السودان: مدعي المحكمة الجنائية قد يطلب القبض على البشير.. والخرطوم ترد: أوكامبو إرهابي

أميركا تؤكد أن قضاة المحكمة سيأخذون في الاعتبار طلب المدعي وبان كي مون يقول لا سلام بلا عدالة

الرئيس السوداني عمر البشير يتحدث خلال لقائه وفدا من مجلس الأمن الدولي وذلك في قاعة الصداقة بالخرطوم (أ.ف.ب)
TT

بات مرجحا بشكل كبير ان يطلب ممثل الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية من قضاة المحكمة اصدار أمر للقبض على الرئيس السوداني عمر حسن البشير، ضمن مجموعة أخرى من المسؤولين لاتهامهم بالابادة الجماعية وجرائم في حق الانسانية، في إقليم دارفور. وذكر مسؤولون أميركيون ودبلوماسيون بالامم المتحدة أن لويس مورينو اوكامبو يسعى لاستصدار الأمر، بعد أن أعد قائمة جديدة لجرائم حرب ارتكبت في اقليم دارفور بغرب السودان، خلال السنوات الخمس الاخيرة. ورفضت الخرطوم بعنف اتهامات اوكامبو، وقالت انه «ارهابي» وان مثل هذه الخطوة قد تؤدي الى اغلاق الحوار وتقويض عملية السلام في دارفور. كما يخشى مسؤولو المساعدات الإنسانية ان يؤدي ذلك الى رد فعل غاضب في مناطق دارفور المضطربة. وفيما اكدت واشنطن ان قضاة المحكمة سيأخذون في الاعتبار طلب المدعي قال بان كي مون الامين العام للامم المتحدة في مؤتمر صحافي انه «لا سلام بلا عدالة» وسيقوم باجراء تقويم جديد للوضع.

وقال اوكامبو في بيان، ان «جهاز الدولة السودانية كله» ضالع في تلك الجرائم، وانه سيقدم للقضاء أدلة جديدة تؤكد تورط مسؤولين كبار في الحكومة. واكدت وزارة الخارجية الاميركية أمس ان مدعي المحكمة الجنائية سيطلب اصدار مذكرة ضبط واحضار بحق الرئيس السوداني عمر البشير. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية شون ماكورماك «على حد علمي فان المدعي العام (للمحكمة الجنائية الدولية) ينوي التوجه الى مجموعة من القضاة لتقديم معلومات ومطالبتهم باصدار مذكرة توقيف». واوضح ماكورماك ان «هيئة القضاة ستأخذ في الاعتبار طلب المدعي وتتخذ قرارا في وقت قصير».

من جانبها، قالت المتحدثة باسم المدعي ان «مكتب المدعي يرفض اعطاء تفاصيل وان المدعي سيعرض الامر على قاضي المحكمة الاثنين ولن يعطي تفاصيل للصحافة الا بعد ذلك». وفي نيويورك رفض السفير السوداني في الامم المتحدة عبد المحمود عبد الحليم في تصريح لـ «الشرق الاوسط» تلك الاتهامات، وقال ان «المدعي العام رجل غير مسؤول ويتصرف بدواع سياسية»، ونفى وجود دلائل تثبت تورط أي مسؤول سوداني، وقال: «سنواجهه بالحقائق»، مشيرا الى ان «ما تحدث به مجرد تهديد للضغط لتسليم مسؤولين مطلوبين للمحكمة». وقال عبد المحمود لرويترز ايضا «نحن لا تخيفنا تهديدات اوكامبو.. واذا كان سيورد اسم رئيسنا سيتعين عليه ان يذكر اسماء 40 مليون مواطن في السودان لان هؤلاء الاربعين مليون مواطن يرفضون بقوة هذا الابتزاز».

وفي الخرطوم قال المستشار الصحافي للبشير محجوب فضل بدري لـ «الشرق الاوسط» ان تلك الانباء مجرد تسريبات «لن نتعامل معها، ولكن مبدئيا السودان لن يسلم اي سوداني الى المحكمة الجنائية»، واضاف: «قلنا ذلك مرارا وتكرار». وتساءل بدري بسخرية: «السودان لم يسلم علي كوشيب الذي هو مساعد في قوات الدفاع الشعبي السودانية فكيف يسلم رئيس البلاد الفريق عمر البشير»، ووجه هجوما عنيفا على مدعي لاهاي، ووصفه بانه ارهابي، وقال «نحن الذين نطالب بمحاكمته بجريمة الارهاب لانه سعى من قبل لاختطاب طائرة ركاب باعتبارها طائرة تقل احد المسؤولين من يدعي لانه مطلوب لديه». وحذر وزير الدولة للشؤون الخارجية السماني الوسيلة من ان الاجراء ضد الرئيس البشير سيهدد عملية السلام الهشة في هذا الاقليم السوداني. وقال الوسيلة «اذا ما اتخذ اجراء بشان الرئيس البشير فان ذلك قد يدمر عملية السلام». واضاف الوزير «في هذا الوضع لن يتعاون السودان ابدا مع المحكمة الجنائية الدولية». وقد يسبب التحقيق الخاص بدارفور حرجا جديدا للصين حليف السودان الوثيق قبل اسابيع قليلة من بدء اولمبياد بكين. وامتنع الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن ذكر من ستعلن اسماؤهم او ما هي العواقب المحتملة على قوة حفظ السلام المشتركة للامم المتحدة والاتحاد الافريقي في دارفور والتي قتل سبعة من جنودها في هجوم لمقاتلي ميليشيات مجهولين يوم الثلاثاء. وقال بان في مؤتمر صحافي «السلام بدون العدالة لا يمكن ان يصمد.. سيتعين علي ان اجري تقييما للوضع في جميع جوانبه عندما يصدر اعلان من المحكمة الجنائية الدولية».

وقالت مصادر بجماعات الاغاثة في السودان انه يجري تشديد الامن قبل الاعلان الذي سيصدر بعد غد وان ترتيبات اتخذت لمغادرة العاملين غير الاساسيين لدارفور. ومن المرجح ان يستغرق اتخاذ القضاة قرارا بشأن طلبات اصدار اوامر اعتقال جديدة عدة اسابيع وربما أشهرا.

وحذر اليكس دي وال الخبير في شؤون السودان بمجلس ابحاث علم الاجتماع ومقره نيويورك من ان ملاحقة كبار المسؤولين السودانيين قد يزيد جرأة المتمردين ويعيد اشعال الصراع في دارفور. وقال «البشير شخص يعتز بنفسه وينزع الى الغضب والانفعال الشديد وسيرد على الانتقاص من قدره بشراسة.. الاحتمال بان يرد بشكل عدواني بالغ وارد للغاية ومثله في ذلك احتمالات الاستقطاب وسفك الدماء».

وجاء في بيان للمحكمة الدولية، تلقت «الشرق الاوسط» نسخة منه «سيقوم المدعي العام، بتقديم الأدلة المتعلقة بالجرائم المرتكبة في جميع أرجاء دارفور أثناء فترة الخمس سنوات المنصرمة، إلى قضاة الدائرة التمهيدية الأولى. وستكون الجلسة عامّة، وسيتم نشر موجز القضية، بعد تقديم الملفّ إلى القضاة، كما سيخبر المدعي العام، برفقة السيدة فاتو بنسودة نائبة المدّعي العام، بتقديم موجز للأدلّة، ومناقشة المسائل المتعلقة بالجرائم وأسماء المتهمين، وبالجواب عن أسئلة الصحافيين». وحسب دوائر اعلامية غربية، من المتوقع أن يوسع أوكامبو دائرة الاتهام لتشمل مسؤولين سودانيين وقادة ميليشيات.

وتخشى الأمم المتحدة من أن يفجر أوكامبو مفاجأة بإدارج اسم الرئيس السوداني عمر البشير ضمن لائحة الاتهام، ويقول مسؤولو المنظمة الدولية إن مثل هذا الإجراء قد يمثل خطرا على قوات حفظ السلام في دارفور ويعرضها لهجمات انتقامية. وهناك مخاوف من ان تتشجع الجماعات المسلحة المناوئة لحكومة الخرطوم في الاقليم وتصعد هجماتها اثر هذه الخطوة. ومن المتوقع ان تتضمن لائحة الاتهام الجديدة ايضا ارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم ابادة.