واشنطن: موافقة إيران على سلة الحوافز لا تعني إطلاق يدها في العراق وأفغانستان

مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: حوارنا مع طهران سيتم في إطار الترتيبات مع الخليج.. وحريصون على أن يكون حلفاؤنا مرتاحين للصورة الكبرى

المحامية الإيرانية شيرين عبادي خلال مؤتمر صحافي في طهران أمس خصص لبحث مخاطر هجوم على إيران (أ.ب)
TT

قال جيفري فلتمان، مساعد وزيرة الخارجية الاميركية، إن سلة الحوافز التي قدمتها الدول الست الكبرى لإيران «تفتح الطريق» لطهران لتطوير برنامجها النووي السلمي، موضحا ان واشنطن تشاورت مع حلفائها في الشرق الأوسط حول الأفكار الاساسية في سلة الحوافز، غير ان أحدا لم يطلع علي نص سلة الحوافز قبل اعلانه رسمياً منتصف الشهر الماضي. وأوضح فلتمان، الذي شغل سابقا منصب السفير الاميركي لدى لبنان، في حديث لـ«الشرق الأوسط» ان موافقة إيران على سلة الحوافز ووقف تخصيبها لليورانيوم لا يعنيان «اطلاق يد» طهران في قضايا العراق وافغانستان مثلا، مشيرا الى ان الترتيبات الامنية والسياسية مع الإيرانيين في حالة وافقوا على سلة الحوافز تتضمن العمل مع إيران في سياق الترتيبات الامنية بين اميركا ودول الخليج العربي. وقال فلتمان إن المجتمع الدولي يتبع استراتيجية «العصا والجزرة» حيال الملف النووي الإيراني، موضحا «من ناحية نحن عرضنا على الإيرانيين حزمة جادة جدا من الحوافز، بالاساس وعد بالتعاون في مجالات متعددة ومختلفة، بما في ذلك الطاقة النووية للاستخدام السلمي، لكن من ناحية أخرى حتى تفي إيران بالتزاماتها الدولية كما هي محددة في قرارات مجلس الأمن ضدها، فإن المجتمع الدولي سيواصل إيجاد وسائل لمواصلة الضغط على إيران. أفضل طريقة أمام إيران لتجنب نوع العقوبات التي فرضتها دول الاتحاد الاوروبي أخيرا على بنك ملي، هي ببساطة أن تستجيب لقرارات مجلس الامن. إذا فعلت إيران هذا فإنها لا تنزع فقط فتيل العقوبات، بل أيضا تدشن مرحلة من المحادثات البناءة والمخلصة على عدد كبير من القضايا، سياسية واقتصادية ومجالات اخرى».

وشدد فلتمان على ان واشنطن تشاورت مع دول بالمنطقة حول سلة الحوافز، موضحا: «تشاورنا مع بعض حلفائنا حول سلة الحوافز قبل اطلاقها. سلة الحوافز هي مبادرة من دول 5 + 1، وهي تطورت من خلال مناقشات المسؤولين في مجموعة 5 + 1، لكن قبل تقديمها للإيرانيين، أجرينا مناقشات مع بعض حلفاءنا، لأننا اردنا التأكد أن حلفاءنا يفهمون السلة. لم نعط حلفاءنا سلة الحوافز، لكننا تحدثنا معهم حولها كي يكونوا على معرفة بالسياق الذي قدمت فيه». وحول ماهية تفاصيل الدور الاقليمي الذي يمكن ان تلعبه إيران إذا ما وافقت على سلة الحوافز، شدد فلتمان على ان هذا الدور الاقليمي يجب أولا ان يكون «ايجابياً وبناءً ان يتم في اطار الترتيبات الامنية بين اميركا ودول الخليج». وتابع «توقعنا أن إيران ستحاول أن تقدم السلة بطريقة ما، وأن تحاول أن تقدم هذا العنصر، أو تأخذ هذا العنصر خارج السلة، لذلك حرصنا على ان يكون حلفاؤنا مرتاحين للسياق، وللصورة الكبرى، وجزء من هذا الجانب متعلق بالمبادرات الاقليمية السياسية والأمنية في المنطقة. إيران، كما نعتقد لديها تطلعات لأداء دور اقليمي، ونحن نريد لهذا الدور الاقليمي أن يكون بناءً. الآن وبسبب دعم طهران لحزب الله والجهاد الاسلامي ولبعض الجماعات الشيعية في العراق، فإن تأثير إيران الاقليمي ليس بناءً. تأثير إيران الاقليمي غير منسجم كما نعتقد مع طموحات الشعب الإيراني للدور الذي يريد بلاده أن تلعبه. نريد أن نتأكد أن شركاءنا العرب يفهمون أننا عندما نتحدث مع إيران حول القضايا الاقليمية السياسية والامنية، فإننا نتحدث حول ان تلعب إيران دورا بناء ايجابيا. نتحدث عن إيران تعمل بشكل بناء وفي اطار علاقات التعايش، وفي سياق الترتيبات الامنية الموجودة بيننا وبين دول الخليج على سبيل المثال». ونفى فلتمان أن تمهد موافقة طهران على تخصيب اليوانيوم الطريق أمامها لإطلاق يدها في ملفات مثل العراق وأفغانستان، موضحا «أن الامر ليس هكذا.. وقف تخصيب اليورانيوم من قبل إيران سيؤدي الى تحولين، الاول بدء مباحثات جادة حول سلة الحوافز التي قدمها خافيير سولانا نيابة عن مجموعة 5 + 1. هذا هو التأثير الاول، وقف التخصيب سيؤدي الى بدء هذه المفاوضات المتعددة حول سلة الحوافز. التحول الثاني الذي سينتج عن سلة الحوافز يؤدي الى فتح حوار مباشر مع الولايات المتحدة. وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس كانت واضحة في هذا الصدد، فهي قالت إنها ستجلس في اي وقت واي مكان للحديث مع إيران حول موضوعات متعددة، لكن على إيران ان توقف تخصيب اليورانيوم كما يطالبها المجتمع الدولي كي تبدأ هذه المباحثات. إيران طبعا لديها اجندتها الخاصة من المحادثات، اذا وصلنا لهذه النقطة، نقطة موافقة طهران على سلة الحوافز، ونأمل أن نصل لهذه النقطة، فعلى طهران وقف تخصيب اليورانيوم، لكن أجندتنا للحوار مع إيران ستتضمن 4 محاور اساسية. اولا نريد حوارا حول طموحات إيران النووية. ثانيا نريد حوارا حول دعم إيران للارهاب. ثالثا نريد أن نتحدث عن تأثير إيران المتمثل في عدم الاستقرار على جوارها الاقليمي. رابعا نريد أن نتحدث حول حقوق الانسان والحريات المدنية داخل إيران. نحن ننظر الى وقف إيران لتخصيب اليورانيوم كمدخل للحديث مباشرة مع إيران حول هذه القضايا التي تثير قلقنا وقلق الكثير من البلاد العربية». وشدد فلتمان على ان واشنطن حريصة على الحل الدبلوماسي مع إيران. وتابع «لا نريد التحرك لنظر او التفكير في الحل العسكري. نريد لإيران ان تدرك ان سلة الحوافز المقدمة من دول 5 + 1 جادة وبناءة وايجابية وستساعد إيران على الحصول على الطاقة النووية للاستخدام السلمي الذي يقول القادة الإيرانيون إنهم يريدونه. الحل العسكري ليس شيئاً نريد ان نمضي فيه. نريد ان نمضي في اتجاه مفاوضات سلمية على أساس قرارات مجلس الامن الدولي، ونأمل من القيادة الإيرانية عندما تنظر الى سلة الحوافز وترى كم هي جادة، وترى كيف أنها في صالح إيران، ان تعمل مع مجموعة 5 + 1 في مسار تفاوضي. تقول القيادة الإيرانية ان إيران تريد طاقة نووية سلمية، وان من حق إيران تطوير برنامج نووي للاستخدام السلمي. نحن نتفق تماما مع هذا. لكن هذا البرنامج النووي السلمي لتوليد الطاقة يجب ان يكون منسجما مع القرارات الدولية والاجماع الدولي ومع معاهدة منع الانتشار النووي. ما نقوله لإيران هو إذا أوقفتم النشاطات المتعلقة بتخصيب اليورانيوم، والتزمتهم بقرارات مجلس الامن، فإننا في الواقع سنساعدكم للوصول لنقطة امتلاك برنامج نووي سلمي في إيران». غير ان فلتمان شدد على ان واشنطن لن توافق على طروحات إيرانية مفادها استمرار طهران في التخصيب على أراضيها لكن برقابة دولية، موضحا: «خلال العامين الماضيين مجلس الامن مرر 3 قرارات تحت الفصل السابع حول برنامج إيران النووي. القرارات الثلاثة تطلب من إيران وقف تخصيب اليورانيوم. وهي تجيب عن السؤال بطرق مختلفة. ويجب أن نتساءل: لماذا تصر إيران على موضوع التخصيب لهذه الدرجة بالرغم من ان إيران لن تكون ابدا في وضع الاكتفاء الذاتي من الطاقة النووية. إيران لا تمتلك اليورانيوم الكافي لكي تكون مكتفية ذاتيا من الطاقة النووية. اذا يجب ألا يكون صعبا لهذه الدرجة على إيران ان تأتي وتقول: «حسنا.. اذا كنتم ستضمنون لنا إمدادات الوقود النووي لتشغيل المفاعلات، فنحن لا نحتاج تخصيب اليورانيوم. نستطيع في الحقيقة ان نعمل بشكل أسرع على تطبيقات الطاقة النووية للاستخدام السلمي بالتعاون مع المجتمع الدولي اذا أوقفنا تخصيب اليورانيوم. المجتمع الدولي يقدم لإيران ضمانات لتزويدها بالوقود النووي اذا اوقفت التخصيب. المجتمع الدولي متماسك جدا في موقفه من ان إيران يجب ان توقف التخصيب ثم نعمل معها حول برنامج الطاقة النووية للاستخدام السلمي بما في ذلك امدادات الوقود النووي. حتى خلال الازمات حول طموحات إيران النووية، كلنا دعمنا امدادات روسيا لمفاعل بوشهر الإيراني بالوقود النووي، هذا يظهر اخلاص المجتمع الدولي عندما يقول: نعم سنساعد إيران في الحصول على امدادات الوقود النووي في مفاعلات نووية سلمية». ورفض فلتمان الحديث حول بحث وزارة الخارجية الاميركية افتتاح مكتب لرعاية مصالح واشنطن في طهران، غير أنه أوضح ان المسؤولين الاميركيين يدرسون طرقا مختلفة للتواصل مع الشعب الإيراني. وتابع: «درسنا وفحصنا طرقا لتعزيز الاتصالات والتفاعلات مع الشعب الإيراني. وتم بحث تعزيز تبادل أكبر بين الشعبين الاميركي والإيراني. بحثنا في عدة بدائل لتعزيز تفاعلاتنا مع الشعب الإيراني. لان الشعبين الايراني والاميركي ليسا عدوين بشكل موروث. الإيرانيون والاميركيون سيستفيدون من علاقات أوثق. هناك الكثير من الأفكار التي نوقشت حول كيف يمكن زيادة علاقتنا مع الشعب الإيراني. لا اريد الحديث بالذات عن فكرة مكتب مصالح في طهران. لا استطيع التعليق على مناقشات حالية داخل الحكومة الاميركية، لكن ما استطيع قوله هو أننا ملتزمون بزيادة التبادل بين الشعب الايراني واميركا». كما رفض فلتمان التعليق على تقرير سيمور هيرش في مجلة «نيويوركر» الاميركية حول زيادة العمليات السرية الاميركية داخل إيران، موضحا «لن أعلق على مقالة هيرش.. هيرش كتب كثيرا في الماضي حول شائعات متعلقة بإيران وحزب الله. ما أريد ان اكرره هو أننا ملتزمون بحل دبلوماسي للمسألة النووية الإيرانية، ملتزمون بالحوار مع إيران حول كل القضايا بمجرد ان تأخذ إيران خطوة صغيرة وتوقف تخصيب اليورانيوم. نحن ملتزمون بالحديث، وبالحل الدبلوماسي. ويجب أن أسأل: لماذا لا يبدو الايرانيون ملتزمين بهذا. لماذا لا يريد الإيرانيون أن يأخذوا خطوة بسيطة ويوقفوا تخصيب اليورانيوم، وهو ما سينزع فتيل كل هذه القضايا». كما نفى وجود جدول زمني للإيرانيين ليعطوا ردهم على سلة الحوافز. وأضاف: «ليس هناك جدول زمني بهذا المعني، لكن كلما انتظرت إيران أطول، كلما رأت خطوات اتخذت ضدها، مثل الخطوة التي اتخذت ضد بنك ملي الاسبوع الماضي. من مصلحة إيران ان تستجيب بإيجابية وبسرعة كافية إذا أرادت أن تمنع المزيد من العقوبات. آمل ان تنظر القيادة الإيرانية الى سلة الحوافز وترى جديتها وتقرر أنه من مصلحتها ان تجيب بشكل إيجابي وبسرعة قبل عقوبات اخرى». كما شدد فلتمان على رفض واشنطن تخصيبا «مؤقتا» لليورانيوم، موضحا: «نحن نسأل ما إذا كانت إيران يمكن ان توفي بالتزاماتها الدولية. وان تكون إيران شفافة بتعاملها مع وكالة الطاقة الذرية، وتوضح تفاصيل برنامجها النووي، كل هذا يجب ان يتضمن وقف التخصيب. ولن أتحدث حول المدى الزمني لوقف التخصيب، لان النقطة الأساسية هي أن وقف التخصيب التزام على إيران بموجب قرارات مجلس الامن. هذا هو ما نبحث عنه. هذا ليس التزاما نحو اميركا، هذا التزام نحو المجتمع الدولي. آمل من القيادة الإيرانية، لمرة واحدة ان تكون صادقة مع شعبها بخصوص سلة الحوافز، لأن سلة الحوافز تتضمن الكثيرَ من النقاط الجيدة للشعب الإيراني لمساعدتهم على الوصول الى تطلعاتهم من أجل مستقبل اقتصادي أفضل. والأهم ان سلة الحوافز هذه لا تغلق البابَ أمام إيران للحصول على التكنولوجيا النووية، بل هي في الواقع تفتح البابَ، وتعزز حصول إيران على الطاقة النووية للاستخدام السلمي. لا تحتاج إيران الى تخصيب اليورانيوم على اراضيها من أجل امتلاك برنامج نووي سلمي. لا بد ان ننظر الى بلاد مثل استراليا وبلجيكا وكندا وجنوب افريقيا وكوريا الجنوبية وكندا، كلها لديها برنامج نووي سلمي بدون تخصيب اليورانيوم، وبدون تكلفة وبدون خطر التخصيب، وهذا ما نريد أن نساعد إيران على تحقيقه».