دبلوماسي غربي لـ«الشرق الأوسط»: الرد الإيراني مخيب وبلا جديد.. وبحث عقوبات جديدة

مصادر استخباراتية : الحرس الثوري أقام معامل لآلات الطرد المركزي في مبان سكنية

أحمدي نجاد خلال زيارته لأحد المواقع النووية الإيرانية (ا ف ب)
TT

كشف دبلوماسي غربي أن الرد الإيراني على سلة مقترحات دول 5 زائد واحد لم يتضمن اي جديد. وقال الدبلوماسي الغربي لـ«الشرق الأوسط» ان الدول الغربية تريد الآن ان ترى ما الذي سيسفر عنه اللقاء المرتقب بين خافيير سولانا المنسق الاعلى للسياسة بالاتحاد الاوروبي وبين مسؤول الملف النووي الإيراني سعيد جليلي، موضحا ان الدول دائمة العضوية زائدا المانيا ستنظر في ذات الوقت في عقوبات جديدة ضد إيران. ويأتي ذلك فيما قالت البحرية الاميركية انها ستجري مناورة في الخليج بعد ايام من تأكيد انه لن يتم السماح لايران بإعاقة الملاحة في مضيق هرمز الذي يمر عبره الخام من اكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم. واوضح بيان للأسطول الخامس الاميركي ان «هدف المناورة هو التدريب على اساليب واجراءات حماية البنية التحتية البحرية مثل منشآت النفط والغاز». وفيما شدد سولانا أمس على أن الرد الإيراني على سلة المقترحات الغربية كان «صعبا ومعقدا»، أوضح الدبلوماسي الغربي، الذي لا يستطيع الكشف عن هويته لـ«الشرق الأوسط» أن رد طهران لم يتضمن اي جديد على الاطلاق، مشيرا الى ان الرد يقترح ضمنا بدء مفاوضات جديدة، وان سولانا سيلتقي لهذا السبب مسؤول الملف النووي الإيراني خلال أسبوعين. وحول لماذا تعلق دول 5 زائد واحد آمالا على لقاء سولانا مع جليلي بالرغم من أن الرد الإيراني على سلة المقترحات الغربية لم يتضمن اي رد ايجابي من طهران حيال القضايا التي تقلق المجتمع الدولي بشأن الملف النووي الإيراني، قال الدبلوماسي الغربي: «سننتظر لنرى إذا ما أسفر لقاء سولانا وجليلي عن اي شيء. بالتأكيد الرد الإيراني لا يتضمن اي جديد على الاطلاق، لا ذكر لأي مبادرات جديدة او أي شيء على الاطلاق. لم يتضمن ردا على أي سؤال، كان مخيبا للآمال». ونفى المسؤول الغربي أن يكون الرد الإيراني قد تضمن مقترحا بتوسيع الرقابة على منشآتها النووية مقابل السماح لها بمواصلة التخصيب، موضحا: «الرد الإيراني لم يتضمن أي شيء بخصوص توسيع الرقابة على المنشآت النووية». وتابع: «قال الإيرانيون في ردهم إن سياسة الجمهورية الاسلامية الإيرانية هي إيجاد ارضية مشتركة بناءة.. لكي نتمكن من التوصل لحلول جديدة. بالاساس ببدء مباحثات جديدة في اطار تفاهم شامل.. سنأخذ خطوة ابعد نحو التعاون» موضحا ان الرد يتضمن هذه الافكار لكنه لا يحمل في طياته اي رد حقيقي ملموس على سلة الحوافز الغربية. وشدد الدبلوماسي الغربي أن دول 5 زائدا واحد ستواصل النظر في عقوبات جديدة ضد طهران، موضحا أنه برغم بدء مفاوضات جديدة خلال اسبوعين بين طهران والغرب، إلا ان تجميد العقوبات على إيران مؤقتا كان مرهونا بتجميد اليورانيوم مؤقتا، وهذا لم يحدث حتى الان. وأوضح الدبلوماسي الغربي أن أجندة القضايا التي تريد طهران مناقشتها مع سولانا غير معروفة بعد، مشيرا الى ان الاجتماع سيكون خلال اسبوعين وأن العاصمة التي ستستضيفه لم تحدد بعد، وتابع: «إذا أردا الإيرانيون تحقيق اي تقدم، عليهم ان يأتوا بمقترحات جديدة». ويأتي ذلك فيما قالت البحرية الاميركية إنها ستجري مناورة في الخليج بعد ايام من تأكيد انه لن يتم السماح لايران بإعاقة الملاحة في مضيق هرمز الذي يمر عبره الخام من اكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم. وقال الكومودور بيتر هدسون في بيان للأسطول الخامس الاميركي «هدف المناورة هو التدريب على اساليب وإجراءات حماية البنية التحتية البحرية مثل منشآت النفط والغاز». وستشارك سفينتان اميركيتان في التدريب الى جانب سفينة حربية بريطانية وأخرى من البحرين التي تستضيف الاسطول الخامس. وقال بيان الاسطول إن «المناورة تهدف للمساعدة في ضمان نظام بحري قانوني وايضا تحسين العلاقات بين الشركاء الاقليميين». وكان قائد الحرس الثوري الايراني قد قال في تصريحات نشرت أواخر الشهر الماضي إن طهران ستفرض قيودا على حركة الشحن في الخليج وعبر مضيق هرمز إذا تعرضت لهجوم. وتزايدت التكهنات بشأن هجوم محتمل على ايران بسبب برنامجها النووي منذ قال تقرير في صحيفة «نيويورك تايمز» الاميركية الشهر الماضي ان سلاح الجو الاسرائيلي أجرى تدريبا على مثل هذا الهجوم.

وقال الاميرال كيفن كوسجريف، قائد الاسطول الخامس الاميركي، الاسبوع الماضي، إن الولايات المتحدة لن تسمح لإيران بعرقلة حركة الشحن في الخليج. وساعدت المخاوف من تصعيد في المواجهة بين الغرب وايران رابع اكبر منتج للنفط في العالم على ارتفاع أسعار النفط فوق 140 دولارا للبرميل. الى ذلك وصف سولانا الرد الايراني على العرض الاخير للدول الكبرى حول ملفها النووي، بـ«الصعب والمعقد»، فيما جددت طهران تمسكها بما تسميه «حقوقها النووية». وقال سولانا في مؤتمر صحافي على هامش اجتماع لحلف شمال الاطلسي والاتحاد الاوروبي في باريس، إن الرد الذي سلمته ايران الجمعة «رسالة صعبة ومعقدة لا بد من تحليلها جيدا». واضاف «آمل في ان نتمكن من مواصلة الحوار»، مشيرا الى احتمال عقد لقاء مع جليلي «قبل نهاية الشهر». وقال سولانا «سنرى، لكن لا اريد ان اعطي انطباعات متفائلة تماما. الامر صعب»، رافضا إعطاء اي ايضاح حول مضمون الرد الايراني. واضاف ان القوى الكبرى المكلفة التفاوض حول الملف النووي الايراني (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا والمانيا) «لا تزال تناقش» رد طهران. وعكست تصريحات لوزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ايضا خيبة الأمل لدى الدول الغربية من الرد الايراني. وقال كوشنير لصحافيين إن رد ايران على عرض القوى الكبرى «لا يبعث أملا كبيرا، لكنه يعطي املا صغيرا». وتابع «في كل الاحوال، لم اقرأ الرد بشكل مباشر، ساتسلمه بعد الظهر».

وفي طهران اعلن الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ان ايران لن تتنازل عن حقوقها النووية، واصفا طلب القوى الكبرى منها تعليق تخصيب اليورانيوم بانه «سيناريو متكرر»، كما ذكرت وكالة الانباء الايرانية الرسمية امس. وقال احمدي نجاد «من جهة يطلبون التفاوض ومن جهة اخرى يهددون ويقولون إن علينا ان نلتزم بطلباتهم غير القانونية وان نتخلى عن حقوقنا.. نحن من انصار الحوار إلا اننا سنفاوض في مناخ متوازن وحول مواضيع مشتركة لان المفاوضات في مناخ غير متوازن لا تعطي اي نتيجة».

وبدء المفاوضات حول عرض الدول الكبرى لايران مشروط بتعليقها تخصيب اليورانيوم، الا ان مصادر دبلوماسية ذكرت ان سولانا ترك الباب مفتوحا امام إمكانية تمرير فترة تسبق التفاوض تمتنع خلالها الدول الكبرى عن تشديد العقوبات ولا تقوم ايران بتثبيت اجهزة طرد مركزي جديدة. وفي محاولة لمنع عقوبات جديدة على طهران قبل بدء جولة المباحثات الجديدة ذكر الكرملين ان الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف أكد لنظيره الاميركي جورج بوش امس ان روسيا ستفعل ما بوسعها للمساعدة على تسوية الأزمة النووية الايرانية لكنها تنتظر في المقابل «اشارات» من ايران. وقال سيرغي بريخودكو المستشار السياسي للرئيس الروسي، ملخصا اللقاء بين رئيسي الدولتين الذي عقد على هامش قمة مجموعة الثماني في اليابان، إن مدفيديف «اكد ان روسيا مستعدة لمواصلة العمل مع كل الاطراف المعنية للتوصل الى حل»، واضاف ان الرئيس الجديد «وعد بأن تنشط روسيا بكل الوسائل الحوار مع طهران لكنها تنتظر في المقابل اشارات من قيادة هذا البلد».

وعلى صعيد ذي صلة، قال دبلوماسيون غربيون إن إيران استأنفت العمل على بناء معدات متقدمة جدا يقول الخبراء النوويون إنها يمكن ان تستخدم في بناء سلاح نووي. وقالت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية أمس إنه وفقا لتقارير استخباراتية فإن الحرس الثوري الإيراني الذي يتولى مسؤولية الملف النووي الإيراني أقام عددا من الشركات المدنية للعمل على تطوير البرنامج النووي الإيراني. وقالت الصحيفة إن الشركات التي أقيمت في ضواحي طهران تعمل على إنشاء مكونات لآلات الطرد المركزي «بي 2 » القادرة على تخصيب اليورانيوم عالي التركيز. يذكر ان آلات الطرد المركزي «بي 2» قادرة على تخصيب اليورانيوم اسرع بنحو 3 مرات من آلات الطرد المركزي «بي 1». ويعمل مفاعل «ناتانز» الذي تقوم إيران من خلاله بتخصيب اليورانيوم بآلات الطرد المركزي «بي 1»، غير أن طهران أجرت أخيرا تجارب ناجحة لاستخدام آلات الطرد المركزي «بى 2» في ناتانز. ووفقا لصحيفة «ديلي تلغراف» فإن الحرس الثوري الإيراني قام بإنشاء شبكة من الشركات لبناء مكونات لآلات الطرد المركزي «بي 2» من اجل استخدامها في كل المفاعلات الإيرانية بدلا من آلات «بي 1». وذكرت الصحيفة ان احدى الشركات التي أقامها الحرس الثوري مقرها مبنى سكني في منطقة أمير آباد، غرب طهران، وهو ما يجعل من الصعب على مفتشي الامم المتحدة تعقبها.

وأدت الخطوة، كما قال دبلوماسيون غربيون للصحيفة الى اثارة القلق من النوايا الإيرانية النووية، اذ أن استخدام آلات الطرد المركزي «بي 2» يسرع وتيرة إيران في انتاج اليورانيوم المخصب، وبالتالي انتاج سلاح نووي. وكانت تقديرات أجهزة الاستخبارات الغربية قد أشارت الى ان إيران يمكن ان تنتج اسلحة نووية بين عامين الى 3 أعوام إذا اعتمدت على اجهزة الطرد المركزي المتطورة. وسعى الحرس الثوري الإيراني عام 2004 الى بناء شركات لتطوير آلات الطرد المركزي «بي 2»، إلا أن مساعيه توقفت بسبب تسرب الأنباء عن مشروعاته.