العراق يعد أطباءه في الخارج بالأمن.. وبإعادة الراغبين خلال 3 أيام

المفتش العام لوزارة الصحة: ثلث أطبائنا لجأوا إلى الخارج.. وإعادتهم من أولويات عملنا الآن

جندي عراقي يقف وسط أسلحة تمت مصادرتها خلال حملة تفتيش في منطقة العبيدي ببغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

اختتم في بغداد أمس مؤتمر خصص لبحث سبل حماية الأطباء في بغداد برعاية مجلس الوزراء. وانتهى المؤتمر، الذي اقيم تحت شعار «حماية الأطباء سلامة للمجتمع ومسؤولية الجميع»، بتوصيات كثيرة تقابلها تعهدات كثيرة من الحكومة للأطباء المقيمين في الخارج، ومن أهمها تأمين الحماية لهم وتسهيل عودتهم. وتعهدت وزارة الصحة باتخاذ تدابير عاجلة لذات الغرض وبناء مجمعات سكنية محمية لهم بالقرب من مراكز عملهم، فيما بادر وزير الصحة الى تشكيل لجنة عمل سريعة مهمتها جلب الأطباء الراغبين بالعودة من أي بقعة في العالم وفي غضون ثلاثة أيام.

الدكتور جميل هزاع المقيم في الإمارات، قال لـ«الشرق الأوسط»، على هامش أعمال المؤتمر «اتخذت قرار الهجرة عندما وصل بي الحال إلى مرحلة إما البقاء والموت أو الهجرة، وهنا حملت نفسي وعائلتي المكونة من زوجتي وولديّ الاثنين، وقررت التوجه إلى الإمارات حتى من دون ترتيب مسبق، وحتى لم أبلغ المستشفى العام الذي كنت اعمل به، ولهذا اعتبرت مستقيلا من عملي وهذا يعني أني فقدت وظيفتي وعودتي أصبحت صعبة جدا ما لم يعيدوني لوظيفتي». وتحدث هزاع عن نسبة الأطباء العراقيين المقيمين في الإمارات، وبين انه لا توجد مؤسسة صحية من دون وجود أطباء عراقيين يعملون فيها. وتفاجأت مستشفيات الإمارات بمستوى الأطباء العراقيين. واضاف ن جميع الأطباء العراقيين في الخارج يؤكدون أنهم بانتظار فرصة العودة، ولا يحتاجون سوى سماع نبأ استقرار الأوضاع الأمنية بشكل كامل، رغم أن مدخولاتهم المادية في الخارج اكبر بكثير مما كانوا يتقاضونه في العراق. واضاف أن الحماية التي نحتاجها ليس حمايتنا في الشارع ولا نطالب بمرافقة شرطي لنا ولا وجود حمايات عند البيت، بل تبدأ وتنتهي بتوعية المجتمع بأهمية الطبيب وما يقدمه من خدمات إنسانية للجميع من دون استثناء. المفتش العام لوزارة الصحة العراقية الدكتور عادل محسن عبد الله قال لـ«الشرق الأوسط»: «تمكنا من إرجاع أكثر من 500 طبيب خلال الأسابيع السابقة، وهو أمر اعتز به». واضاف «هناك توجه للاتصال بالأطباء العراقيين الموجودين في جميع البلدان، والدعوة الموجهة لهم ليست شفهية بل هي عملية.. هذه هي دعوة ورسالة واضحة للأطباء لأن يرجعوا وتعهد بالأمان أولا والتكريم ثانيا». وأشار إلى أن «عدد الأطباء الذين غادروا البلاد منذ سقوط النظام وحتى الآن يصل إلى أكثر من 8000 طبيب، وهي إحصائية موثقة لدينا وتشكل ما نسبته ثلث عدد الأطباء العراقيين، مشيرا إلى أن وزارة الصحة بدأت الآن بخطة أو آلية إرجاع سريعة للأطباء، بحيث أن الأطباء العائدين لا يمرون بمعوقات منها، أن يدخل للعراق ويذهب مباشرة لمكان عمله والبدء بعمله بشكل طبيعي وإلغاء جميع الأوامر الإدارية الصادرة بحقه من تغيب أو استقالة، أو عملية دخوله للعراق تكون من دون أي تعقيدات وتم إلغاء رسوم الجمارك على ما يصطحبه الطبيب معه حتى السيارات الخاصة والأجهزة وغيرها من المشجعات الكثير. وأكد محمد جياد المتحدث الرسمي باسم وزير الصحة، أن «الوزارة شكلت لجنة مهمتها تسهيل عودة الأطباء وجميع الكوادر الطبية في داخل وخارج العراق، وهناك متابعة من قبل مسؤولي الوزارة، والخطة التي تسير عليها اللجنة يمكن وصفها بلجنة الطوارئ السريعة جدا، فبعد الاتصال بالطبيب وبغض النظر عن مكان وجوده في أي بقعة من العالم، والراغب بالعودة يتم ترتيب الأمر لإعادته للعراق خلال مدة يجب ألا تتجاوز الـ3 أيام على ابعد تقدير». وكشف عن عودة أكثر من 500 طبيب حتى الآن وان هناك رغبة لدى المئات منهم بالعودة. الدكتور ناظم عبد الحميد نقيب أطباء العراق والأمين العام المساعد لاتحاد الأطباء العرب، أوضح من جانبه لـ«الشرق الأوسط»، أن «إعادة الأطباء العراقيين مسألة ضرورية جدا، وسبل إعادتهم واضحة، منها النظام الصحي الجيد الذي يضمن حقوق الطبيب وحقوق المواطن، وهذا ما سعت إليه وزارة الصحة، من خلال إقامة المؤتمر الأول للنظام الصحي الجيد، وثانيا هناك توفير الأمن، فإذا لم يكن الأمن موجودا ومتوفرا لدى الجميع من الصعب جدا أن يعود الأطباء، وبقية الأسباب هي اقتصادية واجتماعية ومهنية كلها تتعلق بالنظام الصحي ومجلس الطب العراقي الذي يضمن الشهادات والامتيازات والرواتب وكل هذا، واعتقد أن وزارة الصحة جادة في تأمين هذه المسائل لضمان عودة الأطباء ووقف نزيف الهجرة الطبية للخارج».

وأكد الأمين العام لمجلس الوزراء الدكتور علي العلاق، استعداد الحكومة لتنفيذ التوصيات التي طالب بها الأطباء. من جهته بين وزير الصحة الدكتور صالح مهدي الحسناوي، ان المؤتمر يسعى إلى الارتقاء بمستوى الخدمات الصحية من خلال توفير البيئة الأمنية الملائمة للعمل، مشيرا إلى أن الملاكات الطبية «على الرغم من تعرضها إلى التهديد والاغتيال من قبل قوى الشر، استمرت في تقديم خدماتها للمواطنين، فيما غادر بعضها خارج البلاد نتيجة هذه التهديدات»، مشيرا الى أن العديد منهم بدأ بالعودة بعد التحسن الأمني الذي شهدته البلاد.