البحرين: حملة ضد «المواقع الطائفية» وجدل حول التدخل في قضايا النشر

رئيس اللجنة التشريعية في البرلمان يؤكد تراجع الحريات.. ومصدر مسؤول يرد: «إنها تروج للطائفية»

TT

فيما تشن السلطات البحرينية، بقيادة جهاز الأمن الوطني (الاستخبارات)، حملة ضد المواقع الالكترونية الطائفية، بدأ جدل آخر حول تدخلات هذا الجهات في قضايا النشر. وأجرى مسؤولون أمنيون أمس، تحقيقات مع 3 من أعضاء الجهاز الإعلامي لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية، كبرى الجمعيات البحرينية المعارضة، التي وصفت هذه التحقيقات بأنها «تحرك مشبوه يتصل بالخلية السرية التي تفتعل الأزمات السياسية، وتستميت في مناهضة التحرك الإصلاحي لجلالة الملك».

وكان جهاز الأمن الوطني البحريني، قد أعلن أنه بدأ قبل باستدعاء عدد من القائمين على المواقع الالكترونية، التي تم إغلاقها بسبب نشرها «ما يسيء إلى الوحدة الوطنية والترويج للطائفية في المجتمع». وأقدمت وزارة الإعلام على إغلاق ثلاثة مواقع إلكترونية، قالت إنها «خالفت القوانين المعمول بها في مجال النشر والصحافة، متناولة الشأن الطائفي، بما يساهم في تأزيم الواقع الاجتماعي في البحرين». والثلاثة مواقع التي تم إغلاقها هي «منتديات مملكة البحرين»، و«أوال» و«شمس البحرين المشرقة». وقال مصدر مسؤول في الجهاز أمس، إن عملية استدعاء القائمين على المواقع الالكترونية، التي تم إغلاقها مؤخرا وتلك التي تسيء إلى الوحدة الوطنية، وتقوم بالترويج للطائفية في المجتمع ما زالت مستمرة، «وذلك بغرض التنبيه إلى خطورة تداعيات ما تبثه هذه المواقع من أخبار ومعلومات كاذبة ومغرضة ومثيرة من شأنها اضطراب الأمن العام، وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة وأمن المملكة». وأوضح المصدر أن جهاز الأمن الوطني من منطلق حرصه على تعزيز روح الوحدة الوطنية «التي تشكل صمام أمان المملكة، فقد قام باستدعاء القائمين على تلك المواقع بالتنسيق مع اللجنة الوزارية، التي شكلها مجلس الوزراء، وذلك طبقا للتوجيهات عاهل البلاد بأهمية التقيد بمبادئ الشفافية والتفاعل والحوار مع المواطنين، فضلا عن حماية الديمقراطية والحريات الأساسية وفقا للدستور والقانون، منوها بأن «الجميع أبدوا تفهما عاليا لأسباب الاستدعاء وأهمية درء أية مظاهر، يمكن أن تمس أمن واستقرار البلاد».

غير أن رئيس اللجنة التشريعية والقانونية نائب رئيس كتلة الوفاق البرلمانية النائب خليل المرزوق، اعتبر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن ما يحدث من تدخلات من جهاز الأمن الوطني في قضايا النشر «هو تراجع للحريات في البحرين». وقال المرزوق إن جهاز الأمن الوطني استدعى ثلاثة من أعضاء جمعية الوفاق للتحقيق منذ الثامنة من صباح أمس «ولا نعرف عنهم شيئا». وأضاف «نحن الآن نقف على باب جهاز الأمن الوطني، طالبين حضور أي مسؤول أو موظف، لكن للأسف تم تجاهل نواب الشعب لأكثر من أربع ساعات».

ويقول المرزوق إنه حتى لو تم التسليم بأن هناك تحقيقا بشأن المواقع الالكترونية «فما الذي يحول هذه القضايا من وزارة الإعلام الى جهاز الأمن الوطني؟»، وأضاف «أخشى أن ننتقل من دولة قانون إلى دولة مخابرات، بينما جلالة الملك (حمد بن عيسى آل خليفة) يدعو إلى صحافة مستنيرة، وبنية صحافية تدعم حرية الصحافة، ويرفض سجن الصحافي، تنتقل قضايا النشر إلى جهاز الأمن الوطني».

وتأتي تداعيات أزمة المواقع الالكترونية في أعقاب القرار الذي صدر عن مجلس الوزراء بتشكيل لجنة برئاسة وزارة الداخلية، تضم في عضويتها ممثلين عن وزارة العدل والشؤون الإسلامية ووزارة الإعلام، وكل من تراه مناسباً من الجهات ذات الاختصاص لـ«مراقبة التقيد والالتزام بألا يسمح بالتجاوزات، سواء من المنابر أو الصحف أو المواقع الالكترونية، حيال القيم والثوابت الوطنية، وخصوصاً فيما يتعلق بالملك وولي العهد والوحدة الوطنية، وموضوع الطائفية وعروبة البحرين».

وكان لافتا أن جهاز الأمن الوطني، لم يكن ضمن اللجنة التي كلفتها الحكومة البحرينية، لمتابعة تجاوزات المواقع الالكترونية، إلا أنه فرض نفسه سريعا خلال اليومين الماضيين، بالتحقيق مع مسؤولي تلك المواقع.

وقالت جمعية الوفاق أمس، إن جهاز الأمن الوطني البحريني يحتجز ثلاثة من إعلاميي الجمعية بعدما استدعتهم بشكل عاجل، واتهمت الجهاز الأمني بأنه جابه مسؤولي الجمعية، وعلى رأسهم نائب الأمين العام الشيخ حسين الديهي، وثلاثة نواب هم النائب خليل المرزوق والنائب جلال فيروز والنائب عبد الحسين متغوي «الذين وقفوا أمام بوابة مبنى المخابرات، بصف عدد كبير من قوات الأمن والسيارات الأمنية بشكل استفزازي مهين، رغم ان الغرض الرئيس من ذلك، كان الاستفسار عن ظروف الاحتجاز والاطمئنان عليهم».

والإعلاميون الثلاثة الذين يتم التحقيق معهم من قبل جهاز الأمن الوطني، هم السيد طاهر الموسوي ومحمد نعمان وعادل العالي، ويعملون في نشرة «الوفاق» الأسبوعية. وعبرت «الوفاق» عن قلقها الشديد «من أن اللجنة الحكومية التي شكلت مؤخرا تحت عنوان «مناهضة الطائفية» تقوم في الوقت الحالي بتصفية الحسابات مع الخصوم السياسيين للحكومة والمحسوبين عليها، وذلك من خلال اعتقال كوادر المعارضة تحت هذه الذريعة الهشة، التي ستقضي بذلك على حرية التعبير والرأي في البحرين.

وتساءلت «الوفاق»، قائلة: «ما علاقة جهاز الامن الوطني بمتابعة ما يثار حول الأطروحات الطائفية، والتي يتوقع ان تكون السبب وراء هذا الاستدعاء، حيث ان القرار الوزاري بتشكيل اللجنة الحكومية المعنية، بذلك لم يتضمن هذا الجهاز، فاللجنة مشكلة من وزارة الداخلية ووزارة الإعلام ووزارة العدل والشؤون الاسلامية فقط؟».