القيادة المركزية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: لدينا شكوك في تجارب الصواريخ الإيرانية.. وتلاعب في الصور

مسؤول أميركي لـ«الشرق الأوسط»: ليست أول مرة يتلاعب الإيرانيون.. وكثيرا ما يبالغون في قدراتهم * عسكري أميركي: أكثر من 200 ألف من القوات الأميركية موجودة في المنطقة

صورة نشرت على الموقع الالكتروني «جام جام» الايراني أمس، يظهر فيها اطلاق 3 صواريخ، بينما يبقى الصاروخ الرابع على الارض خلال عملية تجربة صواريخ اول من أمس (أ.ف.ب)
TT

شكك البيت الأبيض ووزارة الدفاع الاميركية في قيام إيران بتجربة صواريخ متوسطة وطويلة المدى أول من امس. ويأتي التشكيك الاميركي في التجارب الصاروخية الإيرانية فيما ذكرت طهران أنها أجرت تجارب جديدة أمس لاطلاق مزيد من الصواريخ في الخليج لليوم الثالث على التوالي مما زاد من حدة التوتر في المنطقة ودفع وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس لتأكيد ان واشنطن ستحمي حلفاءها من أي هجوم إيراني محتمل. وحول الشكوك الأميركية في التجارب الصاروخية الإيرانية، قالت القيادة المركزية الاميركية لـ «الشرق الأوسط»: «بخصوص تجربة الصواريخ الإيرانية منذ يومين، لا يمكننا تأكيد ان تجارب صاروخية اجريت خلال اليوم الثاني من التجارب الإيرانية». وأوضح اللفتنانت كولونيل دانيل كنج في أتصال هاتفي مع الـ«الشرق الأوسط»: «ليس لدينا أدلة أو إشارات على أن هناك موجة ثانية أطلقت من الصواريخ الإيرانية». ويأتي ذلك فيما قال مسؤول عسكري أميركي اخر لـ«الشرق الأوسط»: ان اميركا تحققت من أن إيران اطلقت صواريخ في اليوم الأول «لكن ليس هناك دليل على أنهم أجروا تجربة ثانية لاطلاق الصواريخ أول من أمس. يمكننا في واشنطن ان نقول هذا، هذه معلوماتنا، وليست معلومات وصلت إلينا عبر طرف آخر. نعرف هذه المعلومات عبر الرادار والأقمار الصناعية». وأوضح المسؤول الاميركي، الذي لا يستطيع الكشف عن هويته، أنه لهذا السبب تحفظ البيت الأبيض في التعليق على التجارب الإيرانية. وتابع المسؤول الأميركي: «الصور التي أظهرتها وكالات انباء الاسوشييتدبرس ووكالة الصحافة الفرنسية، أظهرت أن صور الصواريخ الإيرانية تم التلاعب فيها.. أن هذا يشبه تماما ما قام به الإيرانيون عام 2006. عندما قالوا إنهم قاموا بتجارب صاروخية، ونشروا صورا قالوا إنها تاريخية، ثم ظهر أن هناك تلاعبا في الصور الإيرانية. هذا ليس جديدا على الإيرانيين، ان يقولوا أكثر مما يفعلون. نحن نعترف أنهم أجروا سلسلة تجارب اطلاق ناجحة في اليوم الأول، لكنهم قالوا إنهم انجزوا أكثر مما هو فعلا». وكانت الشكوك قد ثارت في الصور التي بثتها إيران لإطلاق صواريخها أول من أمس عندما بث الموقع الالكتروني الإيراني "جام جام" صورا لتجارب الصواريخ الإيرانية، يظهر أن 3 صواريخ فقط أنطلقت، بينما ظل الرابع جاثما على الأرض. في حين ان الصور التي وزعها الحرس الثوري الإيراني يظهر انطلاق الصواريخ الاربعة، مما أدى الى إثارة التساؤلات في صدقية الصور الإيرانية. إلى ذلك، أعلن مسؤول في وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) ان ايران اطلقت على ما يبدو صاروخا واحدا امس وليس سلسلة صواريخ كما قالت وسائل إعلامها. وقال المسؤول لوكالة الصحافة الفرنسية، طالبا عدم الكشف عن هويته، إن الولايات المتحدة رصدت اطلاق سبعة صواريخ اول من امس بينها صاروخ شهاب-3 القادر على بلوغ اسرائيل. واضاف «يبدو انه تم اطلاق صاروخ واحد اليوم (امس)، لكنه قد يكون الصاروخ الذي فشلت تجربة اطلاقه بالأمس (أول من أمس) وتمكن (الايرانيون) اخيرا من اطلاقه».

وتوخى البيت الابيض الحذر لجهة تأكيد اجراء ايران سلسلة ثانية من التجارب الصاروخية، مشددا في الوقت عينه على ضرورة توقف طهران عن اعمالها «الاستفزازية». وقال المتحدث باسم البيت الابيض توني فراتو «ليست لدينا تأكيداتنا الخاصة عن حصول تجارب جديدة، ولكنهم اجروا تجارب في اليوم السابق». واشار المتحدث الى احتمال ان يصار لاحقا الى تأكيد حقيقة هذه السلسلة الثانية من التجارب الايرانية. ولكنه اجاب الصحافيين الذين استغربوا الفترة الطويلة التي تستغرقها الولايات المتحدة لتأكيد ما اذا كانت ايران قد اقدمت على اطلاق صواريخ، بالقول «لقد راينا ايضا على الانترنت صورا تم التلاعب بها.. لتجارب صاروخية». واضاف انه مع هذا «نريدهم ان يتوقفوا عن تخصيب اليورانيوم، نريدهم ان يوقفوا هذه الاجراءات التي تشكل افعالا استفزازية ولا تؤدي الا الى المزيد من عزل الايرانيين».

ويأتي التشكيك الاميركي في التجارب الصاروخية الإيرانية فيما ذكرت طهران أنها أجرت تجربة لاطلاق مزيد من الصواريخ في الخليج. وقال التلفزيون والاذاعة الايرانيان ان الحرس الثوري الايراني، أطلق الليلة الماضية صواريخ أرض ـ بحر، وأرض ـ أرض، وبحر ـ جو. كما أطلقت صواريخ طويلة المدى. ونقل عن محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري الايراني قوله «المناورة تضيف قوة للجمهورية الاسلامية الايرانية كما أنها درس للاعداء». وقالت وسائل الاعلام الايرانية ان مناورات أمس شارك فيها غواصون وزوارق سريعة كما أجريت خلالها تجربة اطلاق طوربيد فائق السرعة، اطلق عليه اسم الحوت.

ويسعى المحللون العسكريون الاميركيون لتحليل بيانات تم جمعها من أجهزة رادار، والأقمار الصناعية وباقي أنظمة التتبع أو المراقبة لتحديد مدى الصواريخ الإيرانية، وهل بلغت فعلا 2000 كيلومتر ام لا، ومدى دقتها. وقال وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس إنه لم يبلغ بما إذا كانت قدرات الصواريخ الإيرانية التي اطلقت خلال الأيام الثلاثة الماضية تتجاوز ما تعرفه اميركا عن قدرات إيران الصاروخية. غير أنه تابع: «أعتقد ان هذه التجارب تجيب على الشكوك التي أبدتها روسيا حول ان إيران لا يمكن ان تطور صواريخ طويلة المدى لمدة 10 الى 20 عاما». وردا على التجارب الإيرانية قالت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس خلال زيارة لجورجيا: انه يجب ألا يختلط الامر على أحد بشأن التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن حلفائها. وقالت رايس في مؤتمر صحافي بعد اجتماع مع الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي «نحن نبعث برسالة ايضا الى ايران بأننا سندافع عن المصالح الاميركية.. ومصالح حلفائنا». وحذرت ايران من ان واشنطن عززت «وجودها الأمني» في منطقة الخليج. وأضافت رايس أن درعا صاروخية تعتزم واشنطن اقامتها في جمهورية التشيك وبولندا ستحد من أي تهديد بشن هجوم من قبل ايران. وتعارض روسيا مشروع الدرع الصاروخية. وقالت رايس «يمكننا أيضا التطلع لمستقبل منظومة للدفاع الصاروخي ستجعل من الاصعب على ايران التهديد والسعي للحرب وقول اشياء فظيعة لأن صواريخها لن تفلح». وقال مسؤول عسكري اميركي لـ«الشرق الأوسط»، توضيحا لاعلان رايس ان واشنطن عززت وجودها الامني في الخليج: «لدينا قوات في شمال بحر العرب طوال الوقت، هذه القوات منتشرة في الخليج طوال الوقت. كما أن لدينا قوات في بعض دول الشرق الأوسط، وهذه القوات دائما متواجدة». وتابع المسؤول الاميركي الذي لا يريد الكشف عن هويته: «من المهم بالنسبة لنا ان نتواصل مع جيران إيران ودول الخليج. نحن ملتزمون بالدفاع عن مصالحهم. العالم يعتمد على المنطقة وعلى التجارة التي تمر من الخليج للاقتصاد العالمي، من المهم بالنسبة لنا ان نواصل وجودنا»، موضحا ان عدد القوات الاميركية الموجودة حاليا في الخليج تتجاوز 200 الف شخص، بين قوات بحرية وجوية وبحرية. اما المتحدث باسم الأسطول الخامس الاميركي فقال لـ «الشرق الأوسط» ان اميركا اجرت تدريبات عسكرية لضمان حماية المنشآت والمناطق الحيوية في الخليج، موضحا في اتصال هاتفي من لندن: «جاهزون للدفاع عن المنشآت النفطية والبنية التحتية في الخليج ضد المتطرفين او المتشددين». وأثرت تجارب اطلاق الصواريخ على أسواق النفط العالمية وأدت الى ارتفاع الاسعار. وكانت أسعار النفط شهدت تراجعا في الايام الاخيرة لكنها سجلت سلسلة من الارتفاعات القياسية هذا العام التي ترجع في جانب منها للتوترات مع ايران.

كما أثارت التجارب الإيرانية قلقا اقليميا ودوليا، فمن ناحيتها قالت الكويت امس انها تأمل أن يسود العقل كل الاطراف. ونقلت وكالة الانباء الكويتية عن خالد الجار الله وكيل وزارة الخارجية قوله «كفى هذه المنطقة ويلات حروب متواصلة». وعن تهديدات ايران باغلاق مضيق هرمز قال «نرجو الا نصل الى هذا المستوى». كما دعت الصين واليابان الى ضبط النفس في النزاع بسبب خطط ايران النووية، لكن بكين تجنبت توجيه انتقادات لطهران بسبب قيامها بتجربة اطلاق صواريخ. إلى ذلك قال مسؤول في الخارجية الاميركية لـ «الشرق الأوسط» ان واشنطن مازالت تأمل في حل الخلاف النووي مع طهران بالطرق السلمية. وقال المسؤول الاميركي: «مازلنا ندرس الرد الإيراني وملتزمين بالاساليب الدبلوماسية، وسنسلك كل طريق يمكن ان يساعد في هذا». ورفض التعليق على جدول أعمال لقاء مسؤول الملف النووي الإيراني سعيد جليلي ومنسق السياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الاوروبي خافيير سولانا ولا الهدف المرجو منه، موضحا في اتصال هاتفي من لندن: «قلنا من قبل ان مبادرة دول 5 زائد واحد تعرض على الإيرانيين مزايا هائلة، وتستجيب لمطالب إيران في أن يكون لديها برنامج نووي للاستخدام السلمي». كما رفض المسؤول الاميركي الكشف عن متى ستكشف الدول الغربية عن تفاصيل الرد الإيراني، موضحا: «ليس هناك جدول زمني للكشف عن الرد الإيراني».