أردوغان يدعو دول الجوار لدعم العراق.. والمالكي يعتبر زيارته مؤشراً على انفتاح دولي

رئيس الحكومة التركي في بغداد بحماية قوات عراقية وغطاء جوي أميركي

رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان يقبل طفلة عراقية شاركت في مراسيم استقباله في بغداد أمس ويقف الى يساره نظيره العراقي نوري المالكي وخلفهما وزير الخارجية التركي علي باباجان في صورة وزعها مكتب المالكي (أ ب)
TT

زار رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بغداد امس، ليصبح اول رئيس حكومة تركي وثاني قائد من دول جوار العراق، بعد الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد، يزور هذا البلد منذ حرب 2003. وبينما شدد اردوغان خلال زيارته على اهمية دعم دول الجوار للعراق، شدد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على اهمية الزيارة التاريخية، معتبرها مؤشراً على انفتاح دولي على العراق. ووقع الجانبان اعلانا لتأسيس «مجلس اعلى للتعاون الاستراتيجي»، واقامة منطقة أمنية لمواجهة التهديدات الارهابية. وقال اردوغان انه تلقى دعما من حكومة المالكي وحكومة اقليم كردستان لحملته ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني.

ودعا رئيس الوزراء التركي الى تعزيز دعم العراق في تجاوز مصاعبه، مؤكدا وقوف حكومته وشعب بلاده الى جانب العراق، قائلاً «لا بد ان نزيد دعمنا للعراق على مستوى دول الجوار». واضاف مخاطبا العراقيين في مؤتمر صحافي مع المالكي امس: «نحيي الشعب العراقي، كونوا متفائلين لتعبروا هذه المرحلة الصعبة وستجدونني دائما بجانبكم ان شاء الله»، مؤكدا ان «الحكومة والشعب التركي سوف يقفان بجانبكم».

ومن جانبه، وصف المالكي زيارة رئيس الوزراء التركي بأنها تاريخية وقال ان الوقت مناسب لتطوير العلاقات بين تركيا والعراق. وأكد المالكي ان الزيارة شهدت «انطلاقة جديدة للعلاقات الاخوية بين البلدين، وخطوة على طريق الانفتاح الدولي وتسريع خطى البناء والاعمار في العراق». وبدوره قال اردوغان: «لا شك في انها زيارة تاريخية لكونها جاءت بعد 18 عاما.. انا سعيد بزيارة العراق بعد هذا الانقطاع في العلاقات، وانا متأكد انه لن يحدث مثل هذا الانقطاع مستقبلا».

وتعتبر زيارة أردوغان علامة أخرى على أن جيران العراق يعززون علاقاتهم مع بغداد مع تراجع أعمال العنف الى أدنى مستوياتها في أربع سنوات. وقال اردوغان ان دول الجوار «يجب ان يساعدوا اشقاءهم العراقيين في عمليات اعادة بناء العراق». واضاف موجها حديثه الى «اصدقاء الجوار في المنطقة ان مستقبل العراق هو مستقبلهم، مؤكدا ضرورة زيادة دعمهم للعراق». ويذكر ان زيارة اردوغان جاءت بعد يوم من تأجيل مفاجئ لزيارة العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني للعراق. وتأتي زيارة اردوغان الى بغداد بعد زيارات عدة قام بها مسؤولون عراقيون الى تركيا، بمن فيهم الرئيس جلال طالباني ونائبه طارق الهاشمي ورئيس الوزراء المالكي ونائبه برهم صالح. وقد شهدت العلاقات العراقية – التركية تحسناً ملحوظاً بعد عقد مؤتمر وزراء خارجية دول جوار العراق الموسع في اسطنبول في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وكان هذا الاجتماع محورياً في تحسين العلاقات بين البلدين بعد توترها بسبب القصف التركي لمواقع حزب العمال الكردستاني داخل الاراضي العراقية. وفي ما يخص الجانب الامني، صرح اردوغان بأن الجانبين يريدان اقامة منطقة أمنية تقضي على التهديدات الارهابية بين البلدين. وكان موضوع حزب العمال الكردستاني «بي كي كي» مطروحاً اثناء الزيارة. وقال اردوغان في المؤتمر الصحافي: «تلقينا دعما من حكومة المالكي وحكومة اقليم كردستان ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني». واضاف ان «حزب العمال يشكل تهديدا للمنطقة كلها وليس للعراق وتركيا فقط». وشدد اردوغان قائلا: «لا نسمح لهذه المنظمة بان تسمم العلاقات بين البلدين وهناك تفهم مشترك في هذا المجال بالذات وارادة مشتركة لازالة هذه المنظمة».

وحول ما اذا كان لموضوع حزب العمال الكردستاني موقع في هذه الاتفاقات بين البلدين، قالت مصادر حكومية لـ«الشرق الاوسط»، انه على الرغم من عدم تسميته مباشرة، الا انه مشمول في بنود التعاون العسكري ومكافحة الارهاب ضمن الاتفاقيات بين البلدين.

ويواجه البلدان مشكلة حزب العمال الكردستاني وخصوصا في ظل التوغلات المستمرة للجيش التركي في الاراضي العراقية وعمليات القصف المتكررة لبعض المواقع في اقليم كردستان. وقامت تركيا بمساعدة الاستخبارات الاميركية، بتنفيذ عدة غارات جوية على المناطق الحدودية لاستهداف حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، حيث يتحصن اكثر من الفي متمرد كردي في عدة معسكرات منذ عدة سنوات، وفقا لانقرة. وحشدت تركيا التي تملك ثاني اكبر جيش في حلف شمال الاطلسي يضم 515 الف رجل بعد الولايات المتحدة، حوالي مائة الف عسكري على طول الحدود العراقية التي تمتد 380 كيلومترا.

واعلن المالكي واردوعان خلال المؤتمر الصحافي عن تشكيل «مجلس اعلى للتعاون الاستراتيجي» بين البلدين لتنظيم التعاون في جميع المجالات الاقتصادية ومكافحة الارهاب والمياه. واكد علي الدباغ الناطق باسم الحكومة العراقية لـ«الشرق الاوسط»، ان هذا المجلس سيقوي العلاقات بين تركيا والعراق في المجالات السياسية والثقافية والاقتصاد والطاقة والامن». ورافق رئيس الحكومة التركي وزراء الداخلية والخارجية والتجارة والاستثمار والطاقة، حيث التقوا نظراءهم العراقيين. ويعمل البلدان للوصول الى معدل تبادل تجاري يصل الى 25 مليار دولار، وفقا لاردوغان. ويذكر ان التبادل التجاري بين البلدين كان 3.5 مليار دولار خلال العام الماضي.

ومن جانبه اكد قاسم عطا، الناطق الرسمي باسم «خطة فرض القانون» في بغداد ان القوات العراقية أمنت الطرق من والى المطار اثناء زيارة رئيس الوزراء التركي. واشار عطا الى ان قيادة عمليات بغداد سبق ان اعلنت بان العراق اصبح جاهزا امنياً لاعادة فتح السفارات ولاستقبال الوفود الرسمية بمن فيهم الرؤساء والملوك العرب والاجانب. واكد عطا لـ«الشرق الاوسط» ان «الاجراءات الامنية كانت مسخرة لاستقبال العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني، ونفس الشيء اعلن عن زيارة رئيس الوزراء التركي وتم الاستعداد الأمني لتأمينها». واضاف انه تم التنسيق بين عمليات بغداد ومكتب رئيس الوزراء ومكتب القائد العام للقوات المسلحة لتأمين الطرق المؤدية من والى مطار بغداد وتم نشر اعداد اضافية من القطعات على الطرق المحاذية للمطار وبالتنسيق مع القوات المتعددة الجنسيات لتأمين الغطاء الجوي. واشار عطا الى ان اردوغان وصل الى القصر الرئاسي ومن ثم الى مقر اقامة المالكي بدون حدوث أي خرق أمني، مؤكدا ان «الحماية التي ترافق الضيف هي حماية عراقية من دون تدخل القوات المتعددة الجنسية».

وحول ما اذا كان هناك تخطيط مسبق لحماية الطرق لاستقبال الضيوف المحتملين للعراق خلال هذه الفترة، قال عطا «حتما القوات الامنية تضع خططا وخططا بديلة بالتنسيق مع مكتب رئيس الوزراء لحماية كل الطرق والطرق الفرعية المؤدية الى خط السير لحمايتها ونشر القوات العراقية»، مؤكدا «ان الغطاء الأمني العراقي قد نجح منذ الساعات الاولى لزيارة الضيف التركي».