ارتفاع أسعار الوقود يدعم قضية عربة الدراجة في جنوب آسيا

حظرت نيودلهي العام الماضي سيرها في الشوارع لتسببها في احتقان المرور

نيودلهي تحظر سير هذه العربات في أقدم أسواق العاصمة وأكثرها ازدحاما والشوارع الرئيسية فيها (إ.ب.أ)
TT

كانت الدراجات التي تجر عربة ذات عجلتين وتسير في شوارع نيودلهي الضيقة تثير استياء السلطات في المدينة لتسببها في احتقان المرور المزدحم بالفعل. تزحف هذه العربات مصدرة صوت الصرير إلى جوار السيارات الفارهة، والباعة الجائلين، والعربات التي تجرها خيول، والحافلات الضخمة، والأبقار. في هذه المدينة والعواصم الأخرى المتحولة إلى الحداثة بسرعة في جنوب آسيا، وصفت الحكومات هذه العربات بالرموز المحرجة المتأخرة للعالم الثالث. ولكن الآن، في الوقت الذي وصل فيه سعر غالون الوقود إلى سبعة دولارات في نيودلهي، وتتزايد المخاوف حول التلوث، يقاوم نشطاء المحافظة على البيئة وخبراء المواصلات منتقدي هذه العربات. وينتهز سائقو العربات التي تجرها دراجات هذه الفرصة للإعلان عن مميزاتها.

«إن هذه العربة هي كل حياتي. وأجرتها زهيدة جدا للركاب»، هذا ما قاله ساوراب غانغولي، وهو سائق يبلغ من العمر 27 عاما يرتدي قميصا متسخا. وكان يراقب بفخر نقطة ازدحام مروري يطلق فيها حوالي 50 سائق عربة أصوات التنبيه، بالضغط على النفير، وهم يسيرون في خط متعرج بين الحافلات القديمة التي تخرج عادما أسودا. وأضاف غانغولي: «وهذه العربات لا تلوث الهواء أيضا. لذا ينبغي أن يسمح لنا بالاستمرار».

تظل فكرة بقاء العربات التي تجرها دراجات غير واضحة المعالم. ففي العام الماضي حظرت نيودلهي سير هذه العربات في الحي القديم المحاط بسور والمعروف باسم جاندي جوك، وهو أحد أقدم أسواق العاصمة وأكثرها ازدحاما، بالإضافة إلى الشوارع الرئيسية. وبينما لم يطبق الحظر بصرامة، يقول سائقو العربات إنهم أحيانا يدفعون رشاوى للاستمرار في عملهم. وقد تحدت منظمة دولية لا تستهدف الربح، وهي مبادرة سياسة المواصلات والتنمية، الحظر أمام المحكمة العليا في الهند هذا الشهر، حيث ذكرت المنظمة أن الظروف الاقتصادية والبيئية جعلت هذه العربات ضرورية أكثر من ذي قبل. «يجب أن نحافظ على سائقي العربات التي تجرها دراجات. ولننظر إلى اشتعال أسعار الوقود»، هذا ما قاله نالين شينها، مدير برامج المنظمة في مكتب نيودلهي. «هذه الدراجات بديل رائع. فيمكنها توفير خيار زهيد الأجر وخال من العوادم». ويكمل شينها: «ولكن للأسف عندما يتحدث العالم عن البيئة، نحن في جنوب آسيا نتحدث عن «التنمية». فنحن نظن بعض الشيء أننا نكون أفضل إذا كان لدينا أعداد كبيرة من السيارات الفارهة». والجدير بالذكر أن هناك زيادة في أعداد راكبي العربات في بعض المدن جنوب آسيا حيث يريد الركاب توفير تكاليف المواصلات. ويقول شينها إن المنظمة تدرس هذه القضية.

كما يطالب مركز نيودلهي للعلوم والبيئة المحكمة برفع الحظر عن الدراجات في جاندي جوك. وأشارت المنظمة إلى أن زيادة التلوث في المدينة، وزيادة أعداد الأطفال المصابين بالربو، ملقين باللوم على أعداد السيارات المتزايدة. ويتسبب الانتعاش الاقتصادي في الهند في نزول حوالي 1000 سيارة إضافية في شوارع العاصمة يوميا.

«ينبغي علينا أن نحدد حارات مرورية لعربات الدراجات لعدة أسباب. فلنواجه الأمر، إن أسعار الوقود في زيادة دائما، ونحن هنا لدينا البديل أمامنا»، هذا ما قاله فيفيك جاتوبادايايا، باحث في التلوث في المركز. «وإذا استمر الحظر، فسوف نندم على ذلك مع أجيال المستقبل».

ويذكر بعض النشطاء في الهند أن هناك أعدادا متزايدة من عربات الدراجات تستخدم في شوارع مدن مثل لندن وباريس ونيويورك وواشنطن، وأحيانا في أحياء ذات احتقان وكثافة مرورية عالية. وقد رحبت الحكومات المحلية بالعربات كحلول بديلة صديقة للبيئة.

وهناك حوالي 600 ألف عربة بدراجة في نيودلهي لخدمة حوالي 4 ملايين راكب. وتتراوح المسافات التي تقطعها هذه العربات من ميل إلى ستة أميال. وتبلغ أجرة العربات، المزينة بالزهور ورسومات لصغار نجوم بوليوود ونجوم الكريكت، أقل من 50 سنتا في الرحلة الواحدة. بعد ظهيرة أحد الأيام أثناء هبوب الرياح الموسمية، قالت طالبتان جامعيتان كانتا تتسوقان إنهما يتخذان العربة ذات الدراجة كبديل لسيارات الأجرة والسيارات التي تسير بالغاز غالية الثمن.

وتفضل السيدات الهنديات والأطفال ركوب العربات التي تجرها دراجات أكثر من الرجال، لأنهم يرون أن هذه العربات آمنة مقارنة بالحافلات المزدحمة وسائقي الأجرة مجهولي الهوية. وتقول شويتا غويال، 19 عاما، وهي تدرس الأدب الإنجليزي، في طريقها لركوب العربة: «نحب الركوب في خصوصية وهدوء ونستمتع بالنسيم».

«ويعجبني أن أجرة الركوب لا تتأثر بارتفاع أسعار الوقود. فبالنسبة لي، إنها وسيلة رائعة لكي أذهب إلى التسوق كامرأة».

وفي دكا، عاصمة بنغلاديش، المختنقة مروريا، حيث كانت هناك مظاهرات بسبب ارتفاع أسعار الأرز والوقود، يقول سائق عربة الدراجة شامسول هاق إن العمل تحسن كما لم يكن من قبل. ويقول هاق، 25 عاما، وهو أب لطفلين انتقل من منطقة ريفية للحصول على وظيفة كسائق عربة تجرها دراجة: «لقد تحول الأمر فجأة. كما يعرف الركاب أن أجورنا زهيدة وأننا ودودون». ولكن يحمل بعض مسؤولي الحكومة وجهة نظر مختلفة.

«تنتشر العربات التي تجرها دراجات في المدينة القديمة المحاطة بالسور جاندي جوك، ولكن من الممكن أن تؤدي إلى المزيد من الاحتقان المروري»، هذا ما قاله باوان خيرا، سكرتير رئيس حكومة ولاية نيودلهي. ويضيف: «الأمر ليس سهلا بالنسبة لهذه العربات، حيث أن هناك أنواعا عديدة من السيارات في الطرق».

*خدمة ـ «واشنطن بوست»