«تبادل الأسرى» ملف يقفل لبنانيا بإطلاق سمير القنطار

بدأ من مصر عام 1948 مع تأسيس الكيان الإسرائيلي

صورة لعميد الأسرى اللبنانيين في إسرائيل، سمير القنطار، رفعت أمس في إحدى ساحات مدينة صيدا (تصوير: خالد الغربي)
TT

يفترض ان يقفل لبنان ملف الاسرى اللبنانيين في السجون الاسرائيلية مع توقيع كل من «حزب الله» والحكومة الاسرائيلية اتفاق التبادل الذي يقضي بأن تطلق إسرائيل الأسير الأقدم لديها سمير القنطار المعتقل منذ 22 إبريل (نيسان) 1979، حيث يقضي أحکاما بالسجن مجموعها 542 عاما، وأربعة من مقاتلي «حزب الله»، كما ستنقل رفات عدد من المقاتلين الذين استشهدوا في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي أو تسللوا إلى إسرائيل.

في المقابل، ستستعيد إسرائيل جندييها إيهود غولدفاسر والداد ريغيف، كما يفترض ان تكون قد حصلت على تقرير حول اختفاء الطيار رون أراد المفقود في لبنان منذ العام 1986، وكذلك على معلومات حول بقايا رفات جنود إسرائيليين قتلوا في حرب يوليو (تموز) 2006. وكان «حزب الله» قد خطف الجنديين الاسرائيليين ليتمكن من اجراء عملية تبادل تحرر القنطار، ويحيى سكاف (المجهول المصير حتى الآن)، ليضاف القنطار بصفته عميد الاسرى الى لائحة «الابطال»، سواء تم تحريرهم بعمليات تبادل او بقرارات ادارية اسرائيلية او بمفاوضات دولية، كما كانت الحال مع عملية الافراج عن سهى بشارة في العام 1998 بعد عشر سنوات من الاعتقال اثر محاولتها قتل قائد ميليشيا «جيش لبنان الجنوبي» انطوان لحد عام 1988، او الشيخ عبد الكريم عبيد او مصطفى الديراني وغيرهم. والبحث عن تاريخ عمليات تبادل الاسرى بين اسرائيل والدول او المنظمات العربية يقودنا الى العام 1948. آنذاك بدأتها مصر، كما تفيد بعض الابحاث. ووصلت مجمل تلك العمليات إلى أكثر من ثلاثين عملية. وتوضح الابحاث ان العملية الاولى تمت بعد حرب العام 1948. آنذاك أجرت إسرائيل عمليات تبادل مع مصر والأردن وسورية ولبنان، حيث كان فى أيدي المصريين 156 جنديا إسرائيلياً وفى أيدي الأردنيين 673 جنديا ومع السوريين 48 جنديا ومع لبنان 8 جنود. أما إسرائيل فكانت تحتجز 1098 مصريا و28 سعوديا و25 سودانيا و 24 يمنيا و17 أردنيا و36 لبنانيا و57 سوريا و5021 فلسطينيا.

وقد نفذت حكومة الإحتلال عمليات التبادل خلال ذلك العام مع كل دولة تحتجز إسرائيليين على حدة، فعقدت صفقة الفالوجة مع مصر، ثم مع لبنان. وكانت الصفقة الأخيرة مع سورية. بعد ذلك كرت سبحة عمليات التبادل بين اسرائيل والعرب. وفي العام 1968 جرت أول عملية تبادل بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الاسرائيلية، وذلك بعد نجاح مقاتلين فلسطينيين بقيادة يوسف الرضيع وليلى خالد باختطاف طائرة إسرائيلية تابعة لشركة العال. وكانت أول طائرة اسرائيلية تختطف لتسجل بذلك نقلة نوعية. وتم إبرام الصفقة مع دولة الاحتلال من خلال الصليب الأحمر الدولي وأفرج عن ركاب الطائرة مقابل اطلاق سراح 37 أسيراً فلسطينياً من ذوي الأحكام الطويلة. المرة الاولى التي دخل فيها جنوب لبنان على خط عمليات تبادل الاسرى كانت تحت غطاء منظمة التحرير الفلسطينية وذلك في 14/3/1979. حينها جرت عملية تبادل الليطاني أو كما سميت « عملية النورس» بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، حيث أطلقت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين –القيادة العامة سراح جندي إسرائيلي كانت قد أسرته في عملية الليطاني بتاريخ 5/4/1978. وأفرجت اسرائيل بالمقابل عن 76 معتقلاً من مختلف فصائل الثورة الفلسطينية كانوا في سجونها. وفي 23 نوفمبر (تشرين الثاني) 1983 تمت عملية تبادل جديدة بين الحكومة الإسرائيلية وحركة «فتح»، حيث أطلقت إسرائيل سراح جميع معتقلي معتقل أنصار في الجنوب اللبناني وعددهم 4700 معتقل فلسطيني ولبناني، و65 أسيراً من السجون الإسرائيلية مقابل إطلاق سراح ستة جنود اسرائيليين من قوات (الناحال) الخاصة أسروا في منطقة بحمدون (جبل لبنان) في لبنان من قبل حركة فتح بتاريخ 4/9/1982. أما في 20/5/1985 فقد أجرت اسرائيل أهم عملية تبادل أسرى وذلك مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة، التي نفذت عملية الجليل وأرغمت اسرائيل بموجبها على اطلاق سراح 1155 أسيراً كانوا محتجزين في سجونها المختلفة. العملية الاولى التي تحمل بصمات لبنانية تمت في 11/9/ 1985، وذلك عندما أفرجت إسرائيل عن 119 لبنانيا معتقلين في سجن عتليت، مقابل إطلاق سراح 39 رهينة أميركية من ركاب طائرة بوينغ تابعة لشركة «تى دبليو إي» الاميركية فى يونيو (حزيران) من العام ذاته، احتجزتهم منظمة « الجهاد الإسلامي»، كما أفرجت ميليشيا «جيش لبنان الجنوبي» (المتعاونة مع إسرائيل) عن 51 معتقلاً لبنانياً من معتقل الخيام، وقامت إسرائيل أيضاً بتسليم رفات تسعة مقاتلين من «حزب الله».

العام 1991 شهد التبادل الرسمي للأسرى بين «حزب الله» واسرائيل، وذلك عبر عمليتين. الأولى تمت في 21 يناير (كانون الثاني) 1991، وأفرجت اسرائيل بموجبها عن 25 معتقلاً من معتقل الخيام بينهم امرأتان. والثانية بتاريخ 21 سبتمبر 1991 وأفرجت اسرائيل عن 51 معتقلاً من معتقل الخيام، مقابل استعادتها جثة جندي اسرائيلي كانت محتجزة لدى «حزب الله».

اما العملية النوعية الاولى التي دمغت انجازات «حزب الله» على هذا الصعيد فقد جرت في 21/7/1996، عندما استعادت اسرائيل رفات الجنديين يوسف بينيك ورحاميم الشيخ. وسلّمت في المقابل رفات 132 لبنانياً استشهدوا في اشتباكات مع القوات الإسرائيلية، إلى السلطات اللبنانية، كما أطلق «حزب الله» سراح 17 جندياً من جيش لبنان الجنوبي، وأطلق الأخير سراح 45 معتقلاً من معتقل الخيام. وقد تمت العملية بوساطة ألمانية . ولعل اشهر عملية تبادل حصلت في 26/ 6/ 1998، عندما قامت السلطات الإسرائيلية بإعادة 40 جثة للبنانيين وإطلاق سراح 60 معتقلاً لبنانياً (بينهم 10 كانوا محتجزين في السجون الإسرائيلية في فلسطين المحتلة و50 آخرين من معتقل الخيام. وقد تم إخراج جثث 38 قتيلا من المقابر وجثتين من مشرحة أبو كبير إحداهما جثة هادي نصر الله نجل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وبالمقابل سلم «حزب الله» رفات الرقيب إيتامار إيليا من وحدة الكوماندوس في سلاح البحرية في القسم العسكري في مطار اللد والذي قتل معه 11 ضابطا وجنديا إسرائيليا من الكوماندوس البحري خلال مهمة خاصة في لبنان.

في العام 2003 أفرجت إسرائيل عن رفات عنصرين من «حزب الله»، مقابل السماح للوسيط الألماني بزيارة العقيد إلحنان تاننباوم المحتجز لدى الحزب.

في 29 يناير (كانون الثاني) 2004 تمت صفقة تبادل مهمة، بين «حزب الله» وحكومة الاحتلال الإسرائيلي عبر الوسيط الألماني، أفرجت إسرائيل بموجبها عن 462 معتقلاً لبنانياً وفلسطينياً، كان أشهرهم القيادي في «حزب الله» الشيخ عبد الكريم عبيد الذي اختطفه الإسرائيليون من لبنان في العام 1989 ومصطفى الديراني (الذي كان يعتقل رون اراد في منزله) واختطفه الإسرائيليون في العام 1994، كما أعيدت جثث 59 مواطناً لبنانياً وكشف مصير 24 مفقوداً لبنانياً وسلمت خرائط الألغام في جنوب لبنان والبقاع الغربي. كما أفرج بموجبها عن 431 فلسطينياً من الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي المقابل أفرج «حزب الله» عن ضابط الاحتياط في الجيش الإسرائيلي إلحنان تاننباوم ورفات 3 جنود إسرائيليين. والمعروف أن اسرائيل رفضت أن تتضمن هذه الصفقة إطلاق سراح الأسير اللبناني سمير القنطار. وربطت ذلك بمعرفة مصير الطيار الإسرائيلي رون آراد الذي أسقطت طائرته في جنوب لبنان عام 1986 .

والعملية الاخيرة بين «حزب الله» واسرائيل تمت في 10 اكتوبر (تشرين الاول) 2007. واستعاد الحزب بموجبها الاسير حسن نعيم عقيل وجثتي قتيلين للمقاومة. وفي مقابل ذلك، سلم الحزب اسرائيل جثة المستوطن غبريال هويت من يهود الفلاشا.