انتقادات واشنطن لملف حقوق الإنسان في روسيا تثير سخرية ميدفيديف: واشنطن ليست مؤهلة للنصح

يجيب على أسئلة الصحافيين من دون مفكرة ويتكلم لفترة طويلة بطلاقة

TT

قال الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف، إن أميركا ليست في وضع يؤهلها لتوجيه النصح للدول الأخرى بخصوص كيفية إدارة شؤونها الداخلية. وعلى الرغم من أن الرئيس الروسي الجديد أقل تيها من سابقه، إلا أن له نفس الحساسية من أي نقد من الخارج. وفي الوقت الذي دعمت فيه العوائد الكبيرة للبترول الاقتصاد الروسي ورفعت من الثقة في الكرملين، قلل الرئيس الروسي من اهمية الانتقادات الأميركية لتاريخ روسيا في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان. وقال إن روسيا بعد استعادة حيويتها، لها الحق في تولي دور أكبر في النظام الاقتصادي العالمي، واقترح أنه يجب ألا يستمر هذا النظام تحت سيطرة الولايات المتحدة. أدلى الرئيس الروسي بتلك التعليقات خلال اجتماع مع مجموعة صغيرة من الصحافيين الأجانب بعد يوم من دعوة وزير الخزانة الروسي هنري بولسون من موسكو لمزيد من الاستثمارات الروسية في الولايات المتحدة. وتكمن دلالة تلك الزيارة في أنها تأتي بعد مضي عقد على الفترة التي كان الاقتصاد الروسي يعاني فيها من بعض المشاكل، وكانت روسيا في حاجة ملحة للمساعدات من الدول الغربية. وبدا أن الرئيس ميدفيديف يريد أن يوضح نهجه قبل مشاركته في اجتماع مجموعة الثماني، الذي يقام الأسبوع المقبل في اليابان. ويقود الرئيس الجديد البلاد مع سلفه الرئيس فلاديمير بوتين، الذي يشغل في الوقت الحالي منصب رئيس الوزراء وينظر إليه بشكل كبير على أنه قائد روسيا. وخلال المقابلة، وجه سؤال للرئيس الروسي حول دعوة جون ماكين، السيناتور بولاية أريزونا ومرشح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية، لإسقاط روسيا من مجموعة الثماني بسبب سجلها في الديمقراطية. قال الرئيس ميدفيديف، الذي فاز بسهولة في الانتخابات الرئاسية في مارس (آذار) بعد أن حد الكرملين من المعارضة، بأن قضية الديمقراطية لا علاقة لها بمجموعة الثماني. وأضاف ميدفيديف: «مجموعة الثماني موجودة ليس لأن هناك من يحبها أو لا يحبها، ولكن، بموضوعية، لأنها تضم الدول ذات الاقتصاد الأكبر في العالم وأكثر الدول المؤثرة من ناحية السياسة الخارجية، وأي محاولة لفرض قيود على أي له تلك الصفة، سيدمر النظام العالمي بأسره».

وقال: «أنا متأكد من أن أي إدارة للولايات المتحدة الأميركية، إذا كانت تريد النجاح في التغلب على الكساد الذي تعاني منه السوق الأميركية، فإن عليها تنفيذ سياسة عملية داخل الولايات المتحدة وخارجها».

وقال ميدفيديف يجب على قادة العالم إدراك أن مشكلة الائتمان والركود العالمي تدل على أن النظام الاقتصادي العالمي يحتاج إلى إعادة النظر، ولكنه لم يحدد كيف يجب أن يحدث ذلك، ولكنه قال إنه يجب أن يتبعه تقليص لتأثير الولايات المتحدة. يذكر أن ميدفيديف كان أستاذا في القانون وقضى جل حياته المهنية بيروقراطيا من وراء الكواليس. وقد أظهر معرفة كبيرة بالقضايا الخارجية والداخلية وظل يجيب على الأسئلة بثقة على مدى 90 دقيقة من دون أن تكون معه مفكرة، وكان يتكلم لفترة طويلة من دون أن يتلعثم. يتحدث ميدفيديف الذي يبلغ من العمر 42 عاما بالروسية فقط، ولكنه لا يحتاج إلى مترجم ليفهم الأسئلة الموجهة إليه بالإنجليزية. لم تتضمن إجابات الرئيس الروسي أية إشارات عن اختلافات حول السياسات أو الاستراتيجيات مع بوتين، على الرغم من الاختلافات الواضحة في أسلوب كل منهما، حيث يجيب بوتين على الأسئلة في الأغلب بردود سريعة حاسمة أو باستخدام لغة حادة، بينما يعترض ميدفيديف في البداية ثم يدخل في نوع من المناقشة الأكاديمية. ودافع الرئيس الروسي عن مقترحاته لخفض معدلات الفساد، الذي يعترف بأنه وباء في روسيا. بعد ذلك وجه إليه سؤال حول ما إذا كان يعتقد أن من الممكن القضاء على الفساد في الوقت الذي يسيطر فيه حزب واحد على النظام السياسي وهو حزب روسيا الموحدة بزعامة بوتين. قال ميدفيديف: «برهن النظام القائم على فكرة أن حزبا واحدا يمكنه أن يمتلك الحقائق كلها، على ضعفه قبل عشرين عاما، فقد عجز عن التكيف مع التحديات الجديدة وعجز عن البقاء. ولذا، يجب أن نستفيد من المنافسة السياسية لنضمن القدرة التنافسية لبلدنا على الصعيد العالمي».

وقال بعض المحللين السياسيين أن ميدفيديف أكثر ليبرالية من بوتين وآخرين في الكرملين، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنه لم يخدم في الأجهزة الأمنية. ودائما ما يقول ميدفيديف إن خلفيته كمحام تلعب دورا حيويا في نظرته للعالم، وقال إنه عندما كان طالبا تعلم الكثير عن أهمية القانون وحقوق الملكية الخاصة، مشيرا إلى أنه يدرك أن ثمة حاجة للكفاح ضد ما سماه «العدمية القانونية». وأضاف: «بالنسبة لي، تلك هي الأفكار التي تشربتها عندما كنت أدرس في الجامعة، بالإضافة إلى قيمة حقوق الإنسان، وهم في روسيا يعتمدون على الدستور. يجب الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات بلا قيد أو شرط، ويجب أن يكون ذلك أولى أولويات أي حكومة». وفي رده على سؤال حول أعدائه السياسيين، أقر ميدفيديف بأن بعض الشخصيات البارزة تشعر بالحنق من صعوده، ولكنه لم يسمهم. «أنا متأكد من أن عددا من السياسيين ليسوا سعداء بتركيبة السلطة في الوقت الحالي، ولكن تلك هي الديمقراطية». وأضاف: «سيكون من المثير للسخرية أن أسمي القوى المدمرة، فلست ممن يعتقدون بنظريات المؤامرة».

* خدمة «نيويورك تايمز»