حملة إسرائيلية دولية لتجفيف مصادر تمويل حماس

الجيش يغلق مؤسسات مدنية في نابلس

TT

أقدمت السلطات الاسرائيلية، خلال اليومين الماضيين، على سلسلة إجراءات عسكرية وسياسية واقتصادية تستهدف تجفيف مصادر تمويل كل من حركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني. فأخرجت عن القانون 36 مؤسسة خيرية فلسطينية وهاجمت بعضا من هذه المؤسسات، الليلة قبل الماضية في نابلس، وتوجهت الى القضاء الأميركي لمحاربة خمسة بنوك وعدة مؤسسات مالية لبنانية. وأعلن ناطق بلسان وزارة الدفاع الاسرائيلية ان الحكومة قررت تصفية المؤسسات التي تشكل مصدرا لقوة حركة حماس في الضفة الغربية وقطاع غزة، جماهيريا واقتصاديا. وقال انه إذا لم تقم اسرائيل بهذه الخطوات فإن حماس ستستغل قوتها فيها وتسيطر على السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية أيضا، كما فعلت في قطاع غزة.

وكانت قيادة الجيش الاسرائيلي قد كلفت قائد لواء المركز، اللواء غادي شمني، مهمة تصفية البنى التحتية لحماس في الضفة الغربية، منذ نهاية العام الماضي. فراح يعتقل قادة الجمعيات الخيرية العاملة تحت ادارة الحركة ويداهم المؤسسات التي تديرها في الخليل وجنين ويعتقل أصحاب محال الصرافة ويصادر أموالا بدعوى انها أرسلت الى نشطاء حماس لتمويل النشاط الارهابي. وفي خطوات جديدة أصدر وزير الدفاع، ايهود باراك، بموافقة رئيس الوزراء، ايهود أولمرت، أمرا يعلن فيه عن 36 مؤسسة فلسطينية خيرية انها جزء من النشاط الارهابي، يحظر نشاطها ويغلق أبواب مؤسساتها ويصادر كل ما تملكه من أموال وعقارات. ونفت حماس هذه الاتهامات وقالت ان هذه المنظمات تعمل على خدمة الشعب الفلسطيني وليس لديها أي صلة بتمويل عمليات قتالية ضد اسرائيل. واعتبرت الحركة، ان «الحملة الصهيونية» هي عبارة عن «مجزرة إنسانية» ترتكب بحق أبناء الشعب الفلسطيني.  وقال فوزي برهوم الناطق باسم الحركة، «إن الهدف من هذه الهجمة الشرسة، هو تجويع وتركيع الشعب الفلسطيني وكسر إرادته، حتى يرضخ للاملاءات الأميركية والصهيونية، ويقبل بسياسة الأمر الواقع التي يرسخها هذا الاحتلال». واعبتر «أن هذه الهجمة العنصرية والإرهابية تأتي في سياق خطة مبرمجة وممنهجة لتصفية القضية الفلسطينية بكل الاتجاهات وبكل الطرق». واضاف «لا استبعد أن هذه الهجمة الشرسة على الجمعيات والمؤسسات الخيرية  تأتي في إطار التنسيق الأمني بين فريق فياض والصهاينة، لأن ما تقوم به حكومة فياض غير الشرعية ينسجم مع ما يقوم به الاحتلال». وعقب امر باراك اغلق الجيش الاسرائيلي، جمعية اسلامية، قريبة من حركة حماس، تضم مدرسة وعيادة ومسجدا، لمدة ثلاثة أعوام في نابلس. وصادر الجنود الاسرائيليون وثائق وحواسيب، قبل ان يغلقوا مقار جمعية «التضامن». وكتب الجيش في قرار الاغلاق الذي علق على مدخل المبنى «اغلقت مقار جمعية التضامن لانها جزء من بنية الارهاب».

وقال الناطق العسكري في تبرير هذه الخطوات ان الجيش يشكل اليوم العائق الوحيد أمام تنامي قوة حماس وسيطرتها على الضفة، حيث أن نشاطاته التي تبدو في الظاهر ضد المؤسسات المدنية، انما تحد في الواقع من قدرتها العسكرية وتمنعها من تشكيل تهديد على السلطة الفلسطينية. وأضاف: «هذه الحركة فازت في الانتخابات البلدية الأخيرة وسيطرت على قسم كبير من البلديات والمجالس المحلية الفلسطينية، وازاء ضعف السلطة وانهيار حركة «فتح»، غدت تسيطر تدريجيا على مؤسسات تربوية وصحية ومؤسسات اجتماعية ودينية وليس فقط جمعيات إسلامية محضة، بل أيضا على مؤسسات كانت في السابق تابعة للسلطة. كما أن الجمهور الفلسطيني يفضل حماس لأنها أقل فسادا وأكثر نجاعة في العمل. وهدد المسؤول الاسرائيلي: «هناك قفازات لم تنزعها إسرائيل عن يديها بعد، وستنزعها في الوقت المناسب».

ويتضح ان هذه الحملة، بما في ذلك قرار باراك، تتخذ بالتنسيق مع أوساط سياسية واستخبارية في الغرب أيضا. وهي موجهة ليس فقط ضد حماس، بل تشمل جميع الحركات والتنظيمات التي أعلن عنها في الغرب كتنظيمات ارهابية، وبينها حزب الله اللبناني.

وكشف النقاب في نيويورك، أمس، ان 60 اسرائيليا رفعوا دعوى الى المحكمة الأميركية الفيدرالية يطالبون فيها بإدانة خمسة بنوك وعدة مؤسسات لبنانية بتهمة التعاون مع الارهاب بعد ان كشف انها نقلت أموال تبرعات الى حزب الله إبان الحرب الأخيرة على لبنان في سنة 2006. واعتمد هؤلاء على منشورات حزب الله، التي تباهى فيها بالتبرعات التي وصلت اليه من مختلف دول العالم. فقدموها كوثائق الى المحكمة، قائلين ان هذه التبرعات استخدمت في تعزيز قدراته العسكرية وقصفه البلدات الاسرائيلية في الشمال وطالبين تعويضات منها بقيمة 100 مليون دولار. والبنوك هي، كما وردت أسماؤها باللغة في الترجمة العبرية للدعوى: فرنسا بنك، والبنك التجاري اللبناني، وبنك فرنسا – لبنان وبنك بيروت وبنك الشرق الأوسط ـ أفريقيا. وتزامنت هذه النشاطات الاسرائيلية مع دعوى تقدمت بها، أمس، عائلة يهودية في اسرائيل الى المحكمة مطالبة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية بدفع تعويضات بمبلغ 550 مليون دولار، بسبب عملية مسلحة قام بها عدد من الفلسطينيين في بداية الانتفاضة في 4 سبتمبر (ايلول) 2000. وجاء في الدعوى ان أربعة فلسطينيين هاجموا في حينه سيارة اسرائيلية على شارع القدس غرب رام الله بالرصاص فقتلوا اب وام وأصابوا أبناءهما الثلاثة بجراح بالغة. وقد اعترفوا بالعملية في التحقيق وفي المحكمة وأدينوا ويقبعون اليوم في السجن. وأكد مصدر قضائي ان السلطات الاسرائيلية تنوي استخدام السلاح المالي هذا في محاربة ما تسميه بالتنظيمات الارهابية في الشرق الأوسط برمته، وليس فقط في لبنان والسلطة الفلسطينية.