أنباء عن خطط أميركية لإنتاج «الإيثانول» في السودان.. والخرطوم تنفي

خطة لإنتاج الطاقة المتجددة تجارياً.. اعتباراً من 2009

TT

تحصلت «الشرق الاوسط» من مصادر مطلعة ان السودان والولايات المتحدة يقومان حاليا بتسريع وتيرة المفاوضات بينهما بشأن تطبيع العلاقات، بسبب وجود افكار أميركية لاستثمار آلاف الافدنة الزراعية في السودان، لانتاج محاصيل تستخدم في استخراج الطاقة المتجددة وغاز الايثانول، لمواجهة ازمة الوقود العالمية وتصاعد اسعار النفط، لكن مسؤولين سودانيين نفوا هذا الاتجاه، فيما رفض مسؤول في الخارجية الأميركية التعليق. وقطع الجانبان مفاوضات علنية وسرية كانا قد أجرياها الشهور الاخيرة في واشنطن وروما والخرطوم، لتطبيع العلاقات، بسبب تصاعد النزاع في منطقة ابيي النفطية. وقال مصدر في وزارة الخارجية الاميركية لـ«الشرق الاوسط»: «لم يطرأ أيُّ جديد، في سبيل مواصلة مفاوضات التطبيع مع الخرطوم». وأضاف «ما لم تحصل تغيرات مهمة على الارض في قضايا دارفور، وأبيي، واتفاق نيفاشا بشأن الجنوب، فان موقف واشنطن الرافض للتطبيع سيظل كما هو». وامتنع المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، عن الإدلاء بأي معلومات أو إيضاحات، حول وجود نية أميركية للاستثمار الزراعي في السودان، فيما يخص الطاقة المتجددة.

وفي الخرطوم استبعد مسؤولون وخبراء سودانيون ان تكون مسألة توليد الطاقة الحيوية وغاز الايثانول، واحدة من دوافع الولايات المتحدة لتطبيع العلاقات مع السودان، وأكدوا لـ«الشرق الاوسط» ان امكانية الاستفادة أميركياً من السودان في مجال انتاج غاز الايثانول بعيدة عملياً، وان لدى أميركا مصالح أخرى في السودان من بينها النفط. واجازت الحكومة السودانية أخيرا خطة للتوسع في انتاج السكر في البلاد تحت اسم «الخطة الكبرى لانتاج السكر»، في اطارها خطة تفصيلية لإنتاج غاز الايثانول من مخلفات السكر، كما وصل العمل الى مراحله الاخيرة بشأن انشاء مصنع لانتاج الايثانول من مخلفات السكر يتبع لشركة سكر كنانة (اكبر مصانع السكر في العالم). ويتوقع الانتاج في ديسمبر (كانون الاول) المقبل بطاقة 65 مليون لتر ايثانول في العام.

وقال مجدي حسن يس مدير التسويق والمبيعات بشركة «سكر كناية» لـ«الشرق الاوسط» إن هناك خطة اخرى لإنتاج الايثانول من شركة سكر النيل الابيض للسكر تحت الانشاء، وتوقع ان يتحقق ذلك بعد عام 2009، وبطاقة نحو 60 الى 65 مليون لتر في العام. وقال ان العمل الذي يمضي الآن يعتمد على حجم مخلفات السكر من المصانع. وحسب مجدي انه لا يرى أن الايثانول في السودان محل اهتمام اميركي «في المنظور القريب». وتشير التقارير الرسمية الى خطة مجازة من قبل الحكومة لانتاج 40 مليون لتر من الايثانول من اربعة مصانع سكر حكومية هي: غرب سنار، والجنيد، وعسلاية، وخشم القربة.

وفي ندوة عقدت في البرلمان السوداني عن «الايثانول الحاضر والمستقبل»، كشف المهندس عبد الوهاب ابو ادريس، مدير قسم المبيعات بشركة جياد الصناعية التي تصنع السيارات في السودان، في ورقة ان الشركة تدشن اول سيارة اطلق عليها «سيارة خضراء» متزامنا مع بداية الانتاج التجاري للايثانول، توفر عروضا جيدة للبيع هذا الى جانب السيارات المرنة بأنواعها المختلفة بنظام الحوافز. وقلل البروفسور محمد الرشيد سيد احمد قريش، الخبير في مجال التصنيع والجودة، من ان يكون الوقود الحيوي سببا من الاسباب التي تغري الولايات المتحدة في الوقت الحالي للتطبيع مع السودان، وقال لـ«الشرق الاوسط» ان غاز الايثانول حتى الآن لا يشكل سوى أقل من 30% كبديل للطاقة. وأضاف «الولايات المتحدة قامت بتجارب في هذا الخصوص في السبعينات ووجدت أنه من الصعب ان يكون الايثانول هو البديل للطاقة.. وعليه لم تهتم بالأمر كثيرا إلا في الاعوام الاخيرة، وبصورة لا تشكل هدفا استراتيجيا». وقال «الايثانول لو كان يشكل بديلا للطاقة بالنسبة للولايات المتحدة لما لجأت الى فكرة تكسير صخور في جبال كولورادو لانتاج زيت بديل.. لماذا تلجأ للصخور اذا كان الايثانول بديلا لها». ورجح الخبير السوداني بان الولايات المتحدة عندما تتحدث عن الايثانول تهدف الى الضغط على الدول المنتجة للنفط لتخفيض اسعاره. في غضون ذلك، رهن القائم بالاعمال الاميركي في الخرطوم البرتو فرنانديز استئناف الحوار السوداني ـ الاميركي الذي علقته الادارة الاميركية اخيرا بتحسن الوضع في منطقة ابيي الغنية بالنفط المتنازع عليها بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم والحركة الشعبية لتحرير السودان، غير انه اكد في تصريحات صحافية أخيرا الى توفر حسن النية بين الطرفين لتطبيع العلاقات.