الموساد الإسرائيلي يقتفي أثر رئيس البعثة الإيرانية إلى الحج

يعتقد أنه حامل أسرار اختفاء الطيار الإسرائيلي رون آراد

TT

كشفت مصادر في «الموساد» (جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجي)، أسرارا جديدة في قضية اختفاء الطيار الإسرائيلي رون آراد قبل 20 عاما، يتضح منها أن الموساد لا يصدق الروايات القادمة من إيران أو من حزب الله، وان هناك جنرالا إيرانيا يدعى مصطفى حسكر كهرودي هو الذي يحتفظ بأدق أسرار هذه القضية.

وكهرودي كان قائدا للحرس الثوري الإيراني في لبنان، خلال فترة اختفاء رون آراد، سنة 1988، وقد غادر لبنان في السنة نفسها ليعمل في أجهزة الأمن السرية. ويتضح أن الموساد حاول اقتفاء أثر كهرودي طيلة سنين فأجرى التحقيقات حوله ودفع الرشاوى السخية للعديد من المقربين في لبنان وفي إيران، ولكنه فشل في الوصول إلى معلومات عنه. وفجأة، قبل أربع سنوات، ظهر كهرودي على الملأ، وهو يحمل لقب جنرال ويرأس لجنة الحج في إيران ويقف في كل سنة على رأس البعثة الإيرانية إلى مكة المكرمة.

والمعروف أن قضية رون آراد لا تزال تشكل عقبة أمام صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحزب الله التي يفترض أن تنجز في غضون أسبوع إلى أسبوعين على الأكثر. فهناك ثلاثة أجهزة تعمل في الاستخبارات والأمن هي «الموساد» و«الشاباك» (المخابرات العامة) ومجلس الأمن القومي، تعارض تنفيذ الصفقة، رغم إقرارها في الحكومة، وذلك بسبب فشل حزب الله في الحصول على معلومات جديدة حول آراد. وقال رئيس الموساد، الجنرال مئير دجان، إن حزب الله لم يستنفد كل إمكانياته للحصول على معلومات حول مصير رون آراد، وانه لو أراد ذلك بشكل جدي، فإنه يستطيع التحقيق مع الجنرال كهرودي والوصول إلى المعلومات الدقيقة.

وكان الموساد قد حاول تعطيل الصفقة من خلال مشاورات مع رئيس الوزراء ايهود أولمرت ووزير الدفاع ايهود باراك، والرئيس شيمعون بيريس وغيرهم، قبل أن تبحث في الحكومة. ثم اعترض بشكل علني على الصفقة أمام الحكومة لكن اعتراضه لم يؤثر على القرار. وانطلق العمل على تنفيذ هذه الصفقة. ومن المفترض أن يبت الوسيط الألماني غيرهارد كونراد الذي يعمل باسم الأمين العام للأمم المتحدة، في التقرير الذي قدمه حزب الله حول جهوده للعثور على معلومات جديدة حول آراد، وفي التقرير الذي قدمته إسرائيل حول مصير الدبلوماسيين الإيرانيين الأربعة الذين اختفوا في لبنان سنة 1982. فإذا أجاز كونراد التقريرين، فإن الصفقة ستخرج إلى حيز التنفيذ.

وعلى ما يبدو فان أوساطا معينة في الموساد وفي محاولة أخيرة يائسة، قررت تسريب المعلومات عن المسؤول الإيراني كهرودي على أمل استثارة المزيد من الضغوط على الحكومة حتى تؤخر الصفقة. وتدعي تلك المصادر في الموساد أنها تعرف ما هي المعلومات الواردة في تقرير حزب الله المذكور، بالرغم عن أنه لم يصل إلى إسرائيل بعد. وتزعم أن التقرير يعيد ذكر معلومات سبق لحزب الله أن نقلها إلى إسرائيل خلال المفاوضات حول صفقة تبادل الأسرى بينهما قبل أربع سنوات. ومن هذه المعلومات أن رون آراد وقع في أسر حركة «أمل» في الجنوب اللبناني في 16 أكتوبر (تشرين الأول) 1986، وتولى أمره قائد المنطقة في الحزب مصطفى الديراني وهو الذي اختطفه الموساد الإسرائيلي من بيته في سنة 1994، وقام بتعذيبه في غاية الوحشية، من أجل الحصول على معلومات عن رون آراد ولكنه لم يدل بمعلومات مجدية. وحسب الموساد، فإن الديراني قام بتضليل محققيه بشكل متعمد ولم يعط كل ما لديه من المعلومات، ومع ذلك فقد أطلقت إسرائيل سراحه في الصفقة الأخيرة سنة 2004. ويقول الموساد في تسريباته الجديدة إن الديراني ادعى بأنه خلال غيابه عن البلدة في 4 ـ 5 مايو (أيار) 1988، داهمت إسرائيل قرية ميدون القريبة من مكان أسر آراد، في قرية نبي شيت، فحسب حراسه بقيادة زكريا حمزة، فإن الاجتياح سيصل إليهم، فتركوا آراد محبوسا في الغرفة وهربوا. واستولى حرس الثورة الإيرانية على آراد واختفوا معه. وكان كهرودي في ذلك الوقت قائد ذلك الحرس، وهو أكثر العارفين بما حصل لآراد. وتضيف تلك المصادر في الموساد أن كهرودي غادر لبنان بعدئذ ليحل محله علي رضا عسكري، وهذا أيضا ترقى وأصبح جنرالا كبيرا. ثم فاجأ الجميع في شهر فبراير (شباط) 2007، عندما هرب إلى الولايات المتحدة كلاجئ سياسي. وقد سافر إليه قادة الموساد وحققوا معه حول آراد، ومع انه كشف العديد من الأسرار، إلا انه لم يدل بأية معلومات حول آراد وقال انه لا يعرف شيئا عن اختفائه، مما يؤكد أن المعلومات مدفونة عند كهرودي.

ويرى الموساد أن حزب الله يستطيع الحصول على معلومات، إذا أقنع الإيرانيين بأن يسمحوا للجنرال كهرودي بأن يتكلم. ويقول إن الجهود الإسرائيلية في التحقيق حول مصير الدبلوماسيين الأربعة والتقرير المفصل فعلا في هذا الشأن، ينبغي أن يحفز الإيرانيين على إعطاء معلومات جدية في قضية آراد، وان الأمر ـ حسب «الموساد» ـ يحتاج إلى قليل من الصبر، ولذلك فإنه يحبذ تأخير تنفيذ الصفقة حتى يتكلم الإيرانيون.