النص الحرفي لرسالة أوباما إلى جورج بوش

TT

24 يونيو (حزيران) 2008

* من باراك أوباما ـ إلينوي

* الى الرئيس جورج دبليو بوش ـ البيت الأبيض ـ 1600 شارع بنسلفانيا ـ واشنطن دي سي 20500

* عزيزي السيد الرئيس،

* لقد قمت بإيضاح وجهات نظري حول قضايا الشرق الأوسط في أحد خطاباتي الأخيرة، وأكتب إليكم اليوم لأعيد تأكيد بعض المخاوف والأولويات التي لمحت إليها في ذلك الخطاب. إن أحد المبادئ الرئيسة لسياسة أميركا في الشرق الأوسط، هو التزامنا ـ الذي لا يحيد ـ بأمن إسرائيل. وأعتقد أن ذلك الالتزام يتفق عليه أعضاء كل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وأؤكد لكم انني سوف أعمل على استمرارية ذلك الاتفاق بين الحزبين، في ما يتعلق بهذا الشأن. لكنني أشعر بقلق بالغ حيال تعرض أمن إسرائيل لمخاطر بالغة، ترجع في معظمها إلى أمرين: الأول منهما، هو بزوغ فجر قوى جديدة معادية لإسرائيل، مثل إيران وحزب الله وحماس. والأمر الثاني: هو الخيارات السياسية التي تقوم بها الولايات المتحدة. ولا شك في أن من الخطوات الضرورية للحفاظ على أمن إسرائيل على المدى البعيد، أن يتم التوصل إلى سلام دائم بينها وبين جيرانها من الدول العربية الأخرى. وفيما يتعلق بهذا الشأن مع الفلسطينيين، فإن ذلك يعني التوصل إلى اتفاقية شاملة تقدم حل دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمان، حتى تحقق كل منهما ما تصبو إليه من طموحات. وقد أخذ كل من رئيس الوزراء أولمرت والرئيس عباس، على نفسيهما العهد بتحقيق ذلك الهدف منذ بدأت عملية السلام في أنابوليس، لكنهما يحتاجان إلى دعم حيوي ومستمر من جانب الولايات المتحدة، للمساعدة على تحقيق ذلك الهدف. وخلال مدة بقائكم في منصب الرئاسة، فإنني آمل منكم تذليل كافة العقبات التي تقف في طريق دعم الزعيمين الإسرائيلي والفلسطيني، اللذين بذلا قصارى جهدهما في هذا السبيل. إن عملية السلام تمر في منعطف خطير. فحماس التي تعارض إجراء المباحثات وتعادي إسرائيل وترغب في تدميرها، ما زالت تستلب السلطة في غزة. وخلال فترة استيلائها على السلطة هناك، أطلقت آلاف الصواريخ باتجاه المدنيين في مدينة سديروت وما حولها في جنوب إسرائيل، مما أسفر عن مقتل أكثر من عشرة أشخاص وجرح العديد غيرهم، وتعكير صفو الحياة الهادئ في هذه المناطق. وقد استطاعت حماس ـ التي تدعمها إيران بالمال والسلاح والتدريب ـ تطوير قدراتها الصاروخية بصورة جعلتها قادرة على قصف العديد من المراكز التجارية المزدحمة مثلما حدث في مدينة أشكيلون. وعلى الرغم من بدء اتفاق الهدنة في الأسبوع الماضي ـ ونحن نأمل جميعا في أن يعمل ذلك على عودة الهدوء لجنوب إسرائيل، وتحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين في غزة، وإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شليط ـ إلا أن خطر استيلاء حماس على السلطة في غزة لم ينته بعد، ولن ينتهى ما دامت حماس تتعهد بتدمير إسرائيل. ولمواجهة ذلك الخطر، تستطيع الولايات المتحدة اتخاذ عدد من المواقف الصارمة. وأول هذه المواقف: هو أن نؤكد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الهجمات الصاروخية، وعلى وقوف الولايات المتحدة بجانب إسرائيل في المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة وغيرها. ثانيا: يجب علينا الضغط على مصر من أجل بذل المزيد من الجهد لوقف تهريب السلاح إلى غزة عبر سيناء، حيث يتم تهريب الكثير من السلاح لحماس عبر هذا الطريق. ثالثا: يجب علينا الاستمرار في عزل حماس والتأكد من قيام الدول الأخرى بواجبها في هذا الصدد، حتى تضطر إلى الاعتراف بإسرائيل والتخلي عن العنف والالتزام بالاتفاقيات المبرمة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. كما يجب على الحكومات العربية الأخرى بذل المزيد من الدعم لإنجاح جهود السلام بين الجانبين. ويمكن أن يصاغ هذا الدعم في إطارين. أولهما: أن تقدم هذه الحكومات مساعدات مالية كبيرة للسلطة الفلسطينية لتمكينها من تحسين الظروف الاقتصادية للفلسطينيين. فالمملكة العربية السعودية وغيرها من دول الخليج المنتجة للنفط، لديها القدرة على تقديم المساعدة من خلال تحسين الظروف المعيشية للشعب الفلسطيني، وعلينا أن نحث هذه الدول على فعل ذلك. فالدول العربية تعلن عن قلقها البالغ تجاه معاناة الشعب الفلسطيني، ومع ارتفاع أسعار البترول إلى مستويات غير مسبوقة، وتدفق الأموال على خزائن هذه الدول، فإنه ليس هناك سبب يدعونا إلى عدم مطالبة هذه الدول على الملأ بتقديم المزيد من المساعدات للسلطة الفلسطينية. كما يمكن لهذه الدول كذلك تقديم الدعم السياسي والدبلوماسي للرئيس عباس، خلال محاولته التوصل إلى اتفاق مصالحة فلسطيني. ويتمثل إطار الدعم الثاني في التزام الدول العربية بدعم الفلسطينيين، وتهيئة شعوب هذه الدول نفسها للتطبيع مع إسرائيل، من خلال بعض التلميحات والإشارات إلى ذلك. وإذا كانت الحكومات العربية على استعداد لمد جسور التعاون بينها وبين إسرائيل، وعلى استعداد لقبول إسرائيل دولة شرعية في الشرق الأوسط، فمن شأن ذلك أن يعمل على تهيئة المناخ في المنطقة بأسرها، ودعم عملية السلام على كافة الأصعدة، وإنجاح الجهود الرامية إلى تحقيق السلام الشامل. وأخيرا سيدي الرئيس، فإن الأخبار الواردة باستئناف محادثات السلام بين إسرائيل وسورية، لهي أخبار مشجعة تزيد من إصرار الولايات المتحدة على دعم جهود الجانبين لتحقيق هدف التوصل إلى تسوية نهائية. ولا يفوتني الثناء على تركيا لدورها في ترتيب هذه المحادثات، التي يمكن ان تؤدي، بالإضافة إلى أمور أخرى، على تراجع النفوذ الإيراني، والحد من إمكانية حصول حزب الله على أسلحة متطورة. وأختم خطابي بحثّكم على مضاعفة الجهد لمساعدة الإسرائيليين والفلسطينيين على تحقيق النجاح للجهود المبذولة من أجل التوصل إلى السلام، والوقوف بجانب حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، والضغط على الدول العربية لبذل المزيد من أجل إنجاح عملية السلام، ودعم المحادثات بين إسرائيل وسورية. كل هذه الخطوات سوف تصب في مصلحة الولايات المتحدة وأمن حليفتنا إسرائيل.

* المخلص ـ باراك أوباما ـ سيناتور بالكونغرس الاميركي