وزير خارجية البحرين: ليكن لإيران دور في المنطقة.. لكن ضمن تفاهم إقليمي

الشيخ خالد بن أحمد لـ«الشرق الأوسط»: أستغرب الاستغراب من تعيين سفيرة يهودية.. وهناك فرق بين التطبيع والاتصالات

الشيخ خالد بن أحمد
TT

أكد الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، أن التجانس والتفاهم الكبير بين السياسة الخارجية السعودية ونظيرتها البحرينية ليس قرارا تم اتخاذه بأن يكون القرار البحريني هو نفس القرار السعودي، لكن الأمر أصبح طبيعيا مع مرور السنين، فالبلدان لديهما رؤية مشتركة في كافة القضايا، وعلاقتهما تتطور في نفس الاتجاه. الشيخ خالد بن أحمد، الذي تسلم دفة الخارجية بعد عميد الدبلوماسية البحرينية الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، قال في حواره مع «الشرق الأوسط» من المنامة، أستغرب من الاستغراب في تعيين سفيرة يهودية أعتبرها بحرينية «ابا عن جد»، مضيفا أنه لن يستغرب إذا تم تعيين سفير من الديانة الهندوسية طالما كان بحرينيا. وقال إن هناك من البحرينيين من لا يفهم الفرق بين التطبيع والاتصال مع اسرائيل، مطالبا بضرورة فتح الباب أمام وسائل الإعلام الاسرائيلية للتواصل مع المسؤولين العرب.

* البحرين تعين سفيرة يهودية في الولايات المتحدة.. عنوان استحوذ على الكثير من الاهتمام على المستوى الإقليمي والدولي.. لماذا يهودية بالذات؟

ـ أولا هذه ليست المرة الأولى أن يحصل أحد من أهل البحرين غير مسلم أو يهودي تحديدا على منصب مهم، سبق أن كانت هدى نونو نفسها وأخوها عضوين في مجلس الشورى، كما كان جدها أيضا عضوا في المجلس البلدي في العشرينات، ووالدها رئيسا لشركة السينما البحرينية. هؤلاء أشخاص بحرينيون ومن أهل البحرين، الناس نظرت لها باعتبار أنها المرة الأولى التي تعين البحرين سفيرة يهودية، واستغراب الناس بالتأكيد له علاقة بالخلاف العربي الإسرائيلي، ونتيجة تراكمات تاريخية أيضا، لكن هناك دولة مثل المغرب لديها حاليا وزير يهودي، فنحن نظرنا لها من أجل الإثبات للعالم أن البحرين، وأهل الخليج عموما، مسالمون، ولسنا في حالة عداء مع أحد، ونحن أيضا متسامحون ومبدأ التعايش لدينا متأصل، وهذا أكبر إثبات أننا لا ننظر للناس بحسب خلفياتهم الدينية أو العرقية، إنما معيارنا الكفاءة ولا غيرها، ويجب أن نتذكر جيدا أننا لم نأخذها لأنها يهودية فحسب، ولكنها أثبتت كفاءتها في العديد من المراحل التي عملت فيها، وساهمت بقوة في تعزيز اسم البحرين.

* هل هذا يعني أن البحرين على استعداد لإيصال سفراء ومسؤولين من ديانات أخرى غير المسلمين؟

ـ وما المانع في ذلك؟ نحن كما ذكرت لك نتعامل مع أبناء البحرين باعتبارهم مواطنين بحرينيين، بغض النظر عن أصولهم أو ديانتهم، بل إني أقول لك لا تستبعد أن ترى سفيرا بحرينيا ذا ديانة هندوسية، فلدينا مواطنون ديانتهم هندوسية، فهل نستبعدهم إذا كانوا أكفاء؟ مجتمعات العالم تختلط وتتآلف في ما بينها، ونحن في البحرين لا نختلف عن بقية العالم، وهؤلاء أناس، أبا عن جد، من أهل البحرين، نريد أن نثبت، داخليا وخارجيا، أن البحرينيين سواسية ولا فروقات بينهم.

* وماذا عن الفعاليات المحلية التي وجهت انتقادات عنيفة لهذا التعيين؟

ـ أنا شخصيا لم أسمع أي انتقادات، ولم تصدر أي جمعية بيانا أو اعتراضا، لكن هناك بعض المقالات كتبت في الصحف البحرينية، وأعتقد أن هذا من حقهم أن يطرحوا رأيهم ووجهة نظرهم، لكني أعود وأؤكد لا تهضموا حق أي مواطن بحريني كامل الحقوق في أن يصل لأي وظيفة كانت.

* بمناسبة الحديث عن الولايات المتحدة.. كيف تصف علاقتكم مع واشنطن، في الوقت الذي نرى أحيانا غضبا شعبيا ضد أميركا، يتمثل في مواقف البرلمان والجمعيات السياسية وخروج مظاهرات، كيف توفقون بين علاقتكم القوية والرفض الشعبي للسياسة الأميركية؟

ـ علاقتنا مع الولايات المتحدة بنيت على علاقة طويلة مضت عليها عقود إن لم يكن أكثر من قرن، سواء كانت هذه العلاقات على مستوى شعبي أو رسمي أو عسكري، وهذه العلاقة المتميزة لا يضرها خروج مظاهرات غاضبة، هذه المظاهرات تراها في لندن أقرب الحلفاء للولايات المتحدة، بل إنك تراها حتى في واشنطن أمام البيت الأبيض، فمسألة أن الشعب البحريني يخرج للتعبير عن رأيه، فطالما هذا يتم من خلال سياسة انتهجتها الولايات المتحدة هنا أو هناك، فهذا حقه الأصيل الذي لا ينازعه فيه أحد، لكننا ما زلنا نرى أن علاقتنا مع الولايات المتحدة تسهم في الاستقرار، ولا أبالغ إذا قلت أن علاقة البحرين بالولايات المتحدة، كانت، وما زالت، من أسس استقرار المنطقة بكاملها، ونرى أن هذه العلاقة يجب أن تستمر لمصلحة الجميع وليس ضد أحد، فهذه الأساطيل التي تأتي وتتوقف وتتزود بالوقود من الأسطول الخامس، تأتي منذ عقود ولم توجه ضد أحد نتيجة ظروف معينة أو موقف معين، فنحن نتمنى من كل دول المنطقة أن تشارك في حفظ أمن المنطقة والتمارين المشتركة. ونحن نعتبر أنفسنا شركاء الولايات المتحدة، فنحن ننتقدهم ونطلب منهم وبصراحة، وهم يستمعون إلينا كثيرا، كما أننا أيضا نسمع منهم.

* لكن اتفاقية التجارة الحرة مرت عليها سنوات ولم يتم تفعيلها بالشكل المطلوب، بل إن التطلعات البحرينية كانت أكبر بكثير مما هي عليه الاتفاقية حاليا؟

ـ بصراحة أرى أن الجانب الأميركي بذل جهدا غير عادي من أجل تعزيز هذه الاتفاقية، إن كان من جهة الحكومة الأميركية أو من ناحية غرفة التجارة البحرينية الأميركية أو مجلس الأعمال البحريني الاميركي، والعلاقات التجارية بين البلدين تنمو بشكل ممتاز بفضل الاتفاقية نفسها.

* هذا يعني أنكم راضون عن نتائج الاتفاقية؟

ـ نعم، نحن راضون كل الرضا.

* لننتقل للشأن الداخلي.. ما يزال بعض النواب في البرلمان أو الجمعيات السياسية مستمرين في الهجوم عليكم بسبب ما يصفونه بمحاولات التطبيع مع اسرائيل.. ما ردكم؟

ـ نحن موقفنا واضح فليس هناك أي تطبيع وقلناها ألف مرة ليس هناك تطبيع بين البحرين واسرائيل، قبل أن يكون هناك اتفاق سلام كامل يرضى عنه الفلسطينيون ويرعاه العرب، بحسب المبادرة العربية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لكن ما لا أستطيع فهمه أن الناس لا تفرق بين الاتصال والتطبيع، فالاتصال شيء لابلاغ رسالة أو موقف لتقول لهم اللهم أني بلغت فأشهد، أما التطبيع فهو أن تفتح بابك على مصراعيه وتقول لهم تفضلوا، أنا لم أقل لأحد (اسرائيل) تفضلوا، ولن أقول لهم تفضلوا ولن نفتح لهم سفارة ولن نفتح لهم مكتبا ولن يكون هناك أي نوع من التطبيع إطلاقا، ولن نزور ولن يزوروا، إلا إذا تمت عملية السلام بكاملها، أما أني أقوم بدوري وأتصل كدولة عربية مناط بها من القمة العربية، فهل هذا يعتبر تطبيعا؟

* أيضا انتقدتم لاتصالكم بوسائل إعلام إسرائيلية؟

ـ أيضا هذه مشكلة أخرى، فهناك من لا يفرق بين الاتصال الرسمي والاتصال بوسيلة إعلام إسرائيلية، من يخاطب الصحيفة الإسرائيلية أليس المواطن الإسرائيلي؟ ومبادرة السلام العربية ألم تقدم للمواطن الإسرائيلي لا يمكن أن نترك وسائل الإعلام الاسرائيلية تلتقي بمسؤولين من مصر والأردن فقط، بينما بقية الدول العربية غائبة عن هذا الدور، وأنا أقول إنه يجب على الصحافي الإسرائيلي أن يصل للمسؤول العربي، حتى نتمكن من إيصال رسالتنا للمواطن هناك. هذا أبدا ليس تطبيعا، إنه موقف ويجب أن تدافع عنه وتصل برسالتك إلى المستهدف منها.

* علاقتكم المتميزة مع الولايات المتحدة ألم تسع واشنطن من خلالها إلى فرض نوع من التطبيع مع تل أبيب؟

ـ بالعكس الولايات المتحدة تتفهم موقفنا وأولوياتنا، وليست لدينا لعبة سياسية، فسياستنا واضحة ومباشرة ليس فيها لف أو دوران، بالتأكيد الولايات المتحدة تدعي للسلام، لكنهم أيضا يعرفون ويسمعون مواقفنا الواضحة من العلاقات مع اسرائيل.

* لكن هل طلبوا منكم مباشرة التطبيع مع اسرائيل؟

ـ أبدا لم نسمع منهم هذا على الإطلاق.

* على المستوى الخليجي الشعوب تنتظر منكم، وأعني كحكومات، الكثير، لكن تبقى التطلعات مرتفعة، بينما النتائج لاتزال تراوح مكانها.. ما تعليقك؟

ـ أنا وزير خارجية منذ ثلاث سنوات، وأستطيع أن أقول لك إن السرعة التي يتم فيها الانجاز الخليجي أقل من المطلوب بكثير، بل إنها بطيئة. وأنا هنا ألوم في المقام الأول دول الخليج نفسها، الأمانة العامة تبذل جهدا كبيرا، إلا أن التأخير يأتي من الدول الخليجية، ماذا يريد المواطن الخليجي؟ يريد أن يعيش في فضاء أكبر من فضاء دولته الخليجية، ألم نعد المواطن الخليجي بهذا التكامل المنشود قبل ثمانية وعشرين عاما؟ لكننا مازلنا نرى حدودا تفصل بين دول الخليج ومازلنا نلحظ أن الانتقال لا يتم بالسهولة المطلوبة، فأنا أريد أن أنتقل من الرفاع (جنوب المنامة) إلى الخبر (شرق السعودية)، كما أنتقل من الرفاع إلى المحرق، كذلك يريد ابن الخبر والرياض ودبي وكافة المدن الخليجية.

* في هذا الشأن أيضا المواطن الخليجي يرى أن بعض المواقف لدول مجلس التعاون لا تكون متسقة في القضايا التي تمس مصيرهم، لماذا هذا التباين في المواقف الخليجية.. في بعض القضايا؟

ـ أستطيع القول إن هذا يتم بسبب غياب نظرة إستراتيجية واضحة متفق عليها للنظر إلى الأمور التي تتعلق بالمنطقة، إن كانت أمورا سياسية أو أمورا أمنية، لأن عدم وجود هذه الاستراتيجية الموحدة، وأكرر الموحدة، التي نبتغي الالتزام بها، فبالتأكيد سينتج عن غيابها عدم تنسيق في بعض المواقف أو القضايا، بل إن هناك أمورا تتعلق باستقرار المنطقة، لسنا متفاهمين عليها بالشكل المطلوب. فمثلا دول مجلس التعاون عقدت اجتماعا ثلاثيا في الرياض العام الماضي، شاركت به الخارجية والدفاع والأمن لتحديد مكامن الخطر، من يصدق إلى الآن لم نحدد هدف الاجتماع، أي أننا لن نتوصل إلى مكامن الخطر الذي يتهددنا، قد نلتزم في الاجتماعات بالكلام، لكن بعد الاجتماعات هناك حديث آخر.

* ولماذا نرى تجانسا وتفاهما كبيرا بين السياسة الخارجية السعودية ونظيرتها البحرينية؟ هناك من يرى أن مثل هذا التجانس هو ما يجب أن يشمل جميع المواقف الخليجية ـ الخليجية؟

ـ هذا صحيح، أما السبب فلأننا، البحرين والسعودية، بنينا علاقتنا على أساس قوي، عندما تبنى العلاقات على مثل هذا الأساس، بالتأكيد ستجني مثل هذا التفاهم المشترك، فما يجمع البلدين تاريخ طويل، فالملك عبدالعزيز، رحمه الله، أسس المملكة العربية السعودية، وأسس معها علاقة متميزة ووثيقة مع البحرين، فما يجمعنا معا هو علاقة استراتيجية ومصالح ودم وأمن مشترك ووشائج قربى، ولا توجد كلمة تجمع علاقة مميزة بين بلدين ارتبطت مصالحهما معا، إلا تجدها في العلاقات السعودية ـ البحرينية.

* هناك من يقول إن البحرين تتخذ نفس المواقف السعودية؟

ـ ما أقوله هنا إنه عندما ترى العلاقة متسقة فهو ليس قرار ااتخذناه بأن يكون قرارنا هو نفس قرار الشقيقة الكبرى السعودية، لكن أصبح الأمر طبيعيا مع مرور السنين، فالبلدان لديهما رؤية مشتركة في كافة القضايا، وعلاقتهما تتطور في نفس الاتجاه.

* تتحدث وكأن الصورة وردية وليس هناك أي مشاكل أو اختلافات بينكم وبين السعودية؟

ـ أن تصل علاقتنا إلى التميز الذي تحدثت عنه، لا يعني أنه لا توجد بعض الاختلافات في الرأي، وما تقوله أمر غير معقول ألا يكون هناك بعض من المشاكل، لكن هذا لا يمكن أن يؤثر على العلاقة المتينة بين البلدين، وكما ذكرت هي أمور طبيعية لا تقلل من قوة العلاقة.

* عربيا.. أكثر من شهر مر على اتفاق الدوحة ولم تتوافق الأطراف اللبنانية على تشكيل الحكومة حتى الآن، وباعتبار أن البحرين إحدى الأدوات الفعالة في اتفاق الدوحة ضمن اللجنة السباعية، ألا تتخوفون من عودة التوتر مجددا في لبنان؟

ـ هذا الأمر حقيقة يسأل عنه اللبنانيون أنفسهم. فبعد اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، بدعوة من السعودية ومصر، لإنقاذ لبنان، وبالفعل اجتمعنا وشكلت لجنة سباعية وذهبنا مع الأطراف اللبنانية إلى الدوحة، وبذلت قطر جهدا جبارا من أجل إنجاح الاتفاق، وبعد إعلان الاتفاق تم انتخاب الرئيس بنجاح، وجاء الدور على تشكيل الحكومة، التي تم الاتفاق على المحاصصة فيها، لكن ما الذي يؤخر تشكيل الحكومة حتى الآن؟ في هذه اللحظة أرى أن اللبنانيين أنفسهم هم المسؤولون عن هذا التوتر وعدم تشكيل الحكومة، وهم من يجب أن يتحرك سريعا حتى لا تتطور الأمور إلى الأسوأ، وعلى القيادات اللبنانية دعم الحكومة بكل الأشكال وعدم إضعافها، نعم هناك من يريد إضعاف الحكومة، وهناك من يريد الانتقاص من اتفاق الدوحة، بل هناك من يريد إلغاء اتفاق الطائف، وهناك أيضا من يريد فرض واقع جديد على الأرض في لبنان، وهناك من يريد أن يكون هو الدولة داخل الدولة، وكل هذا أمر غير جائز، ونحن ندعم الرئيس ميشال سليمان وندعم الرئيس فؤاد السنيورة، الذي أسند إليه تشكيل الحكومة، وندعو كل الفرقاء اللبنانيين إلى ترك المصالح الشخصية والفئوية والبحث عن مصلحة لبنان فقط، والنظر في كيفية أخذ لبنان إلى الأمام.

* هل أنت مع عودة الجهود العربية من جديد في لبنان؟

ـ هذا الأمر في يد الحكومة اللبنانية التي إن طلبت مثل هذا التدخل العربي، لإنقاذ اتفاق الدوحة أو لتطبيقه، فبالتأكيد سنكون جاهزين ومستعدين، ولكن مادامت جهود الرئيس السنيورة مستمرة، ونحن على اتصال دائم معه، فسننتظر ماذا يريد لبنان، ونحن دائما في خدمة لبنان.

* الولايات المتحدة كشفت عن حزمة المكافآت التشجيعية المقدمة لإيران في سبيل التوقف عن برنامجها النووي.. بداية هل اطلعت دول الخليج على هذه المكافآت، وخاصة أن فيها بعضا يخص المنطقة، قبل تقديمها لإيران؟

ـ لا.. لم نطلع على هذه المكافآت، على الأقل أتحدث لك عن البحرين فنحن لم نطلع عليها إطلاقا.

* في الوثيقة ذاتها يتم إعطاء إيران دورا إقليميا، ما موقفكم من هذه المكافأة تحديدا.. إذا صح التعبير؟

ـ دعني أوضح لك أمرا مهما في هذه القضية، نحن لدينا البرنامج النووي الإيراني أمر، وعلاقتنا مع طهران أمر آخر، لدينا المشكلة ليست في البرنامج النووي، فإيران دولة ذات سيادة وحرة، فإذا عملت أمرا إيجابيا فهو لصالحها، وإن قامت بخطوة سلبية فنحن جيرانها ونقوم بنصحها، باعتبارنا أقرب الدول إليها، لكن الخطر ليس في البرنامج النووي، الخطر في هذه الأخاديد وفي البون الشاسع بين إيران وجيرانها، وأتحدث عن موازين القوى بين ضفتي الخليج.

* وماذا عن الدور الإقليمي المنتظر لإيران؟

ـ هذا أمر طيب وليكن لإيران دور أقليمي، لكن يجب أن يكون هذا ضمن تفاهم أقليمي، ونحن نرى أنه يجب أن يكون هناك تفاهم سياسي بين دول المنطقة، إن كان ضمن دول مجلس التعاون أو مع إيران وتركيا ومصر والهند والأردن، إذا وضعنا تصورا لكيفية التعاون الأقليمي، فلن يكون هناك أي استقرار بدون هذا التفاهم، أرى الخطر يكمن في غياب هذا التفاهم الأقليمي، أي دور أقليمي يأتي من الخارج لن يفيد ولو بشعرة، إذا لم يكن هناك تفاهم من داخل دول المنطقة نفسها، ونحن نقول للعالم إن الأدوار الأقليمية يحددها الأقليم نفسه ولا تأتي بتوصية من الخارج، وعدم تحديدها لا يؤدي إلا إلى مشاكل أكبر.

ما تتحدثون عنه تطالبون به منذ فترة.. لكن ألا تتخوفون من إخلال بالتوازن الأقليمي خلال الفترة المقبلة، في حال اعطيت إيران فعلا دورا أقليميا؟

ـ أستطيع القول إن توازن القوى مخل به منذ فترة وليس جديدا، ويجب على أي دولة في العالم عندما تتحدث عن دور أقليمي أو توازن أقليمي يجب أن تأخذ في الاعتبار الأقليم بكامله، وأن تأخذ دول الأقليم، أما أن يعطى دور أقليمي لدولة على حساب دول أخرى، فهذا لن يفيد وسيأتي بمشاكل أكثر، وسيؤدي إلى عدم استقرار أكثر، ولا أرى أي دولة لا تنشد استقرار أي منطقة بالعالم، ومنها الولايات المتحدة، ولكن يجب أن يتم التشاور مع دول المنطقة، باعتبار أن هذا هو الحل الوحيد، ولا أقول الحل الأفضل، لا يوجد طريق آخر.. دور أقليمي بتفاهم أقليمي وحل أقليمي بتفاهم أقليمي أيضا، غير ذلك لن يؤدي إلى أي أستقرار.

* مصدر خليجي رسمي تخوف في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط» من إعطاء دور أقليمي لإيران، معتبرا أن إيران بدون هذا الدور وعلاقتها المتوترة مع الغرب تحتل جزرا إماراتية، وتطالب بين الحين والآخر بتبعية البحرين، فما بالك إذا تحسنت علاقتها مع الولايات المتحدة وأعطيت دورا أقليميا.. ما قولك؟

ـ ولذلك مادام هذه المشاكل متواجدة، أي دور أقليمي يتم الحديث عنه بتواجد هذه المشاكل التي تأتي بين حين وآخر بين إيران ودول المنطقة، هو أمر غير منطقي من دون أن يكون بتفاهم أقليمي، غير ذلك لن ينجح أي دور أقليمي لإيران أو غير إيران على الإطلاق.

* عراقيا.. أعلنتم عن قرب افتتاح سفارتكم في بغداد وتعيين سفير بحريني هناك، حتى الآن لم يتم هذا التعيين.. هل ترون هذا التأخير طبيعي؟

ـ نعم أمر طبيعي، لقد حددنا موقع السفارة داخل المنطقة الخضراء، وقمنا بكامل الترتيبات لافتتاح السفارة، وخلال اليومين القادمين سيغادر دبلوماسي بحريني لإنهاء هذه الإجراءات، أما مسألة تعيين السفير فهي تعود إلى عملية اختيار نقوم بها، وسيتم قرار الإعلان خلال الفترة القريبة المقبلة. الوضع الأمني في العراق غير سهل.

* ماذا تعني بأنه غير سهل؟

ـ بصراحة الوضع الأمني الحالي في العراق يضع علي شخصيا صعوبة في كيفية إقناع الشخص المرشح سفيرا بالذهاب للعراق، فلدينا تجربة سابقة مع القائم بالأعمال السابق الذي نجا من الموت بعد محاولة لاغتياله، فعندما أطلب من السفير المقبل أن يذهب للعراق في ظل هذه الأوضاع الأمنية غير المستقرة، لا بد أنه يشكل صعوبة، خاصة أننا نتحمل مسؤولية حصول أي ضرر أو اعتداء، لا سمح الله، على أي من موظفينا في العراق.

* تتحدث دائما عن علاقة تاريخية بينكم وبين العراق.. كيف تقيم العلاقة البحرينية العراقية في الوضع الحالي؟

ـ العلاقة تاريخية بكل ما تعني الكلمة، فهي تاريخية مع الدولة ومع الطوائف ومع الحوزات الدينية في النجف ومع الشعب العراقي، ونرى أن علاقات العراق تاريخية ليس مع البحرين فقط بل مع كل الشعوب الخليجية، فنحن نرى أن جزءا من مكونات الشعب العراقي هي خليجية. لكن يجب أن يكون لنا دور في دعم العراق ودعم التواصل مع كافة أطياف الشعب العراقي.

* هل تقصد أن اتصالاتكم لا تتم إلا مع الدولة العراقية فقط بعيدا عن أي أطراف من الداخل؟

ـ بالتأكيد.. في إحدى المناسبات اجتمع معي أحد الدبلوماسيين العراقيين في نيويورك وطلب مني أن نتواصل مع سنة العراق، رفضت ذلك بوضوح وذكرت له حرفيا أننا نتواصل مع كافة أطياف الشعب العراقي وتواصلنا مع الشعب العراقي وحكومته، أما أن أطلب من السنة أن يدخلوا العملية السياسية، فلا يمكن أن أقوم بذلك، فهو ليس دوري، وندعم الحكومة العراقية كشعب عراقي وحكومة، ولا يمكن أن نترك العراق كعرب في هذه المرحلة ونتفرج عليه، لا أقول إن العرب يقفون ضد العراق، لا هذا غير صحيح لا توجد دولة عربية تقف ضد العراق، لكن هناك من يريد أن يتواصل وهناك من يريد أن يتفرج، والتفرج على ما يحدث بالعراق صعب ولا يمكن القبول به، ليست المسألة أن يكون الشيعة أو السنة لهما موقف، لكن سنة وشيعة العراق إخواننا وتربطنا بهما وشائج دم وقربى، إن كانوا سنة أوشيعة.

* الاجتماعات العربية شهدت مؤخرا توترا، وتطاولا من بعض الأطراف.. هل الحالة العربية في حاجة لمثل هذا الاختلاف بين الأشقاء؟

ـ هذا أمر غير جديد، أنا سمعت أن التوتر كان بشكل أكبر من الحالي، لكن هذا التوتر هو نتيجة وجود قضايا ساخنة، فكلما زادت سخونة هذه القضايا زاد التوتر في هذه الاجتماعات، غير أننا نسعى للحفاظ على بعض الاحترام المتبادل، اللهم الا في بعض الأوقات التي يحدث فيها نوع من الشد، مثل آخر اجتماع لوزراء الخارجية العرب في القاهرة، توتر الاجتماع وحدث تطاول من البعض وأمور لم نحب أن تحدث.

* قضية المحتجزين البحرينيين الثمانية في السعودية، ما حقيقة اتهامهم بالتجسس؟

ـ هذا الكلام نفاه الأمير نايف بن عبدالعزيز (وزير الداخلية السعودي)، هذا الاتهام مصدره موقع الكتروني ذكر أنهم متهمون بالتجسس. نحن على اتصال مباشر مع الإخوان بالسعودية وقالوا بصريح العبارة إن هؤلاء دخلوا منطقة محظورة، لكن كل ما نطلب من أشقائنا السعوديين لهؤلاء المواطنين البحرينيين أن نعرف وضعهم، فنحن لا ندعو لعدم تطبيق القانون عليهم، كل الذي نطلبه أن المخالف يحاكم بحسب مخالفته، وإن وجدوا لديه مخالفة يحاكم عليها، وإن لم يجدوا يطلق سراحه، لكن فترة إطالة البقاء كمحتجزين تسبب الكثير من الألم لعائلاتهم، وتسبب الكثير من الضغط علينا كحكومة تجاه مواطنين، فكل ما نتمنى أن يتم تطبيق القانون عليهم.

* الأمير نايف بن عبدالعزيز دلل على عمق العلاقات السعودية البحرينية بالقول إنه ليس غريبا أن يقبض على سعودي بالبحرين كما ليس غريبا أن يقبض على بحريني بالسعودية..

ـ (مقاطعا) أن يتآمر بحريني على السعودية فنحن مع شقيقتنا المملكة العربية السعودية ضد هذا المتآمر، كذلك السعودية إن وجدت سعوديا يتآمر على البحرين، فنحن نعرف ونثق بالموقف السعودي في مثل هذه الحالات، فدائما هي معنا وليس لدينا شك في هذا، وإن ثبت تآمر أي بحريني ضد السعودي فنحن والسعودية جسد واحد، من تآمر على السعودية فهو متآمر على البحرين.