إيران تلوح بسحب مليارات الدولارات من أوروبا .. وتحذر الأميركيين من العودة لبلادهم بسيقان صناعية

قوائم العقوبات: 24 مسؤولا إيرانيا لا معلومات عنهم.. والباقون المعلومات حولهم لا تتجاوز أرقام جوازات السفر والفاكس وتاريخ الميلاد

إيرانيتان في محل للارز في طهران التي تشهد ارتفاعا في الأسعار خصوصا في المواد الأساسية (رويترز)
TT

فيما أعلنت إيران أنها ستقوم بسحب ارصدتها من الاتحاد الاوروبي، ردا على قرار الاتحاد الاوروبي تشديد العقوبات ضد طهران، حذر الحرس الثوري الايراني اميركا من أنها ستواجه «مأساة»، اذا ضربت طهران، قائلا إن الاميركيين الذين سيأتون الي إيران يجب ان يحضروا معهم سيقانا صناعية لأنهم سيفقدون سيقانهم. ويأتي ذلك في ما من غير الواضح كيف سيطبق الاتحاد الاوروبي العقوبات الجديدة على إيران، التي شملت قائمة من 30 شخصا، بينهم 15 اسما جديدا تمت اضافتهم الى قرار العقوبات الأخير، و28 وزارة ومؤسسة وهيئة إيرانية، بينها 20 مؤسسة وهيئة جديدة، تمت اضافتها في قرار العقوبات الأخير ايضا. فنسخة قرار عقوبات الاتحاد الاوروبي التي نشرت في الجريدة الرسمية للاتحاد الاوروبي تحتوي على معلومات قليلة جدا بخصوص المسؤولين الإيرانيين، الذين تشملهم العقوبات حاليا. فمن بين الـ30 مسؤولا إيرانيا ليس هناك اي معلومات حول 24 مسؤولا، بخلاف اسمائهم ومناصبهم، فيما الـ6 المتبقين ليس هناك اي معلومات حولهم سوى تاريخ ميلادهم، او ارقام جوازات سفرهم وتاريخ انتهاء الصلاحية، وربما رقم الفاكس، والرقم البريدي للمنزل، بينما تغيب اي بيانات حول حساباتهم البنكية او ما إذا كانت لهم تعاملات بنكية على الاطلاق في اوروبا. وحول كيف سيتم تطبيق قرار العقوبات الجديد على المسؤولين الإيرانيين إذا كانت المعلومات حولهم قليلة الى هذا الحد، قال مسؤول بوزارة الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط»: «وزارة الخزانة هي التي تطبق قرار العقوبات. نحن لا نعرف كيف سيتم تطبيقه». ولم تستطع «الشرق الأوسط» الحصول على معلومات بهذا الخصوص من وزارة الخزانة البريطانية. وقال مسؤول إيراني بارز سابق لـ«الشرق الأوسط»، إن جولات العقوبات الثلاث التي فرضت على إيران حتى الان لم تؤثر على المسؤولين الإيرانيين، سوى في الحد من سفرهم للخارج، موضحا: «الكثير من هذه الاسماء مسؤولون كبار، هؤلاء ليست لهم حسابات مباشرة باسمائهم في اوروبا، وبالتالي الحديث عن تجميد ارصدتهم لا معنى كبير له. الأثر الحقيقي للعقوبات هو في منع المسؤولين على القائمة من السفر للخارج، لان القرار ينص على هذا. عموما كبار المسؤولين الإيرانيين من المؤسسة العسكرية أو الحرس الثوري أو الجيش لا يسافرون لاوروبا واميركا، عندما يسافرون يكون هذا في المنطقة وفي بلاد تربطها علاقات جيدة مع إيران». غير أن المسؤول الإيراني شدد على أن العقوبات التي تم فرضها على البنوك الإيرانية بدأت تؤدي الى مشاكل اقتصادية داخل إيران، موضحا «صعوبات متزايدة باتت تواجه قدرات البنوك الإيرانية على تقديم ضمانات للاستيراد من الخارج، مما أدى الى ارتفاع تكلفة الاستيراد بشكل كبير، وساهم في المشاكل الاقتصادية التي تواجهها إيران». ووفقا لجرد قامت به «الشرق الأوسط»، فإن أهم الأسماء الجديدة التي وردت في قوائم العقوبات هي: الجنرال جواد درويش واند وهو مسؤول التسهيلات والتجهيزات بوزارة الدفاع والقوات المسلحة الإيرانية، والدكتور محمد اسلامي رئيس الابحاث والصناعات الدفاعية في وزارة الدفاع الإيرانية، والجنرال سيد مهدي فراهي مدير منظمة الصناعات الدفاعية الإيرانية التي خضعت بدورها لعقوبات بموجب قرار مجلس الأمن 2006، والمهندس مجتبى حايري نائب بوزارة الدفاع والقوات المسلحة الإيرانية للصناعات، وأحد المشرفين على الصناعات الجوية الإيرانية ومنظمة الصناعات الدفاعية، والجنرال على حسينتاش رئيس القسم العام بمجلس الأمن القومي الإيراني وأحد واضعي السياسة النووية الإيرانية، ومحمد علي جعفري احد كبار المسؤولين في قوات الباسداران، ومحمود جانتيان نائب رئيس منظمة الطاقة النووية الإيرانية، وابراهيم محمود زاده مدير الصناعات الإلكترونية الإيرانية، والجنرال بيك محمدلو نائب بوزارة الدفاع والقوات المسلحة الإيرانية مسؤول عن الامدادات واللوجيستك. من ناحية ثانية، قال مهدي سفاري نائب وزير الخارجية الايراني في مقابلة نشرت أمس، إن ايران ستسحب أرصدتها من الاتحاد الاوروبي ردا على تشديد العقوبات المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي. ونقلت صحيفة «دي بريس» النمساوية اليومية عن مهدي قوله «سوف نسحب المال ونستثمر في مكان اخر». وأضاف «اذا سحبت أكثر من 100 مليار دولار فهذا بالطبع سيؤدي الى ندرة المال وسيكون له أثره على الاقتصاد العالمي». وقال مهدي للصحيفة النمساوية إن الاوروبيين سيخسرون نتيجة للعقوبات الجديدة. وأضاف «لدينا موارد النفط والغاز التي يريد الجميع شراءها. والان نتعامل في الاغلب مع دول اسيوية». وتابع «في السابق كان شركاؤنا الاساسيون في أوروبا، ألمانيا وايطاليا وفرنسا والنمسا، الان لدينا شركاء اخرون». وكان الاتحاد الاوروبي قد وافق على عقوبات جديدة يوم الاثنين الماضي، تستهدف الشركات والافراد الذين يقول الغرب ان لهم صلة ببرنامج ايران النووي والصاروخي.

وسبق أن فرض مجلس الامن الدولي على ايران ثلاث جولات من العقوبات بسبب برنامجها النووي، الذي يخشى الغرب أن يكون الهدف منه صنع سلاح نووي. وفي وقت سابق من الشهر الجاري قالت مجلة ايرانية شهرية ان ايران سحبت 75 مليار دولار من أوروبا للحيلولة دون تجميدها بسبب العقوبات. لكن وزير الاقتصاد الايراني قلل من شأن هذا التقرير يوم الاحد الماضي.

ومن جهة اخرى، حذر الحرس الثوري الايراني الولايات المتحدة الاميركية من انها ستواجه «مأساة» اذا هاجمت ايران. ونقلت وكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية عن محمد حجازي، وهو من كبار قادة الحرس الثوري قوله أمس «ننصح المسؤولين الاميركيين بتوخي الحذر وعدم مواجهة مأساة اخرى». وتابع «كلمتنا الاخيرة هي انه اذا اردتم التحرك نحو ايران فاحرصوا على احضار عكازات وسيقان صناعية، لانكم اذا جئتم لن تبقى لديكم أرجل تعودون بها». وكان حجازي يشير إلى تقارير أفادت بأن الولايات المتحدة وإسرائيل قد تهاجمان الموقع الايراني النووي الرئيسي في ناتانز بوسط إيران، بالاضافة الى مقابلة جون بولتون مع «ديلى تلغراف» التي توقع فيها عملا عسكريا ضد إيران قبل قيام بوش بمغادرة البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) من العام المقبل.

وقال الجنرال الإيراني «إن إدارة بوش تعيش أيامها الاخيرة وهي ليست في موقع يمكنها من بدء مشروع جديد، ولكن إذا حدث ذلك فإنهم سيواجهون هزيمة ساحقة».

وفي الاسبوع الماضي ذكر تقرير أن اسرائيل أجرت تدريبات على هجوم محتمل ضد المنشآت النووية الايرانية. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين اميركيين قولهم ان اسرائيل أجرت تدريبا عسكريا كبيرا في تجربة، في ما يبدو انه قصف محتمل للمنشآت النووية الايرانية. ويقول كثير من المحللين ان المواقع النووية الايرانية عديدة وبعيدة ومحصنة بدرجة يتعذر على اسرائيل وحدها مهاجمتها.

وقالت دانا بيرينو المتحدثة باسم البيت الابيض ان الرئيس الاميركي جورج بوش يعتقد ان القضية النووية الايرانية يمكن حلها دبلوماسيا.

ولدى سؤالها عما اذا كان مسؤولون اسرائيليون يضغطون على الادارة الاميركية لاتخاذ تحرك عسكري ضد ايران قبل ترك بوش لمنصبه قالت بيرينو «هذا شائعة اسمعها كثيرا جدا من الصحافيين... وما يمكنني ابلاغكم به ان الرئيس بوش يعتقد اننا يمكن ان نحل هذه المسألة دبلوماسيا وان الجميع يفضلون حلها دبلوماسيا.. ليس فقط هنا في الولايات المتحدة لكن مع حلفائنا وبالتأكيد مع اسرائيل». ويأتي ذلك فيما حذر وزير البنى التحتية الاسرائيلي ووزير الدفاع السابق بنيامين بن اليعازر في مقابلة نشرتها صحيفة «كوميرسانت» الروسية امس من انه سيتم القضاء على ايران في حال فكرت بمهاجمة اسرائيل. وقال الوزير، الذي يعتبر احد صقور السياسة الخارجية الاسرائيلية، بمناسبة زيارته الى روسيا، «فلتحاول طهران مهاجمة اسرائيل، وسيتم القضاء على ايران». واضاف «نحن لا نخطط لاي هجوم على ايران» وذلك ردا على سؤال حول المناورات العسكرية الاسرائيلية، التي جرت في مطلع يونيو (حزيران) في المتوسط.

وتابع «لكن لتجنب الكوارث، على العالم ان يتخذ اجراءات ملموسة قبل ان يفوت الآوان»، داعيا الى فرض عقوبات على الشركات، وخصوصا الاوروبية، التي تتعامل مع ايران. واعلن بن اليعازر انه لا يتحدث عن الشركات الروسية التي يتولى بعضها بناء اول محطة نووية ايرانية في بوشهر. وقال «الحوار بين السلطات الروسية والاسرائيلية ممتاز، روسيا تتفهم مشاكلنا وقلقنا». وقد هاجم كبير المفاوضيين النوويين سابقا والرئيس الحالي للبرلمان الإيراني علي لاريجاني الاتحاد الاوروبي لفرضه عقوبات جديدة تستهدف خصوصا بنك ملي الإيراني وقطاع الاعمال والافراد، الذين يقول الغرب ان لهم صلة ببرامج ايران النووية والصاروخية، وكان لافتا ان عقوبات الاتحاد الاوروبي لم تشمل فقط العلماء والفنيين المشاركين في دعم البرنامج، بل ايضا سياسيين من منفذي السياسة النووية لإيران . وقال لاريجاني «اذا اردتم التفاوض مع ايران بشأن الصفقة المقترحة فلماذا تنتهجون طريق المواجهة». وعلى الرغم من الانتقادات الإيرانية الشديدة لتعزيز اوروبا العقوبات عليها، إلا ان خافيير سولانا منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الاوروبي شدد أمس على أن ان القوى الغربية ستواصل العمل على مسارين، هما سياسة العقوبات والدبلوماسية تجاه ايران بشأن انشطتها النووية، رغم تحذيرات ايران التي قد تحدث اثرا عكسيا.

وابلغ سولانا رويترز أمس، أن ايران لم ترد بعد على عرض القوى العالمية الخاص بحوافز اقتصادية معدلة، الذي قدمه لطهران يوم 14 يونيو الجاري لاقناعها بوقف انشطة تخصيب اليورانيوم، لكنه يأمل في تلقي رد في وقت قريب. وقال سولانا بعد القاء كلمة امام مؤتمر الامم المتحدة عن نزع السلاح في جنيف، «آمل ذلك. هذا ما تم ابلاغنا به انهم سيدرسون الامر وسيردون علينا قريبا»، وتابع «وفي هذه الاثناء سنبقي على المسارين... نريد التوصل لحل يتم التفاوض عليه دبلوماسيا».