«إيجابيات» في مقاربات الأطراف توحي بولادة قريبة للحكومة الجديدة

سليمان متمسك بالتوافق.. لكن المشكلة ليست عنده

رئيس الوزراء المكلف السنيورة يلتقي النائب جورج عدوان في السراي الحكومي امس (دالاتي ونهرا)
TT

لم يرتق التفاؤل الذي ساد الساحة اللبنانية الى مستوى الامل في تأليف قريب جداً للحكومة الجديدة. ورغم اجماع المعنيين بملف التشكيلة الحكومية على وجود ايجابيات، فإن اياً منهم يرفض الجزم بموعد محدد لاعلان التشكيلة بعد مرور شهر على تكليف الرئيس فؤاد السنيورة تأليف حكومة الوحدة الوطنية اللبنانية.

ورفض السفير محمد شطح مستشار رئيس الحكومة فؤاد السنيورة تحديد مهلة لاعلان التشكيلة الحكومية، معتبراً ان الكلام عن «48 ساعة» غير دقيق لأن من يحدد موعداً مماثلاً يمكن ان ينجزها في 12 ساعة او اقل. وقال شطح الذي يتولى الاتصالات مع رئيس تكتل الاصلاح والتغيير النائب ميشال عون لـ«الشرق الاوسط» ان «الكلام مستمر وجدي وايجابي»، لكنه رفض بشدة الخوض في تفاصيل العقبات التي تحول دون انجاز الحكومة.

وقد زار المسؤول عن العلاقات السياسية في التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي كان شارك أول من امس في اجتماع شطح وعون، السراي أمس. وفيما علم ان شطح حمل صيغة قضت باسناد منصب نائب رئيس الحكومة ووزير دولة للواء عصام ابو جمرا وحقيبة الشؤون الاجتماعية لباسيل، على ان تسند حقيبة الاقتصاد الى وزير ماروني يسميه عون والاتصالات للوزير السابق الان طابوريان والزراعة للنائب الياس سكاف، تردد ان عون الذي استمهل الرد حتى أمس رد على الطرح بطرح مقابل قدمه الى السنيورة يقضي باعطائه وزارات الاتصالات والاشغال والشؤون الاجتماعية والشباب والرياضة، اضافة الى منصب نائب رئيس الحكومة. وأعقب زيارة باسيل للسراي لقاء للرئيس المكلف مع نائب رئيس القوات اللبنانية النائب جورج عدوان، الذي اشار الى الدخول في المرحلة النهائية لتشكيل الحكومة.

وواصل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لليوم الثالث على التوالي مشاوراته حول السبل الآيلة لتذليل العقد الحكومية من اجل ولادة حكومة العهد الاول، وكانت هذه الاتصالات والمشاورات قد استمرت حتى ساعة متقدمة من الليلة الماضية، بهدف تذليل العقبات التي تعترض اعلان التشكيلة الحكومية.

وقالت مصادر القصر الجمهوري ان سليمان «متمسك بموقفه بضرورة تأليف حكومة تكون مدخلاً للمصالحة الوطنية وليست سبباً لخلاف اللبنانيين، كما انه متمسك بموقفه المتعلق بضرورة التوصل الى اتفاق على تشكيل الحكومة، ولذلك فانه يساهم بكل ما يمكن ان يساعد على تنفيذ هذا الامر، وانه في الوقت عينه يؤيد بشكل كبير كل ما يؤدي الى اتفاق القيادات السياسية على ولادة الحكومة الجديدة بأسرع وقت ممكن».

وتشير اجواء القصر الجمهوري الى «ان الساعات الاربع والعشرين المقبلة ستكون حاسمة لجهة الاتفاق على التشكيلة الحكومية واعلانها من قصر بعبدا بعد نضوجها بين مختلف الاطراف وتكريس التوافق في شأنها بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف».

وأوضحت المصادر «ان الكثير من الصيغ الحكومية جرى تداولها في الساعات القليلة الماضية، وان الرئيس سليمان كان مشاركاً في المشاورات والمحادثات، مشدداً على اهمية التوصل الى اتفاق في شأن التشكيلة الحكومية وعلى عدم تردده في ممارسة اي دور او تأثير في التوصل الى اتفاق بين القيادات السياسية ودعمه اياه من دون تحفظ». ورفضت المصادر الدخول في تفاصيل الصيغ المتداولة لكنها قالت: «ان المشكلة ليست لدى رئيس الجمهورية».

وتوقع عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النائب نبيل نقولا، ولادة قريبة للحكومة لان الفريق الاخر قبل بمبدأ المشاركة بعد ان كان يعمد سابقا الى احراج العماد عون لاخراجه، وقال: «اليوم اعتقد ان الامر تغير وهناك شبه قبول بالمشاركة والامور بدأت تتجه نحو الحل ونأمل انه خلال 48 او 72 ساعة تنعكس هذه الاجواء التفاؤلية على تأليف الحكومة». وفيما أمل وزير السياحة جو سركيس في «تأليف حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة في أقرب وقت بعد التغلب على الصعاب المحيطة بتشكيلها»، دعا عضو «التكتل الطرابلسي» النائب محمد كبارة الى الاسراع في تشكيل الحكومة «لان الاوضاع باتت خطيرة على كل المستويات السياسية والامنية والاجتماعية والمعيشية». ورأى «ان المسؤولية الوطنية تتطلب من بعض الفرقاء التوقف عن هذه المكابرة والعنجهية اللتين لا تقيمان وزنا ولا حسابا لا للوطن ولا للشعب، فالوطن والناس هم منا ومنهم جميعا».

ورأى عضو كتلة «المستقبل» النائب مصطفى علوش ان «حل العقدة العونية صعب جدا، فكلما تحل عقدة نواجه عقدة عونية جديدة». واوضح ان الاقتراحات التي قدمها الرئيس فؤاد السنيورة الى الرئيس ميشال سليمان تتركز حول ايجاد مخارج لتأليف الحكومة، ومن ضمنها السلة التي تعطي نيابة رئاسة الوزراء لاحد اركان تكتل التغيير والاصلاح، او وزارة العدل، معربا عن اعتقاده ان عون لن يتجاوب مع هذه الطروحات، واذا تجاوب فان عقدا جديدة سوف تظهر.

وعن تسلم عون وزارة العدل، اكد علوش الا خوف على المحكمة الدولية من ناحية الامم المتحدة، ولفت الى ان المشكلة تكمن في حال حصول سوء تعاون من قبل السلطات اللبنانية ممثلة بوزارة العدل مع الامم المتحدة، عندئذ سيتحمل لبنان تبعات هذا الموضوع، خصوصا ان المحكمة موجودة تحت الفصل السابع في ميثاق الامم المتحدة، واضاف: «من هذا المنطلق اذا حاول العماد عون تحت تأثير حزب الله او تحت تأثير الحلف الجديد القديم مع النظام السوري سوف يفتضح امره، وسوف يتم كشفه بشكل كامل امام الرأي العام وامام المجتمع الدولي».

وفي المقابل، قال عضو كتلة نواب «حزب الله» امين شري ان هناك «خطوات جدية لكيفية ايجاد حلول لتشكيل هذه الحكومة»، املا في ان «تترجم هذه الخطوات الايجابية من ناحية عملية في تشكيل الوزارة». وردا على سؤال عن عرض وزارة العدل على عون على ان تكون وزارة الاتصالات للاغلبية قال شري: «بالنسبة لنا ككتلة الوفاء للمقاومة من خلال الاستشارات النيابية مع الرئيس المكلف، طلبنا ان تكون وزارة الاتصالات لهذه الكتلة. هناك خيارات متعددة موجودة عند الرئيس المكلف وهناك في الوقت نفسه دور كبير لفخامة الرئيس في كيفية ايجاد حلول لكل هذه الخيارات لنصل الى حكومة في القريب العاجل، يجب ان يكون هناك اسراع في تشكيل الحكومة لكي يكون هناك ارتياح عند الشعب اللبناني كما ارتاح الشعب اللبناني بعد اتفاق الدوحة (...)، وحتى «يُترك الانطباع بان هناك فعلا استقرارا سياسيا في البلد ينعكس بشكل ايجابي على كل التفاصيل ان من الناحية الاجتماعية او الاقتصادية او الامنية».