القمة الأفريقية تبدأ أعمالها غداً بشرم الشيخ بمشاركة 44 رئيسا يناقشون أزمات القارة السمراء

الاتحاد الأفريقي يرفض عرضا ليبيا باستضافة قممه في يوليو اعتبارا من عام 2010 ويمنحها لأوغندا

قوات أوغندية من حفظ السلام الأفريقية تجوب شوارع مقديشو (رويتز)
TT

على وقع أزمات القارة السمراء من دارفور إلى العلاقة المتأزمة بين تشاد والسودان، والتوتر الحاد بين اريتريا وجيبوتي، إلى أزمة الانتخابات في زيمبابوي، مروراً بأزمات المياه والغذاء والصرف الصحي، والطاقة، تبدأ القمة الأفريقية الحادية عشرة، أعمالها غداً (الاثنين)، بمنتجع شرم الشيخ المصري على البحر الأحمر، بمشاركة 44 رئيس دولة وحكومة ونائب رئيس دولة، بينما يرأس وفود باقي الدول وزراء الخارجية أو كبار المسؤولين، إضافة إلى ما يزيد على 150 مراقبا يمثلون دولا ومنظمات وهيئات دولية، وهي المشاركة الأكثر من نوعها في تاريخ القمم الأفريقية.

ويواصل اليوم (الأحد)، وزراء الخارجية الأفارقة اجتماعاتهم التحضيرية للقمة، وحتى عصر أمس انتهى الوزراء من مناقشة 9 بنود من أصل 20 بنداً مطروحة على جدول أعمال اجتماعهم. وقال السفير حسام زكي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية في مؤتمر صحافي عقده أمس «أن الوزراء الأفارقة ناقشوا حتى الآن (عصر أمس)، تسعة بنود من بين عشرين بنداً، مطروحة على جدول أعمال اجتماعاتهم».

وفيما يتعلق بالوضع بين السودان وتشاد ودور مصر.. قال «إن السودان وتشاد بلدان شقيقان وجاران يرتبط شعبيهما بصلات عميقة وهناك بعض الخلافات والتوترات نأمل أن تنتهي».

وعما إذا كان مطروحا أن يتدخل الرئيس مبارك في هذا الموضوع، قال زكي «إن هذا أمر لا أستطيع أن أجزم به، ولكن الرئيسين (البشير وديبي) شقيقان وبينهما لقاءات طويلة، وعلاقات قديمة.. نأمل أن يتواجدا في القمة وأن تكون هذه المدينة (شرم الشيخ)، فاتحة خير وتمهيد لمرحلة جديدة تخف فيها هذه التوترات القائمة».

وحول تعيين مبعوث مشترك لدارفور.. قال المتحدث المصري «شيء جيد أن يكون المبعوث الأفريقي.. مبعوثا للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة ونأمل أن يستطيع هذا المبعوث تحقيق ما لم يتحقق في الوساطات الماضية»، وتابع قائلا «إن مصر ستدعم أي شخص يقوم بالوساطة باسم الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، سواء في الاتصالات مع الحكومة أو الإخوة في دارفور أو في الاتصالات البينية». ووصف زكي قضية دارفور بأنها «مهمة لمصر»، مشيراً إلى «الوجود المصري الكبير الكثيف الذي تشارك به في عملية حفظ السلام للأمم المتحدة هناك». وبالنسبة للأزمة بين إريتريا وجيبوتي وكيفية مناقشتها، أشار زكي إلى «أن هذا الموضوع تمت مناقشته في إطار نقاش حول التقرير الخاص بالسلم والأمن في أفريقيا.. حيث أوضح وزيرا خارجية البلدين موقف بلديهما، وتبادل الوزراء وجهات النظر حول الموضوع بشكل حضاري».

وحول الموقف من الوضع في زيمبابوي ...قال زكي «إن المجلس استمع مساء أمس إلى إفادة من وزيرة خارجية جنوب أفريقيا أوضحت فيها أن منظمة «السادك» اجتمعت ونظرت في الموضوع وقالت للمجلس التنفيذي الخلاصة التي اعتبرت أن منظمة السادك توصلت إليها في هذا الشأن.. والموضوع سيظل مطروحا على القمة الأفريقية وسنرى إذا ما كان الزعماء سوف يرغبون في نقاشه أم أنهم سيفضلون تجنبه.

وعما إذا كانت هناك ضغوط غربية على مصر لمنع استضافة رئيس زيمبابوي موجابي في القمة الأفريقية، قال زكي «إن أحدا لم يطلب من رئيس زيمبابوي أن لا يحضر إلى مصر .. وليس هناك شيء من هذا القبيل وقد أبلغنا وفد زيمبابوي بأن الرئيس موجابي سيحضر للقمة على رأس وفد بلاده». وأضاف «أن مصر دولة مضيفة وتربطها بزيمبابوي علاقة طيبة، وبالتالي لا يوجد ما يمنع أبدا من أن يكون رئيس زيمبابوي هو رئيس وفد بلاده»، مؤكدا «أن هذا الأمر محسوم».

وبالنسبة لموضوع الحد من ارتفاع أسعار السلع الغذائية.. قال زكي «إن هذا مشروع مقترح من المفوضية الأفريقية وهناك تقرير مطروح في هذا الشأن»، مضيفا «أنه تم الاتفاق على دمج الأفكار المصرية في هذا الموضوع، مع الأفكار الموجودة لدى المفوضية».

وقال «إننا نأمل أن نصل لموقف أفريقي مشترك على الأقل في ملامحه الرئيسية يمكن بعد ذلك للقارة الأفريقية أن تتبناه أمام المحافل الدولية».

ومن ناحية أخرى.. أشار زكي إلى تخصيص القمة لموضوع مثل هدف الألفية الخاص بالمياه والصرف الصحي في ضوء وجود عجز كبير في القارة الأفريقية بشكل عام، موضحاً «أن هناك مقترحات تتبلور الآن لكيفية رفع كفاءة الدول الأفريقية وخاصة الدول التي تعاني من البنية الأساسية في هذين المجالين»، وأضاف معلقاً «أن موضوع المياه متشابك للغاية في عناصره وأحد الأوجه يتعلق بترشيد المياه وترشيد الفاقد من المياه وكذلك كيفية التعاون لزيادة الموارد المائية خاصة بين الدول التي تشترك في مياه نهر واحد وهو موضوع مهم يتطلب تعاون الدول لأننا في مصر كما تعرفون بها نهر النيل ولذا فإن الموضوع يعنينا بشكل رئيسي»، وتابع قائلا «يوجد توجه لأن يكون هناك تدريب بمصر، للكوادر الأفريقية العاملة في مجال المياه»، وأضاف «لدينا خبرات كبيرة وعميقة وتاريخية في هذا الموضوع».

من جهة اخرى رفضت لجنة الممثلين الدائمين التابعة للاتحاد الأفريقي في توصية عرضت أمس على المجلس التنفيذي لوزراء الخارجية طلب ليبيا باستضافة كل قمم الاتحاد الأفريقي التي تعقد في شهر يوليو( تموز) اعتبارا من 2010، وأيدت في المقابل ترشيح أوغندا لاستضافة قمة الاتحاد الأفريقي ليوليو من نفس العام. وقالت مصادر دبلوماسية ليبية وافريقية لـ«الشرق الأوسط» إن الطلب الليبي لم يحظ بموافقة اللجنة، لأنه لا ينسجم مع مبدأ تدوير قمم الاتحاد الأفريقي بين دوله الأعضاء، مشيرة إلى أن ليبيا كانت قد عرضت استضافة كل قمم يوليو بهدف ضمان السير المنسجم للاتحاد الأفريقي نظرا للصعوبات التي تواجهها بعض الدول الأعضاء لتجسيد التزاماتها بتنظيم دورات يوليو. وأكد تقرير لجنة الممثلين الدائمين أن أوغندا عرضت استضافة قمة يوليو 2010 «حرصا على احترام طرح الاتحاد الأفريقي كقارة تقودها الشعوب لا الحكومات» مما يستلزم ضرورة «ضمان دوران عقد القمم عبر مختلف الدول».

إلى ذلك، تم اختيار وزير خارجية بوركينا فاسو جبريل باسولي مبعوثا خاصا مشتركا للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في السودان مكلفا الإشراف على البحث عن حلول عسكرية وسياسية للأزمة في دارفور.

وسيخلف باسولى المبعوث الخاص للاتحاد الأفريقي سالم أحمد سالم والمبعوث الخاص للأمم المتحدة يان إلياسون اللذان كانا قد أشرفا على البحث عن حلول عسكرية وسياسية في الإقليم الذي تمزقه الحرب في غرب السودان.

وقال جون بينج رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي الذي كان يتحدث على هامش اجتماع المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي الذي يضم وزراء الخارجية من الدول الـ53 الأعضاء، إن باسولي سيعمل علي أساس دائم مكرسا كل وقته لحل الأزمة.

يشار إلى أن باسولي الذي عمل في السابق ضابطا في الجيش في بوركينا فاسو لفترة طويلة انضم للحكومة في 1999 نائبا للوزير المكلف الأمن، قبل أن يتم تعيينه في وقت لاحق وزيرا للأمن وهو المنصب الذي شغله على مدى سبع سنوات.

وتقول مصادر الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة إن تعيين باسولى ليعمل على أساس دائم معظم الوقت اقتضته الأزمة السياسية المتنامية في دارفور ومن ضمنها الهجمات الأخيرة على أم درمان مطلع شهر مايو (ايار) الماضي. وكان بينج قد قام مؤخرا بمهمة في العاصمة السودانية الخرطوم سعى خلالها لإقناع الرئيس السوداني عمر البشير بتفادي شن هجمات انتقامية ردا على الهجوم الأخير على أم درمان.

وأكد بينج مجددا «أن تعيين الوسيط المشترك سيمهد الطريق لمفاوضات سياسية وفقا لاتفاقية أبوجا للسلام».

من جهة أخرى، أعلن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي أن أفريقيا ستنعش شراكتها مع الدول العربية في محاولة لتحسين الاندماج السياسي الذي سيعزز الحلول العاجلة للأزمات التي تواجه السودان والصومال.

وسيبحث القادة الأفارقة الذين سيجتمعون اليوم في منتجع شرم الشيخ على ساحل البحر الأحمر عددا من القضايا كالحصول على المياه والصراعات ورفاهية الأطفال الأفارقة ومباحثات حول سبل إحياء التعاون السياسي بين أفريقيا والعرب.

وتتصدر جدول أعمال قمة قادة دول ورؤساء حكومات الاتحاد الأفريقي في شرم الشيخ، بندا يناقش امكانية تشكيل مجلس مشترك للسلام والأمن بين أفريقيا والعالم العربي.

وقال بينج «إننا نحتاج لتنشيط العلاقات العربية الأفريقية لأن عدد سكان الدول العربية الأفريقية تشكل نسبة 70 في المائة من مجموع سكان العالم العربي»، لافتا إلى أن «الدول الأفريقية ستصبح قوية عبر تشكيل مجلس السلام والأمن ويمكننا بذلك تهدئة الأوضاع في مناطق الصراعات».

وأكد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي أن «المجلس المشترك للسلام والأمن سيساعدنا أيضا في تهدئة الأوضاع في إقليم القرن الأفريقي».

وكانت المحادثات لإنعاش العلاقات العربية الأفريقية قد شهدت في شهر يناير (كانون الثاني) من العام الحالي، توصل الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي في اجتماعهما المشترك إلى اتفاق على تسهيل عقد القمة العربية الأفريقية الثانية.

وأكد بينج أن عقد القمة سيدعم التنمية الاقتصادية في أفريقيا وسيساعد في جذب استثمارات جديدة في القارة الأفريقية، مضيفا «أن العلاقات بين هذين الإقليمين هي علاقات اقتصادية ويجب علينا تشجيع العالم العربي للاستثمار في أفريقيا ولهذا السبب نخطط للاجتماع لإعادة تنشيط علاقاتنا».

وبعدما لاحظ أن إحياء العلاقات الأفريقية ـ العربية سيكون له فوائد اقتصادية علي أفريقيا نظرا لتنامي الازدهار الاقتصادي في العالم العربي الذي يظل مهما لانتعاش الاقتصاد الأفريقي، على حد تعبيره، أوضح أن المحادثات مع الجامعة العربية تركز حاليا على تشكيل مجالس مشتركة للسلام والأمن ستستفيد منها أفريقيا. وقال «لدينا مشاكل في السودان والصومال، وهما أعضاء في الجامعة العربية وإننا نعتقد أن المجلس المشترك للسلام والأمن في أقاليمنا سيساعد في إيجاد حل سياسي للمشاكل في هذين البلدين».