين أتباع تلك الديانات والثقافات، يأتي إيمانا من المملكة العربية السعودية بالدور الهام الذي يلعبه الحوار بكافة أشكاله في إذكاء روح التفاهم والمودة وتجنب سوء الفهم والعداء بين الدول والحضارات انطلاقا من مبادئ الدين الإسلامي، مشيرا إلى أن بلاده شرعت بالفعل إلى اتخاذ الإجراءات التحضيرية لعقد المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار الذي عقد أخيرا في مكة المكرمة خلال شهر يونيو الحالي وضم مختلف القيادات الإسلامية للاتفاق على الأسس الكفيلة بإنجاح مؤتمر حوار الأديان الذي سبق وان دعا إليه خادم الحرمين الشريفين». مشيرا إلى وثيقة مكة التي صدرت عن المؤتمر والتي تبنت العديد من التوصيات ومن أهمها «ضرورة التواصل بين الحضارات والثقافات بهدف إشاعة ثقافة الحوار وتركيزه على المشترك الإنساني والمصالح المتبادلة والعمل على تحقيق التعايش السلمي والأمن الاجتماعي وتحقيق العدل والمساواة بين شعوب العالم وحضاراته المختلفة والتعاضد من اجل إنهاء الحروب والصراعات والمشكلات الدولية والتحذير من الدعوات التي تتبنى صراع الحضارات لانعكاساتها الخطيرة على الأمن والسلم العالميين».

كذلك اشار إلى إعلان خادم الحرمين الشريفين أمام اجتماع جدة الدولي للطاقة الذي عقد أخيرا عن «مبادرة الطاقة من اجل الفقراء» والتي رصد لها مليار دولار أميركي وتهدف إلى تمكين الدول النامية من مواجهة تكاليف الطاقة ودعا في نفس الوقت البنك الدولي إلى تنظيم اجتماع للدول المانحة والمؤسسات المالية والاقتصادية الدولية لمناقشة هذه المبادرة وتفعيلها، مؤكدا أن سياسة المملكة النفطية قائمة على تبني سعر عادل للبترول لا يضر المنتجين ولا المستهلكين وبأن المملكة حريصة على مصالح العالم بقدر حرصها على مصالحها الوطنية وقد لقيت بسبب هذه السياسة الكثير من الهجوم وتحملت الكثير من الأذى وفي نفس السياق أطلق الملك عبد الله بن عبد العزيز خلال الاجتماع مبادرة أخرى بتخصيص مبلغ 500 مليون دولار لقروض ميسرة عن طريق الصندوق السعودي للتنمية لتمويل مشاريع تساعد الدول النامية من خلالها في الحصول على الطاقة وتمويل المشاريع التنموية.