كولومبيا: الإفراج عن 15 رهينة في عملية نوعية عززت رصيد الرئيس أوريبي

الرهينة الفرنسية الكولومبية التقت عائلتها بعد 6 سنوات من الاحتجاز

الرهينة السابقة بين أفراد عائلتها ومعهم وزير الخارجية الفرنسي (رويترز)
TT

سجل الرئيس الكولومبي ألفارو أوريبي انتصارا سياسيا بعد نجاح عملية عسكرية نوعية نفذها الجيش الكولومبي وتمكن خلالها من تحرير رهائن في قبضة ميليشيا «فارك» الماركسية المتمردة ابرزهم الفرنسية الكولومبية انغريد بيتانكور، في سيناريو وصف بأنه مماثل للافلام السينمائية ومن دون إراقة دماء، وفي ما اعتبر بمثابة الصفعة القاسية لأقدم حركة تمرد في أميركا اللاتينية.

وروت الرهينة السابقة بيتانكور، التي اصبحت رمزا لمئات الرهائن التي لا تزال الحركة المتمردة تحتجزهم اول من امس، لدى وصولها الى مطار بوغوتا العسكري بعد تحريرها مع 14 رهينة آخرين، ظروف الافراج عنها «التي تكاد تتجاوز الواقع». وقالت بيتانكور «كانت ظروف تحريرنا سريالية تماما». واضافت «استيقظنا منذ الخامسة صباحا. كان الحراس طلبوا منا ان نوظب اغراضنا وجعلونا ننتظر طيلة فترة قبل الظهر قائلين انهم يجهلون ما سيحصل» حسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

وكان وزير الدفاع خوان مانويل سانتوس قد اوضح ان الجيش تمكن من تسريب عميل استخبارات الى قيادة القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك). وتمكن هذا الاخير من جمع الرهائن الـ 15 (بيتانكور وثلاثة اميركيين و11 كولومبيا) الذين كانوا محتجزين حتى الآن في ثلاث مجموعات منفصلة. وتمكن عناصر من الجيش تسللوا الى صفوف عناصر حركة التمرد المكلفين حراسة الرهائن من إقناع الحراس ان قادة المتمردين يريدون لقاء الرهائن، لذلك لا بد من جمعهم في مكان واحد، بحسب ما قالت بيتانكور.

واضافت بيتانكور «قبل ساعة من وصول المروحية التي اقلتنا، تحدثت مع الكومندان اسبرييا الذي قال لي اننا سنصعد في مروحية وسنتوجه الى مكان لا يعرفه للتحدث مع احد قادة التمرد. وكان اسبرييا يعتقد ان القائد المذكور هو الفونسو كانو (زعيم المتمردين الجديد)».

وتابعت بيتانكور التي كانت ترتدي لباسا عسكريا «عندما وصلت المروحيتان، أقر بانني احسست بشعور غريب، لاننا عادة عندما كنا نسمع صوت المروحيات كنا نخرج سريعا للاختباء. وهذه المرة، كانتا امامنا وكنا ننتظر بهدوء ان تحطا». وأفاد الجيش الكولومبي بان احدى المروحيتين فقط حطت، بينما غادرت الثانية. واضافت بيتانكور «عندما خرج ركاب المروحية، عمت الفوضى. كانوا عناصر في حركة التمرد وبعضهم ارتدى قمصانا تحمل صور الثائر تشي غيفارا».

وكشف قائد القوات المسلحة الكولومبية الجنرال فريدي باديا ان المروحية المستخدمة كانت تقل طيارين وملاحين عسكريين وتسعة عناصر من القوات الخاصة. وكان سانتوس قد قال لدى اعلان تحرير الرهائن إن «المروحية كانت في الواقع ملك الجيش وكان يقودها رجال مدربون في اجهزة الاستخبارات، وقد اقلت الرهائن من منطقة غافياري (جنوب شرق)».

وتابعت الرهينة السابقة روايتها «صعدنا الى المروحية بصعوبة، لان ايدينا كانت موثوقة، ما كان مذلا. وبعد صعودنا، اوثقوا لنا ارجلنا (...). ثم اغلقوا ابواب المروحية. وفجأة، رأيت الكومندان عاريا على الارض. لم اشعر حتى بأي سعادة في تلك اللحظة»، مشيرة في الوقت نفسه الى ان هذا الرجل أذلها شخصيا مرات عدة خلال فترة احتجازها.

وقالت بيتانكور «بعد ان نزعوا سلاح الضابطين في حركة التمرد اللذين صعدا معنا الى المروحية، صرخ قائد العملية: «نحن من الجيش الوطني، انتم احرار».

واضافت «في تلك اللحظة، ضحكنا وقفزنا فرحا. ظننت انها معجزة». وقال وزير الدفاع الكولومبي «انها عملية لا سابق لها سيسجلها التاريخ لجرأتها»، مضيفا امام الصحافيين أن الرهائن حرروا بفضل عملية «تمكنا من خلالها باختراق الصفوف الامامية للفارك». وقال البيت الابيض ان واشنطن كانت تعلم بالعملية العسكرية الجريئة التي نفذها الجيش الكولومبي منذ مراحل التخطيط لها إلا ان بوغوتا لم تكن تحتاج الى «ضوء اخضر» اميركي للقيام بالعملية.

وقالت المتحدثة باسم البيت الابيض دانا بيرينو «كنا نعلم بالعملية في مراحلها التخطيطية، ولكنها كانت عملية وضعها الكولومبيون ونفذها الكولومبيون بدعمنا التام. ولكنهم لم يكونوا بحاجة الى ضوء اخضر منا».

وأكد وزير الدفاع الكولومبي خوان مانويل سانتوس امس ان هذه العملية هي «مائة بالمائة كولومبية»، وذلك ردا على سؤال حول دور محتمل للولايات المتحدة فيها. واوضح الوزير ان واشنطن «ساعدتنا قليلا في تقييم بعض الامور ولكنها هامشية جدا. في الحقيقة، لقد كانت عملية كولومبية مائة بالمائة».

وكانت طائرة تابعة للدولة الفرنسية على متنها وزير الخارجية برنار كوشنير ونجلا انغريد ميلاني ولورينزو ديلويي وشقيقتها استريد حطت امس في بوغوتا حيث التقت الرهينة السابقة عائلتها اخيرا.

واعربت بيتانكور عن رغبتها بالعودة سريعا الى فرنسا، وقالت في اول تصريح لها اثر تحريرها «ساكون سريعا بينكم، احلم بان اكون في فرنسا».

وكان الامين العام للرئاسة الفرنسية كلود غيان قد قال ان «طائرة الجمهورية الفرنسية ستحط في غضون اقل من ثلاث ساعات في بوغوتا، ستلاقي (انغريد) عائلتها. بامكاننا ان نتخيل حرارة هذا اللقاء، ومن ثم ستغادر على وجه السرعة، وغدا منتصف بعد الظهر (اليوم) ستكون بيننا». وكانت بيتانكور قد اعلنت اول من امس، لدى وصولها الى قاعدة عسكرية في بوغوتا حيث كانت والدتها وزوجها في انتظارها، في كلمة مؤثرة وقد بدت في صحة جيدة «أشعر وكأني عائدة من رحلة الى الماضي». وقالت لشبكة «سي.ان.ان» التلفزيونية الاخبارية «الانتحار كان هاجسا يوميا. أمر نؤجله كل يوم. كنت مريضة جدا اعتقد انني كنت قريبة من الموت». وغداة العملية أفرج متمردو «فارك» عن رهينة نرويجي ـ كولومبي كانوا اختطفوه منذ يناير مع خمسة سياح آخرين في شمال غربي البلاد من دون معرفة ظروف الافراج عنه، كما اعلنت وزارة الخارجية النرويجية.

وقالت المتحدثة باسم الوزارة كريستين ميلسوم لوكالة الصحافة الفرنسية ان آلف اونشوس نينو «تم تحريره وسيتمكن من العودة الى اسرته» مرحبة بالافراج عنه.

أما الاميركيون الثلاثة المحررون، وهم مارك غونزالس وتوماس هوز وكيث ستانسل، فقد وصلوا الى سان انطونيو في ولاية تكساس الاميركية (جنوب) صباح امس ومن ثم نقلوا الى مراكز طبية تابعة للجيش الاميركي.

وكان الاميركيون قد اختطفوا في فبراير (شباط) 2003 خلال قيامهم بمهة لمحاربة المخدرات على متن طائرة تابعة للقيادة الاميركية الجنوبية تحطمت في الادغال الكولومبية في ولاية كاكويتا وهي منطقة شاسعة يسيطر عليها المتمردون.