تجدد الاشتباكات بين منطقتي «التبانة» و«جبل محسن» تخلف قتلى وجرحى.. واستخدام للأسلحة الثقيلة

السنيورة يتصل بمفتي طرابلس ودعوات للتهدئة وتدخل الجيش بحزم

مسلح يقف خلف متراس مستحدث في أحد شوارع باب التبانة خلال المعارك التي نشبت في مدينة طرابلس امس (ا ف ب)
TT

طغت الاحداث الامنية، التي تجددت فجر امس في طرابلس، عاصمة شمال لبنان، موقعة عشرات القتلى والجرحى على ما عداها من تطورات. وهو ما استدعى اتصالاً من رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بمفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار الذي ترأس اجتماعاً ضم قيادات سياسية وأمنية للبحث في الاوضاع حيث ركز المجتمعون على «ضرورة التهدئة» وسط دعوات الى تدخل حازم وفعلي من قبل الجيش والقوى الامنية لوقف القتال. ومع ان حدة الاشتباكات تراجعت بعد ظهر امس، الا انه بدا واضحاً ان الوضع الامني في طرابلس وتحديداً بين منطقتي التبانة ذات الغالبية السنية وجبل محسن ذي الغالبية العلوية، بات رهينة للاوضاع السياسية المتأرجحة باستمرار بين السلبية والايجابية وبحيث يفترض ان تكون هناك باستمرار ساحة معينة لتنفيس الاحتقان.

والحال ان الوضع الامني في طرابلس، ومنذ انفجاره قبل نحو شهرين، لم يشهد استقراراً كاملاً بل بقيت النار تحت الرماد وسجلت اشكالات يومية شملت القاء قنابل واحراق منازل او ما شابه. وعندما تم التوصل الى اتفاق لوقف القتال قبل اسبوعين، لم تعد الامور الى طبيعتها فظل اهالي المنطقتين يتحاشون الاختلاط خوفاً من تجدد المواجهة، فيما استمرت الاعتداءات على المنازل والمحال التجارية حتى في مناطق بعيدة عن محاور القتال احياناً. وظل الامر على هذا المنوال حتى ليل أول من أمس حين سعت دار الافتاء في الشمال، وبتوجيه من المفتي الشيخ مالك الشعار، الى اعادة النازحين الى منازلهم بالتنسيق مع المراجع العليا في الدولة. وبالرغم من التوصل الى موافقة الفريقين على السير قدماً في العملية، القيت قرابة العاشرة ليلاً قنبلة يدوية تبعتها قذيفة «اينرغا» كانتا كافيتين لتجدد الاشتباكات. وقد اصر كل فريق على اتهام الآخر بافتعال التوتر، ما دفع المراقبين الى الاعتقاد بان فريقاً ثالثاً اخذ على عاتقه مهمة توتير الاوضاع. وقد كان لافتاً العنف الذي ميز الاشتباكات التي امتدت حتى بعد ظهر امس واستخدمت فيها الاسلحة الثقيلة والمتوسطة بما في ذلك مدافع الهاون والرشاشات الثقيلة، اضافة الى اعمال القنص التي طاولت هذه المرة شوارع وساحات بعيدة عن محاور القتال وصولاً الى اطراف مدينة الميناء.

وشملت الاشتباكات مناطق التبانة، حي البقار، محيط سوبر ماركت الريفا، الملولة وبعل محسن. وكانت اندلعت قرابة الحادية عشرة من ليل الثلاثاء بعد القاء قنابل يدوية في حي البازار في باب التبانة. واستمرت متقطعة حتى فجر امس حيث توسعت واستخدمت فيها مختلف انواع الاسلحة وخصوصاً قذائف الـ«آر.بي.جي». وبلغت الاشتباكات ذروتها عند الرابعة والنصف فجرا حيث استخدمت القذائف الصاروخية في شكل كثيف وعلى نطاق واسع.

ونتيجة القنص الذي استهدف الاوتوستراد الدولي الذي يربط البداوي ـ المنية بطرابلس، قطع الاهالي الطريق امام حركة السير لمنع وقوع المزيد من الضحايا. وسلك المواطنون طرقاً فرعية وجانبية في محاولة لتفادي رصاص القنص.

وعلى صعيد ردود الفعل قال النائب محمد كبارة (التكتل الطرابلسي): «مرة جديدة يعبث المغرضون وأصحاب مشاريع الفتنة بأمن طرابلس من أجل توظيفها في خدمة طروحات سياسية في توقيت محدد. إننا نسأل: من هو المستفيد من هذا الإرباك؟ ومن هي الجهة التي تفتعل الفتنة؟ وماذا يريدون من ورائها؟». وأضاف: «بتنا نخشى أن يعود استخدام السلاح من أجل تحقيق مكاسب سياسية، لكننا نخشى أيضا وبدرجة أكبر أن تكون طرابلس هي الساحة التي تستباح أمنيا لممارسة الضغوط السياسية». واستنكر «الحزب العربي الديمقراطي» (العلوي القاعدة) «الاعتداءات المستمرة على منطقة جبل محسن». واكد، في بيان، أن «عناصر الحزب ملتزمون بقرار امينه العام علي يوسف عيد بعدم الرد». ودعا الحزب «اهل التبانة إلى محاسبة وعدم ترك الطابور الثالث يتدخل بين المنطقة الواحدة» متمنيا على الجيش «التدخل بحزم لمعاقبة الجواسيس». إلى ذلك، قال الوزير السابق سليمان فرنجية في ختام اجتماع المكتب السياسي لـ«تيار المرده»، أمس، ان «على الجيش ان يقوم بواجبه وهذه هي حاجتنا له. فاذا كان يريد ان يلعب دور المتفرج، فلماذا هذا الجيش؟ وما حاجتنا له؟ ...نحن نصرف اموالا كثيرة على الجيش فعليه ان يقوم بواجبه. عندما توجد نزاعات داخلية بسيطة او نزاعات صغيرة داخل منطقة، فعليه ان يحلها وان يحسم الامور. اما اذا حصلت، لا سمح الله، حرب في البلد فان حياد الجيش يكون ايجابيا ولكن الجيش عندنا تعود كثيرا على هذا الدور حتى انه اذا حصل خلاف بين اثنين يقول الجيش انه حيادي». واضاف: «على الجيش ان يقوم بدوره ونحن نحمله مسؤولية كبيرة وندعوه للقيام بواجبه».

ودعا النائب السابق عبد الرحمن عبد الرحمن الجيش والقوى الامنية الى «اتخاذ موقف حازم وشجاع لفرض هيبة الامن في طرابلس وكشف كل متورط وانزال العقاب الرادع في حقه»، مشددا على «رفض الفتنة وادانة اي مرتكب ورفع الغطاء السياسي عن كل القوى المتورطة التي استباحت المدينة».