الأسد: العلاقات السياسية شرطنا لاستئناف التعاون مع واشنطن في مكافحة الإرهاب

الرئيس السوري عن سلاح حزب الله: السلام هو الحل الوحيد لهذا الإشكال

TT

توقع الرئيس السوري بشار الأسد الفشل لأي رئيس أميركي يأتي بعد الرئيس الحالي جورج بوش إذا كان سيسير بطريقة بوش ذاتها، وقال: «لا أعتقد أن أي رئيس أميركي سيأتي، حتى لو كان من المحافظين الجدد، يمكن أن يسير بطريقة بوش لأن هذا سيعني انه سيفشل». ونقلت وسائل إعلام فرنسية عدة التقت الأسد قبيل زيارته إلى باريس في 12 الشهر الجاري، توقعات الأسد بوجود تغيير في الولايات المتحدة، حيث قال «سيكون هناك تغيير ولكن علينا أن ننتظر لنرى حجمه». وخلال حديثه أعلن الأسد أن سورية «لن تستأنف تعاونها مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب بدون عودة العلاقات السياسية بين البلدين إلى طبيعتها».

واوضح سبب قطع العلاقات الأمنية مع أميركا قائلا: «ان كل ما قمنا به من أشياء ايجابية تجاههم كنا نرى رد فعل سلبي وليس ايجابيا، فقطعنا العلاقات نهائيا منذ بداية عام 2004».

كاشفا عن أن الجانب الأميركي «حاول كثيرا إعادتها وكان موقفنا واضحا: لا علاقة أمنية من دون علاقة سياسية، وما زال الوضع على حاله». وأن سورية فتحت العلاقات الأمنية مع الولايات المتحدة، بعد أحداث 11 سبتمبر (ايلول)، لأنه بحسب الأسد «من خلال خبرتنا في مكافحة الإرهاب في السبعينات والثمانينات لا تستطيع أن تحارب الإرهاب بدون تعاون دولي»، لافتا الى أن سورية أرسلت بداية الثمانينات إلى أوروبا وفدا لدعوتها للتعاون في مكافحة الإرهاب، ولكن في ذلك الوقت «موضوع الإرهاب لم يكن يهم أحدا، وبعد 11 سبتمبر الكل أصبح متحمسا للتعاون مع سورية». وأكد الأسد أن التعاون مع سورية «أدى إلى حماية أرواح أميركيين في الخليج»، مشيرا إلى أن «المشكلة في التعاون الأمني مع أميركا أنهم يمتلكون الكثير من المعلومات، ولكن لا يمتلكون المعرفة». وحول زيارته إلى فرنسا للمشاركة في القمة المتوسطية اعتبر الأسد زيارته مهمة وتاريخية، نظراً للمركز الدولي المهم الذي تحتله فرنسا وهذا ما يفتح أمام سورية باباً واسعاً على الساحة الدولية. وأشار الرئيس الأسد في مقابلة مع صحيفة «الفيغارو»، إلى أن «الوقت الذي يزور فيه فرنسا هو على غاية الأهمية، لأنه يتزامن مع إطلاق المفاوضات مع إسرائيل ومع نهاية الأزمة اللبنانية، وما تشكله هذه الزيارة من فرصة سانحة لأوروبا، وخاصة لفرنسا لكي تلعب دوراً في تسوية عدة مشكلات مرتبطة بمنطقتنا».

وفي ما يتعلق بالمفاوضات مع إسرائيل والتحول إلى المفاوضات المباشرة، قال الأسد «في الوقت الحالي الطرفان يختبران نواياهما، حيث أن عملية السلام أصيبت بالشلل منذ ثماني سنوات، وجرت اعتداءات ضد سورية ولبنان، وفي مثل هذه الحالات من الطبيعي أن تنعدم الثقة بين الطرفين». وفي مثل «هذه الحالات يتوجب علينا أن نجد أرضية مشتركة لإجراء مفاوضات مباشرة، وحينما نحصل على هذه الأرضية فبوسعنا أن نجري مفاوضات مع إسرائيل، وأهم شيء في مثل هذه المفاوضات هو الضمانة، ومن المؤكد أن دور الولايات المتحدة هو أساسي لكن دور أوروبا هو متمم ومكمل، وحينما نتحدث عن الدور السياسي لأوروبا فإن دور فرنسا هو في الطليعة». وعن الدور الممكن للرئيس الاميركي القادم أن يمارسه للتقدم في المفاوضات المباشرة قال الأسد: «بكل صراحة نحن لا نعتقد بأن الإدارة الأميركية الراهنة قادرة على صنع السلام.. إنها لا تملك لا الإرادة ولا الرؤية ولم يبق لها إلا عدة أشهر، وحينما نتوصل إلى إرساء أرضية مشتركة بعد هذه المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل فقد يكون بوسعنا أن نقدم ضمانات إلى الإدارة الأميركية الجديدة، كي يكون التزامها أفضل.. إننا نراهن على الرئيس الجديد للولايات المتحدة وعلى إدارته». وفي ما يتعلق بدور محتمل لفرنسا في إطار مفاوضات مباشرة بين سورية وإسرائيل، قال الرئيس الأسد: «سأعرف المزيد حينما ألتقي الرئيس ساركوزي، والانطباع الذي تولد لديّ هو أنه متحمس لهذه المفاوضات ويريد أن تلعب فرنسا دوراً مباشراً..». لافتا الى أن فرنسا تظهر حالياً «ديناميكية سياسية على درجة عالية، وبوسعها ان تدفع عملية السلام الى الامام». وفي الشأن اللبناني كشف الأسد عن أنه في عام 2005 تقدمت سورية باقتراح للمسؤولين اللبنانيين، بأن افتتاح سفارة يتطلب وجود علاقات جيدة بين البلدين، ولكن العلاقات بين حكومتي البلدين لم تكن جيدة خلال السنوات الثلاث الماضية، و«نحن ننتظر تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في لبنان لمناقشة هذا الموضوع معها ولن تكون هناك مشكلة حول افتتاح سفارتين، وقد أعلنت هذا الأمر أكثر من مرة». كما أكد وجود تحضيرات لعقد لقاء يجمعه مع الرئيس اللبناني ميشال سليمان. وقال أنا أعرف الرئيس ميشال سليمان منذ عشر سنوات وقد التقينا أكثر من مرة في سورية وفي لبنان وعلاقاتنا جيدة ولقد دعمناه لكي يصبح رئيساً وسنستمر في دعمه. وبخصوص سلاح حزب الله ودوره السياسي أشار الرئيس الأسد إلى أنه لا بد من إثارة موضوع الاختراقات اليومية المتكررة التي تقوم بها إسرائيل على حدود جنوب لبنان واحتلال إسرائيل لجزء من الأراضي اللبنانية والاعتداءات التي ارتكبتها في السنوات الأخيرة، مؤكداً ان الحل الوحيد لهذا الإشكال هو «السلام ولهذا فنحن نتحدث دوماً عن السلام ونعمل من أجل السلام، وحينما يتحقق السلام الفعلي في لبنان وفي سورية وفي الأراضي الفلسطينية فلن تكون هناك حاجة لحمل السلاح».

وردا على سؤال يتعلق بانتظار سورية من أوروبا وخاصة فرنسا المساعدة في استخدام الذرة للأغراض السلمية قال الرئيس الأسد: «نحن ملتزمون بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة الذرية وأسلحة الدمار الشامل، وفي عام 2003 حينما كانت سورية عضواً في مجلس الأمن تقدمت باقتراح لتجريد منطقة الشرق الأوسط كلها من أسلحة الدمار الشامل، وهذه الوثيقة موجودة في مجلس الأمن، ولكن الولايات المتحدة هي التي استخدمت حق الفيتو ضد هذا الاقتراح.. نحن لم نثر موضوع استخدام الذرة للأغراض السلمية مع الأوروبيين حتى الآن، ولكن بعد ارتفاع أسعار النفط فإن موضوع الطاقة يلزمنا بالتفكير في هذا الموضوع». وطالب الأسد أوروبا وفرنسا بالمساعدة على تحقيق السلام ودعم التنمية والثقافة والحوار وكل ما من شأنه أن يساعد على تقدم عملية الانفتاح في سورية، وقال «هذا الدور هو ما نطالب أوروبا ان تلعبه لا أن تعطينا دروساً في الأخلاق».

من جانبه رحب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بدعوة الرئيس الأسد له ولسائر الزعماء الأوروبيين لدفع عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط.