المقدسيون «عقدة» الأمن الإسرائيلي يقولون إنهم باقون في أرضهم

المدعي العام يسمح لتل أبيب بهدم منازل المفجرين حملة الهوية الإسرائيلية

TT

اعتبر المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، ميني مزوز، ان اقتراح الحكومة الإسرائيلية، بهدم منازل فلسطينيين من القدس الشرقية، ينفذون عمليات ضد الإسرائيليين هو اقتراح قانوني. وقال مزوز في رسالة وجهها لرئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، إنه «لا توجد موانع واعتراضات قانونية على استخدام الحق بإزالة منازل منفذي العمليات، إلا أن الخطوة قد تثير إشكاليات قضائية محلية وعالمية جديرة الاعتبار».

وجاء رأي مزوز، ليدعم توجه أولمرت بتدمير منازل «كل إرهابي من القدس» بعد هجوم نفذه، الأربعاء، حسام دويات، من سكان المدينة، وهو يقود جرافة، فقتل ثلاثة إسرائيليين.

وخول مزوز أجهزة الأمن، (الشاباك، الامن الداخلي، والجيش) باجراء فحص تفصيلي لكل حالة، واتخاذ القرار المناسب، وذلك بالتنسيق مع وزارة القضاء، وكتب في رسالته: يجب أن تتم دراسة كل حالة على حدة من قبل مسؤولي الشاباك بالتنسيق مع وزارة القضاء وفقا للأعراف».

وعزز قرار المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية، بجواز هدم منازل منفذي العمليات، القلق المتنامي عند الفلسطينيين العرب من سكان القدس الشرقية، التي تعتبر اليوم قلب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي باستهداف وجودهم.

وقال أبو نبيل، وهو مختار عائلة ابو دهيم، الذي نفذها ابنها علاء، قبل 3 أشهر، عملية المدرسة الدينية «مركاز هراف» فقتل 8 اسرائيلين، لـ«الشرق الأوسط»: «هم (الإسرائيليون) ينتظرون اي مبرر لاستهدافنا وهدم منازل العائلة»، وتابع «نشعر بقلق كبير منذ تنفيذ عملية الجرافة، لا يريدون لعربي ان يبقى هنا». ويشكو المقدسيون، من انهم يتعرضون لحملة تهجير وطرد، عبر فرض إسرائيل قوانين تصعّب حياتهم. وقال خضر الدبس، وهو من سكان مخيم شعفاط لـ«الشرق الأوسط» ان الحكومة الإسرائيلية تمارس تمييزا عنصريا كبيرا في التعليم والصحة، ويحاولون سحب هويات المقدسيين كما يحاولون طرد اكثر من 100 الف مقدسي عربي الى خارج الجدار الفاصل». وبحسبه «فان بلدية القدس تفرض ضرائب عالية جدا على الفلسطينيين العرب بدون تقديم خدمات. وبينما تواصل هدم منازل المقدسيين تمنع اعطاء تراخيص البناء لعرب». ولا يرى الدبس بان إسرائيل كانت بحاجة لهذه العمليات الاخيرة في القدس، لاعادة فتح ملف المقدسيين، لكنه يقول ان عملية تهويد القدس وطرد السكان "محاولات مستمرة منذ السبعينيات". وبرغم ان الدبس وآخرين التقتهم الشرق الأوسط لا يؤيدون عمليات قتل الإسرائيليين، الا انه قال «ان على حكومة اولمرت ان تسأل نفسها لماذا اقدم مقدسي على تنفيذ عمليته»، وتابع «انه الضغط السكاني وتهويد المدينة وغياب اي افق للحل والسلام».

ويستشهد المقدسيون بالدعوة الإسرائيلية الى هدم بيوت منفذي العمليات على انها احد اشكال العنصرية. وقال الدبس «فليهدموا اذن منزل منفذ مذبحة الحرم الإبراهيمي وكل المجانين (بعض الذين نفذوا عمليات قتل لفلسطينيين قالت عنهم الحكومات الإسرائيلية انهم مختلون عقليا) الذين قتلوا فلسطينيين».

وفي الوقت الذي اعادت فيه عملية الجرافة تسليط الضوء على ملف المقدسيين، والقدس، فانها فتحت من جديد النقاش حول نظرية الامن الاسرائيلي. وقال أولمرت الخميس الماضي «إن العملية من نوع لم نعهده، انها عملية نفذت من داخل إسرائيل، في داخل إسرائيل، ومنفذ العملية هو من الذين يسكنون في الجانب الإسرائيلي من الجدار. ويتضح أن الجدار الذي كلفنا المليارات وبالرغم من أنه فعال جدا لا يمكنه أن يوفر ردا لمشكلة الإرهاب التي تنطلق من أوساط السكان من الجانب الإسرائيلي للجدار». وتواصل إسرائيل بناء الجدار الفاصل، حول القدس، وتحصنها بمجموعة من المستوطنات الإسرائيلية لمنع غير حملة الهوية الإسرائيلية من دخولها، الا بتصاريخ خاصة ومحدودة وصارمة.

وتقول الدولة العبرية انها تمنع بهذه الإجراءات المشددة، منفذي العمليات من الضفة الغربية او غزة، من الوصول الى اسرائيل. ويستمر النقاش الحاد في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية حول سبل مواجهة فلسطيني الداخل المقدسيين. وأثير جدل في اسرائيل حول بناء جدار عازل بين القدس الشرقية والغربية. وتساءل اولمرت ووزراؤه ما اذا كانوا يستطيعون وضع حاجز امام بيت كل فلسطيني في القدس. في اشارة الى صعوبة مواجهة (الداخل) حملة الهوية الإسرائيلية. وقال اولمرت أمام مؤتمر اقتصادي في ميناء ايلات ان على إسرائيل ان «تشدد من بعض الوسائل التي نستخدمها ضد مرتكبي الإرهاب. اذا كان علينا تدمير المنازل، فلنفعل».

وفي حي الاشقرية في بيت حنينا بشمال القدس الشرقية يزيل كميل السعو ركام منزله الذي هدمه الاسرائيليون الخميس الماضي، بعد يوم من تنفيذ عملية الجرافة. واكد السعو لـ«الشرق الأوسط» ان لديه قرارا من محكمة الصلح بوقف الهدم «الا انهم (الاسرائيليون) ارادوا الانتقام فهدموا المنزل». والى جانب كميل يعيش يهودي في ارض هي الأقرب لمنزله المهدم، وقال «جاري يهودي فماذا تتوقع، انهم يريدون طردنا من هنا». وللمرة الثانية يهدم الاسرائيليون منزل كميل، وعقب بالقول «انا هنا منذ 14 عاما وسأزيل الركام وسأضع خيمة وأسكن فيها ولن ارحل».

وتبدو العلاقة بين الفلسطينيين والاسرائيليين في القدس «مثيرة للدهشة»، فهي وان بدت ندية احيانا كثيرة، تبدو حميمية احيانا اخرى. اذ يتبادل بعض السكان اليهود والعرب الصداقات والزيارات، ويستمر التبادل التجاري بينهم. وقالت ميسه لـ«الشرق الأوسط»: «نذهب ونشتري منهم ويأتون ويشترون منا، هذه العمليات لم تؤثر على العلاقة بيننا». وحتى حسام دويات الذي نفذ عملية الجرافة كان لديه صديقة يهودية، وقالت صديقته للتلفزيون الاسرائيلي (القناة العاشرة) «ليس لديه مشكلة مع اليهود. عمل عندهم، وكان له أصدقاء يهود. وكلما كانت تقع عملية، كان يتصل بي كي يطمئن».

وأوضحت «م» التي لم تكشف عن هويتها، أنهما تعرفا على بعضهما قبل 11 عاما، وبعد مدة انتقلت للسكن معه في صور باهر، واضافت «لا يمكنني أن افهم كيف هذا الإنسان الذي أحببته إلى حد كبير يقوم بمثل هذا العمل البشع. كان حبيبي. كنا شخصا واحدا. قلبي تمزق لأشلاء. وتابعت عائلته من أفضل العائلات ولكن حينما صرخت أمه شهيد، كانت تلك عائلة لا أعرفها».

ويستطيع اي زائر للقدس، ان يتلمس الفرق الكبير بين الغربية والشرقية، فلا يزال الطابع العربي يصبغ القدس الشرقية بشوارعها واسواقها واماكنها المقدسة، بينما تشعر انك سافرت الى دولة اخرى عند وصولك القدس الغربية. فكل شيء مختلف. وقال حاتم عبد القادر مستشار رئيس الوزراء الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»: «إن الأنظمة الاجتماعية والتعليمية مختلفة بين القدس الشرقية والغربية.. لدينا هنا (القدس الشرقية) كل شيء عربي، حتى المنهاج الدراسي، وهناك كل شيء اسرائيلي. وهم فشلوا في خلق تغيير جغرافي وديموغرافي».