التجار وأصحاب أنفاق التهريب.. المتضررون الأساسيون من التهدئة في غزة

بعضهم يتهم بإطلاق الصواريخ لتخريب الاتفاق والعودة إلى البضائع المهربة

TT

في قطاع غزة تسود شائعة قوية مفادها أن جزءاً من عمليات إطلاق القذائف الصاروخية على البلدات الاسرائيلية في محيط القطاع بعد سريان اتفاق التهدئة كان وراءها تجار كبار لإحباط الاتفاق، على اعتبار أنهم سيكونون من «ضحايا» التهدئة. ورغم صعوبة التحقق من صدقية هذه الشائعات إلا أنه لا خلاف في القطاع على أن الكثير من التجار الذين يعملون في مجال التهريب عبر الأنفاق هم المتضررون الأساسيون من التهدئة وفتح المعابر التجارية بين اسرائيل وقطاع غزة. فأصحاب الأنفاق والتجار الذين يجلبون المواد والبضائع عبر هذه الأنفاق يشترونها من مصر بأسعار منخفضة الى حد يمكنهم من بيعها بأسعار خيالية في القطاع، الأمر الذي يزيد من هامش الربح بالنسبة لهم بشكل جنوني. في حين أن المواد التي تستورد بشكل رسمي عبر المعابر التجارية مع اسرائيل تكون أصلاً مرتفة السعر، الأمر الذي يقلص من هامش المناورة أمام التجار لرفع اسعارها بشكل يضمن لهم أرباحا كبيرة. وكانت «الشرق الأوسط» شاهدة عيان على حوار بين تاجرين من غزة يعملان في مجال استيراد الادوات الكهربائية عبر الأنفاق، وظهرت عليهما مظاهر التبرم عندما أخبرهما صاحب أحد محلات بيع الأدوات الكهربائية، أن اسرائيل بصدد توسيع قائمة البضائع المسموح بدخولها للقطاع. وقال صاحب المحل لـ «الشرق الاوسط» إن هذين التاجرين مثل بقية التجار يربحان بشكل خيالي من البضائع التي تهرب عبر الانفاق، مشيرا الى أن سعر لمبة النيون التي يتم شراؤها بسعر لا يتجاوز الخمس جنيهات (4.8 شيكل)، تباع في غزة بعد تهريبها بـ 45 شيكلا، أي عشرة أضعاف ثمنها الأصلي. وما ينطبق على التجهيزات والأدوات الكهربائية ينطبق على سائر السلع. فمثلاً في محلات الأحذية في غزة لا يوجد تقريباً حالياً إلا الأحذية المصنعة في مصر وتباع بأسعار خيالية، فالحذاء الذي ثمنه لا يتجاوز العشرين جنيهاً (16 شيكلا) يباع بـ 150 شيكلا، أي أيضا عشرة أمثاله، مع أن هذه الأحذية أقل جود بكثير من الأحذية التي يتم تصنيعها في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية.

وتطال عمليات التهريب كل شيء. ففي ظل الحصار نشط المهربون في تهريب الوقود، وتحديداً السولار الذي تستخدمه سيارات الأجرة، فقد كان العشرون لترا من السولار يباع قبل التهدئة بـ 400 شيكل، علما بأن سعره في مصر لا يتجاوز العشرين جنيهاً. ومع سريان التهدئة، وتحسباً لزيادة كمية السولار للقطاع، خفض التجار سعر السولار بحيث وصل الى 250 شيكلا للعشرين لترا. وليس فقط التجار واصحاب الأنفاق يتضررون من التهدئة، بل هناك الكثير من الناس الذين استثمروا ما لديهم من أموال في إيداعها لدى تجار يقومون بشراء المواد المهربة وبيعها على أمل أن يحققوا أرباحاً من وراء ذلك.

الحماس للتهريب عبر الأنفاق كبير رغم عمليات الاحتيال التي يتعرض لها الكثير من التجار الذين اختاروا هذه الطريق. فقد يدفع بعض التجار مقدما ثمن كميات من هذه البضائع فيخدعهم المهربون في الطرف الاخر من الحدود فلا يتلقون البضائع ويفقدون اموالا طائلة.