9 تجارب صاروخية إيرانية عند مضيق هرمز والخليج تثير قلق العالم.. وروسيا تدعو للحوار

مصدر إيراني لـ«الشرق الأوسط»: دولة خليجية حذرت طهران من نتائج المواجهة * خارجية بريطانيا لـ«الشرق الأوسط»: الرد الإيراني ركز على الجانب النووي وجاء مختصرا في 4 صفحات

TT

دعت المجموعة الدولية إيران الى التوقف عن الاجراءات التصعيدية، وذلك بعد التجارب التي اجرتها إيران باستخدام صواريخ «شهاب 2» و«شهاب 3» في الخليج العربي ومضيق هرمز أمس، والتي تصل الى القواعد الاميركية في المنطقة واسرائيل. وفيما قال مصدر إيراني مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن دولة خليجية حذرت إيران مما قد يأتي إذا واصلت مواجهتها مع المجتمع الدولي حول ملفها النووي، مزجت ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش بين استخدام اللغة الدبلوماسية والتحذيرية امس. ففيما قال وزير الدفاع الاميركي إن واشنطن ليست قريبة من مواجهة عسكرية مع ايران بعد التجارب الصاروخية، وأوضح وليام بيرنز وكيل وزارة الخارجية الاميركية أن رد ايران على سلة الحوافز يشير الى أن طهران مهتمة بايجاد «أرضية مشتركة»، قالت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس إن التجارب التي تجريها ايران على صواريخها تظهر ان التهديد الذي تمثله الجمهورية الاسلامية ليس «وهميا».

ودان البيت الابيض التجارب الايرانية مؤكدا أن انتاج الصواريخ البالستية من قبل طهران يشكل «انتهاكا» لقرارات الامم المتحدة، ودعا الى الوقف الفوري لإنتاجها. وقال الناطق باسم البيت الابيض غوردن جوندرو على هامش قمة مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى في توياكو بشمال اليابان أمس «ان انتاج الصواريخ البالستية من قبل ايران يشكل انتهاكا لقرارات مجلس الامن الدولي ولا يتماشى بتاتا مع التزامات ايران» حيال المجتمع الدولي. واضاف «يجب على الايرانيين التوقف فورا عن انتاج الصواريخ البالستية التي يمكن استخدامها لحمل اسلحة نووية محتملة». كما عبرت الحكومة الالمانية عن اسفها لان ايران ترد على بادرات «حسن النية» من الغرب عبر إجراء تجارب صواريخ، ودعتها الى العدول عن «اي محاولة ترهيب». فيما اعتبرت بريطانيا ان اطلاق صواريخ «لا يفيد في شيء سوى تعزيز قلقنا ازاء نوايا ايران». وتابعت «علينا ان نتساءل: لماذا تحتاج ايران الى مثل تلك الصواريخ ذات المدى البعيد؟ ما رأيناه يزيد ضرورة ان تحترم ايران التزاماتها الدولية في المجال النووي». كما دعت مجموعة الدول الثماني ايران الى «التصرف بطريقة مسؤولة اكثر» حيال جيرانها، ذاكرة العراق وافغانستان وعملية السلام في الشرق الاوسط. بدورها قالت فرنسا إنها تلقت «بقلق» اعلان طهران اجراء تجارب على صواريخ يمكن ان تبلغ اسرائيل، معتبرة ان هذه التجارب «لا يمكن إلا ان تعزز مخاوف المجتمع الدولي».

وكان تلفزيون «العالم» الايراني الناطق بالعربية وتلفزيون «برس تي في» الناطق بالانجليزية قد قال ان ايران اجرت تجارب على صاروخ «شهاب 3»، المجهز برأس تقليدي يبلغ وزنه طن، ومداه الفا كيلومتر، وتفصل حوالي الف كيلومتر حدود غرب ايران عن اسرائيل. كما أجرت إيران تجارب على صواريخ اخرى فجر أمس من موقع لم يكشف عنه في الصحراء الايرانية. وجاء اطلاق الصواريخ بعدما بدأ الحرس الثوري الايراني أول من أمس مناورات للوحدات البحرية والبالستية تحمل تحمل اسم «الرسول الاعظم 3» وهدفها تحسين «قدراتها القتالية». ونقلت قناة «العالم» عن قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني حسين سالمي قوله ان «الهدف من هذه المناورات هو ان نظهر اننا مستعدون للدفاع عن سلامة الامة الايرانية». واضاف «صواريخنا جاهزة للإطلاق في اي زمان او مكان بسرعة وبدقة.. العدو يجب ألا يكرر اخطاءه. واهداف العدو تحت مراقبتنا». فيما ذكرت قناة «برس تي في» ان ما مجموعه تسعة صواريخ اطلقت، موضحة انه الى جانب «شهاب 3» اطلقت صواريخ «زلزال» التي يبلغ مداها 400 كلم و«فاتح» التي يبلغ مداها حوالي 170 كلم. وبثت المحطة مشاهد تظهر «شهاب 3» عند اطلاقه في منطقة صحراوية لم تحدد. كما قال قائد البحرية في الحرس الثوري الايراني الاميرال مرتضى صفاري ان قواته «تريد اظهار قدراتها على مواجهة اي مغامرة للاعداء» في ايران، كما افادت وكالة انباء «فارس» أمس. وجاءت هذه الاختبارات في وقت اشتدت فيه التوترات بين ايران والمجتمع الدولي بسبب البرنامج النووي لطهران الذي يخشى الغرب ان يطور أسلحة نووية. وتقول ايران، رابع اكبر مصدر للنفط في العالم، ان برنامجها مدني لتوليد الكهرباء.

الى ذلك قال مصدر إيراني مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن دولة خليجة حذرت إيران من مغبة مواجهتها مع الغرب حول ملفها النووي، موضحا ان التحذير جاء خلال مقابلة بين مسؤول خليجي كبير ومسؤول إيراني كبير في عاصمة عربية. وأشار المصدر الى ان المناقشات دارت لساعات حول المخاطر التي تتهدد إيران اذا أصرت على موقفها من القضية النووية. وذكر المصدر الإيراني أن تحذيرات المسؤول الخليجي الكبير وصلت الى المرشد الأعلى لإيران، آية الله علي خامنئي، عبر المسؤول الإيراني. وأعرب المصدر الإيراني عن اعتقاده بان الخلافات بشأن الملف النووي الإيراني قد تحل بالوسائل السلمية، موضحا أن طهران في النهاية تريد الاعتراف بها كقوى إقليمية كبرى. وتابع المصدر الإيراني، الذي فضل عدم الكشف عن هويته: «سلة الحوافز الغربية تضمنت أكثر من ثلاثين بندا، الكثير من هذه البنود لا يمكن تنفيذه فورا. مسؤولون إيرانيون قالوا لسولانا: إننا حتى إذا أوقفنا تخصيب اليورانيوم، فكيف نتأكد من ان الجانب الغربي سينفذ التزاماته؟». وتابع المصدر الإيراني: «إيران يمكن أن توقف تخصيب اليورانيوم خلال المفاوضات مع الغرب، وليس قبل المباحثات. إذا أوقفنا تخصيب اليورانيوم قبل المفاوضات، سيكون هذا مثل تشبيه الرئيس أحمدي نجاد: الذهب مقابل الجاتوه.. إيران ستنفتح على الحلول عندما يعترف بمكانتها الاقليمية وأمنها الاقليمي، وقوتها النووية ذات الطابع السلمي. ساعتها ستتفاوض من موقع العزة». الى ذلك، وفيما أعلنت وكالة «فارس» الإيرانية للأنباء، القريبة من الحرس الثوري، أن زيارة منسق السياسات الخارجية بالاتحاد الاوروبي خافيير سولانا الى طهران ستكون يوم 19 يوليو (تموز) المقبل، رفضت المتحدثة باسم سولانا تأكيد هذا الخبر في الوقت الراهن. وقالت كريستينا غالاش «في المبدأ نحن ننتظر حدوث لقاء» مع المسؤولين الايرانيين «قبل نهاية شهر يوليو». ولكنها اضافت انه لم يتم حتى الساعة تحديد «زمان اللقاء او مكانه»، مشيرة الى انه «في الوقت الراهن ليست هناك زيارة مقررة الى ايران». فيما قال مسؤول بالخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط» ان المشاورات ما زالت جارية بشأن المكان الذي سيجري فيه سولانا محادثاته مع الإيرانيين. ووصف مسؤول الخارجية البريطانية اجتماع سولانا مع المسؤولين الإيرانيين بالـ«مهم جدا» موضحا أنه ما زال من المبكر اعلان أجندته بشكل دقيق. وأشار المسؤول البريطاني الى ان الرد الإيراني على سلة الحوافز لم يكن طويلا، اذ جاء في اربع صفحات موقعة من وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي، مشيرا الى أن الرد تطرق بشكل عمومي الى المسألة النووية، بدون أن يتطرق الى اي من القضايا الأخرى التي تطرقت اليها حزمة الحوافز الغربية. غير ان المسؤول البريطاني رفض التطرق الى محتوى الرد. الى ذلك، وفي خطاب مختلف عما قيل حتى الان من دبلوماسيين اوروبيين بشأن رد إيران على سلة الحوافز الغربية، قال وليام بيرنز وكيل وزارة الخارجية الاميركية ان رد ايران يشير الى أن طهران مهتمة بايجاد «أرضية مشتركة». وأضاف في كلمة امام لجنة تابعة لمجلس النواب أن الجزء الاكبر من رد ايران المكتوب والشفهي هو أنها مستعدة لبحث القضية بصورة أكبر. وتابع «ايران معنية بمحاولة ايجاد أرضية مشتركة.. سنرى ما اذا كان الايرانيون جادين». وأوضح بيرنز ان ادارة جورج بوش لم تستنفد الوسائل الدبلوماسية من أجل اقناع ايران بالتخلي عن برنامجها النووي، وأضاف «نعتبر استخدام القوة خيارا مطروحا على الطاولة ولكنه خيار أخير..لا نعتقد أننا استنفدنا كل الاحتمالات الدبلوماسية». وساد «حديث الحوار» روسيا أمس، فقد اعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي كيسلياك ان ايران «مستعدة» للتفاوض مع الدول الست الكبرى في محاولة لايجاد حل للمسألة النووية الايرانية. ونقلت وكالة «انترفاكس» عن كيسلياك قوله ان «الاشارة التي تلقيناها من ايران، اذا تحدثنا عن جوهرها، هي انها مستعدة للتفاوض»، ملمحا بان الرد على الاقتراحات التي عرضتها الدول الست على طهران في يونيو، ايجابي. واضاف كيسلياك «الان سنرى الرد على تلك الاشارة»، مؤكدا «اليوم كل الشروط متوفرة للبدء بمحادثات جدية مع ايران». وأكد «علينا ان نجلس الى طاولة المحادثات مع زملائنا الايرانيين وان ننظر في كافة الامكانيات».

وقد اثارت تجربة صواريخ إيران جدلا جديدا بين المرشحين الى البيت الابيض، فهاجم الجمهوري جون ماكين رغبة المرشح الديمقراطي باراك اوباما في التحدث مباشرة الى ايران لحل الازمة. وقوبل اطلاق الحرس الثوري الايراني صاروخا من طراز «شهاب 3» القادر على بلوغ اسرائيل، بادانة شديدة من المرشحين لرئاسة الولايات المتحدة. لكن هذا الاجماع الظاهر لم يحل دون اعادة تاكيد المرشحين اختلاف وجهتي نظرهما حول طريقة ادارة الملف الايراني. وكرر اوباما تأييده لفتح حوار مباشر مع طهران، وهو موقف انتقده ماكين الذي يؤيد دبلوماسية متعددة الاطراف مع استثمارات في منظومة الدفاع الصاروخية الاميركية، على غرار موقف ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش. وصرح اوباما لشبكة «سي إن إن» التلفزيونية «يجب ان تفرض على ايران عقوبات اقتصادية تترافق مع انتهاج دبلوماسية مباشرة.. ينبغي ان تكون لدينا دبلوماسية قوية لم تكن موجودة للاسف منذ سنوات». وتابع «واذا لم نقم بذلك فسنستمر نشهد زيادة التوترات التي يمكن ان تؤدي الى مشاكل حقيقية». واضاف باراك اوباما ان الوقت قد حان لكي تلعب الولايات المتحدة دورا دبلوماسيا مركزيا جديدا بالنسبة الى ايران. وقال ان «جزءا من المشكلة التي نواجهها اليوم هو اننا تركنا الدبلوماسية بين ايدي الاوروبيين بشكل كبير. ويجب ان نلتزم بطريقة فعالة».

من جهة اخرى اعرب عن اسفه قائلا «ان الصادرات الاميركية الى ايران تضاعفت خلال سنوات ولاية بوش.. انه خطأ ويبعث باشارات مختلطة لهم». فيما اعتبر المرشح الجمهوري الى البيت الابيض ان تجارب الصواريخ الايرانية تثبت «تطلعات ايران الخطيرة»، وكرر موقفه المعارض لفكرة الحوار مع طهران. وقال ماكين في بيان ان «آخر التجارب الصاروخية التي اجرتها ايران تظهر مرة اخرى الاخطار التي تمثلها على جيرانها وعلى المنطقة بشكل عام وخصوصا على اسرائيل». واكد في انتقاد ضمني لخصمه ان «العمل مع حلفائنا الاوروبيين والاقليميين وليس تقديم التنازلات التي تضعف الدبلوماسية المتعددة الاطراف، هو افضل طريقة لمواجهة الخطر الذي تمثله ايران». واضاف ان التجارب الايرانية تظهر حاجة الولايات المتحدة الى منظومة دفاعية صاروخية فعالة «الان وفي المستقبل» بما في ذلك مواقع الدفاع الصاروخية التي تعتزم الولايات المتحدة نشرها في جمهوريتي تشيكيا وبولندا. ووقعت واشنطن وبراغ أول من أمس اتفاقا حول الدرع الاميركية المضادة للصواريخ ينص على نصب رادار فائق القوة في تشيكيا. وينتظر ان يستتبع الاتفاق بتثبيت منصات إطلاق صواريخ اعتراضية في بولندا.

* ترسانة إيران الصاروخية

* تنفق إيران جزءا كبيرا من ميزانيتها التسلحية على ترسانة الصواريخ التي تمتلكها وتطورها. وكان قائد قوات الحرس الثوري الايراني، الجنرال محمد علي جعفري، قد أعلن في مايو (أيار) الماضي تشكيل «قيادة مستقلة» من اجل تعزيز البرنامج الصاروخي الذي يسيطر عليه الحرس الثوري الإيراني. وفي ما يلي لمحة عن ترسانة إيران الصاروخية بعد إجراء طهران تجارب على صاروخ «شهاب 3» الجديد البعيد المدى، وصواريخ «شهاب 1» و«شهاب 2» المتوسطة والقصيرة المدى:

ـ شهاب 5 صاروخ ما زال في دور التطوير.. ويبلغ مداه عندما يتم الانتهاء منه 3500 كيلومتر ـ شهاب 4 صاروخ ما زال في دور التطوير.. ويبلغ مداه المفترض عندما يتم الانتهاء منه 2000 كيلومتر، وهو نسخة محسنة من شهاب 3. ـ شهاب 3 أطول الصواريخ الإيرانية مدى حتى الآن، حيث أعلن الجيش الإيراني أن مداه يصل الى 2000 كلم، أي ما يكفي للوصول الى القواعد الأميركية في الخليج والى داخل إسرائيل.

وجرت تجربته للمرة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2006. ويعتقد خبراء غربيون أن لدى إيران عشرات من هذه الصواريخ التي تعمل بالوقود السائل. كما استعرضت إيران في عروضها العسكرية نسخة معدلة من صاروخ «شهاب ـ 3» له مقدمة تشبه «زجاجة رضاعة الطفل» لزيادة الفعالية الديناميكية، على عكس الصواريخ التقليدية التي تتخذ مقدمتها الشكل المخروطي. وأعلنت طهران كذلك عن تطوير صواريخ جديدة طويلة المدى تدعى «قدر» و«عاشوراء» إلا انه يعتقد أنها مطابقة لصواريخ «شهاب ـ 3».

ـ شهاب 2 وشهاب 1 صواريخ تشبه صواريخ سكود يبلغ مداها نحو ثلث المدى الذي تصل اليه صواريخ شهاب ـ 3 ـ الفاتح يبلغ مداه نحو 170 كلم طبقا للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية. ومثل كافة الصواريخ الايرانية باستثناء سلسلة صواريخ شهاب، يستخدم صاروخ الفاتح الوقود الصلب.

وأطلقت إيران العديد من صواريخ الفاتح أمس خلال مناوراتها. ـ زلزال تم إطلاق مجموعة صواريخ زلزال أمس كذلك، ويبلغ مداها ما بين 200 و400 كلم. وتقول مصادر غربية إن حزب الله يمتلك نحو 30 من صواريخ زلزال زودته بها ايران. ـ النازعات يبلغ مداه نحو 100 كلم.

ـ فجر 3 يبلغ مدى صاروخ فجر ـ 3 نحو 45 كلم، بينما يصل مدى فجر ـ 5 نحو 75 كلم. وتقول مصادر غربية إن حزب الله يمتلك عددا من صواريخ فجر ـ 3 وفجر ـ 5 التي حصل عليها من ايران.

ـ عقاب صاروخ بمدى يقل كثيرا عن مدى باقي الصواريخ الإيرانية، حيث لا يتعدى نحو 45 كلم، طبقا لمعهد الدراسات الاستراتيجية.