وزارة الصحة العراقية: الرواتب الجديدة لأطبائنا تضاهي ما يتقاضاه نظراؤهم في دول المنطقة

طبيب لـ «الشرق الأوسط»: نأمل أن تتحقق وعود الحكومة.. فأنا لا أملك عيادة ولا حتى سيارة

امرأة تغطي أنفها لتجنب الروائح الكريهة أثناء بحثها بين القمامة عن مقتنيات لبيعها في مدينة الصدر أمس (أ.ب)
TT

امتيازات وصفت بـ«المثالية» وحتى «الخيالية» بدأت تنهال على الأطباء العراقيين بصورة عامة والمتواجدين في الخارج بصورة خاصة. فما يمر يوم حتى يصدر قرار من رئيس الوزراء أو وزارة الصحة أو جهات حكومية أخرى تعلن عن أعطاء امتياز آخر لشريحة الأطباء، والهدف الرئيسي من وراء ذلك هو حث المتواجدين خارجا على العودة والمتواجدين في الداخل على البقاء.

وقال وكيل وزارة الصحة العراقية خميس حسين السعد لـ«الشرق الأوسط» إن مجلس الوزراء خصص ألف درجة وظيفية للأطباء العائدين من الخارج لغرض استقبال العائدين من خارج العراق إلى الوظيفة مباشرة، مشيرا الى أن «لجنة تم تشكيلها في وزارة الصحة بإدارتي تتولى مهمة أعادة الأطباء الراغبين خلال يومين أو ثلاثة على ابعد تقدير.. يعودون لوظيفة جديدة إذا كانوا غير معينين سابقا أو يعودون لنفس وظائفهم السابقة». وحسب السعد فان من الامتيازات الأخرى «هناك التوصيات التي رفعت لأمانة مجلس الوزراء وتم إقرار جزء كبير منها أن يكون راتب الطبيب المتعين حديثا 900 ألف دينار بعد أن كان لا يتجاوز الـ300 ألف في الأعوام الماضية، أما الأطباء العائدون ممن هم بدرجة خاصة مثل استشاري أو مختص وغيرها فيكون راتبه الشهري ما بين 2.5ــ3 مليون دينار وهذا الراتب يضاهي راتب أي طبيب يعمل في المنطقة، فضلا عن الأمور الأمنية من تأمين دخولهم ومنحهم أسلحة شخصية وإسكانهم مجمعات مؤمنة سيتم بناءها قرب المؤسسات الصحية بالتنسيق مع المؤسسات الأخرى، ومنحهم قطع أراض سكنية بعد عودتهم لا تقل مساحتها عن 600 متر مربع، وحرية اختيار المنطقة التي يريد الخدمة أو السكن فيها». وبشأن عدد العائدين بين السعد «أننا أحصينا والى الآن أكثر من 650 طبيب عائد خلال الأشهر القليلة الماضية، فيما تبلغ عدد الطلبات ورغبات العودة بالعشرات يوميا من خارج العراق وحددنا هواتف ومواقع الكترونية لاستقبالها وهي كثيرة جدا وجميعها يتم التعامل معها بسرعة فائقة وبخاصة تلك القادمة من دول بعيدة مثل الولايات المتحدة وأوروبا وستتم إعادتهم من خلال التنسيق مع الجهات المعنية وتامين عودتهم أيضا». «الشرق الأوسط» التقت الدكتور فريد الحسان الذي يسكن في احد أحياء بغداد الشعبية وبذات البيت القديم الذي ترعرع فيه وشكا من انه ببساطة لا يملك المال الكافي لشراء بيت مستقل رغم انه تزوج منذ أربع سنوات ولديه ولد وبنت ويشاركه السكن والداه. وأضاف أن عدم المقدرة المادية «واحدة من أهم مشاكل الطبيب العراقي الذي تعرض للكثير من المخاطر لذات السبب، فالجميع يعتقد أننا من الطبقة المترفة وإننا نكسب في اليوم ما يعادل راتب موظف حكومي، ولدينا وظائف أيضا ومرتبات وعيادات وزوجاتنا أيضا طبيبات وهذا شرط غير صحيح أبدا، فانا لا املك ما يعينني على شراء بيتي المستقل ولا حتى أتمكن من ادخار ما يكفي لشراء سيارة تساعدني على الذهاب للدوام.. ويجب أن يفهم الجميع أننا بشر حالنا حال أي عراقي آخر يأتي يوم لا نملك فيه حتى أجرة سيارة». وذكر الدكتور فريد حادثة مر بها خلال تنقله داخل مدينة بغداد «حيث تعرضت امرأة كبيرة السن لنوبة وكانت معي أجهزتي الطبية فأجريت لها اللازم داخل الحافلة الصغيرة وبعد أن فاقت سألني راكب آخر: من أين لك هذه الخبرة؟، أجبته أنا طبيب. فرد احد الشباب: طبيب وتتنقل بسيارة أجرة.. ما هذا البخل ؟ ذكرت له مقدار راتبي وتعجب الجميع وقال لي أخر أنا منذ عام واحد تعينت بشهادة معهد فني أي دبلوم وأتقاضى ضعف راتبك».

ويقول الطبيب «حياتي الخاصة طبيعية جدا فلي زوجتي وأمي وأبي وزوجتي ليست طبيبة لأنه ليس شرطا أن يتزوج الطبيب من طبيبه لكن بحكم تواجدهم ساعات طويلة داخل مستشفى واحدة يجعل من فرصة تقاربهم وزواجهم أمرا طبيعيا خاصة وان الطبيب يقضي اغلب أوقاته إما في العمل والعيادة وبعدها البيت، لكني اختلف فلا املك عيادة لأنها مجازفة وبدون عيادة يعني بدون شهرة ويكون المشروع فاشلا أصلاً». ويضيف «وكما ذكرت فان اعتقاد الناس بأننا مترفون عرض كثيرين منا لعمليات ابتزاز وخطف.. كما اننا أصبحنا الآن مجبرين على الدوام يوميا لثمانية ساعات متواصلة في مركز صحي من المفترض أن يكون نموذجيا لكن الكهرباء مقطوعة عنه بشكل مستمر وهناك مولد صغير، ليس هناك أجهزة تكييف فندخل غرفنا التي نسميها بغرف (الحر) ونبدأ باستقبال ما لا يقل عن 200 مريض لان عدد الأطباء الاختصاص قلة وهناك أصلا زحام في المستشفيات». ورغم المشاكل وهجرة الكثير من رفاقه الى الخاج يقول الطبيب فريد «لا املك أي نزعة للسفر كوني أحب العمل قرب أهلي وبين أبناء بلدي، كما أن للسفر مخاطرة فنحن كلما كسبنا مريضا يزداد رصيدنا من السمعة الحسنة والشهرة فكيف الحال في بلد أجنبي أي نبدأ من الصفر وحتى دون الصفر لان شهاداتنا لا يمكن الاعتراف بها الا بعد اجتياز جملة اختبارات معقدة، ولهذا البقاء أفضل بكثير، والان بدأت الأوضاع تتحسن وربما يكون حالنا بعد مدة معينة أفضل بكثير من الذين فضلوا الهجرة لبلدان أخرى ويعانون حاليا الام الغربة».

الدكتور عماد الدين النقاش، أوضح لـ«الشرق الأوسط» انه الآن يدرس للحصول على درجة الدكتوراه في العراق وقال عن رفاقه الذين لجأوا الى الخارج «انهم مخطئون جدا لان وضع العراق غير المستقر والخطر انتهى والان دخلنا مرحلة ثانية تسبق مرحلة الاستقرار بشكل كامل والعودة لحياة أفضل بكثير حتى من السابقة».