وزير العدل السعودي: المحكمة الإلكترونية ستعتمد على التسجيل الصوتي للمرافعات

د. عبد الله آل الشيخ قال لـ«الشرق الأوسط» إن محاكمة المتهمين على خلفية الإرهاب ستبدأ في الرياض قريبا

د. عبد الله آل الشيخ (تصوير: عبد الله بازهير)
TT

كشف الدكتور عبد الله آل الشيخ وزير العدل السعودي، أن محاكمة المتهمين على خلفية الأحداث الإرهابية التي ضربت البلاد، ستبدأ قريبا جدا في العاصمة الرياض، وذلك بعد أن أنهت وزارته كافة الترتيبات الخاصة بالموقع الذي سيشهد تلك المحاكمات. وقال الدكتور عبد الله آل الشيخ في حوار مطول أجرته معه «الشرق الأوسط» في مكتبه الصيفي بمدينة جدة الساحلية (غرب السعودية)، إن هناك 3 مواقع تمت تهيئتها كمرحلة أولى لهذا الأمر في ثلاث مناطق هي: الوسطى والغربية والشرقية، في الوقت الذي أشار فيه إلى أن هذه المحاكم لا تختلف البتة عن المحاكم القائمة، سوى أن وقت جلسات المحاكمة سيكون أطول.

وأعلن آل الشيخ، عن انتهاء وزارة العدل وديوان المظالم، من إعداد خطة تطبيق مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء الذي رصد له مبلغ 7 مليارات ريال (1.86 مليار دولار). وقال إن هذه الخطة سترفع للملك عبد الله في غضون الشهر المقبل، فيما أوضح أن تفاصيل هذه الخطة ستعلن بعد شهر رمضان المبارك لهذا العام.

واستفادت السعودية في العمليات التطويرية التي ينتظر أن يشهدها مرفق القضاء، بحسب وزير العدل، من تجارب بحرينية ومصرية ونمساوية، في جوانب حفظ الصكوك على ملفات ممغنطة، وميكنة القضاء، وتدوين الأحكام.

وأكد آل الشيخ في سياق يتصل بتدوين الأحكام القضائية، أن الموضوع لا يزال قيد الدراسة في هيئة كبار العلماء، وهو محل متابعة من خادم الحرمين الشريفين، حيث سيستكمل مجلس الهيئة دراسة الموضوع في جلسته المقبلة في منتصف أغسطس (آب) المقبل.

وربط وزير العدل السعودي، السماح للمرأة بدخول مجال المحاماة، بالنتائج التي ستخلص إليها لجنة حكومية مشتركة كانت قد أشرفت على إعداد نظام المحاماة المعمول به الآن، مشيرا في ذات السياق إلى عدم وجود إقبال كبير من النساء في بلاده لدخول هذا المجال، بدليل أن طلبات الترخيص التي تلقتها وزارته من نساء يرغبن في مزاولة المهنة «لا تتعدى الـ6 طلبات».

وذكر الدكتور عبد الله آل الشيخ، أن عدد القضايا الواردة إلى محاكم بلاده، سجلت زيادة بنسبة 60 في المائة خلال الـ10 سنوات الماضية. وقال إن التوجه للمحكمة الالكترونية سيسهم في سرعة إنجاز القضايا المنظورة. وعزا في الموضوع نفسه قلة أعداد القضاة لأسباب دينية وأخرى تتعلق بطبيعة عمل القاضي.

وقلل وزير العدل السعودي، من شأن كل ما يثار حول بلاده من مزاعم تتهمها بالتمييز ضد الأجانب والأقليات، وقال «إن كانت تلك المزاعم صحيحة، إذا فماذا نفسر الرغبة الجامحة من جميع الجنسيات للعمل في السعودية؟».

تفاصيل أوسع عن توقيت إطلاق المحاكم المتخصصة، وإدراج المؤشر العقاري في مدن المنطقة الغربية، والنظام الجديد للتصرف الالكتروني بالملكيات، في هذا الحور المطول:

* لنبدأ الحوار من مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء، من المعلوم أنه رصد لهذا المشروع مبلغ 7 مليارات ريال (1.86 مليار دولار)، هل لك أن تطلعنا على التقدم المحرز في تطبيق هذا المشروع التطويري؟

ـ عند رصد أية مبالغ لمشروع ما، يكون هناك تصور عام عن المشروع، وتكون الجهة التي طلبت المشروع قد أعدت الدراسة حول حاجتها وكيفية العمل به وآلية تطبيقه. ما حدث في مشروع تطوير القضاء، أن خادم الحرمين قدم لنا هذا المشروع، بدون أن يكون هناك طلب أو آلية معينة أو دراسة أو خطط تطويرية بهذا الحجم. نحن لدينا خطط تطويرية تدريجية تتمشى مع الميزانية السنوية المرصودة لوزارة العدل. ولكن نحن فوجئنا بالرقم الذي رصد للمشروع، فالملك دائما عودنا أن يكون هو السباق، فقال لنا: نحن سنضع لكم مبلغا، وأنتم من خلاله تتصرفون في تطوير القضاء، وهو تطوير سيشمل كافة أشكال القضاء، سواء كان في آليته، أو مباني المحاكم، أو المقرات، وحتى في أسلوب التقاضي.

وبدأنا نحن وديوان المظالم، بوضع الخطة التي تتناسب مع هذا الحجم. وانتهينا من الخطة، وسيتم رفعها الشهر القادم لخادم الحرمين الشريفين حتى نأخذ عليها الموافقة. ومن أبرز عناصر الخطة، أنه سيلغى أسلوب الحضور أمام القاضي والتخاصم الموجود الآن الذي يحدث فيه عادة لجج وشيء من الشحناء، حيث سيتغير هذا الأسلوب إلى البعث بمذكرات الترافع حتى ولو بواسطة البريد الالكتروني، حيث لا يستدعي الحضور أمام القاضي، وهذا بطبيعة الحال سيكون نقلة، وسنستفيد منها في أسلوب جديد، بحيث تكون وزارة العدل سببا في تخفيف الشحناء بين المواطنين والمقيمين. وسيسهم الترافع بشكله الجديد، في مساعدة القضاة بالنظر في أكبر عدد من القضايا خصوصا في ظل نقص أعدادهم، لأن في الأسلوب المتبع يذهب وقت القاضي بسماع هذه الخصومة واللجج، حيث سيختصر وقت القاضي بهذه الطريقة، ويوفر علينا عددا من القضاة، نتيجة النقص الناتج عن عدم إقبال الكثير من الشباب لمرفق القضاء.

ومن أبرز ملامح مشروع الملك عبد الله، أنه ستكون هناك استفادة من التقنية الحديثة في الوصول إلى الشخص، وفي نقل ما لدى الطرف في الدعاوى أو الملكيات، بحيث يستطيع أن يتعامل مع ملكه ويبيع ويتصرف فيه وهو في مكانه ومكتبه، فالنظام الجديد قائم على إبعاد نظرية حضور أطراف الدعوى، ونبقيها في الحدود التي لا بد منها، مثل إلزامية الحضور في أول الخصومة فقط.

أيضا من ميزات المشروع، أن الملكيات سيتعامل معها كمعاملة بيع الأسهم، بحيث ستكون هناك مكاتب مخصصة، ستعامل معاملة الشهود، فبمجرد أن يأتي الشخص ويدخل ورقة الملكية في هذا المكتب، ويعطيهم الأذن بالبيع في حدود معينة، أصبحت رقما كسهم شركة. نحن نعلم أن أكثر الاستثمارات فيها في مجال العقار، فستكون عملية البيع الالكتروني نقلة وإضافة. ومما لا شك فيه أن مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير مرفق القضاء حوى من المواد ما يضمن استقلالية القضاء وقوته ونزاهته وجاء مسايراً للنهضة العظيمة التي تعيشها المملكة العربية السعودية.

ويأتي هذا المشروع ليكون قاعدة ونواة يتم من خلالها تهيئة الكوادر وتوفير الوظائف والتجهيزات ومباني المحاكم والمتطلبات اللازمة لتحقيق الأهداف والغايات لإصدار الترتيبات التنظيمية لأجهزة القضاء لتكون صورة متكاملة تجمع بين مضامين الشريعة في مبادئها لتكون ملاقية للواقع المعاصر وما يعصف به من نوازل ومتغيرات في الجوانب القضائية بشقيها الموضوعي والإجرائي.

ومن يطلع على النظام يظهر له بجلاء العناية الفائقة والنظرة العميقة والثمرة الطيبة للجهود المبذولة من كل الجهات المعنية والتي تصب في تحقيق رغبة ولاة الأمر ورغبة المواطن في نظام قضائي يضمن الحقوق ويوصلها إلى أهلها في أسرع وقت وأضبط نظام.

لقد أحدثت عناية خادم الحرمين الشريفين بمرفق القضاء نقلة نوعية واعدة في أداء هذا المرفق الهام من مرافق الدولة وتمكينه من أداء المهام والمسؤوليات المناطة به على أكمل وجه، وهو ما يعني أن مسيرة الإصلاح والتطوير ماضية في طريقها واضعة تحقيق مجتمع العدل والازدهار هدفاً استراتيجياً لها.

وسنعمل في المشروع التطويري الجديد، على تدريب الكوادر، ووضع أقسام نسائية متميزة وخاصة جدا، بحيث تستطيع المرأة أن تتابع الموضوع الذي تبحث عنه بدون حرج وبدون أن تشترك مع الرجال.

* هذه المكاتب النسائية، هل ستدار بأيدي كوادر من النساء؟

ـ المكاتب النسائية ستكون منفصلة بحيث لا يكون فيها اختلاط، طبعا المرأة من حقها مراجعة المحاكم.. الاختلاط طبعا موجود في الشوارع والأسواق، فلست أقصد الاختلاط بمفهومه الشرعي، ولكن الهدف من الأقسام الخاصة بأن لا تتحرج المرأة بالمراجعة والمتابعة والنقل من مكان إلى مكان.

* أشرتم في إجابتكم إلى الاستفادة من تجارب الغير، هل لنا أن نعرف كم عدد التجارب القضائية التي تمت الاستفادة منها في مشروع تطوير القضاء؟

ـ لا شك أن التجارب القضائية مفيدة، ولكن التقنية الحديثة هي التي تعطينا الفكرة الجديدة. حاولنا ألا نأخذ بالأفكار الجديدة الموجودة في مجتمعات أخرى أو مؤسسات قضائية أخرى فقط، فبدأنا بالاستفادة القصوى من التقنية مع ضمان الحفظ وأن يكون العمل متقنا. ثم أطلعنا على ما هو موجود في دول مجلس التعاون الخليجي، لأن أعمالها قليلة فتستطيع أن تطور، فمثلا في البحرين الصكوك تعطى في ملف ممغنط وفيه خريطة لوصف مكان العقار، وهذا ستتم الاستفادة منه، طبعا وسيدخل السجل العقاري الذي سأفتتحه مع الأمير متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية في الطائف بعد أيام، والذي سيحدد هذه الطريقة.

استفدنا أيضا من التجربة المصرية، في كيفية الوصول إلى أحكام السوابق القضائية، وتحولها إلى أوراق تكون أمام القاضي لتسهل عليه الحكم في القضايا.

كذلك استفدنا من التعاون مع النمسا، فيما يتعلق بإدارة القضاء وميكنته، وهي من الدول المتقدمة في أوروبا في هذا المجال. مع كل هذا، نحن نعتمد بشكل أساسي على التقنية الحديثة للوصول إلى المعلومة وحفظها ونقلها إلى المواطن.

* أشرت من خلال إجاباتك إلى أن هناك سعيا من خلال مشروع الملك عبد الله لتطوير القضاء، للترافع الالكتروني، وهو ما سيعمل على سد جانب نقص القضاة، بينما كان من أهداف المشروع المعلنة، هو زيادة أعداد القضاة، أليس هناك تضارب في هذين الهدفين؟

ـ هذا الأمر موجود، ولكن زيادة أعداد القضاة لا تخضع للجانب المالي فقط، والوعي عند أبناء منطقة معينة أو دولة معينة بأهمية هذا الجانب. ولكن الإحجام يأتي من سببين؛ سبب ديني، لأنه يخشى ألا يحقق العدالة في كل القضايا. والسبب الآخر، أن جانب القضاء فيه مشاكل تعرض أمام القاضي، فهو لا يستمع إلى الجوانب الإيجابية في حياة الناس، وإنما يستمع لمشاكل الناس، وهذه المشاكل تعرض بطريقة يكون الجميع فيها أعصابه مشدودة. وهذا يجعل عمله يستغرق في القضية وإن كان وقتا ليس بالطويل، ولكنه لو قورن بقدراته وتحمله كأنه يعمل لساعات.

نحن نحاول زيادة عدد القضاة من خلال الجوانب التي سيحفظها النظام لهم، ونخفف عنه العناء الذي لا يجعله يقدم على القضاء، فبعضها مكمل لبعض، ونحن نتصور أنه وفق الترتيبات النظامية الجديدة سيكون الإقبال أكبر على القضاء، وسيكون الخطأ أقل، لأن القاضي من الصعب عليه أن يستحضر الكتب والسوابق القضائية، لكن مع مدونة القضاء الجديدة التي ستصدر، يجعل القاضي يقدم ويطمئن أنه قارب أو أصاب الصواب في حكمه.

لاشك أن النقص في عدد القضاة أمر واقعي وبالأرقام، ولكن هذا النقص لا ينبغي أن نرمي عليه أي قصور يحدث في وزارة العدل والدوائر الشرعية التابعة لها مثل المحاكم وكتابات العدل.

وتكدس العمل هي مشكلة أفرزها المجتمع المدني، عندما كثر التعامل بين الناس وغاب الوازع الديني والجانب الأخلاقي إلى حدٍ ما، إضافة إلى جانب آخر أنه أضيف لوزارة العدل كثير من الاختصاصات، وذلك حسب توجيهات ولاة الأمر التي أعادت الكثير من الاختصاصات التي سبق أن كانت في لجان حتى تواكب التطور الذي تم في المملكة.

ونحن نحاول الآن أن نطور الموجود، فالموجود وضع عندما كان عدد الناس قليلاً، ووسائل المساعدة قليلة، والوازع الديني الذي يحكم الناس كان أقوى.

هذا الجانب جعل الوزارة تعيش مشكلة ترتبط بما يتعلق بالمطالبة بزيادة عدد القضاة جانب آخر وهو الأهم أن الإقبال على القضاء قليل من منطلق ديني، ومن منطلق صعوبة العمل لان الذي يتعامل مع الناس بخصوماتهم لا يأتي إليه أحد في حالة رضا، إنما يأتي إليه في حالة انفعال، وقد بدأ هذا الجانب يعالج، حيث صدرت التوجيهات من خادم الحرمين وولي العهد لوزارة العدل أن تتجاوز الإجراءات المتبعة عادة، لكن بقي الإقبال فما زال قليلاً جداً.

* كيف سيساعد استخدام التقنية في المجال القضائي أو بمعنى إلى أين وصلت وزارة العدل في تطبيق المحكمة الإلكترونية، ضمن نظام التعاملات الإلكترونية الذي أقرته الحكومة منذ بضع سنوات؟

ـ تأتي المحكمة الإلكترونية كحجر الزاوية في تحقيق النمو والتطور للحكومة الإلكترونية، حيث سرعة إنجاز القضايا وسهولة الاستعلام عن المعاملات القضائية والصكوك العقارية والوكالات وغيرها مما يوفر الكثير من الجهد، ويقلل من العبء في شتى النواحي ذات العلاقة وبخاصة الارتفاع المستمر لعدد القضايا حيث بلغ معدل تزايد القضايا خلال العشر سنوات 60 في المائة. كما أن المحكمة الإلكترونية تساهم في تخفيف الزحام في المحاكم مع تقليل التكلفة المالية على المدى البعيد، أضف إلى تلك الإيجابيات نقطة مهمة أيضاً وهي توحيد وتبسيط إجراءات العمل مما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية والتكامل مع الجهات الحكومية الأخرى بالإضافة إلى أمن المعلومات والمحافظة على الثروة المعلوماتية القضائية والعقارية. وحيث ان مفهوم المحكمة الإلكترونية لا يقتصر في جملته على تقديم الخدمات عبر شبكة المعلومات «الإنترنت» وحسب، فإن الإنجازات التي تحققت في هذا المجال عديدة وذات قيمة أساسية للنهضة الإلكترونية الشاملة، فهناك النظام الشامل للمحاكم ونظام إدارة القضايا الذي يتم من خلاله تسجيل القضايا وجدولة مواعيدها وسماع القضايا والاستفسار عنها وإصدار التقارير وكذلك النظام الشامل لكتابات العدل الأولى المتضمنة للسجل العيني العقاري والذي طبق في كل من كتابة العدل الأولى في الرياض والدمام، مما أتاح المجال للتفكير بفتح فروع لكتابات العدل الأولى، كما أن هذا سيساهم في المستقبل في تمكين المراجعين من إفراغ الأراضي من أقرب كتابة عدل لهم بدون الحاجة للسفر إلى مدن أخرى، كذلك نظام المبايعات إضافة إلى نظام إصدار الوكالات والتقارير، جميع هذه الأنظمة تعتبر خطوة مرحلية غاية في الأهمية لإنجاز ما يسمى بالمحكمة الإلكترونية المتكاملة.

كما أود أن أشير إلى أن من مكونات المحكمة الإلكترونية نظام التسجيل الصوتي للجلسات القضائية وخدمات تفريغ التسجيل الصوتي، وأنظمة إدارة المحتوى والتي تعنى بمتابعة ملفات القضايا وإدارة المستندات الورقية والصوتية للجلسات المسجلة إضافة إلى إدارة المؤتمرات المرئية، وهذه النظم في طريقها الآن نحو التطبيق الواقعي.

كما أن التوجه للمركزية المعلوماتية في العمل يعد من أهم أسس البنية التحتية للمحكمة الإلكترونية، حيث جرى اعتماد مبنى مستقل للإدارة العامة للحاسب الآلي كي يكون نقطة تجمع وتحكم في البيانات وتبادل المعلومات كخطوة مرحلية في تطبيق الأهداف المستقبلية في مشروع المحكمة الإلكترونية المركزية، بحيث ترتبط جميع المحاكم وكتابات العدل بقاعدة بيانات واحدة مما يساعد في تسهيل مهمة الإشراف المباشر على الأعمال التقنية وتقديم الدعم الكامل لها وتطويرها.

ولا شك أن إنجاز هذه البنية التحتية سيفتح المجال لاستغلال أقصى ما تقدمه تقنية المعلومات والاتصالات المتجددة في خدمة المراجعين، وتفعيل جميع الخدمات الإلكترونية سواءً عبر الإنترنت كالبوابة الإلكترونية المزمع إعادة تدشينها أو عبر رسائل الجوال (إس إم إس) أو البريد الإلكتروني.

ومن الجدير بالذكر أنه إضافة إلى المتطلبات الفنية، فهناك العديد من المتطلبات الواجب توفرها لتطبيق المحكمة الإلكترونية على الوجه الأمثل، كالنظم الإدارية العليا، وأنظمة التحقق من الهوية الإلكترونية، وبُنى الاتصالات التحتية، ورفع المستوى الثقافي والتقني والمعلوماتي لدى المجتمع بعامة.

* في ظل نقص القضاة، هل هناك نية لفتح المجال بشكل أكبر أمام فئات يمكن استقطابها لدرجات التقاضي بما يتوافق مع التخصصات الجديدة بعيدا عن حصرها في خريجي كليات الشريعة ومعهد القضاء العالي أو حتى القانونيين؟

ـ الذي سيفتح بشكل واسع، هو انضمام الفنيين (معاوني القضاة)، فهم الذين سيكون لهم دور كبير، كفني المساحات والأدلة الجنائية والأجهزة، وإن لم يكن لكل قاض فني، ولكن على الأقل يكون لكل محكمة فني في تلك الجوانب، ويدخل الجوانب العلمية في الأجهزة التي أمامه.

* من الأسباب الشائعة عن أسباب تأخر البت في القضاء، أن وقت القضاة يستغرق في الأمور الإدارية، ما هو تعليقكم؟

ـ نعم هذا صحيح، هذا ما أشرت إليه قبل قليل. نحن نريد أيضا ألا يشمل التطوير المباني فقط، ولكن في مفهوم القضاء نفسه.

* ماذا عن الهيئة أو اللجنة العلمية التي صدر أمر سام بتشكيلها للنظر في إصدار قانون شامل للعقوبات؟

ـ ليست لدي معلومات كاملة حول هذا الموضوع على الأقل في هذا الوقت.

* في ظل التطور المتوقع لقطاع القضاء، متى سترى المحاكم المتخصصة النور؟

ـ القرارات التي صدرت بتشكيل محاكم الأحوال الشخصية والتجارية والعمالية، والآن فيما يتعلق بالجانب الأمني، تلك القرارات تريد أن ترافقها جوانب مالية ضخمة وكوادر بشرية، عندما تنشئ محاكم تجارية والتي سيكون فيها فنيون ورجال قانون لتقديم المعونة للقاضي في هذا الجانب، تريد مقارا وموظفين ومراسلين ومطبوعات، هذا كله يحتاج إلى تكاليف. مشروع خادم الحرمين الشريفين، يختصر الزمن في هذا الجانب، وسيكون من ضمن المبالغ المخصصة لوزارة العدل جزء يحول لإيجاد هذه المحاكم. وستبدأ المحاكم المتخصصة في العمل كحد أقصى بعد سنتين.

* كم أعدادها؟

ـ في المدن الرئيسية، سنبدأ بـ5 مدن التي بها كثافة سكانية في الرياض وجدة ومكة المكرمة والمنطقتين الشرقية والجنوبية، سواء فيما يتعلق بمحاكم الأحوال الشخصية أو العمالية أو المحاكم التجارية، ستبدأ في هذه المناطق في وقت واحد، لأن المبنى الواحد قد يكون فيه أكثر من محكمة، وهناك خطة سأعلنها في الصحف، وسأتحدث عنها بإيضاح، سيعلن عنها بعد رمضان.

* متى سينظر في موضوع تدوين الأحكام القضائية؟

ـ هذا الموضوع محل بحث في هيئة كبار العلماء، فقد أحيل للهيئة وهو محل درس، وخادم الحرمين الشريفين يولي هذا الموضوع أهمية بالغة، لأنه يفيد القاضي بأن يكون لديه شيء مدون يتعلق بالأحكام، ويفيد صاحب القضية بأنه ينظر في هذه المدونة قد يجد فيها ما يقنعه بأن يعرف أن ليس له حق، أو تمنحه معلومة جديدة إذا كان صاحب حق كيف يصل إلى حقه من خلال هذه المدونة. فهي الآن في المرحلة لدى هيئة كبار العلماء بناء على توجيه المقام السامي بأن تدرس، وقد درست في الجلسة الماضية، وستستكمل في الجلسة القادمة في منتصف شعبان القادم في مجلس هيئة كبار العلماء.

واستشعرت الوزارة أهمية اطلاع المهتمين والمختصين من القضاة والمحامين والباحثين على مخرجات الجهاز العدلي من الأحكام التي تصدرها المحاكم والتي تشكل في مجموعها ثروة فقهية وعلمية ضخمة لا تقدر بثمن.

فقد أنشأت الوزارة الإدارة العامة لتدوين ونشر الأحكام والتي زودت بالعديد من الكوادر المؤهلة والخبرة وعملت على تحقيق هذا الهدف الكبير وأصدرت باكورة إنتاجها في مطلع العام الماضي، وبعدها بـ9 أشهر أصدرت الإصدار الثاني في نفس العام، فيما تجري الاستعداد حالياً لإخراج الإصدار الثالث.

وتحوي (مدونة الأحكام القضائية) التي تصدرها الإدارة وهي مجموعة منتقاة من الأحكام القضائية مكتسبة القطعية بالتصديق من محاكم التمييز، كما روعي في اختيارها شمولها كل أنواع القضايا كالأحوال الشخصية والإنهاءات والحقوقية والجزائية كما أنها تحتوي على أحكام متعددة المصادر ومن كافة مناطق المملكة.

كل العزم أن تتوالى الإصدارات القادمة من المدونة لتصدر كل ستة أشهر وهو ما يلبي حاجة المهتمين والمعنيين حيث لقي الإصداران الأول الآن أصداءً طيبة وردود أفعال إيجابية شجعت وحفزت الوزارة على مواصلة الجهود في هذا المجال.

* دائما السعودية تكال إليها التهم في ما يزعم بأنها ممارسات تميزية ضد بعض الأقليات أو المرأة، ما هو تعليقكم؟ وإلى أين وصل مشروع دخول المرأة في المحاماة؟

ـ هذا الموضوع ليس راجعا لوزارة العدل، فعندما صدر نظام المحاماة لم يكن فيه شيء منصوص يمنع المرأة أو يمنحها الحق في ذلك. عدد الطلبات النسوية المتقدمة للحصول على رخص، لا يتجاوز الـ6 طلبات. ليس هناك إقبال من النساء على الالتحاق بالمحاماة. فعندما وجدت تلك الطلبات، وعندما تشكل رأي عام يبحث هذا الجانب ويلح عليه، طلبت وزارة العدل أن يدرس الموضوع، فأعيد إلى اللجنة التي أعدت نظام المحاماة، ونحن ننتظر من اللجنة أن تقدم لنا رأيا في هذا الجانب، ولكن حتى الآن لم يصلنا شيء، وهناك أيضا جهات أخرى تدرس مع الوزارة هذا الأمر.

أما فيما يتعلق بالحديث عن التمييز ضد الأجانب، فالآن أصبحت الأيدي العاملة هي مطلب للجميع، وأصبح الفني مطلوبا، وعندما قامت المدن الاقتصادية بدأت تقدم مبالغ ومغريات لاستقطاب الفنيين المهرة. فالفكر الإنساني ثمين في العالم. صحيح أن المواطن في كل بلد قد تكون له مزايا تختلف عن غيره، ولكن أكبر دليل أن السعودية من الدول التي لا يوجد فيها هذا التمايز بالأحجام المعروفة عالميا، نتيجة تمسكها بالدين الإسلامي، وأكبر دليل هو الإقدام والإقبال الكبير جدا على العمل في السعودية، ويكفي أن من يأتي للمملكة يكون آمنا، ولا تضيع أمواله في عبث وفي أشياء لا يستفاد منها.

* نريد أن نعرف إلى أين وصلت الترتيبات الخاصة بمحاكمة الإرهابيين؟

ـ كما ذكر الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية، وسبق أن قلت إن المحاكم ليس لها مفهوم محاكم خاصة، أو لها قوانين مختلفة عما هو موجود في المحاكم الأخرى، أو أن لها درجة تقاضي أقل أو أعلى، هي بالدقة مجرد مكان. وهذا بتصوري هو مقبول عقلا ومطلوب. أن أي شخص اتهم بقضية أمنية تمس الأمن، من الصعب أن تأتي به لتحاكمه مع شخص مطلوب في قضايا تجارية أو عمالية، نحن الآن في زمن التخصص. فلذلك هذه المحاكم ستكون فقط مجرد مكان مخصص لمحاكمة المتهمين على خلفية المساس بالأمن، وفي نفس الوقت سيكون للقضاة وقتهم أطول في هذه القضايا، حتى يكون الحق جليا. وسوف يكون وجود القضاة دوريا، بمعنى أنه سيتعاقب على هذه المحاكم قضاة مختلفون. ومنحنا وقت أكبر للقضاة لإعطاء المتهم وقتا للتعبير عن رأيه، في نفس الوقت هو لا يزال تحت التهمة، فلا يدخل ويعرض أمام الناس وهو لا يزال متهما، لأنه قد تثبت براءته، فهي من كل النواحي فيها ميزة. الأحكام ستكون معلنة، وسيكون له صك مكتوب، ولن يكون فيها أي شيء يمس سيادة الإنسان أو نظام الإجراءات الجزائية التي تحرص الوزارة على تطبيقه. وقريب جدا ستبدأ عملها في ثلاث مناطق هي: المنطقة الوسطى، والغربية والشرقية كمرحلة أولى، وستتم البداية في المنطقة الوسطى. وهي محاكم معلنة لها لوحات باسمها، ولها مراسلون ونظام بريدي. إلا أن مسألة دخولها وحضور محاكماتها سيكون بإذن القاضي. ووزارة العدل أنهت من جهتها كل ما يتعلق بالترتيبات النهائية لإطلاق المحاكمات في المنطقة الوسطى.

* نظام التنفيذ الذي لا يزال يدرس جاء لتنفيذ الأحكام المتعثرة الصادر بها صكوك من المحاكم السعودية، ولكن يبقى السؤال عن إمكانية تطبيق هذا النظام وانعكاساته الإيجابية المتوقعة، لا سيما أن هذا النظام قد يكون حجر الزاوية في القضاء السعودي؟

ـ لابد أن يدرَك أثر التكامل في تحقيق العدالة انه يعود على قوة التشريع وقدرته على علاج الواقع من خلال ميادينه العامة الموصلة لمقاصد الشارع في إقامة العدل ورفع الظلم وهذا مما لا شك فيه مما اتسمت به مصادر التشريع الإسلامي التي هي أصول الدستور لهذه البلاد، كما أن تحقيق العدالة يقوم على قوة نظر المزاول لتنزيل أحكام الشريعة على الوقائع والأحداث ومن أهم أسس تحقيق العدالة كذلك تنفيذ مقتضيات الأحكام ومخرجاتها ونتائجها، وهذا ما تم تنظيمه من خلال نظام التنفيذ المشار إليه. ومن الإيجابيات المركزية في هذا النظام وضوح إجراءاته ومباشرة أحكامه للغرض الذي من أجله نظم ولا شك أن هذا سينعكس على الواقع القضائي الحالي الذي سيكون ضمانات لتحقيق العدالة كما أن تشكيل كوادر قضائية تعنى فقط بتنفيذ الأحكام الصادرة عن قضاة الموضوع وتفسيرها وما تقضي به سندات التنفيذ المعتبرة في النظام وبقدر تفاعل الجهات ذات الاختصاص المشاركة في إتمام التنفيذ الإشراف عليه خارج نطاق القضاء وما يصدر عن قضاة التنفيذ يحصل تحقيق العدالة المنشودة.

* ما الآفاق التي سيفتحها تطبيق نظام التسجيل العيني والرهن العقاري، وما هي الأسباب التي لا تزال تقف دون تسجيل عقار المنطقة الغربية بالمؤشر العقاري الصادر عن وزارة العدل، والوقت المستهدف لتسجيل كامل الصكوك العقارية في الحاسب الآلي؟

ـ من المعلوم أن المملكة العربية السعودية تعتبر من الدول الأكثر استقطاباً للاستثمارات في جميع المجالات وخاصة في المجال العقاري، والمملكة منذ إنشائها تطبق نظام التسجيل الشخصي للعقارات وهو من الأنظمة الشائعة في دول العالم، أما نظام التسجيل العيني فيعتبر من الأنظمة التي تهتم بعين العقار وطبيعته والنظام من الأنظمة التي تعطي العقار الحجية المطلق وتساعد للاستفادة من الاستثمارات العقارية مثل الرهن العقاري والتمويل العقاري وتسعى الوزارة للمشاركة مع وزارة الشؤون البلدية والقروية لتطبيق النظام وذلك في أسرع وقت ممكن وحسب الإمكانيات لدى الوزارتين.

أما فيما يتعلق بالمؤشر العقاري الصادر عن وزارة العدل فالمعمول به حالياً المؤشر العقاري الصادر عن كتابتي عدل مدينة الرياض ومدينة الدمام، وسوف يدرج قريبا المؤشر العقاري لمنطقة مكة المكرمة والمدينة المنورة ومحافظة جدة.

* هناك من يتحدث عن عدم تطبيق الأنظمة العدلية الثلاثة (الإجراءات الجزائية، المرافعات الشرعية، المحاماة) بالشكل المطلوب، ما تعليقكم؟

ـ دعوى عدم تطبيق تلك الأنظمة بالشكل المطلوب تحتاج إلى بينة والذي ألمسه ويلمسه الجميع أن هناك تفاعلا واضحا بين القضاة ومعاونيهم لتطبيق ما جاء بهذه الأنظمة وإخضاع الإجراءات اليومية في الأعمال الواردة من الدعاوى على وفق ما جاء فيها، بل إن الإبطال الإجرائي الناشئ عن عدم إعمال الأنظمة معتبراً عند وروده كدفع لبعض الإجراءات التي قد تلاحظ من خلال تدقيق الأحكام من جهة الاختصاص أو اللوائح الاعتراضية المقدمة من أحد الخصوم.

وبهذا يتبين لك وجوب إعادة النظر في ما أُدُعِي من عدم تطبيق تلك الأنظمة في الرواق القضائي.