مقتل 7 من عناصر قوة السلام الدولية في دارفور و22 جريحا و6 مفقودين في كمين

30 مركبة تعج بالجنود شاركت في الهجوم.. وزير الخارجية البريطاني يطلق 3 رسائل للسودانيين من الخرطوم

وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند (الثاني من اليسار) خلال لقائه الرئيس البشير أمس في الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

في أكبر هجوم من نوعه تتعرض له قوات حفظ السلام الدولية المشتركة في دارفور منذ دخولها الاقليم الغربي نهاية العام الماضي، لقي 7 من عناصر هذه القوة مصرعهم، وجرح 22 في كمين نصبه مسلحون في منطقة تبعد 250 كلم جنوب غربي مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور. وأثار الهجوم الذي استمر ساعتين واستخدم المهاجمون فيه الاسلحة الثقيلة، غضبا دوليا، وأصدرت الأمم المتحدة بيانا أدانت فيه الحادث الذي لم تكشف الجهة المسؤولة عنه حتى مساء امس.

وقال مصدر من القوة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور لـ «الشرق الاوسط» أمس ان من بين القتلى 3 روانديين وغاني واوغندي، وان القوة المكونة من 50 فردا كانت تقوم بدورية يطلق عليها اسم «اثبات الثقة»، مشيرا الى ان 6 من عناصر القوة مازالوا مفقودين. كما تم تدمير آليات تتبع للقوات المعروفة باسم «القوات الهجين» من الامم المتحدة والاتحاد الافريقي. ولاذ المسلحون بالفرار، مع توتر انباء غير مؤكدة بانهم قد أخذوا معهم آليات تتبع للقوة. ولم يصدر بيان من البعثة حتى عصر امس، فيما لم تعلق الخرطوم على الحادث، كما لم تتبن أية جهة مسؤوليتها عن الحادث. وقالت شيرين زوربا المتحدثة باسم بعثة السلام المشتركة لرويترز، ان «القوة تعرضت لكمين خلال دورية روتينية، وان المهاجمين كانوا يستقلون نحو 30 مركبة ملآى بالجنود المسلحين». وتابعت: «البعثة تشعر بالغضب الشديد بسبب الهجوم». وأوضح مسؤول آخر في القوة الدولية، ان المصابين من افراد القافلة نقلوا الى الفاشر، عاصمة شمال دارفور، لتلقي العلاج.

وتعرضت القافلة للهجوم اثناء عودتها من مهمة للتحقق من ادعاءات صادرة عن حركة تحرير السودان (فصيل ميني أركو مناوي ـ كبير مساعدي الرئيس السوداني) بان اثنين من اعضاء الحركة قتلا. وقال المسؤول في قوة الامم المتحدة والاتحاد الافريقي «يبدو انه كان هجوما كبيرا، لقد حوصروا بقوة كبيرة». وانتقل نائب قائد قوة الامم المتحدة والاتحاد الافريقي أمس الى موقع الهجوم للوقوف على ما جرى. وتعرضت القوة المشتركة للامم المتحدة والاتحاد الافريقي في دارفور لهجمات عدة منذ ان اصبحت القوات الافريقية تحت قيادة الامم المتحدة قبل ستة اشهر. ويعد هجوم الثلاثاء الاخير في سلسلة هجمات وقعت في هذه المنطقة الواسعة التي تشهد نزاعات اثنية وقبلية تحولت الى حرب اهلية منذ العام 2003. وقامت ميليشيا الجنجويد المتحالفة مع الحكومة الشهر الماضي بخطف مسؤول من الامم المتحدة وثلاثة من زملائه لفترة وجيزة واعتدوا عليهم بالقرب من القاعدة الرئيسية للقوة في مدنية الجنينة، عاصمة غرب دارفور. وفي مايو (ايار) الماضي قام رجال يمتطون أحصنة بمحاصرة دورية للقوة المشتركة بالقرب من الجنينة واستولوا على اسلحة من وحدة نيجيرية. وفي حادث منفصل قتل شرطي اوغندي من القوة المشتركة في مايو (أيار) في شمال دارفور.

وقرر برنامج الاغذية العالمي، اكبر منظمة انسانية تابعة للامم المتحدة، خفض المساعدة الغذائية لسكان دارفور بمقدار النصف بسبب خطورة عملية التوزيع نتيجة السرقة وقطع الطرق.

ومنذ ان تسلمت القوة المشتركة في 31 ديسمبر (كانون الاول) الماضي مهمة حفظ الامن في دارفور من قوات الاتحاد الافريقي، تمكنت من نشر 7600 عسكري و1500 شرطي فقط في دارفور وهو ثلث العدد الاجمالي المفترض للقوة وهو 19 الف جندي و6500 شرطي. وتفتقر القوة خصوصا الى وسائل نقل ودعم جوي تحتاج لها بشدة لمساعدة القوات البرية التي تعمل في منطقة يوجد بها عدد محدود من الطرق وعربات التنقل. ويتهم مسؤولون من القوة الدولية فصيل حركة تحرير السودان بزعامة مناوي، الذي وقع في العام 2006 اتفاق سلام مع الحكومة السودانية، بانه احد المتسببين في انعدام الامن في شمال وجنوب دارفور.

من ناحية اخرى، أجرى وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند الذي يزور السودان حاليا محادثات مع الرئيس عمر البشير وكبار المسؤولين في حكومته وحزب المؤتمر الوطني الحاكم، حول الوضع في دارفور، ومهمة قوة حفظ السلام المشتركة وجهود التسوية السياسية. وجدد طرح مبادرة بريطانية أطلقها رئيس الوزراء غوردن براون، بعقد مباحثات بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة في دارفور في لندن.

وبعد ان وصف مباحثاته في الخرطوم بانها جيدة، دفع المسؤول البريطاني بثلاث رسائل، قال انها موجهة للاطراف السودانية، في تصريحات صحافية امس: الاولى دعا فيها كافة الاطراف السودانية للالتزام باتفاقية السلام بين الشمال والجنوب المعروف باتفاق نيفاشا، باعتبارها الامل الوحيد في تحقيق الاستقرار في السودان، والرسالة الثانية بانه يرى ان السودان دولة مهمة ليس على المستوى الافريقي فحسب وانما عالميا، وعليه فان الاستقرار فيه يعني الاستقرار في دول العالم كافة. ورسالته الثالثة سجل فيها بان الوضع في السودان هش ولهذا فان المجتمع الدولي يطلب من كل القوى السودانية القيام بدورها لحفظ سلامة البلاد وحمايتها.