العراق يبحث خيارات قصيرة الأمد لاتفاقية «وضع القوات» الأميركية ويقترب من إطار استراتيجي أوسع

واشنطن تعتبر الحديث عن جدولة سحب القوات «غير جديد»

TT

تدرس الحكومة العراقية خياراتها في ما يخص بقاء القوات الاميركية في العراق مع اقتراب الموعد الذي كان محدداً للتوصل الى اتفاق بين البلدين نهاية الشهر الحالي. ويبدو ان الحكومة العراقية تتجه نحو اتفاق قصير الامد لتنظيم بقاء القوات الاميركية في البلاد خلال سنة أو سنتين بعد انتهاء صلاحية القوات المتعددة الجنسية المخولة من مجلس الامن نهاية العام الجاري. وبينما اقترب المفاوضون العراقيون والاميركيون من «اتفاقية الاطار الاستراتيجي»، مازالت قضايا عدة متعلقة باتفاقية «وضع القوات» الاميركية عالقة مما يجعل العراقيين يفكرون بحلول قصيرة الامد، قابلة للتجديد.

واثار تصريح لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمس بالعمل على التوصل الى «مذكرة تفاهم لجلاء القوات او لجدولة انسحابها» تساؤلات حول طبيعة الاتفاقية التي يتحفظ الجانبان على مضمونها، اذ لم تكتمل بعد. وبينما يعتبر طرح امكانية تضمين موعد لسحب القوات الاميركية في الاتفاقية طرحاً جديداً، كانت بغداد وواشنطن ترفضان تحديده في السابق، أكدت مصادر عراقية واميركية لـ«الشرق الأوسط» أمس ان المفاوضات الجارية هي حول تنظيم بقاء القوات، لا انسحابها. واعلن المالكي خلال زيارته الامارات امس «ان المفوضات مازالت مستمرة مع الجانب الاميركي، وان التوجه الحالي هو التوصل الى مذكرة تفاهم اما لجلاء القوات او مذكرة تفاهم لجدولة انسحابها وفي كل الاحوال فان قاعدة اي اتقاق هو الاحترام الكامل للسيادة العراقية». وردت ناطقة باسم السفارة الاميركية في بغداد آنا اسكروهيما على تصريحات المالكي قائلة: «لا يوجد شيء جديد في تصريحات رئيس الوزراء، فمثلما صرح الرئيس (الاميركي جورج) بوش، سيتم اخرج القوات الاميركية بناء على تطور القوات العراقية». واضافت: «من الواضح ان القوات الاميركية لا تنوي البقاء اطول مما يحتاجه العراق»، مشيرة الى انسحاب اخر وحدة عسكرية اميركية اضافية ارسلت بقرار يناير (كانون الثاني) 2007 لزيادة القوات الاميركية في البلاد.

ولفتت مصادر مطلعة على مجرى المفاوضات العراقية ـ الاميركية في بغداد الى ان ضرورة انسحاب القوات الاميركية من العراق على المدى البعيد «موجودة بشكل ضمني» في مسودات الاتفاقية، على سبيل المثال استخدام كلمات مثل البقاء «المؤقت» للقوات الأميركية في البلاد. الا ان المصادر الاميركية والعراقية التي طلبت من «الشرق الاوسط» عدم الكشف عن هويتها لحساسية المفاوضات اكدت انه لا يوجد جدولا زمني محدد لسحب القوات ضمن الاتفاقية. وشددت المصادر على ان الاتفاقية لا تتضمن تفاصيل عن قواعد عسكرية اميركية جديدة، بل تنحصر في القواعد الحالية في البلاد. وقالت الناطقة باسم السفارة الاميركية في بغداد ان «المحادثات تطرح خيارات عدة ومن المبكر تحديد شكل الترتيبات». وأضافت: «اهم شيء هو ان ترضي الاتفاقية الطرفين وان تتسم بالدقة».

ويذكر ان هناك مسارين للمفاوضات العراقية – الاميركية، الاول حول اتفاق واسع لتوثيق العلاقات العراقية ـ الاميركية، والثاني محدد بانتشار القوات الاميركية. يبدو ان العراقيين يتجهون الى ترسيخ «اتفاق الاطار الاستراتيجي» مع الاميركيين، الذي ينظم العلاقات بين البلدين بشكل اوسع في مجالات عدة، منها سياسية واقتصادية وامنية وثقافية. واشارت مصادر عراقية رسمية الى ان هذه الاتفاقية اقرب الى الاكتمال، ولكن «اتفاقية وضع القوات» مازالت عالقة والمفاوضات جارية حول مواضيع عدة، منها حصانة القوات الاميركية والمدنيين الذين يعملون معها بالاضافة الى صلاحيات الاعتقال لدى القوات الاميركية. ويبدو ان الاميركيين يريدون صلاحيات خاصة في اعتقال «المعتقلون في حالة حرب»، أي في مواجهة مسلحة مع الاميركيين، تختلف عن باقي المعتقلين.

ويتحدث المفاوضون عن امكانية جعل «اتفاقية وضع القوات» قصيرة الامد، مدتها سنة أو سنتان، قابلة للتجديد. وفي حال تم الاتفاق على هذه الصيغة، ستعرض الاتفاقية امام البرلمان العراقي للمصادقة الاولى عليها. وفي حال تم الاتفاق على هذا الخيار، سيمكن للرئيس الاميركي المقبل، بعد نهاية ولاية الرئيس بوش في يناير المقبل، اعادة النظر في الاتفاقية وتعديل وجود القوات بناء على الاوضاع في العراق.