إشارات إيران المتضاربة للغرب يراها بعض المحللين استعدادا للتفاوض

تأثير العقوبات بدأ في الظهور

TT

في الأسبوع الماضي، أصدر العديد من المسؤولين الإيرانيين تعليقات إيجابية حول الجهود الدبلوماسية الجديدة مع الولايات المتحدة وحلفائها، مقترحين إمكانية إجراء مفاوضات حول برنامج إيران النووي. ولكن هذا الأسبوع، أجرت إيران تجربة إطلاق صواريخ متوسطة وطويلة المدى، محذرة بأن هناك آلاف الصواريخ المعدة للإطلاق.

هذه الإشارات المتعارضة تمثل نموذج الجمهوية الإسلامية الايرانية الغامض، ومراكز القوى المتنافسة بها ونظام حكومتها المعقد. ولكن استعراض القوة قبل المفاوضات أسلوب دبلوماسي اختبر طويلا، وهو يشير إلى أن إطلاق الصواريخ واللغة القوية من الممكن أن تكون دليلا على أن إيران مستعدة للتفاوض فجأة.

يقول مهرزاد بروجردي مدير دراسات الشرق الأوسط في كلية ماكسويل بجامعة سيراكيوز: «إن حسابات الإيرانيين تشير إلى أنهم يريدون استعراض القوة. فهم مستعدون للتفاوض، ويريدون إجراء مباحثات، ولكنهم يقولون أيضا إنه ليس من الممكن أن تعاملونا كدولة ضعيفة في المرتبة الثالثة».

وقال المبعوث السابق إلى الشرق الأوسط دينيس روس إن الرسائل المختلفة قد تعكس «وجهين للقيادة الإيرانية»، ولكنها أيضا تبعث برسالة واحدة: «ليس من الصواب مهاجمتنا، يمكننا التفاوض، ويمكننا أيضا أن نقوم بأشياء مروعة».

وقد تواردت أخبار متضاربة يوم الخميس حول ما إذا كانت إيران قد أجرت جولة أخرى من تجارب إطلاق الصواريخ، بعد أن أطلقت مجموعة أولية يوم الأربعاء. ونقلت وكالة أنباء فارس، وهي على صلة بالحكومة، أنه تمت تجربة إطلاق عدة صواريخ أرض ـ جو، بالإضافة إلى طوربيد يعد «أسرع طوربيد في العالم». ولكن مسؤولين في البنتاغون والاستخبارات قالوا إن الأخبار الواردة عن جولتين من إطلاق الصواريخ غير صحيحة، لأنه تم إطلاق ثمانية صواريخ في نفس اليوم تفصل بين كل واحد منها عدة ساعات. وذكرت وسائل الإعلام الإيرانية أنه تم إطلاق تسعة صواريخ يوم الأربعاء، بينما وردت تقارير أخرى بأنه أطلق سبعة أو عشرة صواريخ.

وقد قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية محمد علي حسيني أمس إن التجربة كانت «رد فعل طبيعي للمناورات والتهديدات المتتابعة للنظام الصهيوني»، في إشارة واضحة إلى تجارب إسرائيل العسكرية في الشهر الماضي. وصرحت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، أثناء وجودها في جمهورية جورجيا، قائلة: «نحن أيضا نرسل رسالة إلى إيران. سوف ندافع عن المصالح الأميركية ومصالح حلفائنا».

ولكن على الرغم من ذلك، وبعد أعوام من الوقوع في المأزق، فقد يكون الوقت مناسبا لطهران للبدء في مفاوضات حول برنامجها النووي. فمع ارتفاع أسعار البترول، استطاعت إيران الصمود أمام العقوبات التي فرضها عليها مجلس الأمن بسبب عدم رغبتها في وقف تخصيب اليورانيوم. ولكن بدأ تأثير هذه العقوبات في الظهور. ففرض الاتحاد الأوروبي عقوبات الشهر الماضي على أكبر البنوك الإيرانية، بينما انسحبت شركة توتال الفرنسية الكبرى في مجال الطاقة من المفاوضات حول تطوير مشروع الغاز الطبيعي المسال في إيران، ذاكرة أنه من الخطر الاستثمار هناك.

وفي دليل على التوترات الداخلية، حذر مستشار السياسة الخارجية لمرشد الجمهورية، آية الله علي خامنئي، في حوار صحافي الأسبوع الماضي من التصريحات «المستفزة» حول الأزمة النووية ـ وهي التصريحات التي أحيانا ما ترتبط بالرئيس محمود أحمدي نجاد. وبدون ذكر اسم الرئيس تحديدا، صرح علي أكبر ولاياتي أن على المسؤولين أن يتجنبوا «التصريحات والشعارات غير المنطقية»، التي تعوق العلاقات مع العالم.

وفي الوقت نفسه، حسنت مجموعة من ست دول تسعى لإجراء مفاوضات مع إيران، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين، من بنود عرضها. وبينما حظيت احتياجات إيران الأمنية بالقليل من الاهتمام في العرض الأصلي الذي قدم منذ عامين، تطرق العرض الجديد إلى احترام وحدة الأراضي وتشجيع إجراء اتصال وحوار مباشر مع إيران، وذكر أيضا أن هذه الدول ملتزمة بـ«مساعدة إيران على لعب دور مهم وبنّاء في الشؤون الدولية».

وصرح توماس فينغار رئيس مجلس الاستخبارات القومي الأميركي، يوم الأربعاء في مركز السياسة القومية، إن إيران «لديها سبب يجعلها تشعر بعدم الأمان»، لأنها تعيش في منطقة صعبة الأوضاع. وأضاف أن «إدراك وجود احتياجات أمنية حقيقية لدى إيران نقطة بداية مفيدة.. ونحن جزء من السبب الذي يجعل إيران لا تشعر بالأمان، على نحو صحيح أو خاطئ». كما تراجعت هذه الدول إلى حد ما عن طلبها بوقف إيران لتخصيب اليورانيوم قبل بدء المفاوضات. وعرضت «التجميد في مقابل التجميد» بمعنى أنه من الممكن بدء المناقشات طالما توقفت جهود الحلفاء من أجل زيادة العقوبات، وتوقفت إيران عن توسيع نطاق برنامجها النووي. وقد تستمر المفاوضات مبدئيا لمدة ستة أسابيع، ولكن ليس من الممكن أن تبدأ المفاوضات الرسمية قبل وقف إيران تخصيب اليورانيوم، كما طالبت قرارات مجلس الأمن. وقد وصف مساعد وزيرة الخارجية ويليام بيرنز هذا المفهوم يوم الأربعاء بأنه «خطوة من أجل الوصول إلى المفاوضات».

وفي نهاية الأسبوع الماضي، أجابت إيران على العرض المقدم برد وصفه مسؤولون أميركيون وأوروبيون بالمبهم. ويأمل مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا الاجتماع مع مسؤولين إيرانيين الأسبوع المقبل لمزيد من الإيضاح.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»