44 رئيس دولة وحكومة يحضرون في باريس القمة الأولى للاتحاد من أجل المتوسط

فرنسا ترى أهمية لوجود أولمرت مع عدد كبير من القادة العرب

TT

44 رئيس دولة وحكومة أو من يمثلهم، ومسؤولون دوليون أمثال الأمناء العامين للأمم المتحدة والجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأفريقي، فضلا عن مسؤولين عن مؤسسات مالية واقتصادية دولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، سيجتمعون يوم الأحد المقبل في القصر الكبير في العاصمة الفرنسية، لإطلاق الاتحاد من أجل المتوسط بصورة رسمية عبر بيان رسمي باللغات العربية والفرنسية والإنكليزية.

وتأتي القمة المتوسطية التي سيترأسها الرئيس ساركوزي من الجانب الأوروبي، والرئيس المصري حسني مبارك، ممثلا الضفتين الجنوبية والشرقية للمتوسط، تتويجا للمشروع الذي أطلقه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، منذ ما قبل انتخابه لرئاسة الجمهورية في شهر مايو(أيار) من العام الماضي.

ورغم التردد في البداية، وقمة طرابلس الشهر الماضي، التي هاجم خلالها الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، المشروع المتوسطي بعنف، فإن كل الدول العربية المتوسطية (مع الأردن وفلسطين وموريتانيا) ستمثل. ورجحت مصادر فرنسية رئاسية، حضور الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.

وسيتم الإعلان عن ذلك، عقب اللقاء الذي سيجمعه الى الرئيس ساركوزي في مدينة تويا اليابانية ـ على هامش قمة الدول الصناعية الثماني. وبحسب المصادر الفرنسية الرئاسية، فإن ملك المغرب ورؤساء مصر وتونس وسورية ولبنان وفلسطين سيحضرون، فيما يمثل الأردن رئيس الحكومة (بسبب ارتباطات الملك في الولايات المتحدة) ويمثل ليبيا وزير خارجيتها عبد الرحمن شلقم. كذلك سيحضر رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود أولمرت الذي سيكون في الجلسة الرسمية بين رئيسي وزراء آيرلندا وإيطاليا. وبذلت باريس جهودا كبيرة للتغلب على العقبات البروتوكولية والسياسية. فمن ناحية اللغات المستعملة في القمة، فإنها ستصل الى 29 لغة. أما داخل قاعة المؤتمرات الرئيسية، فان البروتوكول الفرنسي فضل أن تكون الطاولة الرئيسية التي سيجلس اليها رؤساء الدول مستديرة «بحيث أن الجميع يستطيع أن يرى الجميع». وستكون القمة مناسبة لعقد اجتماعات ثنائية، لعل أبرزها اجتماع الرئيسين الفرنسي والسوري والرئيسين اللبناني والسوري والفرنسي واللبناني وذلك في اليوم الذي يسبق القمة. وقالت المصادر الرئاسية الفرنسية، إن اجتماعا يضم الخبراء سيعقد يوم الثاني عشر، لوضع اللمسات الأخيرة على البيان النهائي وعلى توزيع المسؤوليات داخل الاتحاد الجديد، على أن يليه اجتماع صباحي يوم الثالث عشر لوزراء الخارجية. أما قمة رؤساء الدول والحكومات، فستبدأ في الثالثة بعد الظهر وتختتم في السادسة بصدور البيان النهائي، وبمؤتمر صحافي مشترك لساركوزي ومبارك.

وحتى الآن، ثمة مسائل ما زالت عالقة، منها اختيار مقر الأمانة العامة للاتحاد. وعزت المصادر الفرنسية ذلك لانقسامات الدول العربية. وهناك ثلاث عواصم تتنافس رسميا في الوقت الحاضر، وهي تونس والرباط وفاليتا (مالطا). وقالت المصادر الفرنسية إن باريس ومعها دول أوروربية «تفضل» أن تكون الأمانة العامة في بلد عربي، ولكن يفترض ذلك اتفاق العرب المتوسطيين. وفي هذا السياق، سيعقد اجتماع تحضيري للوزراء العرب في مقر السفارة المصرية في باريس، باعتبار أنه ستعود للرئيس مبارك الرئاسة من الجانب المتوسطي الجنوبي، فيما تعود الرئاسة من الجانب الأوروبي للرئيس ساركوزي. وتريد باريس أن يحسم موضوع الأمانة العامة ومعه موضوع المديرين العامين (واحد أوروبي متوسطي وآخر عربي متوسطي) قبل القمة لتفادي تعكير اجوائها بمناكفات تحيد بالقمة عن غايتها وعن الأجواء الصافية التي تحرص عليها فرنسا. لكن النقاشات والاتصالات ما زالت جارية، وإذا عجز الخبراء عن حسم المسألة فسترفع الى وزراء الخارجية.

أما الموضوع الآخر الشائك، فيتناول مدة الرئاسة الفرنسية، فيما الرئاسة المصرية محسومة لعامين وحتى قمة القاهرة عام 2010. وقالت المصادر الدبلوماسية الفرنسية، إن الحل الذي ترتئيه باريس عقب رفض آيرلندا التصديق على معاهدة برشلونه، هو أن تعهد الرئاسة إلى فرنسا طيلة 18 شهرا، في إطار الهيئة الثلاثية الأوروبية، التي تضم الرئاسة الآوروبية الحالية واللاحقة وما بعد اللاحقة، التي تتشكل في الوقت الحاضر كالتالي: فرنسا، وجمهورية تشيكيا والسويد. والاقتراح الفرنسي أن تعهد رئاسة الاتحاد المتوسطي من الجانب الأوروبي الى العضو المتوسطي في الهيئة الثلاثية لـ18 شهرا. وهذا الحل، إذا قبل، سيعطي الرئاسة لساركوزي، على أن تذهب الرئاسة بعده الى إسبانيا وبعد إسبانيا الى قبرص، وهكذا دواليك، بانتظار أن يحسم موضوع معاهدة لشبونة. وتريد فرنسا، كما تقول مصادرها، أن تخرج القمة بإقرار أربعة أو خمسة مشاريع رئيسية ذات بعد إقليمي، للبدء بالعمل على تنفيذها فورا، وأهمها محاربة التلوث في المتوسط، وتوفير مياه الشفة وإقرار مشروع تربوي لتبادل الطلاب المتوسطيين، وإنشاء هيئتين لتشجيع إيجاد الشركات الصغرى والمتوسطة والحماية المدنية. وبعد خطابين لساركوزي ومبارك، ستقام اربع ورش للعمل في القمة هي: الاقتصاد والتنمية والأمن الغذائي والطاقة، وحماية البيئة والحماية المدنية والأمن البحري، والتعليم والبحث والثقافة وأخيرا الحوار السياسي. وفي الموضوع السياسي، تؤكد المصادر الرئاسية، أن القمة «ستكون مهمة على الصعيد الرمزي»، لأنها ستجمع عددا كبيرا من القادة العرب ورئيس الحكومة الإسرائيلية، وأنها ستضاف الى المؤشرات الإيجابية، ومنها المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية والسورية، وانتخاب رئيس لبناني والهدنة بين إسرائيل وحماس وغيرها. وتؤكد باريس أنها والاتحاد الأوروبي عازمتان على «استخدام القمة من أجل تشجيع فرقاء السلام على التقدم الى الأمام». ولن تشهد القمة لقاء الأسد ـ أولمرت، كما أنها لن تشهد صورة تذكارية رسمية تحاشيا للحساسيات.