مستشار الأمن الوطني بعد لقائه بالسيستاني: لا اتفاقية من دون تحديد جدول زمني لجلاء القوات الأميركية

بغداد تتجه لوضع ملحق للاتفاقية لتحديد الجدولة.. والبيت الأبيض يؤكد: محادثاتنا لا تتضمن أي سحب

جندي عراقي يفتش منزلا فيما يستمتع عدد من الاطفال بنومهم على الارض بضاحية الحسينية ببغداد امس (رويترز)
TT

اعلن مستشار الامن الوطني في العراق موفق الربيعي، أمس، أن بلاده ترفض الموافقة على اية مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة لا تحدد موعدا محددا لانسحاب القوات الاجنبية من العراق. وجاءت تصريحات الربيعي بعد يوم واحد من اعلان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان مذكرة تفاهم يتم التباحث فيها حول جدولة انسحاب القوات الاميركة او جلائها من العراق. فيما رحبت أبرز كتلتين سياسيتين في البرلمان العراقي بتصريحات المالكي.

وقال الربيعي خلال مؤتمر صحافي في النجف (160 كلم جنوب بغداد) «لا يمكن ان نقبل بأي مذكرة تفاهم اذا لم تتحدث عن تواريخ ثابتة لآفاق زمنية واضحة لجلاء القوات الاجنبية من العراق بشكل كامل».

ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية للربيعي، قوله بعد لقائه المرجع الشيعي الكبير آية الله علي السيستاني «اليوم لا نتحدث عن جدولة الوجود الاجنبي في العراق بل نتحدث عن جلاء كافة القوات الاجنبية من البلاد». إلا انه اضاف «لكن من الصعب جدا تحديد تواريخ ثابتة الآن لجلاء هذه القوات لان الحكومة العراقية تتحدث عن تواريخ خاصة بها والجانب الاجنبي يتحدث عن تواريخ خاصة به وحتى الآن لم يتم التوصل الى اتفاق بهذا الخصوص».

وكانت عناصر في فريق التفاوض العراقي تخشى من معارضة السيستاني للاتفاقية الذي لم يعلن لغاية الآن رأيه الصريح بها، غير ان عددا من وكلائه كانوا قد تحدثوا عن تحفظات ازائها.

من جانبه، أكد علي الاديب، القيادي في حزب الدعوة والمقرب من المالكي، ان مذكرة التفاهم «هي افضل ما يمكن ضمن الوضع السياسي العراقي». وقال الاديب لـ«الشرق الاوسط» إن «مسودة الاتفاقية الاولى بشكلها الاخير لا يمكن تمريرها على مجلس النواب والكتل السياسية لانها لا تنسجم مع معطيات هذه الاتفاقية».

وأوضح الاديب ان «النتيجة التي تصل اليها الحكومة هو مقترح يلحق كجزء متمم للاتفاقية كمذكرة تفاهم لجلاء هذه القوات الاميركية من العراق بعد جدولة انسحابها، خصوصا وان هناك آراء داخل اميركا تدعو لجدولة انسحاب قواتها».

وأشار الاديب الى ان «الذي سيحصل هو تقليل وجود القوات الاميركية بما ينسجم مع الافضل للقوات العراقية، خصوصا وان هناك محافظات كثيرة تسلمت ملفها الامني»، وأكد ان «الاتفاقية لن توقع ما لم تمرر على مجلس النواب» معتقدا ان الافضل هو «مذكرة التفاهم التي طرحها المالكي لجدولة بقاء القوات استعدادا لرحيلها وان تكون الاتفاقية لوجود القوات العسكرية الاميركية في معسكرات تحدد خارج المدن وان دخول وخروج القوات تلك سيحدد ضمن الاتفاقية، وبذلك ستحدد الحصانة ايضا للجنود الاميركيين»، مؤكدا ان ذلك «هو الافضل للوضع العراقي». ونقلت وكالة رويترز عن خالد العطية، النائب الاول في البرلمان العراقي، ان البرلمان سيصر على دراسة أي اتفاق أمني تبرمه الحكومة مع الولايات المتحدة، ومن المرجح أن يعارض الوثيقة اذا حظي أي من أفراد القوات الاميركية بحصانة من القانون العراقي.

وبدورهما، قالت كل من جبهة التوافق العراقية، اكبر الكتل السنية، وكتلة التيار الصدري، بزعامة رجل الدين الشيعي الشاب، اللتين طالبتا غير مرة بسحب القوات الاميركية من العراق او وضع جدول زمني لانسحابها، انهما ترحبان بتصريحات المالكي. وأكد سليم عبد الله المتحدث باسم جبهة التوافق العراقية أن جميع الكتل السياسية ليس لديها اشكالية حول جدولة انسحاب القوات من العراق، نافيا في تصريح لـ«الشرق الاوسط» أن يكون هناك تحول في رأي الحكومة حيال هذا الامر، وأشار الى ان حكومة المالكي وجدت من هذا التصريح مخرجا لها لتقريب وجهات النظر السياسية. وقال عبد الله ان القوى السياسية مع عقد اتفاقية تحفظ سيادة العراق لأنها تعرف ان هناك مصالح من عقد أي اتفاق يحفظ السيادة والامن بيد العراقيين، مشيرا الى ان نقاط الخلاف تتلخص حول القرار الامني فيما اذا اصبح بيد الارادة الخارجية أو ولاية القانون والقضاء العراقي وتحديد مشكلة وجود القواعد العسكرية والحصانة.

وأكد عبد الله أن «الحكومة وجدت أن من الافضل التماشي مع الرأي العام وتلخيص المطالب بالوجود والجلاء ولم يكن هناك تغير في آراء الحكومة حيال الاتفاقية».

من جانبه، عد أحمد المسعودي النائب في البرلمان العراقي عن التيار الصدري تصريحات المالكي «تغيرا استراتيجيا» للحكومة العراقية حيال الاتفاقية الامنية. وقال لـ«الشرق الاوسط» انه «تغير استراتيجي من الجانب الحكومي حيال الاتفاقية ونحن ندعم هذا التوجه الجديد للحكومة اذا كانت صادقة في نواياها».

وأشار المسعودي الى ان الكتلة الصدرية في البرلمان «ستدعم هذا التوجه اذا لم يكن من اجل كسب الشارع العربي والعراقي وان تكون هناك خلف الكواليس آراء اخرى».

واشار المسعودي الى ان المباحثات ماضية بين الجانبين، مطالبا الحكومة العراقية بالثبات على رأيها الذي اعلنته في دولة الامارات وألا يكون الكلام «مجرد حملة دعائية لكسب الشارع الذي يرفض الاتفاقية».

وكان التيار الصدري قد انسحب من الحكومة العام الماضي اثر رفض حكومة المالكي وضع جدولة لانسحاب القوات الاميركية من العراق.

الى ذلك، قال جوردون جوندرو، المتحدث باسم البيت الابيض ان المحادثات الامنية بين بلاده والعراق لا تهدف الي تحديد موعد قاطع للانسحاب.

وأضاف جوندرو قائلا في اليابان حيث يحضر الرئيس الاميركي جورج بوش قمة مجموعة الثمانية «المفاوضات والمناقشات عملية جارية كل يوم.. من المهم تفهم أن هذه ليست محادثات بشأن موعد قاطع للانسحاب». وتعارض ادارة بوش بشدة تحديد مهلة لانسحاب القوات الاميركية في العراق التي يبلغ قوامها حوالي 150 ألف جندي، مجادلة بأن ذلك سيكون في مصلحة الجماعات المتشددة.

ومرت المفاوضات بشأن الاتفاقية بفترات من الشد والجذب. وفي احدى المراحل قال المالكي انها وصلت الى طريق مسدود. وتراجع في وقت لاحق عن ذلك الموقف، وقال الجانبان انهما يحققان تقدما. وقال جوندرو ان الجانبين يسعيان جاهدين للتوصل لاتفاقية بحلول نهاية يوليو (تموز). وأضاف قائلا «لكن الشيء الاكثر اهمية هو ان نتوصل لاتفاقية تحترم سيادة العراق وتعطي القوات الاميركية الحماية والسلطات التي تحتاجها ليكون بمقدورها دعم حكومة العراق».