مدينة الصدر: سلسلة من التصفيات الجسدية بين ميليشيا المهدي ومجالس الإنقاذ

عشائر تطالب الميليشيا بدفع الديات لها.. والحكومة تعلن أسماء 600 مطلوب

عراقية تحمل طفلتها وهي تمر من أمام جندي أميركي في مدينة الصدر ببغداد امس (رويترز)
TT

مع استمرار الحكومة العراقية بوضع المزيد من الحواجز الكونكريتية لفصل مناطق مدينة الصدر اكبر أحياء العاصمة بغداد وأكثرها سكانا، بدأت الاحداث داخل مدينة الصدر (الثورة سابقا) تأخذ مسارا آخر، حيث شهدت الأيام القليلة الماضية سلسلة من عمليات التصفية ما بين عناصر ميليشيا جيش المهدي، الموالية لرجل الدين الشاب مقتدى الصدر، وجهات أخرى على خلفية اتهام الميليشيا لتلك الاطراف بنيتها تشكيل «مجلس صحوة» في المدينة، فيما تحركت العشائر التي تمتع بنفوذ كبير في المنطقة بمطالبة «جيش المهدي» بديات عن بعض الأعمال التي اتهموا باقترافها في أوقات سابقة. وقال أبو زهراء وهو احد أفراد ميليشيا المهدي التي تتخذ من مدينة الصدر معقلا لها أن «اغلب مكاتب التيار الصدري أغلقت وبخاصة المكتب الرئيسي القريب من جامع المحسن ليس بقرار أو تدخل من الحكومة أو القوات الأمنية بل بقرار من جيش المهدي بعد أن صدرت تعليمات بتجميد كافة أنشطته»، وأشار إلى أن «جيش المهدي ليس تنظيما بقدر ما هو عبارة عن قاعدة جماهيرية يضم أناس من أهل المدينة عادوا لأعمالهم الاعتيادية لخدمة أهالي المدينة».

وأضاف أبو زهراء لـ«الشرق الاوسط» أن «الناس الآن تتجاوب مع الصحوة ليس إسنادا لهم بل خوفا، والجميع يذكر الخدمات الكثيرة التي كنا نقوم بها من تامين الحماية لهم خلال فترة شهدت العاصمة عمليات إرهابية وعلى مدار الساعة لكننا تمكنا من حماية مناطقنا فضلا عن الأعمال الخدمية الأخرى من تنظيم توزيع المشتقات النفطية وبعض الأمور التي كانت تشح في أوقات معينة».

وقال أبو زهراء ان قيادات التيار الصدري سبق ان «أبدت تعاونا مع الأجهزة لإلقاء القبض على عناصر في جيش المهدي في حال ارتكابهم جرائم بحق المجتمع، وأعلنا أكثر من مرة أن هناك من ارتكب أعمال باسم جيش المهدي وأعلنا البراءة منه ومن أعماله». من جهته، قال أحد أفراد «مجالس الإسناد» او «الصحوة»، فضل عدم الكشف عن اسمه، أن «الوضع الحالي للمدينة تغير تماما وبخاصة الجهات ذات النفوذ التي بدأت تميل للعشائر النافذة والتي بدأت مؤخرا بمطالبة جيش المهدي بدفع دية (الفصل العشائري) عن كل الأعمال التي اقترفها عناصر من المسلحين بحق مواطنين من ذات العشائر».

وأضاف المصدر ل «الشرق الاوسط» أن «وفد عشائريا يمثل مدينة الصدر ترأسته عشيرة كنانة بني كعب زارت احد اعضاء البرلمان من التيار الصدري قبل أيام لمناقشة هذا الأمر معه (الدية) وكان رده أن أعطاهم الضوء الأخضر لان مسالة النظام العشائري لا يمكن لأحد التدخل به وهو حق عشائري، وأكد عضو مجلس النواب للعشائر أن التيار الصدري لا يسند أي شخص مسيء بل سنكون معكم لأخذ حقكم منه أي المسيء، ولهذا عليكم أن تطالبوا بحقكم منهم بشكل اعتيادي ووفق الأعراف والتقاليد». وعن هذه الأعمال أكد المصدر أنها كثيرة منها أن «أي شخص كان يظهر بالشارع بشعر طويل أو رؤيته يرقص أو يعزف موسيقى وغيرها من الأمور التي تندرج ضمن الحريات الخاصة لكنها كانت ممنوعة ويعاقب الذي يمارسها بعقوبة شديدة بالضرب والخطف وحتى قد تصل حالات للقتل»، وأشار إلى انه يعرف شخصا كان ينتمي للمسلحين «أجبرته العشائر على دفع دية بلغت 60 مليون دينار عراقي (أكثر من 50 الف دولار) كونه اتهم بحادثة خطف احد الشباب وبقي مصيره مجهولا حتى الآن وتوقع أهله بأنه قتل، وهذا دليل على أن العشائر بدأت تأخذ دورها الفاعل في مجتمع مدينة الصدر».

وأضاف المصدر أن المجلس البلدي في المدينة يحوي لجنة تسمى بلجنة شؤون العشائر وان اللجنة أعطت الضوء الأخضر للعشائر لأخذ دورها بشكل طبيعي.

وبحسب المصدر فان رئيسة اللجنة القانونية في المجلس البلدي لمدينة الصدر أبلغته أن «عدد المطلوبين للحكومة الآن 600 شخص وإذا كل شخص من المطلوبين اقترف أربع قضايا فيعني وجود ما لا يقل عن 2000 قضية ضدهم وتطالب العشائر بدفع دية عنها»، مشيرا إلى أن «الأجهزة الأمنية العراقية قامت قبل ثلاثة أيام بلصق منشورات بأسماء مطلوبين للعدالة تضمنت 15 مطلوب وصورهم أيضا وكتبت في المنشورات انهم المجاميع خاصة». عن أفراد «مجالس الإسناد» أكد المصدر أن «اغلب المنضمين والذين وصل عددهم الى أكثر من 1200 عنصر، هم من العاطلين عن العمل وتحديدا الذين يحملون ضغائن شخصية ضد جيش المهدي، رغم أن جيش المهدي يتهم المجالس بأنهم يتبعون المجلس الأعلى وهذا أمر غير صحيح».

«الصحوة»، وعلى لسان المصدر، تؤكد انه «ليس هناك شخص من المسلحين غير مطلوب فهو اما مطلوب للدولة أو للعشائر»، وبشان الخدمات التي كان يقوم بها جيش المهدي بين أنها «لم تكن خدمات لان الخدمات الآن طبيعية، فقنينة الغاز سعرها الآن 6000 دينار (أكثر من 5 دولارات) وسابقا كانت أغلى ولهذا الناس جدا مرتاحين، رغم أن الاغتيالات ما زالت مستمرة خاصة في المساء، والأجهزة الأمنية تسيطر على 75% من المدينة والربع الأخير محاصر لكن لم يداهم وخاصة مناطق الشركة وقطاع 65 فما فوق وبخاصة 72 وغيرها».

من جهته، أكد احد أبناء حي النصر الذي يقع نهاية مدينة الصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «نفوذ المسلحين ما زال قائما وقبل أيام حضرت حفلة زواج ولم يتمكن المحتفلون من الغناء أو فتح جهاز موسيقى وأغان وعند سؤالهم بينوا أنهم يخشون المسلحين». وأشار إلى مناطق كثيرة منها الحسينية القريبة من الشعب وحي النصر والمعامل والأمين ما زالت «غير مطهرة بشكل كامل، مؤكدا أن أمانة بغداد لم تتمكن من رفع تجاوز في منطقة الغدير الأسبوع الماضي الا بعد حصولهم على إذن من المسلحين. وعادت الحياة الطبيعية ادراجها الى مدينة الصدر بعد تنفيذ العمليات الامنية فيها قبل عدة أشهر، وهناك محال لبيع الأقراص المدمجة بدأت ببيع الأغاني ولقطات من المسلسل التركي «سنوات الضياع» يحملها الشباب في أجهزتهم النقالة.