نائب رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني: المتحدثون عن دولة كردية يجهلون التوازنات الإقليمية

كوسرت رسول لـ«الشرق الأوسط»: نحن قدمنا المعلومات التي قادت الأميركيين إلى صدام

كوسرت رسول («الشرق الأوسط»)
TT

يعرف كوسرت رسول، نائب رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه الرئيس جلال طالباني، ونائب رئيس اقليم كردستان العراق، بين كوادر حزبه بانه البيشمركة، او رجل الجبل، والعقل المخابراتي للاتحاد، سواء خلال الثورة الكردية او بعدها.

رسول الذي التحق بصفوف البيشمركة من خلال الحزب الديمقراطي الكردستاني عندما كان يتزعمه القائد التاريخي للاكراد ملا مصطفى بارزاني عام 1974 عندما كان في الثانية والعشرين من عمره، ومن ثم انتقل الى صفوف الاتحاد الوطني الكردستاني عام 1975. يقول رسول: «لم اكن افكر عندما التحقت بصفوف الثوار الاكراد باني سأصبح يوما ما رئيسا لحكومة كردستان او نائبا لرئيس اقليم كردستان، لكنني بالتأكيد كنت ادرك ان الثورة سوف تنتصر وان الديكتاتورية في العراق سوف تنهار، وكل هدفي كان هو العمل من اجل قضية شعبنا الكردي». «الشرق الأوسط» التقت رسول في السليمانية وكان لها حوار مطول معه في ما يلي نصه:

* كيف استطعت الانتقال من موقع المقاتل في صفوف البيشمركة الى موقع القيادي في صفوف الحزب والحكومة؟

ـ انا كانت لي خلفية في العمل الاداري حيث كنت موظفا في احدى مؤسسات وزارة التجارة، المؤسسة العامة للحبوب، كان ذلك خلال انتمائي الى صفوف البيشمركة، وقبل ان تكتشف الاجهزة الامنية ذلك وتعتقلني، ومن ثم تطلق سراحي بعد اشهر عندما اقنعتهم ببراءتي، ثم تدرجت في العمل السياسي والقتالي في البيشمركة لاكون قائد قاطع اربيل للبيشمركة، اي القائد العسكري لاربيل، وهذا يعني ادارتي للقاطع اضافة الى قيادتي العسكرية، وفي عام 1990 انتخبت عضوا في برلمان كردستان، ومن ثم رئيسا لحكومة الاقليم عام 1991 وعضوا في المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني، حيث كان لنا برلمان وحكومة موحدة في اربيل قبل ان تحدث مشاكل عام 1996 والتي ادت الى انفصال الحكومة والبرلمان الى حكومة في السليمانية واخرى في اربيل، ولتعود الحكومتان الى التوحد بعد حل المشاكل بيننا وبين الحزب الديمقراطي الكردستاني عام 1998.

* الان ما هو وضع قوات البيشمركة؟

ـ لم تعد هناك قوات بيشمركة، بل هي قوات حرس الاقليم وقائمة حسب الدستور العراقي وتابعة لوزارتي الدفاع والداخلية. وهناك وزارة البيشمركة التي تهتم بشؤونهم وبصرف رواتب تقاعد لهم، ونحن نحاول الحصول على ميزانية لهذه الوزارة من الحكومة الاتحادية ببغداد.

* منصبك نائبا لرئيس الاقليم مسعود بارزاني، هل جاء ضمن محاصصة حزبية؟

ـ لا ، ليست محاصصة ومن البداية ومنذ تأسيس الحكومة الاولى، كان وما يزال هناك اتفاق بين الحزبين الرئيسين، هذا يأتي ضمن ما يسمى بتوازن القوى وحسب استحقاقات انتخابية، وهذا ما حدث في تشكيل الحكومة الاتحادية ببغداد.

* على ذكر الحكومة الاتحادية، هل تعتقدون بأن الحكومة في بغداد استفادت من تجاربكم السياسية في الاقليم؟

ـ لا اعرف عن مدى استفادة الحكومة الاتحادية من تجاربنا السياسية، ونحن عندنا قيادات كردية كبيرة في بغداد وعلى رأسها رئيس الجمهورية جلال طالباني ونائب رئيس الحكومة الدكتور برهم صالح ووزير الخارجية هوشيار زيباري، وغيرهم من القادة الاكراد. لكن الاخطاء التي وقعت بها الحكومة الاتحادية كانت بسبب الادارة الاميركية التي كان عليها ان تسمح للحكومة الانتقالية بالبقاء فترة لا تقل عن اربع سنوات ريثما تستقر الامور، ومن ثم يتم اجراء الانتخابات. ولكن الاميركان حولوا انفسهم من محررين الى محتلين.

* وهل تتدخل الادارة او القوات الاميركية في شؤون اقليم كردستان العراق؟

ـ لا، الادارة او القوات الاميركية لا تتدخل في شؤون الاقليم لا عسكريا ولا اداريا، ونحن منذ عام 1991 مستقلون عمليا ومستقرون وكانت لنا حكومة واحدة وبرلمان واحد.

* كيف تصف تجربة توحيد الحكومة والبرلمان في اقليم كردستان العراق؟

ـ في رأيي استطيع القول بان التجربة مقبولة وان كانت ليست بمستوى الطموح حتى الان، وما زالت هناك 3 وزارات لم يتم دمجها، وهي البيشمركة والداخلية والمالية وسوف تتوحد قريبا جدا.

* وماذا عن اجهزة الاستخبارات التابعة لكل حزب؟

ـ هناك لجان مشتركة لتوحيد واندماج الاجهزة الامنية والاستخبارات. من يدخل مدينة اربيل يرى بوضوح حركة العمران والبناء قائمة، وهناك مشاريع كبيرة، على عكس مدينة السليمانية التي لا نرى فيها مثل هذه الحركة، على الرغم من ان الميزانية المخصصة للسليمانية هي نفسها المخصصة لاربيل.

* ما هو السبب في ذلك باعتقادكم؟

ـ هناك نشاط كبير للقطاع الخاص، كما ان في اربيل نسبة كبيرة من الاغنياء الذين ينجزون مشاريع استثمارية، وهؤلاء اكثر من اغنياء السليمانية، ومع ذلك نحن انجزنا في السليمانية مشاريع ضخمة، منها بناء جامعة السليمانية، ونفق أزمر، ومشروع المياه الثقيلة تحت الارض. اضف الى ذلك ان اربيل عاصمة الاقليم وهي تجتذب المستثمرين.

* وماذا عن الفساد المالي في السليمانية، ما هو حجمه؟ ـ الفساد موجود في كل مكان، وهناك خطة لتطهير اجهزة الدولة من الفساد.

* لكن الشباب الاكراد في السليمانية يشكون من عدم الاهتمام بهم حتى ان غالبية منهم غير قادرين على الزواج والحصول على سكن..

ـ المعروف عن اهالي السليمانية انهم كثيرو الاتهام سواء للحكومة او للحزب، وهذه ظاهرة ديمقراطية صحيحة، لكن الحكومة تمنح قروض الزواج وقروضا لبناء مساكن وقطع اراض سكنية للمواطنين.

* كيف تقيمون تجربتكم الديمقراطية؟

ـ تجربتنا الديمقراطية اكثر نضجا وديمقراطية من تجارب مماثلة في الشرق الاوسط.

* كيف ترون الحل لمسألة كركوك، خاصة بعد تقرير ممثل الأمين العام للامم المتحدة؟ ـ الحل لمسألة كركوك موجود في المادة 140 الدستورية، نحن نلتزم بهذه المادة التي هي جزء من الدستور العراقي، وهو اساس كل القوانين ويجب ان تطبق، واذا لم يتم تطبيقها فلماذا نلتزم ببقية مواد الدستور. كركوك مسألة تاريخية بالنسبة للاكراد. نحن حررنا كركوك عام 2003 ولم نبق فيها لان هدفنا كان هو تحرير العراق وليس فقط كركوك، وشاركنا في تحرير الموصل ايضا.

* ماذا سيكون الحل اذا سدت الطرق امامكم في مسألة كركوك؟

ـ نتمنى ان تعود كركوك حسب القوانين وعندما تسد الطرق سيكون لكل حادث حديث، لكن توجهنا هو التمسك بالمادة 140 الدستورية.

* هل ستلجأون لاستخدام السلاح من اجل استرداد كركوك؟

ـ السلاح هو آخر الخيارات ونتمنى معالجة المشاكل بالحوار والسلاح صار اسلوبا قديما لحل المشاكل، ونتمنى ان نقول وداعا للسلاح.

* الشباب الاكراد يتحدثون علانية عن حق الاكراد في اعلان دولتهم المستقلة، كيف تجدون هذه الطروحات؟

ـ الشباب بحماسهم لا يفكرون بالتوازنات السياسية الاقليمية والدولية، مع ان طموحاتهم بان تكون للاكراد دولتهم هو طموح مشروع، وبالنسبة لهم ان العالم هو كردستان فقط. الحل يجب ان يكون بالحوار. تعداد الاكراد في العالم 50 مليون نسمة، لماذا ليس من حقهم ان تكون لهم دولة، بينما هناك دول تعداد سكانها لا يتجاوز المليون، وارى انه من حق الاكراد ان تكون لهم دولتهم او دولهم، سواء كانت دولتين او ثلاث دول.

* ما مدى صحة الطروحات التي تقول ان الاكراد في العراق سيعلنون دولتهم بعد انضمام كركوك الى خارطة اقليمهم؟

ـ لماذا؟

* بسبب النفط فانتم بحاجة الى قوة اقتصادية؟

ـ نحن لدينا ثروات طبيعية سواء كانت نفطا او غيره من المعادن في اربيل ودهوك والسليمانية، ونحن في انتظار قانون النفط، لاستغلالها لصالح كل العراق وليس لنا فقط. لا نريد كركوك من اجل نفطها، بل لأن هذه المسألة، ومثلما قلت تعد تاريخية بالنسبة للاكراد. كركوك منذ الازل جزء من كردستان والسياسات المعادية لشعبنا عزلتها عنا، ثم جاءت سياسات النظام السابق التي ارادت ان تغير الخارطة السكانية والجغرافية لكركوك وغيرها من المدن الكردية ويجب تصحيح هذه الاخطاء .

* كيف تقيمون علاقاتكم الاقليمية ومع الدول العربية؟

ـ علاقاتنا الاقليمية جيدة، نحن اكراد العراق علاقاتنا تاريخية مع العرب، وعلاقاتنا مع الدول العربية لا بأس بها.

* هناك اشارات واضحة عن وجود مشاكل داخل بنية الاتحاد الوطني الكردستاني، هل هذه المشاكل بسبب الممارسات الديمقراطية في الحزب ام بسبب الصراع على النفوذ؟

ـ كلاهما، مشاكل الاتحاد بسبب ارتفاع سقف الممارسات الديمقراطية في الاتحاد والصراع على مراكز النفوذ.

* هل هناك مخاوف من حصول انشقاق في الحزب؟

ـ كلا، لا نخشى من الانشقاقات في الاتحاد لان تنظيماتنا متماسكة.

* تتقاسمان انتم والدكتور برهم صالح (نائب رئيس الوزراء في الحكومة الاتحادية) موقع نائب الامين العام للاتحاد الوطني الكردستاني، هل هناك تقاسم في الصلاحيات في ما بينكما؟

ـ الدكتور برهم صالح وانا نشكل فريق عمل جيدا مع الامين العام (مام) جلال طالباني ونعمل بصورة جماعية وليس هناك تقاسم صلاحيات بيننا. صالح شخصية اكاديمية ويتمتع بالنشاط، وانا من اقترحته لان يكون نائبا لرئيس الاتحاد، ونحن نعمل مع الأمين العام من اجل العراق ككل واقليم كردستان.

* هل هناك مقترحات لاحداث اصلاحات في الاتحاد؟

ـ نعم، هناك مقترحات اصلاحية كثيرة وستتم مناقشتها في المؤتمر القادم والاصلاحات مهمة للحزب وللدولة وهي بمثابة الدورة الدموية للجسد. انا من الداعين لاشراك اكثر من ثلث القيادة من الشباب، لاسيما ان تنظيماتنا تزدحم بالكوادر الشبابية الجيدة.

* وهل تنظرون الى قضية خروج نشيروان مصطفى، الذي كان يعد الشخص الثاني في الاتحاد كانشقاق؟

ـ نشيروان مصطفى كانت عنده بعض المقترحات وهو انسحب من القيادة وليس من الاتحاد ولم ينشق.

* من يحكم في اقليم كردستان، الاحزاب ام الحكومة؟

ـ بالتأكيد الحكومة والبرلمان، القرارات الحكومية بيد الدولة والحزبية بيد الحزب وهذه القرارات تناقش من قبل الكيانات السياسية قبل طرحها على البرلمان، وبالتأكيد الحكومة هي التي تحكم الاقليم وهناك فصل بين الاحزاب والحكومة.

* انتم ورئيس الاقليم مسعود بارزاني، هل تتقاسمان الصلاحيات؟

ـ رئيس الاقليم مسعود بارزاني له صلاحياته كونه رئيسا للاقليم، ولي صلاحياتي كوني نائبا للرئيس، ودرجة تفاهمنا اكثر من ممتازة ونحن نعمل من اجل خير العراق والاقليم وشعبنا.

* هل يتمسك الاتحاد بحقه في مقاسمة منصب رئاسة الحكومة في الاقليم، خاصة ان نيجيرفان بارزاني، رئيس الحكومة، ينجز مشاريع كبيرة؟

ـ حسب الاتفاق مع الحزب الديمقراطي الكردستاني فان رئاسة الحكومة مناصفة، عامان للديمقراطي وعامان لنا، لكن الرئيس جلال طالباني فضل ان يستمر رئيس الحكومة نيجيرفان بارزاني لعام آخر لاتمام خططه ومشاريعه.

* كثرت الروايات التي تحدثت عن القبض على صدام حسين، ومنها دوركم في هذه العملية، ترى ما هو دوركم الحقيقي في القبض على الرئيس العراقي السابق؟

ـ نحن لدينا تنظيمات في بقية مناطق العراق، ومنها تكريت، كما ان علاقاتي مع العشائر العربية جيدة، وانا كنت اتابع من خلال المعلومات المخابراتية لاجهزتنا حركة صدام حسين، وتمكنا من تحديد هذه الحركة بالضبط وتوصلنا الى معلومات دقيقة عن وجود صدام في مزرعة قضاء الدور، وذلك بعد ان تابعنا حركة حراسه الشخصيين وهم من اقاربه وهم من اعترف وكشف موقع اختباء صدام حسين. نحن بدورنا ابلغنا القوات الاميركية بكل هذه المعلومات الدقيقة، وكون المنطقة التي كان يختبئ بها صدام خارج نطاق مسؤوليتنا تحولت مهمة القبض عليه الى القوات الاميركية التي كان دورها تنفيذ الخطة، بعد ان حصلوا على كل المعلومات منا، ودورنا كان هو الاهم في العملية.

* لكن القوات الاميركية لم تذكر اي دور لكم في العملية، لماذا؟

ـ اسألوهم عن ذلك.