حادث اختطاف مواطنين في جرود جبل صنين أعاد إحياء الوظيفة «الأمنية» لهذه المناطق

قمم لبنان من شرايين تواصل إلى خطوط تماس

TT

اعادت الاشكالات التي حصلت اخيراً بين مجموعتين من حزب الله وحزب «الكتائب اللبنانية» في جرود جبل صنين الى الذاكرة ما كانت تشهده القمم اللبنانية العالية (اعلاها قمة القرنة السوداء في الشمال والبالغ ارتفاعها 3088 متراً) من احداث امنية تتفاوت خطورتها بحسب نوعية الاسلحة التي تستخدم فيها، وبحسب الجهات التي تتنازع على ارضها. ولم تنج هذه القمم في الآونة الاخيرة من احداث مؤسفة كان يمكن ان تتسبب بمآس لو لم يتم تداركها من قبل الاطراف المتنازعة، ولولا تدخل الجيش اللبناني الذي كان يبادر الى نزع فتيل الفتنة.

ففي الاسبوع الماضي، اثار ما ذكر عن اعتراض مسلحين من «حزب الله» في المقلب الشرقي من جرود جبل صنين مجموعتين من المواطنين تضمان منتسبين الى حزب «الكتائب» بعض القلق في ما كان يسمى «المنطقة الشرقية» ذات الغالبية المسيحية، لكن الجيش اللبناني بادر الى تسيير دوريات في المنطقة لطمأنة الناس وحماية هذا الشريان الحيوي الذي يربط بين جبل لبنان والبقاع. وكانت الغرفة الفرنسية القائمة في اعلى جبل صنين مركزاً قتالياً بامتياز خلال الحرب اللبنانية. وكان هذا المركز تحت سيطرة «القوات اللبنانية» يومذاك، لكن القوات السورية هاجمته ابان معركة زحلة وسيطرت عليه.

وفي الواقع ان هذه الطريق التي تجتاز قمم صنين ليست الشريان الوحيد الذي يربط بين جبل لبنان والجنوب والشمال من جهة، والبقاع من جهة ثانية، وليست هي الوحيدة التي شهدت احداثاً امنية في الماضي البعيد والماضي القريب والحاضر. فالجنوب اللبناني يرتبط بالبقاع (الغربي) بثلاثة معابر رئيسية على القمم اولها مرجعيون ـ حاصبيا (الجنوب) ـ مرج الزهور (البقاع الغربي) حيث اقام المبعدون الفلسطينيون من اسرائيل في اوائل التسعينات من القرن الماضي، وحيث تعرضت قافلة الهاربين خلال حرب يوليو (تموز) 2006 للقصف الاسرائيلي ما ادى الى سقوط عدد كبير من الضحايا. والمعبر الثاني يصعد من زلايا (الجنوب) الى قليا ـ لبايا (البقاع الغربي). ولطالما شهد هذا المعبر اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وحركة «امل» في السبعينات. اما المعبر الثالث فيمتد من بلدة كفرحونة (منطقة جزين الجنوبية) باتجاه ميدون ومشغرة في البقاع الغربي. وتشهد هذه القمة عمليات شراء اراض واسعة كان قد نبه اليها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط متهماً الايرانيين بضخ استثمارات كبيرة في هذه المنطقة لتأمين التواصل بين التجمعات الشيعية.

ويرتبط جبل لبنان بأربعة معابر رئيسية قممية مع البقاع، اولها معبر الباروك ـ نيحا (الشوف) ـ كفريا (البقاع الغربي) الذي شهد اشتباكات عنيفة بين عناصر من حزب الله وعناصر من الحزب التقدمي الاشتراكي خلال احداث 7 مايو (ايار) الماضي في بيروت والجبل تسببت بسقوط عدد من الضحايا. ولعل معبر عيون السيمان ـ صنين (كسروان) ـ حدث بعلبك (البقاع الاوسط) هو ابرز المعابر واكثرها استخداماً. وكان مسرحاً لاحداث امنية متعددة. والمعبر الثالث يمتد من بلدة العاقورة (قضاء جبيل) الى البقاع الشمالي. وقد شهد هذا المعبر ابان الحرب اللبنانية اشتباكات عنيفة قبل ان يشق ويتم تزفيته. اما المعبر الرابع بولونيا ـ ترشيش (المتن الشمالي) ـ حزرتا ـ زحلة (البقاع الاوسط) فكان الاكثر سخونة خلال الحرب اللبنانية. وكان يشهد عمليات الكر والفر بين «المقاومة الفلسطينية» و«الحركة الوطنية». من جهة، واحزاب الجبهة المسيحية، من جهة اخرى، حتى ان بلدة ترشيش المختلطة سكانياً شهدت عمليات احتلال وتهديم متبادلة للمنازل.

اما الشمال فيرتبط مع البقاع بمعبرين قممين اهمهما معبر بشري ـ القرنة السوداء (الشمال) ـ عيناتا الارز (البقاع الشمالي) الذي يربط بين البلدات المارونية في الشمال والبلدات المارونية على الجانب الغربي من سهل البقاع. ويشهد هذا المعبر حوادث امنية بين الحين والآخر مع اهالي جرود الضنية بسبب خلافات على المياه. والمعبر الثاني يربط بين بلدتي القبيات وعندقت المسيحيتين (عكار) ـ الهرمل (البقاع الشمالي). وقد شهد هذا المعبر اشتباكات بين سكان المنطقتين بتحريض سوري، من اجل فرض النائب السابق مخايل الضاهر مرشحاً لرئاسة الجمهورية في نهاية الثمانينات.