تأليف الحكومة اللبنانية يتعثر: عون عاد إلى «الحقيبة السيادية» والأكثرية تنتظر «حل المعارضة مشاكلها الداخلية»

باسيل لـ «الشرق الأوسط» قدمنا تنازلا... وهم يريدون اثنين

TT

عادت أزمة تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة خطوة الى الوراء أمس بعد سقوط محاولة جدية للتأليف جرت أحداثها في الايام الثلاثة الماضية، نتيجة خلاف جديد على توزيع الحقائب بين فريق الاكثرية البرلمانية ورئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون الذي يصر على حقيبة الاشغال العامة اضافة الى وزارة الاتصالات التي تضمنها عرض الاكثرية الاخير.

وقال مسؤول الاتصالات السياسية في تيار عون جبران باسيل لـ «الشرق الاوسط» أمس، ان عون قدم تنازلا وحيدا بقبوله بوزارة الاتصالات بدلا من وزارة سيادية، لكن الاكثرية تطالبه بتنازلين الاول عن الحقيبة السيادية والثاني عن الحقيبة الخدماتية. وردا على سحب الاكثرية عرضها المتضمن وزارة الاتصالات أعلن باسيل ان عون سحب عرضه بدوره وعاد الى المطالبة بحقيبة سيادية واخرى خدماتية لدخول الحكومة.

وفي المقابل اتهمت مصادر في فريق «14اذار» عون بالتراجع مجددا. وتوقع مصدر في الاكثرية لـ «الشرق الاوسط» أمس ان تمر بضعة ايام من «الركود» في الملف الحكومي بانتظار «قيام المعارضة بحل مشاكلها الداخلية»، مطالبا إياها بالوصول الى موقف موحد والقدوم به لمفاوضة الاكثرية في الملف الحكومي. وفي موقف لافت، أسف الرئيس السابق للحكومة عمر كرامي المعارض لكون المعركة تجرى على الحقائب بعدما تأمنت المشاركة من خلال الثلث الضامن، ساخرا من «بدعة» الوزارات السيادية، ومشددا على «ان صوت كل وزير له قيمته في الحكومة وكل الوزارات سيادية بما فيها وزارة الدولة». وقال إنه لو كان مكان الرئيس فؤاد السنيورة لما أخذ هذا الوقت لتأليف الحكومة، وأشار الى أنه «نصح الرئيس السنيورة بأن يؤلف الحكومة ويضع الناس أمام الأمر الواقع لأنه من المستحيل إرضاء كل الناس والمهم ان تكون حكومة عادلة».

وعن رأيه في اسلوب رفع السقف في الحقائب، الذي يعتمده العماد ميشال عون، علق كرامي بالقول: «لو كنت مكان السنيورة، لا سمح الله، كنا إتفقنا مع المعارضة على حصتها من الوزارات، ثم أترك لهم مسؤولية الاتفاق في ما بينهم على التوزيع». وسئل عن رأيه في تصنيف الرئيس السنيورة بأنه مشروع حرب فقال: «لا والله، ليس مشروع حرب لكنهم قبلوا به اذاً فقد سقطت هذه المقولة».

وعن رفضه تعديل صلاحيات رئيس الحكومة، أكد كرامي انه «لا يعارض شرط ان تفتح كل الأمور في مؤتمر وطني شامل».

وأكد عضو كتلة نواب «حزب الله» حسن فضل الله، ان الحزب وفي لحلفائه ولالتزاماته بشأن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وذلك لجهة السعي لتحصيل حق حلفائنا بان يكونوا ممثلين حسب حجمهم»، وقال: «وهذا ما سعينا له وما استطعنا ان نقطع خطوات كثيرة من اجل الوصول إليه، إذ في الوقت الذي كان فريق الموالاة يثير خطابا تحريضيا ضد «حزب الله» ويوتر الوضع الأمني كنا نبحث عن مخارج لمعالجة الأزمة السياسية لأننا مسؤولون عن بلدنا ومعنيون بحل أزمة تشكيل الحكومة، فحكومة الوحدة هي المدخل الأساسي لاستعادة الحياة السياسية ومعالجة الأزمات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية». وأضاف: «لقد قدمنا تسهيلات كثيرة من اجل تشكيل الحكومة لإراحة الناس كما فعلنا في اتفاق الدوحة الذي لم نبحث فيه عما يفيدنا بقدر ما كنا نريد قانون انتخاب يسمح بأوسع تمثيل، وقد وفينا في هذا القانون مع حلفائنا ومع شركائنا على تمثيل للطوائف بأفضل ما يكون، وهذا ما سعينا له على صعيد تشكيل الحكومة حيث دخلنا في مرحلة المناخ الايجابي، وقد كنا على مستوى الثقة مع حلفائنا وأثبتنا مصداقيتنا بأننا نقف مع من وقف معنا ومع من يتحالف معنا فلم نذهب إلى الحكومة وحدنا واعتبرنا اننا قدمنا لحلفائنا ما نعتبره حقا».

وأكد الوزير المستقيل محمد فنيش (حزب الله) «انه ليس باستطاعة احد ان يلغي الاتفاق الذي حصل في الدوحة والعودة بالبلاد الى ما قبل السابع من مايو (ايار)، ولا اظن انه باستطاعة احد ان يتحمل مسؤولية تعطيل الحل اذا اراد ان يدخل البلد في فراغ ويعيد انتاج الازمة». ولفت الى «انه عندما تنتهي الحكومة من التشكيل سيكون هناك اسراع ولن يستغرق الامر وقتاً لاقرار الدوائر واقرار قانون الانتخاب».

واتهم وزير الشباب والرياضة احمد فتفت المعارضة بالعرقلة، مشيراً الى انه «ومنذ اللحظة الأولى بعد العودة من اتفاق الدوحة، برز لدى المعارضة التي يقودها «حزب الله»، توجه لعرقلة الاتفاق الذي بدأ بشكل أمني في بيروت، ثم انتقل إلى البقاع ومن ثم إلى الشمال بأشكال مختلفة»، آسفا «لسلوك النائب ميشال عون الذي قرر أن يلعب دور المواجهة الأولى باسم حزب الله في موضوع عرقلة الحكومة». واعتبر «أن هناك أسبابا داخلية لكسر التسوية حول الحكومة وإزاحة الأجواء الإيجابية عنها وبالتالي عرقلتها، أبرزها النائب ميشال عون الذي يريد أن يوحي وكأنه عوض خسارته للرئاسة بمواقع وزارية، فهو يريد أن يحصن نفسه للانتخابات المقبلة، ولكن للأسف هو ينفذ السياسة الإيرانية وربما السورية في لبنان».

ورأى «أن ما يجري اليوم من عرقلة هو تنفيذ لرغبات إقليمية إيرانية وسورية، أمنيا وسياسيا، ينفذها العماد عون وهذا مؤسف جدا لأن المحرك الأساسي لهذا الموضوع هو «حزب الله» وليس العماد عون الذي قرر أن يأخذ توجهاته منه».

ورأى عضو «كتلة القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا انه كان للعماد عون مشروع واحد هو الوصول الى السلطة، وقد استعمل هذا الطموح من قبل مشروع استراتيجي هو مشروع ولاية الفقيه لدى «حزب الله»، وبكل بساطة قدم عون ما يكفي من الأغطية القانونية لهذا المشروع من دون أن يفكر بالخطر الاستراتيجي الذي يشكله على لبنان وعلى المسيحيين من تقدم هذا المشروع وتجذره وتمسكه بأهدافه». وقال: «إننا نعرف جميعا أنه خلال محادثات الدوحة كان مشروع العماد عون الوحيد هو حكومة انتقالية وإجراء انتخابات نيابية متوهما أنه قادر وسط حالة الذعر الموجودة عند بعض الناس من سلاح حزب الله ومشاريعه ومفاضلته المعروفة على اللبنانيين بين تسليمه السلطة أو يعتدى على أمنهم، توهم عون أنه سيكون هناك غالبية تسمح في انتخابات العام 2009 بوصوله الى سدة الرئاسة ويقضي الله أمرا كان مفعولاً».