واشنطن سيرت 37 رحلة لنقل 550 طناً من اليورانيوم خارج العراق

شركة كندية تشتري ما تبقى من «الكعك الأصفر»

TT

انهى العراق بهدوء وحذر مرحلة حساسة من تاريخ نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين بالتخلص من اخر مواد اليورانيوم المتبقية في منشأة التويثة جنوب بغداد. واستقبلت كندا اول من امس 550 طناً من مادة «الكعك الاصفر» المستخلصة من اليورانيوم في عملية سياسية وتجارية استغرقت اكثر من عام لاكمالها. وكشفت وكالة «أسوشيتد برس» امس في تقرير حصري عن عملية نقل أميركية سرية بدأت في إبريل (نيسان) وانتهت اول من امس لمواد تعرف باسم «الكعك الاصفر» التي يمكن ان تستخدم لصناعة الاسلحة النووية ولكن بعد معالجة طويلة للمادة.

واكدت ناطقة باسم السفارة الاميركية في بغداد آنا اسكروهيما لـ«الشرق الاوسط» الخبر، موضحة: «تم شراء 550 طناً من مادة (الكعك الاصفر) من العراق». وأضافت: «العراق قرر بأنه ليس بحاجة لهذه المادة ولهذا طلب المساعدة الاميركية لبيعها، وقرر العراق لاسباب امنية التعامل مع هذه القضية بسرية». وغلفت السرية التامة مباحثات دبلوماسية وعسكرية مكثفة على مدى أكثر من عام، للتخلص من اليورانيوم، مخافة تعرض شحنات نقل تلك المواد النووية لهجمات أو كمائن للمسلحين.

وبعد اكثر من عام من المشاورات الدبلوماسية ومشاورات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تمت العملية باشراف القوات المتعددة الجنسية التي نقلت 3500 برميل تحتوي على 550 طناً من مادة الكعك الاصفر الى بغداد، قبل نقلها عبر 37 رحلة عسكرية الى سفينة حربية اميركية نقلت المادة الى مدينة مونتريال الكندية. وأكد الناطق باسم القوات المتعددة الجنسية ان «نقل المواد الى بغداد ومن ثم نقلها عبر 37 رحلة عسكرية كان جزءًا اساسياً من مشاركتنا في العلمية التي جاءت بناء على رغبة الحكومة العراقية التي طلبت من وزارتي الدفاع والخارجية الاميركيتين المساعدة فيها». وأكدت اسكروهيما انه على حسب السلطات الاميركية والعراقية هذه «اخر مادة تبقت في منشأة منطقة التويثة»، مضيفة ان مادة «الكعك الاصفر» تعود الى «ما قبل عام 1991، اذ منع العراق بعدها من استيراد مثل هذه المواد». ويذكر ان منقطة التويثة كانت مركزاً للبحوث النووية العراقية في عهد النظام العراقي السابق. وقالت وكالة «اسوشيتد برس» ان العراق باع «الكعك الاصفر» الى شركة «كامكي كورب» الكندية لإنتاج اليورانيوم مقابل «عشرات الملايين من الدولارات». ويذكر ان «الكعك الاصفر» مادة تدخل في تخصيب اليورانيوم عالي الجودة. ونقلت وكالة «اسوشيتد بريس» عن الناطق باسم الشركة الكندية لايل كراهن قوله بأن «الكعك الاصفر» من العراق سيستخدم في مقاطعة اونتاريو الكندية لتوليد الطاقة النووية. وكانت وزارة العلوم والتكنولوجية العراقي هي المسؤولة عن العملية التي تمت بالتنسق مع الوطالة الدولية للطاقة الذرية. ولم يتسن الحصول على رد عراقي على استفسارات «الشرق الأوسط» حول العملية. واكدت اسكروهيما ان «المناقصة تمت بحسب مواصفات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعلى اسس تعاملات السوق الحر مع الحفاظ على سرية العملية»، مضيفة ان دور الولايات المتحدة كان «المساعدة في بيع المادة وازالتها».

واوضح ناطق باسم القوات المتعددة الجنسية على ان دور القوات الاجنبية انحسر في حماية كمية الكعك الاصفر ونقله خارج العراق. وأضاف في تصريحات لـ«الشرق الاوسط»: «قمنا بنقل المواد داخل العراق الى بغداد ومنها عبر 37 رحلة الى سفن حربية اميركية، وانتهت العملية يوم 5 يوليو (تموز) الماضي». وأفادت «اسوشيتد بريس» بان برنامج إزالة المخلفات النووية من العراق يستمر خلال تنظيف البقايا النووية في مجمع «التويثة» النووي باستخدام طواقم تتضمن خبراء عراقيين تلقوا تدريبات في أوكرانيا وخاصة في مجال تنظيف المواد النووية بعد حادثة مفاعل «تشيرنوبل».

وواجهت عملية النقل السرية العديد من العقبات، منها نظر المخططين العسكريين والدبلوماسيين في نقلها عبر البر إلى الكويت وشحنها عبر الخليج، إلا أن المسار البري كان يقتضي مرورها بمناطق شيعية ما يعني سهولة وقوعها بأيدي فصائل مسلحة، تتهمهم واشنطن بالتنسيق مع ايران. وافاد مسؤولون لم تذكر «اسوشيد بريس» اسماءهم بأن السلطات الكويتية عارضت فتح حدودها لتلك الشحنات رغم المساعي الاميركية.