الجيش ينتشر بـ«بطء» في التبانة وجبل محسن.. ويتوعد برد حازم وقوي على البادئ بإطلاق النار

السنيورة تابع تطورات طرابلس.. وجنبلاط يتصل بكرامي ويدعو للتهدئة

قوة مصفحة من الجيش اللبناني بعد تمركزها امس في منطقة باب التبانة في طرابلس لوضع حد للاشتباكات التي دارت بين هذه المنطقة وجبل محسن (رويترز)
TT

فيما دعت قيادة الجيش اللبناني الأطراف كافة إلى ضبط النفس وعدم الرد على مصادر النيران، متوعدة بأنها ستواجه بـ«حزم وقوة الطرف البادئ بإطلاق النار» كان رئيس الحكومة فؤاد السنيورة يتابع التطورات في منطقة طرابلس، عبر اتصاله بالقيادات السياسية والامنية والدينية والتي شملت قائد الجيش بالنيابة اللواء الركن شوقي المصري، المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء أشرف ريفي ومفتي طرابلس والشمال مالك الشعار. وكان لافتا دخول رئيس «للقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط على خط التهدئة وهو أجرى لهذه الغاية اتصالا بالرئيس الأسبق للحكومة عمر كرامي.

وأصدرت امس مديرية التوجيه في قيادة الجيش بيانا جاء فيه: «تتويجا لتوافق المرجعيات الدينية والسياسية في مدينة طرابلس على وجوب وضع حد فوري للاخلال بأمن المواطنين وسلامتهم، وعدم تغطية اي فريق يبادر الى استخدام السلاح، ومنعا لتمادي العناصر المندسة في تعكير الاجواء، تعلن قيادة الجيش انها قامت بتعزيز وحداتها المنتشرة في اماكن التوتر كي تواجه بحزم وقوة الطرف البادئ بإطلاق النار. وهي تدعو الاطراف كافة الى ضبط النفس وعدم الرد على مصادر النيران وترك معالجة الامر على عاتق القوة العسكرية».

ومنذ الصباح الباكر بدأت وحدات من الجيش بالتقدم من ناحية ثكنة القبة باتجاه جبل محسن في شكل بطيء بسبب الاشتباكات المتقطعة التي كانت دائرة على هذا المحور. كما تقدمت وحدات اخرى في اتجاه منطقة التبانة من ناحية دوار نهر ابو علي في وقت كانت مناطق شارع سورية والملولة والمنكوبين وحي الشعراني تشهد اطلاق نار متقطعا، بعد اشتباكات استمرت طوال الليل في هذه المناطق واستخدمت فيها مختلف انواع الاسلحة الخفيفة والمتوسطة والقذائف الصاروخية. وشمل انتشار الجيش في شارع سورية الفاصل بين التبانة وجبل محسن. كما انتشرت وحدات في الاحياء الداخلية للمنطقتين. وكانت الاشتباكات المتجددة أدت خلال اليومين الماضيين إلى سقوط 5 قتلى ونحو 60 جريحا، اضافة الى أضرار مادية كبيرة لحقت بالممتلكات العامة والخاصة.

على صعيد المتابعات، بحث جنبلاط مع كرامي التطورات الأمنية الأخيرة التي تشهدها مدينة طرابلس. وصدر بيان عن الطرفين جاء فيه: «تم تأكيد خطورة هذه الأحداث وتداعياتها على المستوى السياسي والأمني في لبنان. وان رأي الرئيس كرامي والنائب جنبلاط واحد لجهة الدعوة الى امساك القوى الأمنية زمام الأمور وأن لا حل خارج إطار الدولة والدور الفاعل والحازم للجيش».

وكان جنبلاط وجه نداء إلى أهالي طرابلس وفاعلياتها دعاهم فيه الى «التحلي بالصبر والهدوء وعدم الانجرار وراء احداث تدفع نحو السقوط في فخ الاقتتال المذهبي والطائفي المقيت الذي لا يجر سوى الويلات تلو الويلات». وقال: «لطالما كان الشمال وطرابلس موقعا وطنيا متقدما في الدفاع عن لبنان واستقلاله وعروبته. وقد وقفت المنطقة برمتها العام الفائت صفا واحدا خلف الشرعية اللبنانية والجيش اللبناني في معركة نهر البارد، اي في مواجهة الاصولية الرجعية. ان اي تطور دراماتيكي للاحداث الامنية في باب التبانة وجبل محسن يؤسس مرة جديدة لجر تلك المنطقة نحو التطرف بدل الاعتدال والتخلف بدل التطور والعنف بدل الاستقرار. لذلك، ان الدعوة موجهة الى جميع القوى والفاعليات لمنع اللعب بالنار التي قد تفتح على طرابلس والشمال ولبنان أبواب مشاكل كبيرة قد يعرف اين تبدأ ولكن لا احد يعرف كيف وأين تنتهي ونحن بغنى عنها». واضاف: «إنني أوجه هذا النداء لكي نتدارك الانزلاق نحو مزيد من الفرز المذهبي الذي يولد نتائج خطيرة على مختلف المستويات من شأنها ان تطيح كل مرتكزات السلم الاهلي».

واعتبر جنبلاط «ان هذا الوضع الخطير الذي يطفو على السطح بين الحين والآخر يستلزم من جميع القوى الفاعلة في المنطقة المشاركة في رسم اتجاهات عامة لتغيير الواقع القائم من خلال رؤية تنموية شاملة تواكبها وتشارك فيها الحكومة المقبلة التي يفترض ان تضع على رأس اولوياتها خطة انمائية عامة لتطوير المنطقة وإخراجها من حالة البؤس والحرمان التاريخي الذي طاولها لعقود. وهو يشكل مدخلا للمعالجات العميقة في المدى الطويل. ويقطع الطريق على محاولات العبث بتلك المنطقة العزيزة عبر ضرب استقرارها وأمنها والتعرض لها ولأهلها وسكانها».

من جهته، تابع الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي الاوضاع في طرابلس. وعقد اجتماعا مع مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار ومجلس بلدية المدينة برئاسة رئيس البلدية رشيد جمالي. وقد أثنى على «اداء المفتي الشعار ومساعيه الجامعة التي تعكس حقيقة السلوك الطرابلسي ما أدى الى وقف للنار تلتزم به الاطراف كافة». وقال: «كنا اجرينا اتصالات مع قائد الجيش بالإنابة. وقد دخل الجيش بقوة اليوم (امس) الى مناطق النزاع وعلى خطوط التماس بين جبل محسن وباب التبانة». واضاف: «بعد ان تنتهي هذه المواجهات نرى من الضروري معالجة تداعيات ما حصل لا سيما ان هناك شهداء وجرحى وعائلات نزحت عن منازلها وهناك منازل أحرقت أو تضررت. من هنا فإننا، وانطلاقا من قناعتنا ان الدولة هي ملجأنا، ندعو الهيئة العليا للاغاثة الى ان تكون حاضرة في مناطق النزاع وان تساعد الاهالي دونما تفرقة بين منطقة وأخرى».

اما المفتي الشعار فقال بعد زيارته الرئيس ميقاتي: «ان الجيش دخل هذا اليوم (امس) منطقة جبل محسن ومنطقة البقار ومنطقة القبة والآن يكمل دخوله الى منطقة التبانة. واكثر من ذلك بدأ يأخذ مراكز حساسة جدا على سطوح المباني بالتوافق مع سائر الاهالي وبين المنطقتين. وانا آمل ان تكون هذه الجولة نهاية الاحزان والمآسي لاخواننا في التبانة وجبل محسن».

وقال عضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر: «ان الوضع يعالج والامن يفرض، فمنذ الساعات الاولى اجتمعنا بالامنيين وقلنا لهم نحن نرفع الغطاء عن اي شخص وطالبناهم بأخذ دورهم. هناك علامة استفهام لماذا يجري هذا الامر».

وابدى النائب مصباح الاحدب أسفه لما يجري. وقال: «هناك، ويا للاسف، قناصة ولم تنته العملية. لكن الجيش، على ما يبدو، يقوم بعملية كبيرة وشاملة» متمنيا «أن تكون هذه العملية نهائية».

وعلق عضو «التكتل الطرابلسي» النائب محمد كبارة على الأحداث الأخير آملا في «ان يكون انتشار الجيش في مناطق الاشتباكات، حازما في ردع العابثين بأمن المدينة وحياة المواطنين». ووجه «نداء عاجلا من اجل تضافر الجهود لمعالجة الكارثة التي حلت بمدينة طرابلس. ونرى انه بات لزاما على الدولة أن تجري مصالحة حقيقية بين ابناء المنطقة اسوة بما قامت به في بقية المناطق اللبنانية، وان تواجه الحرمان المزمن بخطة تنمية جدية تعيد للمنطقة دورها وحركتها الاقتصادية وتحسن اوضاعها المعيشية والاجتماعية والثقافية». واعتبر «ان معالجة الوضع من الناحية الامنية فقط هو ابقاء النار تحت الرماد».