مراسلات تظهر تغاضي واشنطن عن سعي شركة نفط أميركية للتعاقد مع كردستان العراق

برلماني لـ«الشرق الأوسط»: الشهرستاني يطلب مهلة للتأكد من الاتفاق الحكومي ــ الكردي

TT

تكشف وثائق اطلع عليها الكونغرس الاميركي عن أن ادارة الرئيس جورج بوش تغاضت عن مساعي شركة نفطية أميركية لابرام اتفاق مع حكومة إقليم كردستان. وحسب الوثائق التي اطلعت عليها لجنة تابعة للكونغرس فان المسؤولين في الادارة الاميركية تغاضوا عن مساعي شركة «هنت أويل» للتوصل الى اتفاق تنقيب نفطي مع حكومة كردستان، وذلك على النقيض من تصريحات علنية تثني الشركات الاميركية عن السعي لابرام مثل هذه الصفقات.

وعند اعلان الاتفاق في سبتمبر (ايلول) الماضي قوبل بانتقادات اميركية على أساس انه يقوض الجهود الرامية الى تدعيم الحكومة العراقية المركزية. ولم يقر البرلمان العراقي حتى الان مشروع قانون لتوزيع عائدات النفط. وأعرب مسؤولون في ادارة الرئيس جورج بوش عن انزعاجهم ونفوا أي علم لهم بالاتفاق. لكن حسب وكالة رويترز، كشف النائب الاميركي هنري واكسمان أول من أمس عن مراسلات بالبريد الالكتروني وخطابات حصلت عليها لجنة الاشراف والاصلاح الحكومي بدا أنها تظهر العكس. وكتب واكسمان في رسالة الى وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس يقول «خلافا للنفي الصادر عن مسؤولي الادارة فان مستشاري الرئيس والمسؤولين في وزارتي الخارجية والتجارة كانوا على علم بشأن اهتمام هنت اويل بالمنطقة الكردية قبل شهور من ابرام العقد». وفي إحدى المراسلات بالبريد الالكتروني كتب المدير العام لهنت أويل يقول: «لم يبلغني أي من المسؤولين التسعة بوزارة الخارجية الذين قابلتهم... أنه ينبغي لهنت أويل ألا تمضي قدما في سعيها لابرام اتفاق. وفي الواقع فقد كانت الفرصة سانحة لابلاغنا بهذا الامر ولكن هذا لم يحدث». من ناحية ثانية، نفى النائب جابر خليفة جابر مقرر لجنة النفط والغاز في مجلس النواب العراقي ان تكون الرسالة التي اطلع عليها بشأن الاتفاق المزعوم بين أربيل وبغداد وثيقة سرية، واشار في تصريح لـ«الشرق الاوسط»، الى ان هناك رسالة لم يطلع على موقعيها واطلع على محتواها، تشير الى اتفاقية بين حكومة كردستان والحكومة المركزية في بغداد، وتشير احدى فقرات هذه الاتفاقية او الرسالة، الى ان الحكومة المركزية تعمل مع حكومة كردستان والهيئات المتخصصة الى نهاية شهر مايو (ايار) في تنفيذ العقود النفطية، وفي حالة عدم تطبيق هذه الفقرة، هناك فقرة تقول في حالة عدم التنفيذ الى نهاية شهر مايو (ايار) فمن حق الطرفين ابرام العقود في مجال التطوير والانتاج والتصدير وفقا لمعايير العقود.

وقال جابر ان الرسالة التي اطلع عليها واعضاء اللجنة كانت في مكتب وزير الثروات الطبيعية في حكومة اقليم كردستان، وانه على الرغم من انه لم يطلع على التواقيع الا انه اكد ان الرسالة موقعة من رئيس حكومة اقليم كردستان ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. واشار جابر الى ان لقاء موسعا عقد مع وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني حول الموضوع، وقد اكد الاخير سعيه للتأكد من صحة الرسالة، وعندها سيكون للجنة النفط والغاز في مجلس النواب رآي اخر. وتساءل جابر عن الاسباب التي اطلقت من خلالها الحكومة المركزية اعتراضاتها على توقيع الاتفاقيات النفطية بين الشركات العالمية وحكومة الاقليم، اذا كانت هناك تفاهمات حول هذا الموضوع من قبل الطرفين، متسائلا: هل هي مزايدات وطنية ام ماذا؟ واثار عرض هذه الوثيقة وفي هذا التوقيت بالذات، حيث تجري المفاوضات المكثفة بين بغداد واربيل لحسم مسألة العقود النفطية موضع الخلاف بين الطرفين، ليطرح المزيد من التساؤلات حول مصداقية تلك الوثيقة وصيغتها القانونية، ففي حين لم ينف الشهرستاني وجود مثل تلك الوثيقة اثناء اطلاعه عليها في مجلس النواب، طالبا امهاله للتأكد منها بشكل واضح، نفت مصادر رسمية في اقليم كردستان وجود اي اتفاق سري من ذلك القبيل بين الطرفين، بينما اعتذر لـ«الشرق الاوسط» سمكو انور مسؤول الدائرة الاعلامية في رئاسة اقليم كردستان عن الادلاء بأي تصريح حول الموضوع، كما امتنع مصدر مسؤول بدرجة مدير عام في وزارة الموارد الطبيعية في الاقليم عن التعليق على المسألة، من دون بحث الموضوع بامعان مع الوزير المختص. كما نفى طارق الجلبي مسؤول الدائرة الاعلامية في شركة «دي ان أو» النرويجية التي تقوم بالتنقيب عن النفط في كردستان لـ«الشرق الأوسط» علمه بوجود مثل هذا الاتفاق، فيما يقول العديد من نواب البرلمان العراقي ومن بينهم حسن السنيد النائب عن الائتلاف العراقي، ان الوثيقة تمثل احد الخيارات التي تحدد سقفا زمنيا للعمل في القطاع النفطي لحين تسوية الخلاف بين الطرفين بهذا الشأن. ويبقى التساؤل قائما وعلى النحو الاتي اذا كانت الوثيقة المطروحة لا اساس لها من الصحة، كما تقول المصادر الرسمية في اقليم كردستان، فكيف اذن تندفع كل تلك الشركات الاجنبية لإبرام عقود نفطية مع الاقليم، من دون ان تحصل على ضمانات لرؤوس اموالها، او بتعبير آخر ألا يعتبر استمرار ابرام العقود النفطية بين حكومة الاقليم وتلك الشركات تأكيدا لوجود اتفاق من ذلك القبيل.