لقاء الملك محمد السادس وثباتيرو بوجدة: تطابق في معالجة ملف الهجرة السرية

مصدر إعلامي وصف اللقاء بالودي.. وموضوع الصحراء لم يدرج ضمن أجندة المباحثات

الملك محمد السادس خلال استقباله رئيس وزراء اسبانيا خوصي لويس ثباتيرو في وجدة امس (ا.ف.ب)
TT

أجرى العاهل المغربي، الملك محمد السادس، أمس، مباحثات سياسية وصفت بـ«المهمة»، مع خوصي لويس ثباتيرو، رئيس وزراء إسبانيا، الذي وصل أمس إلى مدينة وجدة (شرق المغرب) حيث استقبله في مطار المدينة نظيره المغربي عباس الفاسي، ووزير الخارجية، الطيب الفاسي الفهري، وسفيري البلدين في مدريد والرباط، عمر عزيمان، ولويس بلاناس.

وكان ثباتيرو قد اجتمع في البداية مع الفاسي، حيث ذكرت مصادر إسبانية أن أجواء اللقاء تميزت بالود المتبادل، حيث استعرض الجانبان تطور العلاقات الثنائية بينهما، وتوقفا بالخصوص عند قضايا الهجرة السرية وانعكاساتها على التعاون في المجال الأمني والقضائي. وشارك في الاجتماع من الجانب الإسباني رئيس الدبلوماسية، ميغل أنخيل موراتينوس، وبرناردينو ليون، الامين العام لرئاسة الحكومة، وكاتبا الدولة (وزيرا دولة) في الخارجية، أنخيل لوسادا، والإعلام نييليس جواكوشيا، إضافة إلى سفيري البلدين.

وأشارت ذات المصادر إلى وجود تطابق في وجهات النظر بين العاصمتين بخصوص معالجة ملف الهجرة السرية. وتوقفت المصادر عند معنى اختيار مدينة وجدة مكانا للقمة المغربية ـ الإسبانية الأولى بين العاهل المغربي ورئيس وزراء اسبانيا، منذ إعادة انتخاب الأخير، ذلك أن حاضرة المغرب الشرقي تعتبر المكان الذي تتجلى فيه مشاكل الهجرة السرية.

إلى ذلك، لم تتسرب معلومات عن فحوى المباحثات التي جرت بين الملك محمد السادس وضيفه الإسباني، غير أن محطة «كادينا صير» الإذاعية الواسعة الاستماع والمقربة من الحكومة الإسبانية، ذكرت أنها كانت مفعمة بالود المتبادل، وسجلت أن موضوع الصحراء لم يدرج ضمن أجندة المباحثات، بدون أن توضح أسباب ذلك.

إلى ذلك انضم موراتينوس أمس إلى الوفد الذي رافق رئيس وزراء بلاده إلى المغرب، بعد أن أنهى جولة لدى دول المغرب العربي قادته على التوالي إلى موريتانيا والجزائر وتونس وليبيا، التي استقبله فيها الزعيم الليبي معمر القذافي، بعد انتظار دام حوالي ساعتين، أرجعته المصادر الإسبانية إلى الاحتياطات الأمنية الاعتيادية التي تحيط بتنقلات الزعيم الليبي، مع مفارقة أن تلك المصادر فوجئت أن اللقاء بين موراتينوس والقذافي جرى في إقامة عادية قريبة من الشاطئ لا تحمل مظاهر أنها مقر حكومي مهم.

وأوضحت ذات المصادر أن رئيس الدبلوماسية الإسبانية أثار في طرابلس مشروع الاتحاد المتوسطي، الذي دعا له الرئيس الفرنسي، وذلك على ضوء التصريحات المنتقدة للمشروع، أدلى بها في وقت سابق الرئيس الليبي، كما أثيرت بين الجانبين قضايا التعاون الاقتصادي، حيث أعرب القذافي عن استعداد بلاده لتقوية حضور المقاولات الإسبانية في ليبيا.

وحمل موراتينوس رسالتين إلى الزعيم الليبي موجهتين من ملك إسبانيا ورئيس وزرائها، أعربا فيهما عن الرغبة في زيارة ليبيا، ما قوبل بارتياح من طرف الدوائر السياسية العليا في طرابلس. ولم يسبق للملك خوان كارلوس، ولا ثباتيرو، أن زارا ليبيا. وفي حالة حدوث الزيارتين اللتين لم يحدد لهما موعد، فستمثلان حدثا تاريخيا في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وما يسهل تحقق الزيارة أنه لا توجد بين البلدين خلافات ذات أهمية سواء على المستويين الدولي أو الإقليمي، كما سيؤكد أي لقاء على مستوى عال بين مدريد وطرابلس، في المستقبل، عزم هذه الأخيرة على المضي في سياسة التقارب والانفتاح على الخارج التي تم الشروع فيها منذ سنوات بخطوات حثيثة.

إلى ذلك، لم توضح المصادر الإسبانية ما إذا كان رئيس الدبلوماسية موراتينوس، قد ناقش مع محاوريه المغاربيين موضوع الاتحاد المتوسطي بعد أيام من قمة باريس غدا (الأحد) حيث سيتم الإعلان رسميا عن ميلاد الاتحاد المتوسطي.

وكانت مدريد قد أعربت بشكل غير رسمي عن تحفظها وخوفها من أن يؤدي المشروع الذي يرعاه الرئيس الفرنسي إلى إنهاء «مسار برشلونة»، الذي أحدث قبل أكثر من عقد من الزمن، ليقوم بذات المهام التي جعلها الاتحاد الجديد في طليعة أهدافه، أي تقوية التعاون بين دول ضفتي البحر الأبيض المتوسط. ولوحظ في المدة الأخيرة أن مدريد خففت من حدة شكوكها في المبادرة الفرنسية، وصارت تتحدث عن الاتحاد المتوسطي، كاستمرار وتكملة لمسار برشلونة. ومن الواضح أن مدريد غيرت لهجة التحفظ بعد أن لمست أن التيار سائر لصالح الكيان الجديد، بعد أن تلقت تطمينات من باريس من جهة، ومراهنة في نفس الوقت على التحرك داخل الاتحاد المتوسطي، مستفيدة من عدم تحمس دول أخرى وازنة في الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا.