الناجون من إعصار نرجس في بورما.. يكافحون لاستعادة حياتهم

عمال الإغاثة قلقون على السكان ويواجهون التحديات اللوجيستية يوميا

TT

بعد شهرين على الإعصار الذي ضرب جنوب غربي بورما، ما تزال عظام الضحايا الغارقين تتراكم فوق شواطئ الممرات المائية. ويناضل الناجون من مئات القرى التي سحقت تحت وطأة الإعصار من أجل إعادة بناء حياتهم. وتضطر عدة أسر من الناجين إلى التكدس داخل خيمة واحدة كملاذ لها. ويعتمد السكان هناك على مياه الامطار التي تتقاطر من الأسقف داخل الأواني، لتأمين مياه الشرب، بينما يعتمدون في الغذاء على المساعدات التي يتلقونها، حيث تتكون عادة من الأرز والفول والزيت. وأحياناً، تكون هذه المساعدات الغذائية منتهية الصلاحية. خلال إحدى الزيارات التي قمنا بها أخيرا للمنطقة، بدت إحدى القرى كما لو تم نسفها نسفاً. وعلى بعد مئات من الأقدام، عمد القرويون إلى قطع القطع الخشبية التي حصلوا عليها من حطام القرى. وعمل فتى يرتدي زياً يفوق حجمه، حصل عليه من إحدى الأديرة البوذية كتبرع، على البحث داخل ركام من الخشب المهشم. وعلق سو زعيم القرية على الأمر بالقول: «إن العمل يعني الانشغال، وهو ما يساعدهم على النسيان». وأضاف أن القرية كان يسكنها 943 نسمة، ومع هبوب الإعصار ليلة الثاني من مايو (أيار) اختفى منهم 660 شخصا. وتشير التقديرات إلى أنه بمختلف أنحاء المنطقة المنكوبة، يبلغ مجمل عدد القتلى 130.000، بينما وصلت أعداد المتضررين من الإعصار إلى 2.4 مليون نسمة. وأسفرت العوائق المستمرة التي وضعها الحكام العسكريون للبلاد عن الإبقاء على المساعدات الواردة إلى البلاد عند مستويات بالغة الضآلة. وقد تعطلت الجهود الدولية لإرسال مساعدات سريعة إلى المنكوبين في الوقت الذي رفض فيه الحكام العسكريون، الذين يبدون عداءً بالغاً للأجانب، عروض المساعدات التي انهالت عليهم، ورفضوا منح عمال الإغاثة الأجانب تأشيرات لدخول البلاد وطالبوا من دخل منهم إلى البلاد بالحصول على تصريحات للانتقال بالداخل. وقال عمال المساعدات أن غالبية الناجين من إعصار نرجس تلقوا على الأقل بعض المساعدة، لكن القليلين منهم مؤهلون للمضي قدما في حياتهم خلال الشهور المقبلة، منوهين بأن بعض التجمعات لم تصل إليها فرق المساعدات سوى في وقت قريب، حيث اضطر أعضاؤها إلى التنقل لساعات سيراً على الأقدام أو باستخدام الدراجات البخارية أو القوارب. وعلى الرغم من أنه تم تخفيف الكثير من القيود المفروضة عليهم، يؤكد عمال الإغاثة أنهم ما زالوا يعملون في ظل قيود غريبة ومتغيرة باستمرار. ولا تزال التحديات اللوجستية التي يواجهونها هائلة في إطار محاولاتهم الدؤوبة لإرسال بذور ومحاريث إلى المزارعين قبل انتهاء موسم زراعة الأرز هذا الشهر. وقال سو: «ما يزال لدينا الوقت للزراعة، لكن ليس لدينا محاريث ولا ماشية ولا بذور». وقد استغرق الوصول الى قرية سو بالسيارة سبع ساعات على امتداد طريق مليء بالحفر المائية من العاصمة رانغون. وفي الطرق، هناك أربع نقاط تفتيش تابعة للشرطة، حيث يجري تفحص الأوراق الرسمية بعناية. في قرية سو، على بعد حوالي أربع ساعات جنوب بوجالاي، تجمع الناجون لتحية زائر أجنبي نادر. وقد تجمع قرابة 30 شخصا منهم داخل أحد الأكواخ المبنية حديثاً كي يدلي كل منهم بقصته. وقال سو أنه أثناء العاصفة اختفت 26 أسرة بأكملها، ولم يتم العثور على جثة أي منهم. أما الناجون فقد تمسكوا ببعض قطع الحطام الطافية على سطح المياه أو تعلقوا بجذوع الأشجار أو احتشدوا داخل أحد القوارب المتهالكة وفروا إلى أحد الأديرة الموجودة بقرية نائية. وبعد أيام، أصدرت السلطات المحلية أوامرها لهم بالرحيل وقدمت ما يعادل 10 دولارات لكل أسرة وقامت بتكديسهم داخل قوارب عسكرية لنقلهم إلى قرية أخرى على بعد ساعات. والآن، عاد إلى القرية ما يقرب من 300 من أبنائها. وفي حديثه عن ذكرياته قبل الإعصار، قال سو: «لقد اعتدنا الغناء كل يوم. واعتدنا الغناء أثناء سيرنا نحو الحقول للعمل. وكانت أغنياتنا مليئة بالبهجة».

* خدمة «واشنطن بوست» (خاصة بـ«الشرق الأوسط»)