البرلمان الكندي يستضيف ندوة عن الهوية الكونية للإسلام

بمشاركة باحثين ومفكرين بارزين وسياسيين

TT

على مدى يومين، استضاف البرلمان الكندي في العاصمة اوتاوا ندوة نظمها معهد (المركز الدولي لاختراع الحكم) عن الهوية الكونية في العالم الإسلامي. وهي أول ندوة تحظى باهتمام البرلمان الكندي تخصص بالكامل عن العالم الإسلامي وتسعى الى مد الجسور لفهم الثقافة والتراث الإسلامي بعيدا عن الصورة التي تشكلت عن الإسلام منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) الإرهابية التي استهدفت نيويورك وواشنطن. ويعترف الساسة وبعض المفكرين الكنديين والمشتغلين في المجال الاكاديمي وفي حقل الدراسات الدولية بانحسار التسامح، الذي تميزت به كندا لسنوات عديدة، بحكم التنوع القومي والإثني والديني لهذا العالم الجديد. ويوضح بول هاينكر سفير كندا السابق لدى الأمم المتحدة من المركز الدولي لاختراع الحكومات «سي جي» قائلا: «انه اول مؤتمر يعقد في كندا حول العالم الإسلامي وقد سبقت هذا المؤتمر ندوة نظمها المعهد في سبتمبر الماضي عن الصراع العربي الإسرائيلي في اسطنبول، شارك فيها ممثلون من مصر والأردن ومن دول أخرى». ويضيف السفير هاينكر لـ «الشرق الأوسط» «ان الندوة ركزت على الحوار عن الأقلية الإسلامية في المجتمعات مقابل الأكثرية في مجتمعات أخرى وركزت ايضا على المجتمعات الإسلامية وثقافتها وتاريخها في الإطار العام التاريخي والسياسي». ويؤكد ان كندا هي المكان المناسب لعقد مثل هذه المؤتمرات نظرا للنسيج الاجتماعي المتنوع ونظرا للتعددية الثقافية التي تتميز بها كندا. ويستطرد: «ان العصر يشهد الآن بعض التغييرات منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر وقد اصبحت الولايات المتحدة مصدر قوة مسيطرة، وما نسعى إليه هو وضع خطط لتعزيز استقلالية وسائل الحكم لدول العالم قبل أن تدمرنا جميعا القوة الوحيدة في العالم». ويبين بول ديوار، عضو مجلس العموم في البرلمان الكندي والعضو في لجنة العلاقات الخارجية في المجلس، التغييرات التي أصابت السياسة الخارجية الكندية في السنوات الأخيرة. وقال لـ«الشرق الأوسط» «صحيح ان سياستنا الخارجية مستقلة عن السياسة الخارجية الأميركية ولكن لم يعد الحال كما كان عليه في السنوات الأخيرة». ويتابع «هناك تغييرات من الناحية السياسية وهناك انتقال من التعددية التي ميزت السياسة الكندية الى الفردية في اتخاذ القرارات، وصحيح اننا لم نشارك في حرب العراق لكن كندا قد بعثت قواتها الى افغانستان».

ويكشف السناتور بول ديوار عن فشل كندا الآن في الحصول على الدعم المناسب للحصول على مقعد في مجلس الأمن خلال السنتين القادمتين ويقول «لقد فشلنا في الحصول على الدعم المطلوب للعضوية غير الدائمة في مجلس الأمن لأن عددا من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لا تريد تلك الاستقلالية التي ميزت السياسة الكندية الخارجية خلال عقود». ويضيف «هذا الأمر مصدر صدمة لعدد كبير من الكنديين»، وقد سبق لكندا دخول مجلس الأمن لمرات عديدة. وقد سعت الندوة الى تسليط الضوء في بعض الجوانب على الحركات الأصولية والمتطرفة والإرهاب في المجتمعات الإسلامية، وفي الوقت نفسه أرادت ان تنأى بالقدر الممكن عن النظرة الميكانيكية التي ميزت بعض مفكرين وسياسيي الغرب في فهم العلاقة بين الإسلام والغرب. شارك في هذه الندوة باحثون وخبراء واكاديميون وسياسيون سابقون من العالم الإسلامي ومن كندا وأميركا ومن أوروبا وآسيا وكندا، إضافة الى ممثلين من الحكومة الكندية ومن بعض المنظمات غير الحكومية والمدنية. وركزت محاور الندوة على التراث الثقافي الإسلامي في الإطار الكوني المعاصر وكان المحور الثاني حول الحداثة والديمقراطية والمسلمين باتجاه المساهمة في الثقافة المدنية. وكان المحور الثالث حول التحديات والفرص للمواطنة القومية والكونية للعالم الإسلامي. وكان المحور الأخير حول كندا والعالم الإسلامي ومحاولة تعزيز العلاقات وبناء السلام العالمي. وتغيب عن الحضور الدكتور سيراج الدين مدير مكتبة الاسكندرية وسعد ابراهيم مدير مركز ابن خلدون للدراسات الاجتماعية.

ويرى ممثل الجامعة العربية السابق في العراق والباحث في المركز الدولي لاختراع الحكومات السفير مختار لاماني «ان الندوة بحد ذاتها ليست هدفا وانما هي بداية للاستكشاف ولمشاريع أخرى». وعلى ضوء هذه النظرة شكل المشاركون فيها لجنة للمتابعة والاستكشاف تضم في عضويتها الأخضر الإبراهيمي والبروفسور روجيه اورسن من جامعة هارفارد ومحمد أركون والهندي سليمان حيدر والسفير بول هاينيكر ومختار لماني. ويعتبر معهد المركز الدولي للاختراع «سي جي» الحكومات أكبر مؤسسة مستقلة في كندا، وهو مركز بحوث مختص بالشؤون الخارجية ويشابه الى حد ما المجلس الأميركي للعلاقات الخارجية، وقد صدر عن المعهد عدد من الدراسات عن الشرق الأوسط والعلاقات الدولية وفي شؤون السياسات الخارجية. ويتخذ المعهد مقرا له في مدينة واترلو بمقاطعة اونتاريو الكندية.