حكومة هنية تتوعد مطلقي الصواريخ ونائب أولمرت يطالب برد.. وباراك يمتدح صيام

برهوم لـ«الشرق الأوسط»: تفاجأنا من الجهاد وفتح.. أبوزهري يتهم أطرافا في رام الله بالعرقلة

وزير الخارجية النرويجي جوناس ستوير يتجول في احد أسواق مدينة الخليل القديمة، وبصحبته رئيس بعثة الرقابة الدولية المؤقتة في الخليل أمس (أ.ف.ب)
TT

في تحد جديد، لاتفاق التهدئة، الذي وقعته حماس في قطاع غزة، اطلق فلسطينيون، امس، قذيفتي هاون، على تجمعات اسرائيلية شمال القطاع، بعد يوم من تحذير شديد اللهجة اطلقته الحكومة المقالة في قطاع غزة متهمة مجموعات من «كتائب الاقصى» بعد اطلاقها صاروخا، تجاه سديروت، «بالارتهان للاحتلال والخروج عن الاجماع الوطني». واتهم الناطق باسم حماس سامي ابوزهري «اطرافا في رام الله» بتحريك هذه المجموعات، لتصفية حسابات مع حماس. واظهرت بيانات وتصريحات متعددة لكتائب الاقصى، تناقضا كبيرا وانقساما في الموقف حول التهدئة، فقالت مجموعات انها ستواصل الرد على اي خرق اسرائيلي، وقالت مجموعات اخرى ان مطلقي الصواريخ لا ينتمون للكتائب ويخدمون الاحتلال. وزاد اطلاق الصواريخ من التوتر في غزة بشأن صمود التهدئة، في وقت استمر فيه تبادل الاتهامات مع الاسرائيليين بشأن خرقها، ونقلت الإذاعة عن مصادر سياسية إسرائيلية في القدس عن اعتقادها بان زوال التهدئة أصبح مسألة وقت ليس إلا.

وتوجه كل من وزيرة الخارجية تسيبي لفني، ونائب رئيس الحكومة حاييم رامون، الى أولمرت وباراك طالبين توجيه ضربة عسكرية الى مطلقي الصواريخ في قطاع غزة. وقال رامون ان الفصائل الفلسطينية ستواصل هذا اللعب مع اسرائيل، «حتى نعتاد على تحمل صاروخين او ثلاثة في كل يوم مع التهدئة». وحذر من أن تستغل «حماس» هذه المدة لتعزيز قوتها العسكرية أكثر وأكثر، بحيث تستطيع إدارة حرب مع اسرائيل، مثلما فعل حزب الله في لبنان. وقد انضم اليهما في هذا الموقف وزير البنى التحتية من حزب العمل، بنيامين بن اليعيزر، الذي طالب بالرد على الصواريخ بقوة شديدة. لكن أوساطا في مكتب رئيس الوزراء، ايهود أولمرت، ووزير الدفاع، ايهود باراك، قد امتدحت تصرف حكومة «حماس» والخطوات التي اتخذها وزير الداخلية سعيد صيام، في غزة إزاء قصف الصواريخ على البلدات الاسرائيلية وخرق اتفاق التهدئة. وقال مصدر كبير مقرب من أولمرت انه يتابع باهتمام الاجراءات التي اتخذتها «حماس»، حيث عقد صيام، اجتماعا طارئا لقادة الفصائل الفلسطينية، وطلب منها الالتزام بالتهدئة. كما أشاد بتصريحات الناطق بلسان حكومة غزة، طاهر النونو، التي نعت فيها خرق التهدئة بأنه «ليس مقاومة، بل مساس بالمصلحة الوطنية». وفي أعقاب ذلك قرر باراك الاستمرار في التهدئة ورفض الأصوات الداعية للرد على إطلاق الصواريخ بعملية اجتياح عسكرية. وأمر قواته بفتح المعبر الذي يتم من خلاله تزويد قطاع غزة بالوقود بشكل مؤقت. وقال إنه سيأمر بفتح بقية المعابر لدخول المواد الغذائية والأدوية ومواد البناء بشكل تدريجي في حالة الالتزام الفلسطيني بالتهدئة. وطالب فوزي برهوم الناطق باسم حماس الفصائل الفلسطينية بالالتزام بالتهدئة، قائلا لـ«الشرق الأوسط» ان «اطلاق الصواريخ مباشرة بدون اجماع وطني، لا يخدم المصلحة العامة ومصلحة الشعب الفلسطيني ويعطي الذرائع للاسرائيليين للتنصل من استحقاقات التهدئة». ولم يخف برهوم تفاجأ حماس من استمرار اطلاق الصواريخ، وقال «تفاجأنا من حركة الجهاد وكتائب الاقصى» واضاف «اعتقد ان حساباتهم اخطأت، ولم يقيموا الامر ضمن المنطق». وبحسب برهوم فان حماس عقدت اتفاق التهدئة لصالح الشعب الفلسطيني وليس لحماية قيادات المقاومة. وبالتوافق الوطني وليس استفرادا بالقرار، ومن اجل المقاومة وليس على حسابها، مؤكدا تمسك حماس باتفاق التهدئة، وداعيا مصر للضغط على اسرائيل من اجل الالتزام بالاتفاق ووقف خروقاتها وفتح المعابر. ويدعو اتفاق التهدئة الذي تم التوصل اليه بوساطة مصرية الى وقف اطلاق صواريخ كما يدعو اسرائيل الى تخفيف حصارها لقطاع غزة تدريجيا وبدء فتح المعابر.

واغضب استمرار اطلاق الصواريخ، حركة حماس على نحو خاص. وحذرت الحكومة المقالة في غزة في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، من «العبث بالمصلحة الوطنية العليا لصالح حسابات فئوية ضيقة تحاول الربط بين الخلاف الفلسطيني الداخلي وبين تحقيق التهدئة ورفع الحصار بشكل يتساوق مع مصلحة الاحتلال». وقالت الحكومة المقالة «انها ستتخذ التدابير اللازمة ضد جهات وصفتهم بالمرتهنين للاحتلال والخارجين عن الصف الوطني». وقال طاهر النونو الناطق باسم الحكومة المقالة «إن من يشذ عن الإجماع فسوف يتحمل مسؤوليته أمام الشعب وأمام القانون». واضاف «الحكومة لن تسمح لمن يطلق عبارات التخوين وصكوك الوطنية وفقا لمزاجه الحزبي التحكم بمصلحة الشعب وخرق الاجماع الوطني حيث ستتخذ التدابير اللازمة لحماية الشعب من أصحاب الرؤى الضيقة المرتهنة بالاحتلال».

وردت كتائب الاقصى باتهامها حماس، باستثنائها من التهدئة، واكد ابوالوليد احد قياديها لـ«الشرق الأوسط» ان الكتائب لم تدع لأي اجتماع ولم تستشر ولم توافق على التهدئة. ورد برهوم بقوله «ان فتح كانت ممثلة بالقاهرة بقائدها العام ورأس الهرم، الرئيس الفلسطيني محمود عباس متسائلا ما اذا كان اطلاق الاقصى للصواريخ يكشف عن انقسام داخل فتح». واضاف «واضح انهم غير متفقين او ان هناك خلافات بشأن التهدئة خرجت الى السطح في غزة». وعزز بيان اصدرته كتائب الاقصى امس، وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة عنه، اقوال برهوم، وقال البيان ان الكتائب «ملتزمة بقرارات السيد الرئيس بالالتزام الكامل بالتهدئة مع العدو الصهيوني. وأنه لا صلة لكتائب شهداء الأقصى بإطلاق الصاروخ على اشديروت وأن من قام بإطلاقه لا ينتمون إلى كتائب شهداء الأقصى وإنما هم فئة مأجورة تسعى لتخريب التهدئة والسلم الوطني». وبحسب البيان «فإن من يطلق الصواريخ الآن في الوقت الذي فيه الشعب الفلسطيني في أمس الحاجة إلى فك الحصار ووقف العدوان بينما لا نراهم في ساحات القتال الحقيقية ويختبئون في بيوتهم هو خارج عن الصف الوطني ولا يتحلى بالمسؤولية الوطنية التي يجب أن يتمسك بها الجميع ولا يخدم في أجنداته سوى الاحتلال الصهيوني». وكان بيان اخر قد صدر ايضا باسم الكتائب تبنى اطلاق صواريخ على اسديروت وطالب بان تشمل التهدئة الضفة الغربية، وهاجم حماس متهما اياها بالخيانة. وتساءل برهوم «من يمثلهم اذا كانوا لا يريدون الالتزام بقرارات الرئيس الفلسطيني».

لكن رد الفعل الاقوى صدر من سامي ابوزهري المتحدث باسم حماس، متهما «اطرافا في رام الله» بتوجيه كتائب شهداء الاقصى في غزة. وبرغم اللغة الصعبة التي استخدمتها حماس ضد الاقصى، اذ قال ابوزهري ان «تجاوزات كتائب الاقصى للاجماع الوطني تمثل محاولة لا تخدم الا الاحتلال»، الا ان برهوم اكد ان حماس بصدد لقاء كتائب الاقصى، والتباحث معهم بشأن التهدئة.