تلاشي الأصوات المطالبة بإزالة جميع النصب التي أقامها النظام السابق في بغداد

حرب التماثيل تنتهي بعودة رأس أبي جعفر المنصور

عمال يرفعون تمثال رأس ابي جعفر المنصور من موقعه لدى تفجيره قبل نحو 3 اعوام («الشرق الاوسط»)
TT

وسط تعالي أصوات المثقفين العراقيين والفنانين الذين ما توقفوا عن المطالبة بإعادة هوية بغداد والمتمثلة برموزها الفنية ونصبها وتماثيلها، تلاشت الأصوات التي كانت تطالب بإزالتها ونجحت فعلا بتدمير جزء كبير منها، وإنشاء نصب بديلة وصفها أهالي بغداد بـ«غير الفنية».

وتراجعت اللجنة الرسمية التي شكلت من قبل وزارة الثقافة العراقية ومجلس محافظة بغداد وأمانة بغداد عن إنهاء مهامها التي أوكلت لها، بعد أن اقتنعت بوجه نظر المثقفين بالإبقاء على تماثيل لراود الفن العراقي، وان إزالتها خسارة للثقافة والفن العراقي، بل عمدت الأمانة أخيرا إلى إعادة جزء من التماثيل التي أزيلت، ومنها رأس أبي جعفر المنصور، الى موقعه في منطقة المنصور. وكانت الفترة التي عاشتها العاصمة بغداد عقب زوال النظام السابق مليئة بالإحداث غير المترابطة، فهناك من كان يبحث عن تصفية حسابات قديمة وآخر يبحث عن الثراء بسرقة المال العام، وأيضا من يبحث عن إزالة كل ما هو جميل بحجة انه أقيم في العهد الماضي، رغم أن كثيرا من النصب ليس لها علاقة بصدام كتمثال أبي جعفر أو نصب الأحرار ورئيس الوزراء العراقي السابق عبد المحسن السعدون، وأصبحت هناك حروب وليست حرب واحدة، منها حرب النصب والتماثيل التي نشبت بين الداعين لإزالتها والمدافعين للإبقاء عليها واغلبهم من الطبقة المثقفة. وأول تمثال اقتلع من على قاعدته كان تمثال السعدون، لا لان فئة تكن له العداء، بل لأنه مصنوع من مادة البرونز الغالية، وهناك هواة لجمع هذه المادة لا بقصد الاحتفاظ بها مع مجموعتهم بل لتهريبها لدول الجوار.

تمثال الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور ثاني الخلفاء العباسيين (714 - 775م)  تعرض في 18 اكتوبر (تشرين الأول) 2005 إلى تفجير أدى إلى تحطيمه بالكامل. وكان يتوسط أهم ساحة في منطقة المنصور بجانب الكرخ، وكان عبارة عن قبة بارتفاع خمسة أمتار تحمل رأساً من البرونز مرتدياً عمامة بارتفاع أربعة أمتار من تصميم النحات العراقي خالد الرحال، أبرز رواد الحركة الفنية الحديثة.

لجنة الآثار في مجلس النواب تدخلت مرات عدة لمنع هدم الكثير من النصب والتماثيل، مثل ساحة المقاتل وقوس النصر في ساحة الاحتفالات في بغداد حيث كانت هناك إجراءات لهدمه، باعتباره من رموز النظام السابق، لكن لا احد تمكن من إنقاذ عشرات النصب من الإزالة منها «سفينة البعث ونصب بلاط الشهداء، والأسير العراقي، وتماثيل الضباط الأحرار وعشرات التماثيل في شط العرب في البصرة، وكان يرمز معظمها إلى الحرب العراقية ـ الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي، وحطمت أيضا تماثيل لضباط عراقيين اعدموا غرب بغداد عام 1959، وهدم تمثال الخليفة العباسي الثالث الواثق بالله، وتعرض تمثال كهرمانة لعدة محاولات لتفجيره.   الفنان التشكيلي عقيل علي الحسون بين لـ«الشرق الأوسط»، أن إزالة تمثال أو نصب من مكانه «لا يمكن أن تكون بهذه البساطة، وهو أن تقوم بنسفه وتأتي بغيره، لان نصب بغداد وتماثيلها هي هوية بغداد الثقافية، حتى المواطن لا يمكنه نسيانه لأنه اعتاد على وجود رأس أبي جعفر المنصور في هذا المكان تحديدا، ونراهم عندما يصفون مكانا يقولون اذهب باتجاه كهرمانة ثم تصل إلى الساحة الفلانية وهكذا».

وأكملت أمانة بغداد أمس إعادة نصب وتركيب التمثال الذي يرمز إلى رأس الخليفة العباسي (أبي جعفر المنصور) إلى مكانه في منطقة المنصور. وذكر الناطق الإعلامي لأمانة بغداد أمير علي، أن ملاكات دائرة بلدية المنصور وبالتعاون مع اختصاصين من وزارة الثقافة قامت بإصلاح الأضرار التي تعرض لها التمثال نتيجة تفجيره بعبوة ناسفة أدى إلى إلحاق أضرار بالغة وتهديم قاعدته. وأضاف أن أمانة بغداد قامت بإعادة بناء القاعدة وفق الطراز البغدادي وبنفس تصميمه القديم، موضحا أن التأهيل شمل أيضاً إعادة زراعة الساحة التي يتوسطها التمثال بأنواع من الزهور والورود وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل تعرضها للانفجار.