حزب الله وإسرائيل نفذا البند الأول من الصفقة وسلما الوسيط الألماني تقريرين حول أراد والدبلوماسيين الإيرانيين

أوساط إسرائيلية تسعى لإبطال صفقة تبادل الأسرى مع حزب الله

لبناني يعمل على رفع لافتات لحزب الله في متجر في النبطية جنوب لبنان (رويترز)
TT

مع انطلاق المرحلة الأولى في تنفيذ صفقة تبادل الأسرى بين اسرائيل وحزب الله، وتسليم الوسيط الألماني تقريرين مفصلين عن الطيار الاسرائيلي الأسير رون أراد والدبلوماسيين الايرانيين الأربعة، يبذل اليمين الاسرائيلي آخر الجهود في اللحظة الأخيرة تماما لإبطال الصفقة أو عرقلتها، اذ توجه الى محكمة العدل العليا، مستندا الى «عدة حجج قانونية» حسب ادعائهم، تبرر وقف تنفيذها ولو بشكل مؤقت. وقد بدا ان رئيس الحكومة ايهود أولمرت يجابه هذه المحاولات بتبريرات قانونية أخرى، بالادعاء انه لا حق للمحكمة أن تتدخل في القضية كونها تتعلق بالسياسة الخارجية والأمنية للدولة، ويرفض ممثل النيابة الدخول في تفاصيل ادعاءات قوى اليمين.

وكانت اسرائيل وحزب الله قد نفذا خطوتين مهمتين في الاتفاق على الصفقة، الأولى ان الحكومة الاسرائيلية أقرت الاتفاق كما صاغه مبعوثها الى المفاوضات، عوفر ديكل، الذي يحمل صفة «مسؤول ملف تحرير الأسرى في مكتب رئيس الحكومة»، ومبعوث حزب الله، الذي يصرون على عدم نشر اسمه، والوسيط الألماني، غيرهارد كونراد، الذي يعمل كمبعوث للأمين العام للأمم المتحدة. ويتضح، حسب المعلومات الاسرائيلية، ان خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، قبل ثلاثة أيام، والذي أعلن فيه موافقة حزب الله على الصفقة، هو جزء من هذه المرحلة في الاتفاق.

ونفذت خلال اليومين الأخيرين، الخطوة الثانية في الاتفاق، حيث وصل ديكل ونظيره في حزب الله الى ألمانيا والتقى كل منهما مع كونراد وسلمه تقريرا، حسب نص الاتفاق. مندوب حزب الله سلمه تقريرا مفصلا حول الجهود التي بذلها لمعرفة مصير الطيار الأسير، رون أراد، وديكل سلمه تقريرا تفصيليا عن التحقيقات الاسرائيلية حول مصير الدبلوماسيين الأربعة الايرانيين، الذين اختفوا في لبنان في سنة 1982. وقد كتب كونراد تلخيصا لكل من التقريرين، وسلم اسرائيل التلخيص عن تقرير حزب الله، وسلم حزب الله تلخيص التقرير الاسرائيلي. والخطوة القادمة ستكون، أن يدرس كونراد التقريرين ويقرر مدى جديتهما وإن كان كل منهما يرضي مطالبه، فإذا ارتأى انهما كافيان، سيسلم التقريرين الى مبعوثي الطرفين في مطلع الأسبوع القادم، وينطلقان الى تنفيذ بقية بنود الصفقة، ولكن، إذا كانت لديه ملاحظات أو استفسارات، فسيعيد التقرير الى صاحبه لتصحيحه. وذكرت أوساط سياسة مقربة من مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي انه حسب ملخص تقرير حزب الله، فإن الطيار رون أراد، الذي وقع في الأسر في 16 أكتوبر (تشرين الأول) 1986، توفي في شهر مايو (أيار) سنة 1988، خلال هرب آسريه من قرية نبي شيت، جنوبي بعلبك، في البقاع اللبناني. وقد دفن في منطقة تعرضت لأعمال بناء مكثفة، ولذلك فقد استحال العثور على قبره. ويفصل حزب الله في التقرير كيف عمل بجهد مخلص للحصول على معلومات، وانه حفر عدة قبور وأجرى فحوصات طبية بناء على مواصفات (DNA)، ولكنه لم يجد شيئا قاطعا. ويرى الاسرائيليون في هذا التقرير الملخص تأكيدا لمعلومات اسرائيلية، حيث ان اسرائيل كانت قد أجرت تحقيقات خاصة بها طيلة السنين الماضية، وفي هذا الاطار خطفت أول مسؤول في حركة أمل تسلم أراد في الأسر، مصطفى ديراني (سنة 1994)، وعذبته، فروى انه سلم الأسير الى مجموعة أخرى من حرس الثورة الايراني أو حزب الله. ويعتقد الاسرائيليون ان أراد قتل بأيدي خاطفيه لأنه تحول الى عبء لم يعرفوا ماذا يفعلون به، أو قتل خلال هرب آسريه.

أما ملخص التقرير الاسرائيلي فيقول ان الدبلوماسيين الايرانيين، الذين وصلوا بطريق الخطأ الى حاجز للقوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع، قد احتجزوا ثم قتلوا ودفنوا تحت أساسات احدى البنايات في بيروت، وان لا علاقة لاسرائيل بالعملية. وعندما يتسلم كل من حزب الله والحكومة الاسرائيلية، التقريرين، سيجري كل منهما الدراسة ويقرر موقفه، وتشير التقديرات الاسرائيلية الى ان الطرفين سيقبلان التقرير المسلم لهما ليتم الانتقال الى المرحلة التالية وهي تبادل الأسرى على معبر رأس الناقورة على الحدود اللبنانية ـ الاسرائيلية: حزب الله يسلم اسرائيل الأسيرين ايهود غولدفاسر والداد ريجف، اللذين فارقا الحياة خلال أسرهما حسب اعتقاد المخابرات الاسرائيلية، وأشلاء جثث بعض الجنود من الحرب الأخيرة، واسرائيل تطلق سراح خمسة أسرى لبنانيين، بينهم سمير قنطار، وتسلم خرائط حقول الألغام التي زرعتها اسرائيل في الأراضي اللبنانية وخرائط القاء القنابل العنقودية التي قذفتها اسرائيل على لبنان في الحرب الأخيرة. وتشير التقديرات الاسرائيلية الى ان هذه المرحلة ستنفذ ابتداء من الخامس عشر من الشهر الجاري.

وفي بيروت، انطلقت التحضيرات لاستقبال الاسرى اللبنانيين الذين ستطلق اسرائيل سراحهم في اطار صفقة التبادل مع «حزب الله» الذي لا يزال يعتصم بالصمت حول تفاصيل هذه الصفقة.

وقال مسؤول الاعلام في «حزب الله» حسين رحال لـ«الشرق الأوسط» ان الحزب لن يعلق على هذه المعلومات او سواها من المعلومات المتعلقة بملف تبادل الاسرى كونه في عهدة الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله، وهو وحده المخول الكلام عنه وحوله. واشار الى ان «كلام السيد (نصر الله) الاخير هو كل ما لدينا».

ولم تتضح بعد تفاصيل حفل الاستقبال الرسمي الذي سيقام للاسرى العائدين بحضور رئيس الجمهورية ميشال سليمان ومسؤولين رسميين آخرين لم تعلن اسماؤهم بعد.