المالكي من أبوظبي: إما مذكرة تفاهم مع أميركا لجلاء قواتها أو وضع جدولة انسحاب

رئيس الوزراء العراقي خلال لقائه السفراء العرب: أهم ما أنجزناه إنقاذ البلاد من الحرب الطائفية

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أثناء لقائه بعدد من السفراء العرب في دولة الإمارات العربية أمس («الشرق الأوسط»)
TT

في خطوة عراقية هي الأولى من نوعها، أعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمس في أبوظبي، عن مفاوضات عراقية أميركية لتوقيع اتفاقية استراتيجية تتمحور حول جلاء القوات الأميركية من العراق، أو جدولة انسحاب هذه القوات، معتبرا، خلال لقائه مع السفراء العرب المعتمدين في دولة الإمارات العربية المتحدة، أن حكومته «أثبتت جدارتها في منع دخول العراق بحرب طائفية».

وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن السفراء العرب طرحوا على المالكي قضية الوجود الأميركي في العراق، وخطط الحكومة للتعامل مع بقاء هذه القوات على الأراضي العراقية، وهو الموضوع الأبرز ضمن القضايا التي تناولها السفراء في لقائهم برئيس الحكومة العراقية، مما حدا بالمالكي للرد بتحفظ على مفاوضات بلاده مع الولايات المتحدة، من دون الخوض في مزيد من الدخول في تفاصيل هذه المفاوضات. وفيما كان الصحافيون في أبوظبي يترقبون المؤتمر الصحافي الذي أعلن عنه سابقا مع المالكي، لمعرفة تفاصيل ما كشف عنه حول جلاء أو انسحاب مجدول للقوات الأميركية، ألغي المؤتمر الصحافي في آخر لحظة، واكتفى مصدر في الوفد العراقي بالرد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» أن المالكي اتجه فور انتهاء لقائه مع أبناء الجالية العراقية في الإمارات، لمطار أبوظبي للسفر بسبب ارتباطات سابقة.

وخلال لقاء المالكي مع السفراء العرب، تمحورت غالبية المداخلات حول الاتفاقية الأمنية المنتظرة بين العراق والولايات المتحدة، كما تناولت سبل النهوض بالوضع الثقافي في العراق والقضايا الخلافية مثل الفيدرالية وكركوك.

وأكد المالكي أن المفوضات «ما زالت مستمرة مع الجانب الأميركي، وان التوجه الحالي هو التوصل الى مذكرة تفاهم إما لجلاء القوات أو مذكرة تفاهم لجدولة انسحابها، وفي كل الأحوال فان قاعدة اي اتقاق هي الاحترام الكامل للسيادة العراقية».

ونفى المالكي أن تكون حكومته «حكومة طائفية»، معتبرا أنها استطاعت ان توقف انزلاق البلاد الى الحرب الطائفية «بل هي حكومة تمثل جميع العراقيين، ولا تميز بينهم الا من خلال قدرتهم على خدمة العراق، والدفاع عن مصلحته الوطنية».

ونقل عن المالكي قوله إن «العراق الذي هو بلد الحضارات والعلم والعلماء، قد تعرض الى نكسات خطيرة حاله حال أي دولة تحكم من نظام لا يمثل إرادة شعوبها، فالنظام البائد أدخل العراق في حروب ومشكلات انتهت بدخول القوات الأجنبية».

وأضاف المالكي أن العراقيين بدأوا بالعمل لإعادة العراق الى موقعه ومكانته الطبيعية، والاستفادة من ثرواته لتحسين أحوال الشعب، مضيفا «ولكن ذلك لم يرق لـ«القاعدة» وأعداء الشعب العراقي، فبدأوا بإثارة الفتنة الطائفية، وأدخلوا أفكارا غريبة عن المجتمع العراقي، هي أفكار العنف والإرهاب والطائفية، والتي هددت تماسك المجتمع وكاد البلد ان ينزلق الى أتون حرب طائفية، لكن عودة العراقيين الى تلاحمهم وتماسكهم بمختلف مكوناتهم السياسية والمذهبية والقومية، أحبط هذا المخطط»، وأشار المالكي أيضا الى المصالحة الوطنية، قائلا «إنها تعني تثبيت الأسس والمبادئ التي تستند اليها الدولة الجديدة، مثل الحوار والاحتكام الى صناديق الاقتراع، وقد لقيت هذه المبادرة استجابة واسعة من مختلف مكونات الشعب العراقي، وعقدت مؤتمرات للمصالحة شاركت فيها العشائر ومنظمات المجتمع المدني، وبالفعل تمت المصالحة في القواعد الجماهيرية قبل أن تنتقل الى مستوى القيادات، وعندما نجحت المصالحة حوصر الإرهاب، لأنه يعيش على الفرقة والتمزق وإثارة الفتنة، وقد عبرت المصالحة عن نفسها عندما انتفضت مختلف محافظات العراق ضد القاعدة ورفضت أفكار التعصب والقتل».

وأكد رئيس الحكومة أن العراق «لم يعد فيه ما يهدد السلم والاستقرار في المنطقة والعالم، وقد طلبنا في المؤتمرات الدولية مثل مؤتمر استوكهولم ومؤتمر الكويت وغيرهما، إخراج العراق من الفصل السابع والعقوبات الدولية، وتخليص كاهل العراق من عبء الديون، وقد استجابت العديد من الدول لمطالبنا ومنها المبادرة الكريمة لدولة الإمارات التي شطبت ديون العراق ومستحقاتها من الفوائد».

وفي لقائه مع الجالية العراقية، رد رئيس الوزراء العراقي هجرة العراقيين الى الخارج بأن سببها هو «الظروف الصعبة والاستثنائية التي مرت بالعراق». مضيفا «كل الذي جرى في العراق هو فقدان دولة القانون، وفقدان ثقافة التمسك بالدستور، وقد ولّد هذا الفقدان ويلات ومآسي كثيرة في العراق»، مشيرا الى أن بناء العراق واستعادة القانون «أمانة في أعناقنا لكي لا ندعه طعمة للإرهابيين والميلبشيات والخارجين عن القانون، ولكي يعود العراق بلد الحضارة والعلم والثقافة».

وأكد المالكي أن المصلحة الوطنية ليست عملية تراض بين متخاصمين، بل هي تعني الالتزام بالمبادئ والأسس التي يبنى عليها الوطن، مثل الالتزام بالقانون ورفض العنف والإرهاب والعصابات الإرهابية والميليشيات، واحترام التعددية والرأي الآخر، مضيفا أن «أهم نجاح حققته حكومة الوحدة الوطنية هو أنها استطاعت أن تنقذ البلاد من الحرب الطائفية».

وكان المالكي قد دعا رجال الأعمال الإماراتيين إلى الاستثمار في العراق، طالبا منهم أن يغتنموا هذه الفرصة السانحة، مضيفا «نريد لكم السبق في عملية الاستثمار في العراق». لافتا إلى قدرة العراق على حماية رؤوس الأموال الأجنبية المستثمرة.

ويعول المالكي خلال زيارته التي اختتمها أمس للإمارات، إعطاء ثقة أكبر للمستثمرين الإماراتيين، لضخ رؤوس أموال ضخمة للاقتصاد العراقي، وكان لافتا خلال لقاء المالكي، وأقطاب حكومته، بالمستثمرين الإماراتيين، تكرار المالكي أكثر من مرة أن الفرصة متاحة لمن يرغب أن يكون في مقدمة المستثمرين في العراق، بإعتبار الفرص الكثيرة المتاحة التي توفرها الحكومة العراقية للمستثمرين الأجانب.